تبرئة القتلة والمعذِّبين، القضاء على طريق رئيس الوزراء 2013: ما حد يطبّق القوانين عليكم

2014-01-08 - 7:21 م

مرآة البحرين (حصاد الساحات): حسنًا فعل رئيس الوزراء عندما زار المعذّب المعروف بن حويل في بيته فور صدور حكم تبرئته، وهنّأه بكلماتٍ اختصرت كل اللعبة في البحرين: "جئت لأشكر عملك الطيب.. هذا ولدنا.. وأي شي من القوانين ما حد يطبقها عليكم.. واللي يطبقها عليكم يطبقها علينا.. ولا بمسكم شي".

لا داعي للاسترسال في المحاججات والمناكفات إذن، رئيس الحكومة أعلنها صريحة ومتبجحة: لسنا وحدنا فوق القانون، بل جميع أولادنا الذين ينفذون أوامرنا (العمل الطيب). تقرير بسيوني ما هو إلا لعبة إعلامية. تنفيذ توصيات بسيوني ما هو إلا لعبة إعلامية. محاكمة القتلة والمعذِّبين ما هو إلا لعبة إعلامية. لن يمسّ أي من المعذبين أوالقتلة شيء. وهذا هو ما أسفرت عنه المحاكمات الصورية بالفعل: لم يمسسهم شيء.

في هذا التقرير، نرصد حصاد تبرئة القتلة والمعذبين وردود الأفعال خلال 2013.

القتلة البريئون!

9 من الشهداء المقتولين علي يد قوات الأمن، تم تحويل قضاياهم إلى المحاكم. 5 منهم تمت تبرئة قتلتهم، و4 آخرين خفّضت أحكام قتلتهم إلى حد هزلي، وصفته جمعية الوفاق أنه "تحايل في محاكمة القتلة من خلال تغيير وصف وتكييف الجريمة من تهم التعذيب إلى الضرب المفضي إلى الموت".

ففي 24 فبراير، برأت المحكمة شرطيين من قضية مقتل علي المؤمن وعيسى عبدالحسن، اللذين قتلا بالرصاص الانشطاري خلال الأحداث التي شهدتها البحرين في فبراير2011. الشرطيان لم يحضرا المحاكمة ولم يكن مقبوضًا عليهما، بل مخلى سبيلهما.

وفي 12 مارس، تم تبرئة 5 شرطة باكستانيين من قتل الشهيد زكريا العشيري، الذي قتل تحت التعذيب المفضي إلى الموت في السجون البحرينية إبان فترة قانون الطوارئ في مارس 2011 .

وفي 26 فبراير، برأت المحكمة الجنائية الكبرى شرطيين من تهمة قتل الشهيد فاضل المتروك ، الذي قتل بالرصاص الانشطاري في فبراير2011. وجاء في قرار المحكمة أن الشرطيين "بصفتهما موظفين في وزارة الداخلية أطلقا عيارًا ناريًا من سلاح "الشوزن" على المجني عليه (المتروك) من دون أن يقصدا قتله، فتسببا له بالإصابات المذكورة في التقرير الطبي والتي أدت إلى موته".

وفي 24 نوفمبر، برأت المحكمة قاتل الشهيد صلاح عباس، الباكستاني الجنسية. وذلك في قضية القتل بواسطة طلقة رشيّة من سلاح الشوزن في 19 أبريل/ نيسان 2012. وقالت إنها ترى أن «إسناد الاتهام غير جدير باطمئنانها وثقتها».

وفي 26 مايو، خفّفت المحكمة الحكم عن قاتل هاني عبدالعزيز من 7 سنوات إلى 6 أشهر. وكان الشرطي المدان قد أطلق على عبدالعزيز 4 طلقات نارية من مسافة مترين تقريبًا، بينما كان يختبئ في إحدى المباني قيد الإنشاء بعد تقريق تظاهرة في البلاد القديم آذار/ مارس 2011.

وفي 29 سبتمبر، خفّفت المحكمة حكم قاتلي الشهيد علي صقر من 10 سنوات إلى سنتين فقط. قتل تحت التعذيب المفضي إلى الموت في السجون البحرينية إبان فترة الطوارئ في مارس 2011.

وفي 21 أكتوبر، خفّضت المحكمة حكم الشرطي قاتل علي مشيمع، أول ضحايا الاحتجاجات، من 7 سنوات إلى 3 سنوات فقط. أقر في تحقيقات سابقة أنه أطلق طلقة من سلاح "الشوزن" على المجني عليه. وقد أكد الطبيب الشرعي أن سبب وفاة مشيمع هو طلقة "شوزن" تسببت بتهتكات في الرئة اليسرى ونزيف. 

وفي 27 أكتوبر، خفّضت المحكمة العقوبة عن شرطيين أدينا بقتل الشهيد عبد الكريم فخراوي من 7 سنوات إلى 3 سنوات فقط. وذلك في قضية الاستئناف المقدم من شرطيين من جهاز الأمن الوطني اللذين أدانتهم محكمة الدرجة الأولى بتعذيبه حتى الموت.

شغب 3

شهداء بلا قضية قتل

تقرير لجنة تقصي الحقائق رصد 28 حالة قتل لمواطنين بحرينيين استشهدوا علي يد قوات الأمن خلال الفترة بين فبراير ومارس، لكن 20 من هذه الحالات لم يتم تحويلها إلى المحاكم حتى الآن.

الشهداء الذين لا تزال حالاتهم غير محالة للقضاء هم: حسن مكي، جابر العلويات، جواد شملان، عزيز عياد، عبدالرضا بوحميد، بهية العرادي، جعفر معيوف، محمود أبوتاكي، علي خضير، أحمد فرحان، جعفر محمد سلمان، عيسى رضي، أحمد عبدالله حسن، مجيد عبدالعال، السيد أحمد شمس، عيسى محمد علي، خديجة ميرزا، السيد حميد محفوظ، جعفر حسن يوسف، عبدالرسول الحجيري.

وكانت النيابة قد انهت تحقيقها في بعض هذه الحالات إلى أن "أفراد قوة الدفاع تصرفوا على ما يبدو وفقًا للقانون" وأغلقت القضية كما في حالة الشهيدة بهية العرادي وعبد الرضا بوحميد. بينما قالت أنه "لم يعترف أي ضابط بإطلاق النار على القتيل" فيما يخص الشهيد أحمد فرحان. ولم تأخذ إجراء أو تحقق في قضايا الآخرين.

المُعذَّبون بلا مُعذِّب

لم تثبّت المحكمة التهمة على أي من القضايا المتعلّقة بالتعذيب، من تلك القضايا المشهورة والمعروفة، والتي أثارت صدى واسعًا في الأوساط العالمية والمنظمات الحقوقية، قضية تعذيب الكادر الطبي المعتقل إبان فترة قانون الطوارئ، وتعذيب الصحافية نزيهة سعيد. الخلاصة: لم يتم تعذيب أحد.

ففي 1 يوليو، برأت المحكمة ضابطين تورطا بتعذيب أطباء أثناء اعتقالهم خلال العمل بالأحكام العرفية في مارس 2011. الضابطان هما مبارك بن حويل وأحد أعضاء العائلة الحاكمة نورة آل خليفة.

وفي 23 يونيو، أيّدت محكمة الاستئناف حكم براءة ضابطة متهمة بتعذيب الصحافية البحرينية نزيهة سعيد، التي اتُهِمت باستعمال القوة مع سعيد، وأحدثت بها الإصابات الموصوفة في التقرير الطبي، وذلك أثناء اعتقالها خلال فترة الطوارئ في مارس 2011.

لكن الأكثر استخفافًا وتأكيدًا على الهزل القضائي في البحرين، كان الحكم الذي صدر في 30 ديسمبر، الذي برأت فيه المحكمة ضابطًا من صفع مواطن في حادثة معروفة صورتها كاميرا فيديو تم نشره محليًا ودوليًا، أظهر رجلًا بحرينيًا يحمل ابنه على يده يتحدّث لرجل أمن قبل أن يقوم الأخير بصفعه على وجهه في الشارع. الفيديو أثار موجة تعليقات ساخطة لدى نشره العام الماضي 2012. 

المحكومون الأحرار

لا يقف الاستخفاف عند هذا الحد من الأحكام الهزلية، بل إنه حتى مع صدور الأحكام، فإن هؤلاء المحكومين يتم أخذهم إلى (سجن كبار الشخصيات) في مركز المحافظة الجنوبية، يقضون فيه ساعات محدودة فقط خلال اليوم، فيما يمكنهم الخروج طوال النهار والعودة إلى النوم ليلاً فقط، أو حين يتم الاتصال بهم.

فقاتل الشهيد علي مشيمع الذي لم تعلن الداخلية حتى اسمه هو (حسن خيري)، يقضي في (سجن كبار الشخصيات) بعض الوقت الاستجمامي، فيما يقضي طوال يومه خارج السجن، وقد تمت إعادته لعمله وأُعطي مكافأة مالية قدرها 5000 دينار من قبل وزير الداخلية، تكريمًا على تفانيه وإخلاصه وجهوده التي بذلها في عمله، وتعويضًا له عن تحمّله عناء (المحاكمة).

أما قاتلا الشهيد فخراوي، التابعان إلى جهاز الأمن الوطني، فلم يتم سجنهما حتى الآن، بل على العكس من ذلك تم إرجاعهما إلى العمل.

24 ساعة

حماية السُرّاق والنهّابين

في 17 يونيو خفضت محكمة الاستئناف العليا عقوبة متهمين بسرقة وإتلاف أسواق "24 ساعة"، وهو محل تم استهدافه ضمن سلسلة محلات مملوكة لرجل أعمال شيعي، تم خفض حكمهما من السجن سنتين إلى الحبس 6 أشهر. فيما لم يصدر أي تعليق من النيابة العامة بشأن باقي المتهمين، وبينهم عسكريين. وكانت النيابة العامة وجهت إلى المتهمين أنهما في ليلة (25 يناير 2012) سرقا، مع آخرين عسكريين وآخرين مجهولين، المنقولات والمبالغ النقدية المملوكة لأسواق "24 ساعة"، وذلك عن طريق الإكراه الواقع على البائع بالضرب بأيديهم، وتمكنهم بتلك الوسيلة القسرية من إتمام السرقة والفرار بالمسروقات.

منع زيارة مقرِّر التعذيب

الحدث الأكثر إحراجًا للنظام البحريني فيما يتعلّق بحمايته للمعذِّبين والمنتهِكين، هو منع زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب خوان مانديز للمرة الثانية منذ 2012. وصرّح مانديز: "ناقشنا زيارة أخرى واتفقنا على مايو2013 موعدًا للزيارة، ومجددًا في غضون أسبوع أو أكثر قبل موعد الزيارة المفترضة، تلقيتُ رسالة لتأجيل الزيارة، ولم يقولوا أبدًا إنها ألغيت، ولكن عمليًا ألغيت لأنهم لم يقبلوا إعطائي موعدًا آخر برغم إصراري عليه".

عشرون عضوًا بالكونغرس الأمريكي، وقّعوا خطابًا لملك البحرين، "اعتبروا أن تأجيل الزيارة يتعارض مع التزامات البحرين الدولية"، وعبروا فيه عن خيبة أملهم من منع مانديز زيارة المملكة، مشيرين إلى أنها المرة الثانية التي تتم دعوة مانديز إلى البحرين كي يقوم بعمله المهم، ومن ثم تسحب هذه الدعوة.

مسؤول دائرة الحريات وحقوق الإنسان في جمعية "الوفاق" السيد هادي الموسوي رأى "أن تأجيل زيارة المقرر الخاص باللتعذيب "يشير إلى خشية السلطة من النتائج التي قد يخرج بها هذا المقرر، والتي ستدين استمرار التعذيب الممنهج في البحرين". 

خيبة أمل بسيوني

رئيس لجنة "تقصي الحقائق" محمود شريف بسيوني، صرّح في 3 يناير 2014، فيما يتعلّق بمحاكمة القتلة والمعذِّبين، أنّ "النائب العام نفذ إحدى التوصيات بإنشاء نيابة خاصة لمتابعة ما جاء في التقرير بخصوص أعمال التعذيب والقمع، والنظر على وجه التحديد في حالة وفاة 5 أشخاص تحت التعذيب. لكن لم يصدر حتى الآن أية معلومات نهائية ترضي التوقعات، ولم يتم إلا محاكمة شخص واحد عن قتل أحد الخمسة"، مذكّرًا بأن "جانب الاتهام في هذه القضية كان ضعيفًا والعقوبة غير ملائمة مع الجرم، وكان هذا موضع استياء شديد من المجتمع المدني الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، وكذلك عدم المتابعة الجدية والمحاكمات الصارمة، لحوالي 300 شخص تعرضوا للتعذيب والقمع".

وتابع "هذا كان سببًا لإثارة الضيق والشكوك في البحرين والخارج منذ عامين وأدّى إلى التشكيك في نوايا الحكومة".

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus