الحساب الختامي للسلطة 2011
عادل مرزوق - 2011-10-18 - 7:30 ص
عادل مرزوق*
يبدو الإعلام الرسمي ممثلاً بهيئة شؤون الإعلام والصحف المحسوبة على النظام مشغولاً بمحاولاته اليومية تشويه صورة ثورة اللؤلؤة منذ 14 فبراير وحتى اليوم. كل الإمكانيات البشرية والمادية متاحة ومسخرة لهذا الهدف الذي يرتبط بمحاولة السلطة تخفيف الضغوط الدولية المتزايدة عليها، بالإضافة للرد على ما تنشره وسائل الإعلام من انتهاكات مستمرة لحقوق المتظاهرين المطالبين بالحرية والديمقراطية في البحرين.
والسلطة في هذه الجزئية بالتحديد كرجل مصاب، ينزف، خائر القوى، يحاول أن يرتدي جل ما لديه من الملابس الثقيلة الداكنة ليخفي عن العالم نزيفه. يكابر هذا المريض – جهلاً – ويمتنع متعمداً اللجوء لعلاج جرحه، والذي هو في احتضان هذا الشعب، والتأسيس الصادق لانتقال ديمقراطي يشمل الجميع، دون استثناء.
في اليد الأخرى، ثلاثة ملفات تنتظر الحسم في الحساب الختامي للسلطة هذا العام. الأول: ماهية التعديلات الدستورية التي سيقدمها قصر الصافرية لمجلسي النواب والشورى. الثاني: مصير المحاكمات القضائية، خصوصاً أحكام الإعدام التي تنظر في الاستئناف. الثالث: التقرير الختامي للجنة تقصي الحقائق (لجنة بسيوني) وما سيتمخض عنها من إجراءات وقرارات.
يمكننا اعتبار هذه الملفات نقاطاً مفصلية في التنبؤ بمجريات الأحداث خلال الأشهر الستة المقبلة. والسؤال: هل قررت السلطة بالفعل إغلاق باب التسوية؟، إذ ستكتفي بإجراء إصلاحات دستورية شكلية، ترافقها أحكام قضائية شبه مخففة لامتصاص الاحتقان الدولي، بالإضافة لتفعيل لجنة تعويضات المتضررين من الأحداث بناء على مخرجات لجنة بسيوني، وهو ما يعني سوى أن الأزمة في البحرين ستمتد إلى العام 2012 بسيناريوهات معقدة ومفتوحة؟ أم أنها، ستعمد الى أن تمسك بزمام المبادرة – كما حصل في ميثاق العمل الوطني – لتقود تسوية تاريخية تؤسس لمرحلة جديدة في البحرين، وذلك عبر تقديم تعديل دستوري تاريخي يؤسس لدولة مدنية يرافقه الإفراج عن جميع المعتقلين، وتأتي هذه الفرضية بالاعتماد على خبرتنا السابقة في السلطة والتي تؤكد أنها لن ولم تكن تريد يوماً من الأيام أن تقدم أي تنازل بطريقة مباشرة عبر الجلوس على طاولة الحوار مع المعارضة، بل تسعى على الدوام أن تكون من يقود المبادرات ويقدم التنازلات دون أن تمنح المعارضة أي نقاط.
حسبما أتوقع شخصياً، ووفق حسابات الداخل البحريني والإقليم الذي يقف على هاوية حرب إقليمية باردة، أجد أن لا بوادر حقيقية على أن السلطة قد تذهب للخيار الثاني في تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي. الأسباب كثيرة، وتعقيدات الوضع الإقليمي الأخيرة ستجلب للسلطة المزيد من الدعم الإقليمي في مواجهة الاحتجاجات، والكلفتان السياسية والاقتصادية لها. وعليه، أجد أن الحساب الختامي للسلطة هذا العام لن يزيد في أفضل الاحتمالات عن النقاط الست التالية:
• تقديم التعديلات الدستورية التي لا تزيد عن بتقديم بعض الامتيازات الإضافية لمجلس النواب، بالإضافة لإحالة رئاسة المجلس الوطني لرئيس النواب، وتحويل ديوان الرقابة المالية لمجلس النواب.
• الحكم بالبراءة على الأطباء – نتيجة الضغط الدولي - وبعض المعتقلين، مع الإبقاء على أحكام شبه مخففة على الرموز السياسية والمحكومين بالإعدام.
• تعديل الدوائر الإنتخابية بطريقة تسمح للمعارضة أن تسيطر على مجلس النواب بنسبة لا تزيد عن الثلثين، مع الإبقاء على مجلس الشورى لضمان السيطرة على المجلس الوطني.
• تعديل وزاري هو الأشمل منذ العام 2002. وهو ما سيؤسس لخروج وزراء بات وجودهم في هرم السلطة غير مرحب به.
• تنفيذ توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق المستقلة. والتقرير لن يخرج عن إدانة العنف من السلطة دون أن يلصق به تهمة التعذيب الممنهج، كما سيدين تقرير بسيوني المتظاهرين لتحقيق توازن يقارب بشكل ما تقرير غولدستون في أحداث غزة. وستـعمل السلطة على إقرار وتفعيل آلية التعويضات الأدبية أو المالية للمتضررين كما سيوصي التقرير.
• إصدار مراسيم تكميلية تشمل تحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين، وإعادة بعض المفصولين إلى أعمالهم، وإعلان بعض المشروعات الإسكانية والخدمية في البلاد.
وللحديث بقية
*صحفي بحريني.