الديه وحسابات بيدر النظام
إيمان شمس الدين - 2014-03-05 - 6:52 م
إيمان شمس الدين*
يأتي تفجير الديه كتطور نوعي خطير، في ظل معطيات عديدة تعكس أن السلطة لها حسابات في بيدرها تريد حصاد محصولها في حقل الثورة البحرينية. فرغم محاولاتها السابقة لإثبات عنفية الثورة والثوار، ومحاولات جرها لكثير من الشخصيات المتوازنة في ساحة المعارضين لردود فعل عنيفة وفشلها في ذلك، إلا أن تفجير الديه يأتي كتطور نوعي في تلك المحاولات، من حيث نتائجه وظروفه المحيطة.
فمن ناحية النتائج، سقوط قتلى في صفوف عسكرها وعسكر دول مجاورة، وهو ما أكد كذب ادعائها بأن درع الجزيرة جاء لحماية المنشآت الحيوية، بينما هو جزء من مسلسلات القمع اليومية لأبناء البحرين. إضافة لتداعي دول الخليج بإدانة التفجير، ودعمها لكل الإجراءات التي سيقوم بها النظام بحجة بسط الأمن. وهو ما يدعم المطالبة الحثيثة بتنفيذ الاتفاقية الأمنية، ويدفع باتجاهها، وهي اتفاقية ما زالت محل جدل بعض دول الخليج، ورفض كثير من نخبها، كونها تشكل قبضة أمنية ضد الشعوب، وتصادر حقوقهم وحرياتهم.
ومن ناحية الظروف، هناك سخط غربي واضح، ظهرت تجلياته من خلال إما تصريحات لمسؤولين غربيين تدين انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين وتطالب بحل الأزمة بعد إثبات سلمية الحراك، أو من خلال تقارير، وآخرها تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، الذي رصد كم الانتهاكات الحقوقية في المملكة البحرينية، أو مطالبات أممية بحل الأزمة في البحرين بالحوار، كتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وهو ما يضيق الخناق على النظام الحاكم، ويترجمه بين فينة وأخرى بتبديل وجوهه الإعلامية في الغرب، نتيجة الفشل في التأثير على الرأي السياسي والحقوقي في الغرب.
ومع نجاح الثورة بالاستمرار والسلمية، وهو أمر لم تكن السلطة تتوقعه، مما أثر على قناعات كثير من نخب الخليج وشعوبها، وغير وجهة قناعاتهم التي رسمها النظام البحريني والإعلام المضلل، بدأ مأزق السلطة البحرينية يزداد يومًا بعد يوم، لأنها كانت تسعى لمذهبة الحراك المطلبي وضرب سلميته ومن ثم ثقويضه، حتى لا يتحول إلى نموذج خليجي مؤثر تنتقل عدواه للجوار. إضافة لتردي المؤشرات العامة للوضع الاقتصادي، وتراجعه، بشكل بات ملحوظًا ويشكل خطرًا مستقبليًا حقيقيًا على سمعة المملكة الصغيرة وقدرتها الاستثمارية.
ويأتي التفجير أيضًا في وقت اقترب فيه النظام السعودي من تطبيق حملته ضد الإرهاب، والتي اعتبر فيها الحراكات المطلبية السلمية في الشرقية، وخاصة القطيف، جزءًا من هذا الإرهاب الذي يجب مواجهته وإنهاؤه، وهي المنطقة الواقعة على حدود البحرين، وتشكل عمقًا لكلا البلدين، من الناحية الديموغرافية والاقتصادية، ودلالات هذا العمق في ظل حراكات مطلبية في كليهما.
ولا بد أن ننوه لمسألة دقيقة أيضًا، كمعطى، وهي كلمة السيد حسن نصر الله الأخيرة، التي نوه فيها إلى الحراك المطلبي البحريني، وأبدى إعجابه وتأييده لاستمرار الحراك وسلميته، وهو ما يمكن قراءته سياسيًا بعدة اتجاهات؛ أهمها إعطاء زخم معنوي لاستمرار الحراك، والتأكيد على سلميته، وترسيخ هذا المبدأ في ذهنية الثوار، رغم كل محاولات النظام لجره للعنف، أي رغم اطلاع السيد، بعد 3 سنوات، على كل انتهاكات السلطة بحق الثوار، إلا أنه أكد على السلمية ونوه إليها، وكلنا يعلم أن للسيد كلمته وتأثيره الكبير، وهو ما يعيق خطط السلطة في تحويل الثورة لمناطق أخرى تريدها، والقضاء عليها بالضربة القاضية.
يأتي تفجير الديه في ظل كل هذه الظروف على حسابات بيدر السلطة لتحصد نتائجها في حقل الثورة، فتستغل الحدث في عدة اتجاهات، أخطرها القبض على ما تبقى من رموز الثورة، بحجة الإرهاب، وقد يكون من ضمنهم الشيخ عيسى قاسم، الذي سعت مرارًا لاعتقاله، ومهدت كثيرًا لذلك، وهو الشخصية الجامعة لكل الثوار، والوازنة في ساحة الجميع، والمؤثرة في عمق الحراك المطلبي باعتدالها. وللتأثير على الرأي العام بإثبات عدم السلمية، وهو ما يعطيها غطاءً لبسط يدها في مزيد من القمع، بحجة حفظ الأمن أمام المجتمع الدولي.
إنها باختصار خطوة متقدمة لتقويض الحراك وخنقه.. فهل ستنجح؟
*كاتبة كويتية.