ملف القضاء في البحرين: القاضي علي بن خليفة الظهراني: الأحمق الحموس (7)

2014-07-21 - 8:11 م

مرآة البحرين (خاص): المحكمة هي القاضي، وحين تقوم السلطة بإنشاء محكمة الهدف منها اجتثاث النشطاء والمحتجين وتغليظ العقوبات عليهم تحت مسمّى الإرهاب، فإنها بحاجة لقاض لديه الاستعداد للتخلي عن واجبه القانوني وضميره الأخلاقي وتبنّى الدور المطلوب وتنفيذه بالشكل الأمثل، باختصار هي بحاجة لأجير منحاز على شكل قاضٍ.

صفات القاضي:

بعض صفات القاضي كما توردها المسلّمات القانونية:

1. مؤهل ومتخصص ودارس وملم بمبادئ القانون الذي يحكم به.

2. واسع الصدر محيط بكافّة ملابسات القضية التي يحكم فيها بالعدل.

3. بطيء الغضب ولاسيّما حين سماعه لمرافعة المدّعين.

4. ذو روح عالية لا تجعله يخشى أصحاب القوّة والسطوة.

5. عزيز النفس، بعيداً عن أطماع الدنيا، مترفّعاً عن الرشوة.

6. من أهل التأمّل والتحقيق ولا يمرّ بسهولة على القضايا، ولا يقضي دون دليل وعلم، ولا يكتفي بسماع الأقوال في صداره لأحكامه.

7. إذا اشتبهت عليه الاُمور وبدت له صعوبتها لم يفقد القدرة على الاحتياط والتأمّل، ولا يتخلّى عن كشف الواقع على أساس الأدلّة والبراهين.

8. طلق الوجه مع الخصوم، لا يكلّ عن سماع الخصوم - في نطاق الدعوى -.

9. الاحتياط لعدم الانخداع بأساليب المكر والحيلة ولا يستهويه التملّق والإطراء.

10. أن يكون صارماً في إصدار الأحكام العادلة إذا تكشّفت الحقائق وليس هنالك من يعيقه، فليس في حكمه محاباة لأحد ولا بخس لآخر.

صفات الظهراني

القاضي علي الظهراني، ابن رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني المقرّب الحكم ورئيس الوزراء. خريج جامعة القاهرة في تخصص القانون، عُين 2002 في النيابة العامة وكيل نيابة. وفي 2006 نقل إلى المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة حتى 2009، ومنها عين قاض يمين في المحكمة الكبرى الجنائية الثانية حتى 2013. في 2011 شارك في محاكم السلامة الوطنية سيئة الصيت محلياً وعالمياً، كان الظهراني هو من أصدر الحكم على قضية الـ21 المعروفة بقضية الرموز، أكّد المحامون المتواجدون في القاعة وأهالي الرموز أنه كان يضحك، بينما يتلو الأحكام القاسية الصادرة بحقهم. وفي يوليو 2013 تم تشكيل المحكمة الجنائية الرابعة وكان مطلوباً لها قضاة لديهم الاستعداد لإصدار الأقصى من العقوبات ضد النشطاء والمحتجين، فجاء اختيار الظهراني رئيساً.

سنقارن فيما يأتي بين بعض صفات القاضي كما تراها كل الدساتير والتشريعات الحقوقية في العالم، مقابل ما يتمتع به رئيس المحكمة الجنائية الرابعة القاضي علي الظهراني من صفات.

في صفة القاضي: ملم بمبادئ القانون الذي يحكم به.

في صفة الظهراني: يفتقد الخبرة القانونية، ولديه ضعف في الدراية بقانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات. على سبيل المثال: يجيز القانون للمحامي المتدرب الحضور نيابة عن محام مشتغل، لكن الظهراني لا يجيز ذلك، ويأمر بخروج المحامين المتدربين الحاضرين نيابة عن محامين مشتغلين. وهو ما يعد جهلاً بالقانون أو مخالفة صريحة له. من جهة أخرى يصنّف المحامون الأحكام الصادرة عن الظهراني بأنها ركيكة من الناحية القانونية خالية من السبب والسند، على خلاف الناحية القانونية لأحكام القاضي ابراهيم الزايد الذي سنخصص له حلقة خاصة.

في صفة القاضي: طلق الوجه مع الخصوم، لا يكلّ عن سماع الخصوم في نطاق الدعوى.

في صفة الظهراني: يتعامل مع المحاكمين كخصوم لا كمتهمين، يتعمّد الاستهزاء بالمتهمين ويناديهم بأرقامهم بدلاً من أسمائهم. وعندما يقوم المتهمون بسرد وقائع ما تعرضوا له من تعذيب فإنه يشيح بنظره عن وجوههم ويقطع عليهم حديثهم باستدعاء التالي، ثم يثبت في محضر الجلسة عبارات مختصرة لا تعبّر بدقة عما ذكره المتهمون، فيما قانون الإجراءات الجنائية يقضي تثبيت كامل التفاصيل بألفاظ المتهم (راجع الحلقة السابقة).

وعندما يترافع المحامي عن موكله المتهم في قضية أمنية أو سياسية، فإن القاضي الظهراني لا ينظر إليه، بل يتلفت في أرجاء القاعة وينظر في السقف" حسب محامون، ويؤكد هؤلاء بأن الظهراني يبدو كما لو أنه: "يحاكم المحامي قبل المتهم، ويعتبر المحامي والمتهم في قفص واحد". ويضيفون: "ينظر إلى المتهمين على أنهم إرهابيين، وإلى المحامين على أنهم موكلو إرهابيين خونة".

في إحدى جلسات قضية المتهمين بحرق سيارة بالقرب من موقع الفورمولا 1، كان أحد شهود الإثبات، وقبل جلسة شهود النفي، يتلفّظ على المتهمين الذين لم تثبت إدانتهم بعد بأنهم "خونة"، اعترض المحامين على تلفظه ذلك لكن القاضي الظهراني ردّ عليهم: "ليس في كلامه شيء". وعندما انسحب المحامون احتجاجاً، ثبّت الظهراني في محضر الجلسة أن المتهمين قاموا بعمل فوضى بمساعدة وتحريض المحامين، ورفع الجلسة. في الوقت نفسه عقد جلسة أخرى واستمع إلى شهود الإثبات دون حضور المتهمين وهو أمر غير قانوني.

كذلك فعل مع المتهم سجاد العلوي الذي قام بطرده من قاعة المحكمة ولا يسمح له بحضور جلسات محاكمته، في حين لا يحق منع المتهم قانونياً من حضور جلسات محاكمته.

في صفة القاضي: واسع الصدر محيط بكافّة ملابسات القضية التي يحكم فيها بالعدل.

في صفة الظهراني: ضيّق الصدر، يتغافل النظر في الملابسات المتضاربة التي تقع فيها النيابة وشهود الإثبات الذين تحضرهم، ويتجاهل شكاوى تعذيب المتهمين ونزع اعترافاتهم تحت التعذيب، ولا يصدر أمره بعرض المتهمين على الطبيب الشرعي إلا بعد مرور فترة طويلة على تعذيبهم بهدف زوال أثره. ويعتمد على أدلة سمعية (شهود إثبات مصدرهم وزارة الداخلية)، رغم عدم وجود أدلة مادية تدين المتهمين غير الشهادات السماعية والاعتراف المنزوع تحت التعذيب.

في القضية المعروفة بـ"خلية جيش الإمام" والمتهم فيها 10 من المواطنين البحرينيين مع 12 آخرين مطلوبين، تمت محاكمتهم بموجب قانون الإرهاب المدان دولياً. وكانت التهمة تأسيس/قيادة/ الانضمام إلى/ دعم/ تمويل "خلية إرهابية تسعى لتسليح وتدريب أعضائها للقيام بأعمال الإرهاب التي تستهدف الممتلكات والعامة والشرطة" و"التآمر مع إيران في التخطيط لهجمات إرهابية في البحرين - اقامة علاقات مع الحرس الثوري الإيراني وتزويدهم بالمعلومات العسكرية والأمنية عن المنشئات الحيوية في البحرين"، و"تلقي التدريب للقيام بأعمال إرهابية".

كانت هذه هي التهمة فما الأدلة التي استندت اليها النيابة العامة وأيدتها المحكمة برئاسة القاضي الظهراني فيما بعد في إصدار الحكم؟ لم تقدم النيابة العامة أية أدلة مادية على ربط أي من المتهمين بأي نوع من الأنشطة الإرهابية. فضلاً عن أن جميع شهود الإثبات هم موظفون في وزارة الداخلية التي هي تمثّل جهة الادعاء. وأدلة النيابة العامة التي وردت في محاضرها هي: "ذاكرات فلاش مشفرة، تحويل أموال، أجهزة هواتف نقالة وأجهزة كمبيوتر محمول، كاميرات، أقراص مدمجة، بوق أحمر، إسعافات أولية، بعض المسامير، وطفاية حريق"، بالإضافة إلى وثائق حول ثورة 14 فبراير بما في ذلك "ميثاق اللؤلؤ" المنشور على الإنترنت منذ فبراير 2012. استندت الأدلة بشكل رئيسي على اعترافات المتهمين الذين زعموا تعرضهم للتعذيب.

لجلستين متتاليتين (الثانية في 15 أغسطس)، رفض القاضي الظهراني الاستماع لأقوال المتهمين أو إعطائهم فرصة للتحدث عن الانتهاكات التي تعرضوا لها أثناء الاعتقال والاحتجاز والتحقيق. المتهم السيد فيصل العلوي رفع صوته ليقول: "لدي الحق في الكلام، فأنا أعاني من تكبيل يدي وعزلي في الحبس الانفرادي منذ ثلاثة أسابيع، كما أنني محروم من الزيارات والاتصال بعائلتي، لا توجد حقوق إنسان في البحرين". وقال المتهم الآخر علي صنقور للمحكمة: "لدينا الحق في الكلام، وهذه هي المرة الثانية التي يتم إحضارنا إلى هنا ولا يسمح لنا بالحديث". لكن الظهراني اكتفى بتسجيل أسماء من تحدثوا عوضاً عن تسجيل ما تحدثوا به. تجاهل الظهراني أيضاً طلب المحامين بعرض المتهمين على لجنة طبية محايدة لفحص آثار الإصابات التي قد تعرضوا لها أثناء فترة احتجازهم.

في الجلسة الثالثة بتاريخ 20 أغسطس، انسحب 6 محامين من أصل 9 تعبيراً عن اعتراضهم على تجاهل طلبهم بإحالة القضية لمحكمة أخرى تستقل بنظرها. ذلك أن المتهمين يحاكمون بقضية تعطيل العمل بأحكام الدستور وحل البرلمان الذي يرأسه والد القاضي علي الظهراني، ما يشكل تضارب مصالح، كذلك يحاكمون بتهمة السعي لإسقاط نظام الحكم المتمثل بالعائلة الحاكمة التي ينتمي لها عضو اليمين حمد آل خليفة، وهو ما يشكل تضارب مصالح أيضاً.

قدم المحامون المنسحبون مذكرةً إلى المحكمة أفادوا فيها أنه وفقاً للقانون، فإنه يستوجب على الهيئة القضائية التوقف عن البت في القضية حتى يتخذ المجلس الأعلى للقضاء قراراً في طلب المحامين.

لم يكترث الظهراني بكل ما ذكر أعلاه بل شرع في الاستماع لشهود الإثبات. الشاهد الأول محمد خالد السعيدي قال إن "المصادر السرية"(!) دفعته للاستنتاج (!) الذي يؤكد مشاركة المتهمين في تأسيس "خلية إرهابية". وأضاف أن المتهمين كانوا يتواصلون مع بعضهم باستخدام برامج التواصل الحديثة كالفايبر وسكايب والبريد الإلكتروني، كما كان لديهم شرائح اتصال عمانية وإيرانية!!

لم يستطع الشاهد الإجابة على جميع أسئلة المحامين بشأن تفاصيل القضية، وكانت إجاباته إما "مذكور في محضر التحقيق"، أو "لقد نسيت" أو "المصادر السرية". كما كان رده على أحد أسئلة المحامين متضارباً مع أقواله في محضر التحقيق. فهل أوقف هذا الخلل في ملابسات شهادة شاهد الإثبات القاضي الظهراني؟ الجواب: لا.

المفاجأة، عندما قال أحد المتهمين للمحكمة، إن شاهد الإثبات الضابط محمد خالد السعيدي هو من قام بتعذيبه أثناء التحقيق معه في مبنى التحقيقات الجنائية، كما ذكر بأنه تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي وأن اعترافاته غير حقيقية. هل حرّك ذلك شيئاً عند القاضي الظهراني؟ الجواب: لا.

وفي نهاية الجلسة، صرخ فيصل العلوي قائلاً إنه تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي في مبنى التحقيقات الجنائية وإنه لا يزال محتجزاً في زنزانة انفرادية بسجن أسري. وأضاف بأنه يتعرض لسوء المعاملة في محبسه فالحراس دائماً ما يشتمون السجناء وطائفتهم الشيعية. كما أن أحد الضباط هناك وهو الرائد أحمد الخالدي دائماً ما يصف الشيعة بالإرهابيين. لا إجابة. تم تأجيل الجلسة إلى 29 أغسطس 2013.

وفي 3 نوفمبر 2013 أصدر الظهراني الحكم بالسجن المؤبد لـ4 متهمين و15 عاماً لـ6 وبراءة 14، بعد أن تم التشهير بهم ونشر صورهم في الصحافة والتلفزيون.

في صفة القاضي: بطيء الغضب ولاسيّما حين سماعه لمرافعة المدّعين.

في صفة الظهراني: يوصف بالأحمق الغضوب، فهو سريع الغضب والانفعال حين يتعلّق الأمر بجانب المحكومين السياسيين أو محاميهم. في العامية يقال للشخص إنه أحمق حين يغضب سريعاً من الآخرين بناء على تفسيرات عجولة أوشخصية، ويميل إلى تفسير الأمور بشكل انفعالي لا بشكل متوازن. الأحمق لديه مواقف مسبّقة أو انحيازات يفسّر بها مواقف الآخرين، هذه الانحيازات توجه أحكامه التي يصدرها في حقهم. يكفيه لإصدار حكمه على الآخرين أن يستمع لطرف واحد فقط، ليس لديه صبر على التأمل والتدبر والاحتياط. عادة ما يكون الأحمق الغضوب ضعيف الثقة بالنفس، ولا تميل الناس لمصادقته لأنه يفتقد اللياقة الشخصية ومهارات التواصل، وغالباً ما ترتبط هذه الصفة بضعف الثقة بالنفس.

قد يكون الأمر مقبولاً لشخص عادي، لكن أن يكون قاضياً ورئيساً لمحكمة فذلك أمر منكر إلا في محاكم تخون العدالة. يعرف الظهراني بسرعة غضبه على المتهمين السياسيين ومحاميهم، وسرعة رفعه للجلسة كلما توّرط ولم يعرف كيف يتصرّف، وطرده للمتهمين والمحامين أيضاً. تكاد تكون هذه علامة تنفرد بها جلساته بشكل خاص. كما يعرف الظهراني بأنه يسير في المحكمة متلفتاً، ولديه اعتقاد ثابت أن الآخرين يتكلمون عنه، وأن المحامين لا يعترفون به. فيما تكفي أية ابتسامة بين شخصين في قاعة المحكمة ليهدد بطردهم منها اعتقاداً منه بأنهم يضحكون عليه.

في الجلسة الثانية لقضية ما عرف بخلية (14 فبراير) سمح للمتهمين بالحديث عما تعرضوا له بعد أن منعهم في الجلسة الأولى، لكنه عمل على تثبيت الكلام دون أية تفاصيل، وعندما تحدثت ريحانة الموسوي عما تعرضت له من تعذيب وتعريتها مرتين على يد ضباط ذكور، ثبّت في المحضر كلمة تهديد بدلاً من تعذيب وتعرية، احتج المحامون من أجل تثبيت التفاصيل بألفاظ المتهمة. رفض و(حَمَس) ورفع الجلسة. ومنذ ذلك الحين صار يرفض نهائياً الاستماع للمتهمين في الجلسات التالية. وعندما يصرّ أحد المتهمين بالكلام يغضب ويرفع الجلسة أو يطرده من قاعة المحكمة. تواصل المنوال في قضية جيش الإمام التي رفض الاستماع إلى أقوال المتهمين بتعرضهم للتعذيب.

وفي 18 فبراير 2014، قام القاضي الظهراني بطرد المحامي محسن العلوي من قاعة المحكمة بعد أن حَمَس عليه وشهدت قاعة المحكمة مشادة كلامية بينهما. كانت القضية حول ما عرف بتشكيل خلية إرهابية للهجوم على القاعدة الأميركية، بينهم المعتقل سجاد العلوي الذي يترافع عنه محسن العلوي. أراد الظهراني تأجيل الجلسة للمرافعة الختامية، واعترض العلوي على ذلك في ظل تقديمه شكوى ضد رئيس النيابة وضابط التحقيق بتهمة تعذيب موكله سجاد العلوي، وطلب من القاضي معرفة تطورات الشكوى أولاً. إلا أن الظهراني تجاهل طلب العلوي وهم بالاستمرار في إجراءته، فرفض العلوي ذلك، وفيما كان الأخير يوضح حيثياته تجاهله الظهراني للمرة الثانية وانتقل للحديث مع محامٍ ثانٍ، فاعترض العلوي وطرده القاضي وصارت مشادة كلامية بين الاثنين. طلب العلوي من القاضي تسجيل انسحابه لعدم تسجيل طلباته، فلم يفعل.

وتطور الموضوع في المحكمة بطلب بعض المحامين أيضاً الانسحاب، فما كان من القاضي الظهراني إلا أن قال لهم: "إلا يبي يمشي يمشي"، فرد عليه المحامي العلوي: ثبت انسحابنا ورفض طلباتنا". وأثناء ذلك قال المعتقل سجاد العلوي للقاضي: "أنت عقبة في الإصلاح الذي يسعى له الكواري (رئيس المجلس الأعلى للقضاء)، فأمر الظهراني بطرده من قاعة المحكمة، فصرخ معتقل آخر، وارتفعت الأصوات، فرفع القاضي الجلسة.

وفي 24 ابريل 2014، طرد القاضي الظهراني متهمين لعدم وقوفهم له، وكتب المحامي محسن العلوي عبر حسابه الخاص بـ"تيوتر": "المشاكل تزداد في المحكمة الكبرى الرابعة بسبب تعامل القضاة فيها، اليوم رفض شباب القدم الوقوف للمحكمة لشعورهم بان العدالة ضائعة، فطردهم القاضي".

في صفة القاضي: ذو روح عالية لا تجعله يخشى أصحاب القوّة والسطوة. عزيز النفس، بعيداً عن أطماع الدنيا، مترفّعاً عن الرشوة.

في صفة الظهراني: يشيد بأصحاب القوة والسطوة الذين يتولون تعيينه ويكافؤونه بترقيته في المناصب القضائية. فبعد ترقية عدد من القضاة ورؤساء النيابة العامة -بينهم الظهراني- لمناصب قضائية أعلى في يوليو 2010 بأمر ملكي، وبينما كانت المحاكمات السياسية تغلظ في أحكامها المشددة تجاه المعتقلين السياسيين، أشاد (المترقون) بالأمر الملكي، واعتبروه بمثابة مكافأة نهاية السنة القضائية. كما أعربوا عن جزيل شكرهم على الثقة التي أولاها لهم الملك، وتوجهوا بالشكر رئيس الوزراء وولي العهد ونائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة.

وقال علي الظهراني إن: القرار يرسخ صرح القضاء البحريني، مؤكدا أن الترقيات توفر مناخًا للثقة بأن هناك تقديرا مستمرا على أعلى المستويات ودافع للقضاة من أجل بذل مزيد من العطاء ومن الجهد لخدمة العدالة البحرينية. وأضاف: "ان تقدير صاحب الجلالة الملك المفدى للقضاة يأتي كحلقة في سلسلة المشروع الإصلاحي الذي أرسى قواعده ويستمر على مدار مستقبل البحرين المشرق في عهده".

في صفة القاضي: أن يكون صارماً في إصدار الأحكام العادلة إذا تكشّفت الحقائق وليس هنالك من يعيقه، فليس في حكمه محاباة لأحد و لا بخس لآخر.

في صفة الظهراني: يوفّر الظهراني الحماية للمعذبين ووكلاء النيابة برفض أي إفادة من متهم أو محامي حول ممارسة أي طرف للتعذيب. وحين يصر المتهم يطرده أو يرفض التثبيت. كما أنه يرفض أي سؤال محرج يوجه للشهود من قبل هيئة الدفاع، أو أي سؤال من المرجّح أن يدين أي من منتسبي الداخلية.

أشار أحد المعتقلين إلى "مدّعٍ عام" كان حاضرًا في المحكمة بقوله: " لقد أجبرني على توقيع اعترافات كاذبة وعذبني"، فكان رد الظهراني طرد المتهم. وكان محسن العلوي قد طلب من "الظهراني" معاينة علامات التعذيب الموجودة على أجساد بعض المتهمين لكنه انتظر لأكثر من شهرين إلى أن اختفت معظم علامات التعذيب. وكان سجاد العلوي، وهو ضحية أخرى، قد أدين استنادًا الى اعترافات كاذبة كان قد وقّع عليها تحت وطأة التعذيب، وكان محاميه قد طلب من "القاضي" معاينة علامات التعذيب لكنه رفض ذلك.

وفي 12 يوليو 2013 عرضت هيئة الدفاع في قضية ما عرف بـ"خلية ائتلاف 14 فبراير"، كشفت هيئة الدفاع في مؤتمر صحفي أن المحكمة الجنائية الرابعة "امتنعت عن تثبيت كل ما يدين النيابة برئاسة القاضي علي الظهراني، ابن رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني، وكل ما يشير إليها بأصابع الاتهام في محضر الجلسة"، مشيرة إلى أن "القاضي رفض تثبيت إفادة المتهمين عن ممارسة أعضاء النيابة العامة وعلى الخصوص المدعو أحمد بو جيري اللذين مارسوا التهديد والتعذيب في حق المتهمين"، لافتة إلى أن "المتهمين جميعاً أفادوا بأن الأخير هو من قام بتهديدهم وبتعذيهم وسب معتقداتهم بما فيها الإمام علي (ع)".

وأكدت أن المحكمة "رفضت حضور أحد من أهالي المعتقلين إلى المحكمة، حيث تم طرد ذوي المعتقلين والمراقبين للمحكمة وكأنها محكمة سرية على غرار محاكم السلامة الوطنية، كما طردت حقوقيين حضروا منذ بدأت جلساتها".

في صفة القاضي: من أهل التأمّل والتحقيق ولا يمرّ بسهولة على القضايا، ولا يقضي دون دليل وعلم، ولا يكتفي بسماع الأقوال في إصداره لأحكامه.

في صفة الظهراني: معظم المصادر التي يعتمد شهادتها سرّية، ويركن إلى الاطمئنان إليها!!، وجميعها شهادات سمعية لا عينية، أي أن الشهود لا يرون بأعينهم المتهمين يفعلون ما أدينوا به، بل ينقلون عن فلان عن فلان من المصادر السرية. القضايا الوحيدة التي فيها (تلبس) هي قضايا التجمهر.

ما نسبته 98٪ من القضايا التي حكم فيها الظهراني صدر بحقها أحكام إدانات، وقد عرفت محكمته أنها تلك التي تصدر منها أحكام المؤبد والإعدام، يكاد لا يمر أسبوع لا يصدر فيها أحكاماً جماعية بالمؤبد.

يرفض التعاطي مع طلبات المحامين المتعلقة بإثبات براءة متهميهم، يستمع للطلبات الاعتيادية فقط. فقد رفضت المحكمة برئاسة القاضي الظهراني جلب فيديو الكاميرات الأمنية في قضية "تفجير الدير"، رغم أنه يوجد تصوير عند وزارة الداخلية وهو دليل براءة قوي للمتهمين، تم تكرار طلب الفيديو خلال 3 جلسات، لكنه يرفض مخاطبة أي جهة، يؤكد المحامون "أي طلب فيه إشاره إلى براءة المتهم يرفضه".

وكان المحامي عبدالله زين الدين قال إن "المحكمة رفضت طلب الدفاع المتعلق بجلب تصوير الكاميرات الأمنية المبثتة من قبل وزارة الداخلية والتي تؤكد قطعا وجزما براءة المتهمين من الاتهام المسند إليهم"، معتبراً الرفض "مخالفة صريحة لقانون الإجراءات الجنائية البحريني، ويعكس نية القاضي في إصدار حكم الإدانة. وأضاف: "للعلم فإن وزارة الداخلية قامت بنشر مقطع فيديو متعلق بالتفجير في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية".

وأكد زين الدين أن "رفض المحكمة جلب التصوير يعد إخلالا لحق الدفاع وإخلالا كذلك لمبدأ الإثبات الحر المعول به في المواد الجنائية"، مشيراً إلى أن نشر الكاميرات الأمنية من أحد أهدافه هو الكشف عن الجرائم حسب تعبير المسئولين".

وفي جلسة سابقة، استمعت المحكمة لشهود الإثبات، وهم مجرو التحريات وشاهدان آسيويان، أحدهما المجني عليه الذي حضر وتبيّن بأن يده اليسرى كانت قبل دخول المحكمة مغطاة، وعند دخوله للاستماع لأقواله أزال الغطاء عنها واتضح أن بها إصبعين فقط.

أيضاً، الوقت الذي يعطيه الظهراني للمحامي لكتابة المرافعة لا يتجاوز أسبوع واحد، وذلك بسبب استعجاله لإصدار الحكم على المتهمين الذين لا تتجاوز جلسات محاكمتهم شهرين في الغالب. المرافعة تتضمن قرابة 50 صفحة، وقبلها الاطلاع على ملف المتهم كاملاً، ومع ذلك لا تتجاوز المدة التي يعطيهم إياها لإنجاز المرافعة سوى أسبوع واحد في الغالب.

هذه هي صفات القاضي الظهراني كما يُظهرها، وكما تنقلها جلسات محاكماته. لا يكترث الظهراني بصورة القاضي التي عليه أن يظهر بها ولو على نحو التمثيل أو التصنّع، لا يتكلّف الحيادية ولا يُظهر احتراماً، ولو مصطنعاً، للمحكومين الذين يخالفون توجهه السياسي. غالباً، لأنه لا يمتلك مؤهلات شخصية تساعده على ذلك، وليست لديه القدرة على الصبر عليها، أيضاً، هو لا يجد نفسه مضطرا حتى لمحاولة فعل ذلك.

-لذلك لجأ المحامون في 20 فبراير 2014 إلى كتابة رسالة تفصيلية شارحة إلى المستشار سالم الكواري حول سوء تعامل القضاة مع المحامين، ما الذي تضمنته هذه الرسالة؟ و ما رد الكواري عليها؟ وما الذي يكشف عنه رد الكواري بخصوص القضاة في البحرين؟ في الحلقة القادمة؟ 

 

 


مواضيع ذات صلة
التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus