خمس معلمات في خمس حكايات
2011-06-01 - 1:21 م
مرآة البحرين (خاص): كيف هي أجواء المدارس في ظل قانون السلامة الوطنية؟ كيف تبدو آثار الأزمة السياسية في الميدان التربوي من خلال معايشات المعلمات المهنية؟
في هذا التقرير تروي مجموعة من المعلمات افتقادهن للسلامة الوطنية في مدارسهن في ظل تطبيق قانون السلامة الوطنية.
في تجمع خاص لمجموعة من المعلمات تصيح بانفعال إحدى المدرسات (لن أستطيع الاحتمال أكثر. صارحت أهلي برغبتي في الاستقالة) في الأسبوع الماضي تقلت هذه المعلمة الشيعية صفعة على وجهها من طالبة سنية لا يتجاوز عمرها الثانية عشرة، أقدمت على صفعها أمام مرأى الجميع؛ طالباتٍ ومدرسات، بل وأمام مديرة المدرسة الشيعية التي لم تستطع أن ترد لي شيئا من كرامتي.
(أما أنا فعلّقتُ صور رئيس الوزراء، على كل شجر ومَدَر، على كل حائط، وخزانة، وكرسي وطاولة، لدي قرض بنكي ولا أريد أن أخسر وظيفتي، فمساعدة المديرة ذات عيون حِرّيفة وحارقة، لن تتوانى عن اتهامنا بعدم الولاء)، بوح آخر من معلمة تدرس اللغة العربية، ومربية لفصل، لا يخلو من مشادات وشجارات يومية، فالمدرسة خليط من المذهبين ومنذ لحظة دخول درع الجزيرة، والطالبات لا يهدأن، الشيعيات حانقات على الجيوش السعودية، والسنيات يعلقن أعلام السعودية في كل مكان، ولا يتوانين عن صبغ خدودهن بألوان الدولة السعودية.
مدرسة أخرى تروي:يأتيني أولياء الأمور السُنة، مدّعين أنني تعرضت لبناتهن بالتحقير والاستفزاز، وأنني أتعمد الإساءة لهن، وأن رئيس الوزراء والدولة ستنصفهن منا نحن الشيعة الخونة، وطبعا كل المبررات غير مسموعة. كادت تبكي من فرط القهر وهي تردد هذه العبارة بأكثر من صيغة. الإحباط والألم يرسمان معالم وجهها البائس.
مدرسة لغة إنجليزية تقول: جاءتني صديقتي سنية المذهب في المدرسة تصيح في هستيريا غريبة، أنتم قتلتم الشرطة، أنتم حرمتموننا الأمن والراحة والنوم، قياداتكم يهنأون في الخارج، وأنتم الأغبياء ترددون كلامهم كالببغاوات، أرجو أن تنسي صداقتنا. توضح ردة فعل صديقتها بأن الموضوع في المدرسة وصل إلى مرحلة التخندق، فالمعلمات السنيات في غرف منفصلة عن الشيعيات،كما أن المعلمات اضطررن لفصل الطالبات في الصفوف.
معلمة اقتصاد ومشرفة في الوقت ذاته تروي المشهد على النحو التالي: هناك تحزبات طائفية مقيتة بالفعل، فوزارة التربية أوعزت لمديري المدارس باتخاذ الإجراءات الصارمة التي تصل إلى حرمان الطلبة من الدراسة، إما بالفصل النهائي، أو الفصل لسنة واحدة، وأقلها السماح لهم بتقديم الامتحانات دون المداومة اليومية. إن مجرد اشتباك طالبة سنية وشيعية، كفيل بفصل الشيعية فورا. على أن دخول قوات الشرطة وجَرّ إحدى المعلمات من شعرها وانتهاك حجابها مع طالبتين أُخريين، كان أبشع المناظر التي شهدتها مدارسنا على الإطلاق، في ظل وضع يفرض علينا إطباق فمنا أو الفصل.
هناك فصل آخر من كتاب افتقاد السلامة الوطنية خاص بالمعلمات اللاتي انضممن إلى كوادر جمعية المعلمين البحرينية، فقد واجهن الحصة الأكبر من العقاب، التوقيف والفصل والسجن دفعة واحدة. وذلك فصل نرويه في تقرير آخر.
روايات المعلمات تضج بالشكوى، وتدعو في السر والعلن أن يحل السلام في النفس والوطن.