ملف الجهاديين البحرينيين

البحرين: أيديولوجيا «القاعدة» أيقونة للجهاد في الشام.. و«مضادّات الطائرات» خلف مساعداتنا الرّحيمة! «2-3»

2013-07-03 - 8:00 م

مرآة البحرين (خاص): في أكتوبر/ تشرين الأول 2012 راج فيديو على شبكة الإنترنت لجهاديين إسلاميين في سوريا يشكرون مموّلين بحرينيين قالوا إنهم زوّدوهم بـ«مضادات للطائرات». وصرّح أحد المسلّحين في بيان تلاه من ورقة «نتقدم بالشكر لأهلنا في البحرين، لما قدموه من تجهيز للمجاهدين، وتجهيز مضادات الطيران التي مكّنتنا من الذب عن أراضي المسلمين». 

وأوضح وسط العشرات من المقاتلين الذين أسدلوا اللحى وكانوا يحملون أسلحة تتنوّع من الخفيفة كقاذفات «آر بي جي» إلى الآليات الثقيلة «إنها (مضادات الطائرات) هي السبب في تغيير مجرى المعارك في الميدان». 

وفي مايو/ أيار من العام نفسه، أعلنت جماعة مسلحة من دير الزور عن إنشاء فصيل قتالي تحت مسمى «كتيبة شرفاء البحرين». وقالت في بيان «إن ذلك بسبب دعم إخواننا في البحرين، حكومة وشعباً، إلى الثورة السورية».

يبدو الأمر للوهلة، لفتة رمزية أراد مقاتلون إيصالها من البعيد، عرفاناً بإحسان داعميهم اللوجستيّين في البحرين، وغالبيتهم من السلفيين المتشددين. لكنّ خلال الفترة من مايو/ أيار 2012 إلى يونيو/ حزيران 2013، تمّ إحصاء كثرة من الفيديوهات المتدفّقة على هذه الشاكلة. 

فهل تملك الجماعات السلفية الداعمة في البحرين خصوصية أكسبتها هذا القدر من الاهتمام من جانب الفصائل الجهاديّة في سوريا؟ في الحقيقة، نعم. فمنذ أواسط العام 2012 تحوّلت أغلبيّة حملات التبرّعات التي تقام في البحرين من أجل سوريا إلى الإمداد اللوجستي، المالي والعسكري. وهو إمداد يتجاوز الهيكلية الواضحة للمعارضة السورية المتمثلة في هيئاتها الدوليّة المعلنة، ويذهب مباشرة إلى الفصائل الجهادية على الأرض التي تتوافق أيديولوجيا مع الجماعات الداعمة.

1530 غاز في أربعة أشهر

 

ففي أغسطس/ آب 2012 أعلن قائد «ألوية صقور الشام» السلفية أبو عيسى الشيخ في فيديو أن ممولين بحرينيين تبرّعوا بتجهيز 85 مقاتلاً في منطقة «جبل الزاوية» (تبلغ كلفة تجهيز المقاتل الواحد 1000 دينار بحريني (حوالي 2600 دولار أميركي). وفي أبريل/ نيسان 2013 قالت كتيبة «الزبير بن العوام» السلفية في بيان إنها تسلمت من ممولين بحرينيين 600 ألف ليرة سورية (حوالي 6 آلاف دولار أميركي). يمكن تمييز هذا اللون من الدعم من خلال الحملة التي أطلق عليها «تجهيز غازي» والتي  تقام في نحو 6 جوامع بحرينية. وتتفرّع من تحت هذه الحملة، حملات أخرى مثل «حملة الجسد الواحـد»، لكنها كلها لا تخفي غايتها الرّئيسة، وهي تجهيز مقاتلين أو تمويلهم للذهاب إلى سوريا. 

وفي يونيو/ حزيران من العام نفسه، نشرت «كتيبة السيدة عائشة» السلفية فيديو تحدّثت فيه عن استلامها مبلغاً من المال قدره 8 آلاف دولار أميركي من داعمين بحرينيين.

لكنّ أضخم تلك الحملات، هي تلك التي أقيمت تحت عنوان «تجهيز غازي» بإشراف أعضاء من جمعية «الأصالة» الإسلامية. ومنذ أواخر العام 2012 نظمت حوالي 4 جولات للحملة تمكن القائمون عليها من جمع حوالي 4 مليون دولار من خلال طرح أسهم قيمة كل واحد منها 1000 دينار بحريني (حوالي 2600 دولار أميركي). فيما أعلن عضو «الأصالة» الشيخ فيصل الغرير إن «تعداد المقاتلين الذين تكفلت بتجهيزهم على مدى 4 أشهر بلغ 1530 مقاتلاً». 

وفي تصريح آخر له خلال خطبة (28 أغسطس/ آب 2012) قال «هذه الأموال حققت انتصارات عظيمة في أرض الشام، أسقطت الطائرات وأموراً كثيرة لانستطيع أن نفصح عنها». 

وسط ذلك، قتل نحو 5 بحرينيين في صفوف جبهة «النصرة» بينهم قائد ميداني أثناء معارك بسوريا في خلال شهريّ مايو/ أيار ويونيو/ حزيران، عُرف منهم: عبدالرحمن الحمد (19 عاما - الرفاع) وعبدالعزيز العثمان (17 عاما - عراد) وعبدالرحمن العثمان (21 عاما - عراد) وعبدالمنعم علي ( 25 عاماً - المحرّق من أصول سورية). 

 

أيديولوجيا «الجهاد» في الشام

في مارس/ آذار 2005، نشر الخبير الرئيسي لتنظيم «القاعدة» في مجال الاستراتيجيات العسكرية محمد إبراهيم مكاوي، وثيقة على شبكة الإنترنت عنوانها «استراتيجيا القاعدة للعام 2020». وعرض 5 مراحل للخطة العسكرية التي تتبناها القاعدة على المدى الطويل، والتي يبرز فيها اسم سوريا كواحد من أضلاع «المثلث الجهادي» الذي تعمل على إقامته بغرض استنزاف الأميركيين، إضافة إلى العراق وأفغانستان. 

إذ أشار مكاوي الذي تفيد تقارير أنه كان خبيراً سابقاً في الاستراتيجيات الحربية بالجيش المصري، إلى «استحداث مثلث الرعب الجهادي الذي يبدأ في أفغانستان ويمر بإيران المحايدة حالياً وبجنوبي العراق ثم بجنوب تركيا وجنوب لبنان، وصولاً إلى سوريا». 

في المقابل، تعطي الأدبيات المعلنة للجماعات السلفية في البحرين أهمية رمزية بالغة لسوريا. 

ففي خطاب له في 4 أغسطس/ آب 2012 اعتبر النائب البارز عن كتلة «الأصالة» السلفية الشيخ عادل المعاودة أن «درّة قضية الإسلام اليوم في الشام». 

وحين التقى في 6 أغسطس/آب 2012 ضمن وفد من جمعيته مقاتلين سلفيين بسوريا، بادرهم بالقول «هذه الثورة ليست فقط لسوريا، هذه للإسلام». في الوقت الذي لم يتمالك أحد مرافقيه نفسه وراح صارخاً «الله أكبر.. هذه الشام المباركة، هذه أرض الأبطال والجهاد والرباط». 

وفي 28 أغسطس/ آب 2012 صرح الداعية السلفي الشيخ صلاح الفايز خلال لقاء تضامني بمدينة حمد، جنوبي المنامة «الأمريكان خائفون من اللحى، سنجاهد ونقيم دولة إسلامية في سوريا». وقال إن ذلك «سيتم غصباً عن أميركا والاتحاد الأوربي وإيران»، واصفاً إياهم بـ«الخنازير والكفرة». 

وأضاف «ما عادت ثمة مزارات عندنا أو شيعة، إما نموت نحن أو هم، ستطهر سوريا من الباطنية ولن نتعايش معهم» وفق تعبيره.

وفي 27 فبراير/ شباط 2012 بث الداعية البحريني حسن الحسيني فيديو تلى فيه بياناً باسم رجال دين بحرينيين سنّة، قال فيه «من استطاع الانضمام إلى الجيش الحر فليفعل» وفق تعبيره. 

أما داعية الجهاد في البحرين، الشيخ عادل الحمد، فقد طالب الشباب أن «ينتهزوا فرصة الصيف للجهاد في الأرض المباركة»، معتبراً أن «سوريا هي قضية الأمة الإسلامية» وأن «القتال فيها جهاد في سبيل الله» كما جاء في خطبة له (24 مايو/ أيار 2013). 

وقال «تذكروا أيها الشباب أن الذين قاتلوا في صفوف النبي كلهم من الشباب، فلا تفوتوا الفرصة»، مضيفاً «حرضوا الناس على الجهاد، قاتلوا مجوس هذه الأمة، الرّافضة والنصيرية في كل مكان». 

لايمكن الجزم بأن هذه الدعوات تمثل استدعاءاً حرفيّاً لأيديولوجيا «القاعدة» حول الشام. لكن مقتل 5 بحرينيين في صفوف ذراعها العسكرية المتمثلة في جبهة «النصرة» حصراً، قد يكون دافعاً لطرح أسئلة من هذا القبيل. وحتماً فإن لجوء وفد «الأصالة» إلى الكذب بشأن الجماعات التي التقاها في خلال زيارته إلى سوريا، أمر يستوجب المزيد من هذه الأسئلة.

 

حبل الكذب: لم يلتقوا الجيش الحر!

وفد جمعية الأصالة في ضيافة الجيش الحر

في أغسطس/ آب 2012 قام 4 أعضاء من جمعية «الأصالة» السلفيّة بالتسلل إلى أراض سوريّة تسيطر عليها المعارضة. ثم صرّحوا أنهم «التقوا الجيش الحر وسلموه تبرّعات من البحرين». لكنّ الفيديوهات الوحيدة التي نشرها الوفد الزائر، أظهرت لقاءهم حصراً بجماعتين متشددتين قريبتين من جبهة «النصرة». ففي فيديو نشر في 6 أغسطس/ آب 2012، المصادف ليوم وصول الوفد، أوضح أن استقبالهم تمّ من طريق قائد «لواء داوود» الذي أعلن في مارس/ آذار من هذا العام عن رغبته في إقامة دولة إسلاميّة. كما اشترك مع «جبهة النصرة» في عدد من المعارك، بينها معركة تحرير مطار «تفتناز» العسكري، أكبر المطارات العسكرية في شمال سوريا.

وفي فيديو آخر نشر في 13 أغسطس/ آب مع اختتام الوفد البحريني زيارته للأراضي السورية، ظهر النائب الشيخ عادل المعاودة والشيخ حمد المهندي والنائب عبدالحليم مراد والشيخ فيصل الغرير في مؤتمر صحافي برفقة قائد «ألوية صقور الشام» أبو عيسى الشيخ الذي قال إنهم موّلوه «في تجهيز 85 مقاتلاً». وبمراجعة الألوية والكتائب والسرايا التابعة للجيش الحر عبر موقعه الرسمي، لا يظهر أي منها انتساب «صقور الشام» إليها. وتذكر دراسة قام بها ماهر المونس، وهو باحث سوري «أنها تعمل بشكل منفصل، لكنها تقاتل إلى جانب كل من جبهة النصرة والجيش الحر». 

ونشرت صحيفة «التايم» لقاءاً مع قياديّ في جبهة «النصرة» أشار فيه إلى أحد الاجتماعات التي جمعت قائد الجبهة أبا محمد الجولاني بـ«لواء صقور الشام». كما أعلنت «ألوية صقور الشام» في بيان رفضها للقرار الأميركي القاضي بإدراج «جبهة النصرة» على قائمة الإرهاب، مشددة على أن  «جبهة النصرة هي كسائر الفصائل العسكرية الأخرى المقاتلة».

يأتي ذلك في الوقت الذي أصرّ وفد «الأصالة» في جميع التصريحات التي أدلى بها أعضاؤه لدى عودتهم إلى المنامة أن الزيارة لسوريا كانت للقاء الجيش الحر، ودعمه. ففي خطبة له (28 أغسطس/ آب 2012) قال الشيخ عبدالحليم مراد «رحنا في زيارة خاطفة أوصلنا خلالها أموال البحرين إلى الجيش الحر». 

وأضاف «لانخاف من ذلك، نحن أوصلنا أموالنا إلى الجيش الحر ليدافع عن أعراضنا». وتابع الشيخ فيصل الغرير في المناسبة نفسها «نحن مستمرون في دعم الجيش الحر». لكن خلف دعم «الجيش الحر» تكمن - ما يسميها جورج لايكوف - «الاستعارات التي تقتل»!

 

اقرأ في الحلقة القادمة:

- الصباغة «الدينية» للدولة البحرينيّة سبقت إعلان العقيدة «الجهاديّة».. وعقيدة الجيش غنيمة بأيدي السلفيّة 

- «المشير» عدوّ أميركا الأوّل.. و«بيادقه» من السلفيين الجهاديّين بانتظارها على الأرض الإسلاميّة

- جهاديّو «القاعدة» من السعوديّة إلى البحرين والعكس.. وفي «الشام» المُباركة ملتقى الأحبّة

 

وصلات

الحليف الأميركي خارج «الأطلسي» مكان آمن لـ«القاعدة» «2-3»

النسخة الانجليزية للحلقة الثانية

الحلقة الأولى: ملف الجهاديين البحرينيين «1-3»

 

ملاحق إضافية للحلقة الثانية:

1. ملحق رقم1:  شكراً... وصلتنا «مضادّات الطائرات»

2. ملحق رقم2: تجهيز غازي «4 / 4»: 4 مليون دولار 4 أشهر

3. ملحق رقم3: مثلث الرّعب الجهادي... من الشام لبغدانِ

4. ملحق رقم4: صحيفة «الوطن»: سياسة هجوم مبرمجة على الولايات المتحدة

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus