سترة حالتنا
2014-06-10 - 5:24 ص
مرآة البحرين (خاص): في أكتوبر 2011 زار سترة مراسل نيويورك تايمز في الشرق الأوسط أنتوني شديد (Anthony Shadid) وهو صحفي أمريكي من أصول لبنانية، توفي في سوريا في 16 فبراير 2012.
كتب مقالة "في سترة المليئة بالأنقاض: وجوه الشباب تنبئ بمستقبل قاتم للبحرين" يقول فيها: "في بعض الأحيان يشير اسم ما بعينه إلى حالة معينة. كان هناك بيروت قبل جيل واحد، وبغداد في الآونة الأخيرة. أما في البحرين، فإن هذه الحالة هي سترة"
نعم، كما قال أنطوني شديد، ببلاغة فائقة البصيرة، اسم سترة يشكل حالة، سترة هي حالتنا، اسم مُضمخ بكل ما في الحالة البحرينية من جروح وقروح، تحمل التاريخ (تاريخ الغزو1783) الذي ما زال ثقله يغرق هذه الجزيرة، وتحمل الحاضر الذي ما زال يشكل تاريخها الجديد.
سيرة أنطوني شديد الذاتية (بيت من حجر: سيرة موطن وعائلة وشرق أوسط ضائع) تكشف عمق معرفته بمنطق ومنطقة الصراعات في الشرق الأوسط، وبخبرته الصحافية العميقة القريبة من بصيرة المؤرخ الذي يشهد على تحولات التاريخ وتوتراته، وجد في سترة ما يشكل حالة معينة شديدة الكثافة.
سترة شاهدة تحولات كبرى، شهدت غزو آل خليفة للبحرين، وشهدت لحظات ولادة الدولة الحديثة في 1923 حين كان يحكمها جد الخوالد (خالد بن علي) كإقطاعية تدار من قبل الوزير والكخيضة (جابي الضرائب) والفداوية، وقد دفعت أثمانا باهظة لأنها وقفت مع فكرة تأسيس الدولة الحديثة حيث التحول من سلطة الإقطاعيات إلي سلطة الدولة المركزية المنظمة إداريا، وقد نالها من الأب المؤسس للخوالد ما نالها من غزوات البدو والفداوية ونهبهم، وشهدت سترة تحولات الميثاق قبل أن ينقلب عليه الملك، وهي تشهد منذ 14 فبراير 2011 صناعة تاريخ جديد، مثقل بما يفوق 220عاما، أي مثقل بمحنة 1783.
تستحق (سترة) أن تكون مختبراً للتحولات، شهداؤها كانوا يحلمون بالتغيير، أن تكون جزيرتهم مفتوحة على البحر والتنمية المستدامة، بدل أن تكون مستباحة للغزو والانتهاكات وسحب الموت، لم يكن شهداؤها يحملون غير قلوبهم، ولم تحمل قلوبهم الصغيرة عنفا ولا إلاً ولا عدوانية. علي خضير، أحمد فرحان، محمود أبو تاكي، علي المؤمن، عيسى رضي، علي جواد،علي بداح، سيد هاشم سيد سعيد، جعفر الطويل، محمود العرادي، علي فيصل، محمد إبراهيم يعقوب، السيد محمود السيد محسن، إنهم شهادة سترة، شهادة سلميتها ونضالها وتضحيتها وعدالة مطالبها.
لقد استمع أنطوني شديد لشبان سترة، وعرف أن أحلامهم هي نفسها أحلام من خرجوا في العالم العربي يطالبون بالتغير، سجل شهاداتهم وهم يقولون "سترة هي نسخة مصغرة للبحرين.. ما زلنا هنا..نحن نطالب..نحن موجودون".
يحق لأهل سترة أن يقولوا إنهم نسخة عنا، عنا نحن البحرينين، نسخة من الطيبة والصمود والحلم بالتغيير والثبات.