لقاء ولي العهد .. الخلفيات والأبعاد .. عود على بدء
يوسف مكي - 2014-01-17 - 6:48 م
يوسف مكي*
لقاء ولي العهد يوم الأربعاء 15/ 1/ 2014 مع جمعية الوفاق ودون بقية أطراف المعارضة الرسمية وغير الرسمية له خلفياته وأبعاده. فهذا اللقاء يأتي بعد غياب ولي العهد عن المشهد السياسي لمدة ثلاث سنوات، وعندما يظهر فمن البوابة البروتوكولية أو من بوابة إدانة المعارضة واتهامها بالإرهاب، وتثمين ممارسات قوات الأمن والدفاع في مواجهتهم القمعية للحراك الشعبي.
كما يأتي هذا اللقاء في أعقاب فشل حوار التوافق الوطني الاول في يوليو2011 وحوار التوافق الوطني الثاني في فبراير 2013. مما يعني ان محاولات النظام السياسية غير الجادة والقائمة على اساس العلاقات العامة وتضليل المجتمع الدولي في انهاء الحراك قد فشلت، وبالتالي بقاء الازمة لا بل تعقدها وانسداد آفاق الحل. والازمة هي في الحقيقة ازمة النظام في البحرين.
من خلال هذه الحيثيات فإن عودة ولي العهد وبعد كل ما اقترفه النظام من انتهاهاكات حقوق الانسان في غضون السنوات الثلاث الماضية انما هي محاولة لتبييض صفحة النظام وتبادل الادوار او بالاصح لممارسة كل الادوار في وقت واحد - الحوار والقمع ومصادرة الحريات والتمييز واحتكار السلطة والثروة والامن والقضاء والفساد في وقت واحد.
لكن. لماذا عودة ولي العهد الآن؟ بتقديرنا لا يوجد اجابة قاطعة، إلا انه يمكن تحليل هذه العودة كالتالي :
1. وجود ازمة سياسية واقتصادية خانقة في النظام وهذه الازمة مزدوجة فهي ازمة او حوسة على مستوى الشخصيات المتنفذة في الحكم وفي العائلة الخليفية واختلافها على التكتيك في معالجة الازمة الطاحنة دون الاستراتيجيا من جهة، وازمة اخرى على مستوى علاقة الحكم بالمجتمع أي ازمة الشرعية على الصعيد الشعبي وكيفية الخروج من الازمة السياسية العامة القديمة والمتجددة في نفس الوقت والتي طال امدها في وقت يطالب المجتمع الدولي وإن باستحياء بحلول جدية .
2. محاولة النظام اظهار شيء من الجدية في الحوار المزمع مع شخصية يعتقد النظام انه اكثر مقبولية لدى بعض اطراف المعارضة وخاصة الرسمية منها ممثلة في شخصية ولي العهد الذي بدأ بحوار المعارضة في بداية الحراك الشعبي من خلال مبادرته السباعية التي انقلب عليها النظام نفسه واستبدلها بقانون الطوارىء المعروف بقانون السلامة الوطنية .
3. استعدادات حركة 14 فبراير للاحتفال على طريقتها بمرور ثلاث سنوات على الحراك الشعبي في 14 فبراير القادم والدعوة للعصيان المدني مما يعني ان النظام غير قادر على القضاء على الحراك بالرغم من آلته القمعية الرهيبة وانتهاكاته الفاضحة لحقوق الانسان. الامر الذي يجعل المعركة مفتوحة بين الحراك الشعبي من طرف والنظام من طرف آخر مما يؤكد على ان الوضع السياسي والاستقرر في هذا البلد في مهب الريح . وليس كما يروج النظام .
4. لم يبق على انتخابات المجلس النيابي سوى اربعة شهور وهو استحقاق يحاول النظام ان يمر بسلام وبدخول المعارضة في هذه الانتخابات لاضفاء شيء من الشرعية على كارتونية المجلس . إلا انه في حقيقة الامر يواجه احتمالين احلاهما مر وهو اما تمديد فترة هذا المجلس لسنتين حسب الدستور مما يعني ان الازمة قائمة او يجري الانتخابات في موعدها المقرر وفي غياب ومقاطعة المعارضة مما يعني برلمان لا يحل ولا يربط مما يعني ايضا ان الازمة قائمة بسبب من ان السلطة التشريعية هي تمثل احدى اهم المشكلات السياسية العالقة وواحدة من عناصر الازمة السياسية .
5. استحقاق فورمولا واحد وهو مشروع ولي العهد بامتياز حيث يراد له ان يمر دون معيقات كما جرت العادة منذ بداية الحراك الشعبي ومن خلال اقامة هذا المشروع اعطاء انطباع ان الاوضاع في البحرين باتت مستقرة .
لكل هذه الاسباب برز ولي العهد لانقاد ما يمكن انقاده وتدشين مرحلة جديدة لحوار جديد . لكن هذا في الظاهر اما في العمق فإن ولي العهد كما انسحب من مبادرته السباعية وصمت خلال ثلاث سنوات وكان موقفه حينها اكثر قوة مما هو عليه الآن فإنه غير قادر الآن لقيادة حوار جديد، والمسألة كما نقدر هي في المناورة على المعارضة وخاصة الوفاق بوعود او تطمينات من اجل تهدئة الشارع اولا واخيرا وتمرير 14 فبراير دون منغصات للنظام وتمرير فورمولا واحد والدخول في برلمان 2014 وعدم المقاطعة .
وإذ نشير الى ذلك. فمن خلال اطراف اللقاء نفسه. فولي العهد لم يلتق بكل اطراف المعارضة انما مع الوفاق فقط بينما تتطلب الرغبة السياسية الجادة في الحوار دعوة كل مكونات المعارضة ليس فقط الرسمية بل حتى غير الرسمية وكأن النظام يهدف الى الاستفراد بالوفاق دون غيرها ضمن صفقة ( ربما ) محاصصة طائفية واستبعاد الاطراف الوطنية والعلمانية وكذلك القيادات السياسية في السجن. وفي كل الاحوال تكون الصفقة اقل من المتوقع وتعود البحرين الى المربع الاول. وينتهي الحوار او أي شيء على شاكلته الى نفس مصير الحوارين السابقين لتكتشف المعارضة / الوفاق ان النظام قد ضحك عليها للمرة الالف.
يبقى بالارتباط بلقاء الوفاق مع ولي العهد سؤال مهم وهو: هل للحوار آفاق لحل الازمة السياسية الطاحنة؟ هذا يتوقف على الاطراف الداخلة فيه وعلى مهيئات وشروط الحوار .
فمن شروط الحوار الجاد ان يكون بين المعارضة والنظام فقط اما ادخال الموالين للنظام وتحت أي تسميات يفقد الحوار معناه وهذا ما ثبت في الحوارين السبقين لأن الموالين ليس لديهم قضية مع النظام. هذا اولا. وثانيا ان أي حوار يجب الا يستبعد أي طرف من اطراف المعارضة مهما كان حجمه كما حدث في لقاء ولي العهد، وثالثا وهذا هو الاهم كما نعتقد عدم استبعاد المعارضة غير الرسمية وهي معارضة لها ثقلها الشعبي وقادرة على تحريك الشارع، بل يمكن القول انها هي التي صنعت حدث الثورة في البحرين اما المعارضة الرسمية فقد شاركت في الحدث ومن شارك ليس كمن صنع وعليه فإن أي حوار او تخريجة سياسية للوضع في البحرين لا يشارك فيه قيادات السجن محكوم عليه بالفشل سلفا.
اخيرا نختم القول ان اهم مدخل مناسب للحوار هو اطلاق كافة المعتقلين السياسين ووقف آلة القم الجهنمية، وترك الناس يعبرون عن رأيهم، وسحب المظاهر الامنية والعسكرية من مختلف المناطق المدنية وخروج القوات الاجنبية. ودون ذلك فإن مبادرة ولي العهد تدخل في اطار محاولة النظام ان يفك من ازمته مرحليا ليعود الى سيرته الاولى. القمع ثم القمع ثم القمع.
المطلوب اجراءات فعلية على الارض تدلل على جدية ولي العهد في الحوار.
*باحث بحريني في علم الاجتماع.