لسان حال النظام في 2013 للشيخ علي سلمان: بيدي أن أمحوك، لكنني أحتاجك، وأخافك

2014-02-12 - 10:47 م

"الآن ضاعفوا عدد المعتقلين وأوصلوهم 3 آلاف، لا نريد معتقل آخر، ولكن لدينا استعداد أن يكون في السجن 10 آلاف ونحن منهم، و20 ألف لكن لن نتنازل".

الشيخ علي سلمان في 29 ديسمبر 2013


مرآة البحرين (حصاد الساحات): ليس الوحيد، لكنه الأصعب على قرار السلطة. منذ 3 سنوات والسلطة تروح وتجيء بغية التخلّص من وجوده المربك لها، مرةً بمحاولة اغتياله، كما حدث في يونيو 2012، ومرات بإلقاء الغازات الخانقة في بيته، وتحطيم نوافذه، وترويع عائلته، ومرات بالتحقيق معه والتمهيد لاعتقاله، في كل مرة تقترب السلطة من اعتقاله مقدار خطوة ثم تتراجع في اللحظة الأخيرة. أسباب التراجع كثيرة.

تعلم السلطة أن بقاء أمين عام جمعية الوفاق الشيخ «علي سلمان» في الشارع، خير لها من وجوده في المعتقل. فهو أحد أوتاد الشارع الحامية له من الانزلاق في دوامات العنف والانفلات الغاضب،  وتعلم أن أفعال (سلمان) وتصريحاته ليست من نوع (ردود الأفعال)، وأن الشارع، ما لم يتزن به (وتدٌ) له احترامه وتقديره عنده، فإنه منحاز لرد الفعل أمام بطش السلطة وتعنتها المستشري.

تعلم السلطة أيضًا، أن وجود سلمان، وإن كان يربكها ويزعجها بحده الأقصى، إلا أنه من جهة أخرى يعد (الحضور) الأقوى الذي يمكنها التفاوض معه، والرأي الأكثر اعتدالاً للتحاور معه، والأكثر قدرة على احتواء أطياف المعارضة مع توجهاتها المختلفة بسلام داخلي. باختصار، تعلم أنه الرجل الذي بقدر ما تبغضه، فإنها تحتاجه، فهو وسيلتها الأخيرة نحو الشارع عندما تنغلق أمامها كل الطرق الأخرى.

3 سنوات مشحونة بحرب إعلامية ورسمية ضد سلمان، استخدمت فيها شخصيات ساقطة أخلاقيًا، لم تهدأ دقيقة واحدة عن اللغو السفيف، طالته بكل الاتهامات الإنسانية والدينية والأخلاقية، ونسبت له الطائفية والإرهاب، ونيته في تحويل المملكة إلى دولة دينية تابعة لولاية الفقيه. لكن لم ينجح أحد من هؤلاء، ولو مرة واحدة، في استلال ما يفيد بذلك في أي من خطاباته الموزونة، حتى في أسوأ أوقات الأزمة، بل كل خطاباته تؤكد عكسها تمامًا، ما يزيد غيظ السلطة أكثر.

خطابات سلمان حتى (الأشدّ منها) لم تنحرف عن مطالب الثورة الواضحة والصريحة، التي أعلنتها الجمعيات السياسية المعارضة منذ فبراير 2011، ولم تحِد عن المبادئ الثابتة فيما يتعلق بمطالب الدولة الديمقراطية العادلة، والعلاقة المتساوية مع شركاء الوطن. لهذا لم تتغيّر مضامين خطاباته طوال ال3 سنوات، وإن تغيرت نبرتها وشدتها حسب الحدث والموقف.

في هذا الحصاد، نرصد تخبطات السلطة في تعاملها مع (وتد) سلمان خلال 2013، كما نرصد وتيرة خطاباته هبوطًا أو نزولاً أمام أحداث هذا العام.

أولاً: تخبطات السلطة

علي سلمان

* نهاية عام صاخبة

الهدوء النسبي الذي شهدته مناطق البحرين مع بداية العام، بسبب دعوات التفاوض والحوار، انقلب رأسًا على عقب عند نهايتها، ففي 28 ديسمبر/ كانون الأول عاشت البلاد لساعاتٍ تسع، غليانًا كاد ينفجر بركانًا من الغضب.

بداية القصة تعود لليوم السابق، تحديدًا مسجد الإمام الصادق في منطقة الدراز، سلمان في خطبة آخر جمعة لسنة 2013. أرادها أشبه بـ "جردة حساب" لحراك الثورة في عامه الثالث، رأت فيها السلطات تحريضًا على بغض طائفة من المجتمع، وعلى كراهية نظام يستأثر بالحكم، فكان قرار استدعائه الثاني إلى المباحث الجنائية خلال أقل من شهرين. مثل سلمان، في اليوم المحدد، أمام مكتب التحقيقات الجنائية بوزارة الداخلية برفقة المحامي عبد الله الشملاوي، بعد تحقيق مقتضب، طُلب من المحامي المغادرة، والإبقاء على الأمين العام لتحويله للنيابة العامة.

في النيابة العامة، التي وصلها مخفورًا بالشرطة، أُخضع سلمان لعملية أخذ البصمات والتصوير بدون لوحة التعريف، صاحب ذلك إخضاعه قسرًا لإجراء غير معتاد تمثل في أخذ عينة من دمه، بحجة فحص الـحمض النووي المعروف بفحص الـ DNA، دون تمكينه من الرجوع إلى محاميه، رغم مطالبته بذلك.

معظم وسائل الإعلام العالمية تابعت بشكل بارز خبر الاعتقال، سيما بعدما احتشد المئات من المحتجين الغاضبين بالقرب من منزل الأمين العام في منطقة البلاد القديم، غير آبهين بالغازات الخانقة التي أغرقت المنطقة، جراء رميها بكميات كبيرة من قبل الشرطة.

ازدياد عدد المحتجين وبيانات الاستنكار المحلية والإقليمية مع الوقت، أجبر النيابة العامة على إخلاء سبيله بضمان محل إقامته مع منعه من السفر. 

توجيه دعوى ثم سحبها!

في خطوة غير مفهومة، قام الديوان الملكي في أكتوبر بتوجيه دعوة لنواب سابقين عن كتلة الوفاق لحضور افتتاح دور الانعقاد الرابع في مكتبة عيسى الثقافية. ثم عاد ليطلب سحبها بعد فترة وجيزة. هذه الخطوة كشفت جانبًا من التخبط الرسمي، المستمر منذ 3 أعوام، في التعامل مع جمعية الوفاق تحديدًا.

سحب الدعوة اعتبره الوفاقيون "لا يسمن ولا يغني من جوع"، إذ أنه كان من المستبعد جدًا قبولها، لاسيما وأن كتلتهم النيابية، التي شاركت في انتخابات 2010، كانت قد انسحبت من البرلمان بعد اندلاع ثورة 14 فبراير/ شباط 2011.

الاعتداء على كاميرات بيت سلمان

في 31 يوليو، قامت مليشيات مدنية بالاعتداء على منزل سلمان، ضمن حملة شعواء تبنتها وسائل الإعلام في التحريض عليه. وكشفت جمعية الوفاق عن "فيديو" تظهر فيه عناصر مدنية ملثمة تقوم بإزالة جميع كاميرات المراقبة المثبتة في أطراف المنزل، قبل أن تقوم بالفرار باتجاه مركز شرطة الخميس، الذي يبعد أقل من 500 متر عن المنزل.

وزارة الداخلية أعلنت عن مسئووليتها عن الاعتداء الميلشياوي على سلمان، متذرعةً بأن الكاميرات كانت موجّهة على الطرق، وبأنه "من المرجح" أن يكون الهدف منها تصوير تحركات قوات الأمن. كان ذلك أشبه بإعلان الدولة تخليها عن الأساليب الحضارية لصالح أساليب العصابات المسلحة التي ترهب المواطنين.

جمعية الوفاق ردت سريعًا، أن الثابت في المشاهد التي التقطتها الكاميرات قبل إزالتها أنها موجهة لزوايا المنزل، الذي "تكررت اعتداءات وزارة الداخلية عليه بالطلق المباشر والاستهداف المتكرر طوال الشهور الماضية".

مرحبًا بشرف الاعتقال

حملة شعواء، شنتها صحيفة الوطن، القريبة من الديوان الملكي، خلال شهر يوليو، وهو الشهر الذي شهد دعوات لحملة تمرد بحرينية بفعاليات سلمية شجعها سلمان دون أن يتبناها. الوطن نشرت استطلاعًا لنواب موالين للسلطة طالبوا فيه باعتقال سلمان، لوقوفه وراء دعوات التمرد حسب زعمهم.

سلمان رحّب بدوره بالاعتقال، وقال: "أنا إلى الآن لم أنل هذا الشرف فمرحبًا به". ودعا إلى استمرار الحراك الشعبي السلمي، وبما يتوافق مع القوانين الدولية العادلة، مشددًا على أهمية التظاهر في العاصمة، مع المحافظة على عدم قطع الطرق أو تعطيل مصالح الناس.

في اليوم التالي مباشرة، 17 يوليو، أعلنت وزارة الداخلية عن تفجير سيارة في موقف سيارات فارغ في الرفاع، رافقه تصعيد مفتعل ومباشر في الخطابات الرسمية والإعلامية، مع توجيه أصابع الاتهام إلى الوفاق، متمثلة في سلمان، والمجلس العلمائي، متمثلًا في الشيخ عيسى قاسم. 

القوى الوطنية بدورها، بينها الوفاق، أصدرت بيانًا أدانت فيه التفجير، رافضة العنف من أي جهة كانت، ومؤكدة "رفض ترويع الآمنين في مختلف مناطق البحرين، بما فيها المساجد والجوامع".

تبع هذا الانفجار سلسلة من حوادث التفجير المفتعلة المصاحبة لحرب إعلامية شرسة، فسّرت بأنها تمهيد لاتخاذ خطوة باتجاه اعتقال سلمان أو اتخاذ إجراء ضده. بلغت الحملة الإعلامية ذروتها خلال شهري يوليو وأغسطس، ثم خفتت فجأة!

#مستشار_الرذيلة

هو (الهاش تاغ) الذي أطلقه مئات المغردين البحرينيين في “تويتر”؛  للتعليق على تغريدات مستشار الملك الإعلامي ومالك جريدة الأيام وشبكة "منامة برس" في تويتر، نبيل الحمر. وذلك بعد أن وصف الأخير سلمان بالإرهابي. وخاطبه في تغريدة: "علي سلمان، ألا تخجل على نفسك؟ كيف تصف مسيراتكم وتخريبكم وحرقكم في الشوارع بالسلمية. علي سلمان أنت وجماعتك ما أنتم إلا إرهابيون".

وسخرت مئات التعليقات من المستشار واعتبرته مجرد "مهرج"، إذ دأب على مهاجمة كل من الشيخ عيسى قاسم والشيخ علي سلمان، وانطوت تغريداته على التهديد والوعيد، وذلك ضمن الحملة المنظّمة التي أدارها الديوان الملكي قبيل تظاهرات "تمرد" الكبرى في 14 أغسطس/ آب الجاري.  

الشيخ سلمان 2

مصادرة متحف الثورة

في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني، سلمت قوات مدنية وعسكرية تابعة للنظام البحريني استدعاءً لسلمان، بعد إحاطة منزله، للمثول للتحقيق في قضية غير معروفة، إذ لم تكن مذيلة في الإحضارية، تبيّن لاحقاً أنها حول متحف الثورة، الذي أقامته الجمعية في مقرها، والذي اقتحمته السلطات الأمنية وصادرت كل محتوياته. صرّحت الناطقة باسم الحكومة سميرة رجب، أن التهمة التي ستوجه إلى سلمان هي إهانة وزير الداخلية من خلال المتحف الذي عرض انتهاكات الشرطة لحقوق الإنسان

مثل الشيخ سلمان أمام النيابة العامة بالعاصمة المنامة برفقة كل من المحامين: جليلة السيد، حسن رضي، محمد أحمد، وعبدالله الشملاوي الذين شكلوا فريقًا للدفاع عنه. 

استمر التحقيق 5 ساعات، انتهى بإطلاق سراح سلمان بضمان محل إقامته

علّق سلمان بعد خروجه: "الفكرة واضحة تمامًا، السلطة تريد أن تقول أنها تستطيع وضع أي منّا في السجن حين تريد ذلك. وهذا هو مخططهم، الضغط على المعارضة واستهداف قياداتها ووضعنا في السجن أو ترحيلنا قسريًا إلى خارج البلاد وسحب جنسياتنا".

ثانيًا: وتد سلمان الثابت

الاستفتاء الشعبي

خلال مقابلة صحفية، بعد يومين من انطلاق الحوار الوطني في 10 فبراير/ شباط، اعتبر سلمان أن الحد الأدنى من التغيير الذي يمكن أن تقبل به جمعية الوفاق "هو ما صغناه في "وثيقة المنامة"، وأن من أبرز التنازلات هو أن الملكية موجودة والنظام موجود"، مشددًا على أن "المعارضة قادرة إذا ما ألّفت الحكومة على حل مشاكل البحرين".

وفي شهر سبتمبر/ أيلول، دعا سلمان على حسابه في تويتر إلى استفتاء حر لشعب البحرين، مشيرًا إلى أن الغالبية العظمى تريد إقالة الحكومة وتشكيل أخرى تمثل إرادتها. لاحقًا تحدى سلمان، أمام أنصاره، النظام في أن يخوض انتخابات لرئاسة الحكومة ضد القيادي المعتقل خليل المرزوق، مؤكدًا على أن المرزوق سيفوز بغالبية 70%.

تصعيد الخطاب: فافهموا

تصريح سلمان الأكثر تصعيدًا خلال العام 2013 كان في 24 أيار/ مايو، في الكلمة التي ألقاها خلال الاعتصام الجماهيري الذي أقيم بالدراز، احتجاجًا على اقتحام منزل الشيخ عيسى قاسم، هدد بما قد ينهي حالة الاحتجاج السلمية في حال تعرض قاسم لمكروه، قائلاً: "إلى العقلاء.. وكلّي خوف وقلق، فلا السلمية ولا الإصلاح يمكن أن نضمنه لهذا الوطن بدون هذا الرجل.. فافهموا". 

سلمان فتح في ذلك الخطاب الذي ألقاه بنبرةٍ غاضبة أمام عشرات الآلاف من المعتصمين خيارات المعارضة على الاعتصام الدائم والتواجد في المنامة والعصيان المدني، مخاطبًا من وصفهم بـ "المتشددين” بالقول: "عليهم أن لا يمتحنوا هذا الشعب وأن لا يراهنوا على ان هذا التضامن مجرد ردة فعل".

فيما أتى تصريح آخر له بعد منع مسيرة للمعارضة الجمعة 19 يوليو/ تموز، متحديًا إجراءات السلطة  قائلًا: "لن نتوقف عن المسيرات والاعتصامات من أجل حقوقنا وإن تطلب الوضع أن نتلقى الرصاص والقمع سنفعل ويتحمل من يقوم بالقمع مسؤوليته". وتابع "وأعيدها الآن برغم من كل القمع وطبيعة هذه المواجهة القاسية الشعب أقوى من النظام، وسيستمر أقوى من النظام"، مشيرًا إلى أن واحدًا من مصادر هذه القوة أن النظام رغم كل ما يصرفه من ملايين الدنانير لتلميع صورته عن طريق شركات العلاقات العامة وغيرها لا زال العالم ينظر إليه على أنه ديكتاتوري.

حكومة خارج الزمن

في أواخر شهر يونيو/ حزيران، كتب سلمان في حسابه على تويتر:"42 سنة نتكلم عن تنويع مصادر الدخل، وميزانية 2013 تعتمد على النفط والغاز بنسبة 87% فأي فشل أوضح من هذه الحقائق"، مضيفًا "منذ تولي الحكومة قبل 42 سنة والخدمة الصحية تتراجع بدل أن تتقدم ويستمر الموت في المستشفيات نتيجة لتردي الخدمة وعدم وجود برامج رعائية".

وتعليقًا على الفيديو الذي ظهر فيه رئيس الوزراء يخاطب فيه أحد المعذِّبين (الجلاد بن حويل) بأن القانون لا يطبق عليكم، شكر الشيخ سلمان خلال كلمة ألقاها يوم 10 يوليو/ تموز رئيس الوزراء على ما وصفها بـ "صراحته"، مشددًا على أن هذه العبارة هي "أصدق عبارة توضح حقيقة النظام". سلمان توجه إلى الدول الكبرى متسائلاً: "ما أنتم قائلون يا دول كبرى عن هذا الفيديو؟"

وفي خطبة الجمعة ليوم 27 ديسمبر/ كانون الأول، والتي استُدعي بسببها في اليوم الثاني إلى التحقيق، شنّ الأمين العام للوفاق هجومًا شرسًا على النظام، معتبرًا أنه لا جدوى من الرد على "ثرثرته" طالما أن تصريحات كل رجاله لاسيما منهم رئيس الوزراء غير المنتخب "هي خارج إطار الزمن".

الشيخ سلمان

حوار من أجل التطفيش

منذ الشهر الأول من العام، أعاد الشيخ سلمان وضع الحروف على النقاط، محددًا للنظام طريقين لا ثالث لهما لإخراج الوطن مما هو فيه: تفاوض وطني يفضي إلى التوافق، أو حكومة وحدة وطنية تقود إلى صيغة سياسية في الحكم. 

وحول التمثيل في جلسات الحوار، الذي بدأ في 10 فبراير/ شباط، قال سلمان: "إذا كان لابد من إشراك الجميع في هذا التفاوض فأعتقد أن حق والوفاء وشباب 14 فبراير/ شباط أحق بكثير ممن سيجلس على طاولة الحوار لسبب أن هؤلاء يمتلكون مساحة على الواقع الحقيقي وهم طرف بالبلد. وأنه إذا أرادت السلطة إشراك الجميع في الحوار فالرموز المعتقلين جزء من الجميع، وعدم إشراكهم هو إخلال في مفهوم الجميع".

عوّل النظام، منذ بدء إطلاق الحوار الثاني، على انسحاب الوفاق مجددًا. عمل كل ما في وسعه من أجل تطفيشها، لكنها كانت واعية تمامًا. في تغريدة له على حسابه على تويتر، كشف سلمان أن "بعض من في الحكم كان يراهن على أن المعارضة سترفض دعوة التفاوض وبالتالي يمكن أن يتهمها أمام العالم برفض الحوار، وعندما فشلت هذه الخطة يراهن النظام على تطفيش المعارضة".

الخطوة التي اتخذتها المعارضة وكررتها هي تعليق مشاركتها في الحوار، بدلاً من الانسحاب، ما ورّط السلطة أكثر، وأوقعها في الحفرة التي أرادتها للمعارضة. عن تعليق الحوار بعد اعتقال مساعده خليل المرزوق، قال في لقاء صحفي إن "ليس اعتقال المرزوق هو سبب تعليق المشاركة، فقد كتبت رسالة إلى السلك الديبلوماسي قبل اعتقاله، وساهم فيها هو، توضح رأي المعارضة التي ترى بأن مسار الحوار لا يؤدي إلى نتائج، وكأن النظام يريد فقط استخدام انعقاد جلسات الحوار لممارسة المزيد من القهر ومحاولة الضغط على المعارضة لكي تستسلم".

وفي لقاء آخر أوضح سلمان "إن النظام لم يقدَّم أي طرح مقبول وإن قدم طرحًا مقبولاً يعود ويسحبه".

شرعية 1783

كان الخطاب الذي ألقاه سلمان في 29 ديسمبر، والذي استدعى مثوله للتحقيق في النيابة العامة، كما أسلفنا في بداية تقريرنا، هو الأكثر وجعًا للسلطة، ليس لأنه قدم جردة حساب للثورة طوال 3 سنوات، ولا لأنه أظهر عجز السلطة وفشلها أمام صمود الشعب وإصراره وقوته، بل لأنه كشف عن مأزق النظام الفاقد للشرعية: "اليوم ليس هناك عنوان للشرعية سوى العنوان الشعبي المعبر عنه بصناديق الاقتراع الحرة (..) أي نظام يفقد هذا العنوان يفقد الشرعية الشعبية، وهذا الفقد يشكل للنظام مشكلة كبرى في داخله وفي التعاطي مع الآخرين"، وأضاف: " النظام غير قادر على مواجهة أي مؤتمر صحفي حر، لا داخل البحرين ولا خارجها، ويعاني معاناة شديدة في الخروج للعالم، لأن العالم لا يرحب باستقباله".

ودعا إلى مقاطعة ما يصدر عن النظام وأجهزته كنوع من المقاومة السلمية: "أنا لا أشارك في بهرجة افتتاح، رقصة، ولا في أي شيء شكلي، انتخاب شكلية أو غيره، إلى أن يعود النظام بأكمله إلى احترامنا كشعب مصدر للسلطات". 

وفي معرض ردّه على الكذبة التاريخية التي ابتدعها الملك حمد، أعلن فيها أن البحرين تأسست كدولة عربية مسلمة مستقلة في 1783، أي منذ غزو جده أحمد (الفاتح) لها، وقام بالترويج لها خلال أكثر من فعالية رسمية خلال ديسمبر 2013، علّق سلمان بضربة موجعة أخرى: "معاناة شعبنا الحديثة تبدأ سنة 1783، وتصاعدت هذه المعاناة في سنة 1971 بعد الاستقلال، ودخلنا مرحلة أزمة شديدة في 14 فبراير 2011م من تصعيد المعاناة لهذا الشعب، هذا تاريخ معاناتنا". في إشارة ضمنية منه إلى عقدة القبيلة الغازية وعلى رأسها الملك، والمتمثلة في قصر عمرها التاريخي  بالنسبة إلى الشعب، وأنها تعمل منذ تاريخ غزوها للبحرين قبل 230 سنة، على طمس هوية الشعب الأصلي، وترسيخ وجودها على أنها الأصل، وهي: "عقدة تنفرز في مكانات مختلفة، مسجد الأمير محمد البربغي، يعود تاريخه إلى أكثر من 400 سنة يشكل عقدة، لأن أنا عمري 230 وهذا عمره 400". ثم ختم  سلمان حاسمًا: "نحن في البحرين لا يمكن محونا".

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus