» ترجمات
صحيفة دبلوماتك: خيارات أميركا قليلة لكبح القمع في البحرين
2011-10-24 - 8:31 ص
إميل هوكايم - صحيفة دبلوماتك:
ترجمة: مرآة البحرين
بالرغم من أن الجزيرة الواقعة في الخليج (العربي) هي حليف استراتيجي قوي لأميركا، والدولة المضيفة لأسطولها الخامس، إلا أنه لا يوجد شي يستطيع عمله الضغط أو الديبلوماسية الأمريكية ولم يتم عمله.
يوم الثلاثاء، توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق مبدئي لبيع أسلحة إلى البحرين، موقع انتفاضة ذات عمر قصير والتي ووجهت بحملة قمع وحشية واسعة ذات نفس طائفي. الصفقة المقدرة بـ 53 مليون دولار ليست صفقة نهائية، لكنها تسببت بالفعل في انتقادات واسعة من جماعات حقوق الإنسان وفي داخل البحرين أيضا.
عاجلاْ، الانتفاضة العربية التي تحدثت عنها أميركا قليلاْ، من المحتمل أن تجعل حياة أمريكا صعبة أكثر في الخليج. البحرين لم تكن تحت الملاحظة هذا الصيف، ولكن هذا الوضع لن يدوم.
وبما أن الاهتمام الدولي في مكان آخر، مع محاولات غير جادة لحوار وطني غير ذي غاية، نزل المتظاهرون إلى الشوارع من جديد واشتبكوا مع رجال الأمن في قرى ومدن قريبة من المنامة. الانتخابات التكميلية لملء مقاعد نواب المعارضة الذين استقالوا خلال الانتفاضة لم تتمكن إلا من جذب 17 % من الناخبين. في وقت لاحق من هذا الشهر، فإن لجنة التحقيق المستقلة سوف تقدم تقريرها وتوصياتها المتعلقة بالأحداث الدامية في فبراير ومارس. هل سوف يسمي التقرير أولئك الذين أداروا القمع؟ هل سوف يدعو إلى تطييب خواطر المتظاهرين الذين تعرضوا لعقاب قاسٍ وغير عادل؟ أم أنه سيقدم آلية للتعافي الوطني؟ كل ذلك غير معروف، كما هي رغبة الحكومة البحرينية في تنفيذ اقتراحات التقرير.
رغم الحاجة للتقرير، من المريب أن يكون مغيراً للعبة. خطابان متخندقان وبشكل متزايد مغرقان في الطائفية سحقا أي نية حسنة للوقوف في الوسط. تسعى المعارضة التي تعرضت لضربات متتالية جاهدة لوضع إستراتيجية سياسية واحتواء شبابها المحبط الذي يخشى أن ينجر بعضهم إلى خطر التطرف. الأسبوع الماضي أصدرت المعارضة في خطوة جديدة ما سمي بـ "وثيقة المنامة" والتي تكرر مطالب المعارضة، ولكن ليس من المرجح أن تلهم هذه الوثيقة القاعدة الشعبية للمعارضة. النخبة الحاكمة السنية، تشعر بالثقة لانتصارها في هذه الجولة بشكل حاسم، واستعادة قدر من الحياة الطبيعية، وتظهر ذلك بمزيج من الرضا والتعنت.
بالنسبة للولايات المتحدة أيضا، هذه لحظة غير مريحة لأنها كانت صامتة عما يجري في البحرين مؤخرا، إلا أن تطرق الرئيس أوباما إلى ملف البحرين وذكر الوفاق وهي أكبر مجموعة شيعية معارضة في خطاب شهر مايو وتكرار ذلك في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الشهر الماضي أزعج النظام الحاكم وأراح نوعا ما المعارضة التي تخشى أن أميركا في النهاية سوف تصطف بجانب الأسرة المالكة.
بالنسبة للكثيرين في البحرين والولايات المتحدة، إن هذا لا يرقى لتحمل الولايات المتحدة مسؤولياتها تجاه البحرين، حيث الانتقادات للإدارة الأميركية تجاه ما يجري في البحرين تزداد وتكثر. محنة العمال البحرينيين، والمعلمين، وذوي المهن الطبية اجتذبت كثيراً من وسائل الإعلام الدولية ومن الكونغرس والمنظمات غير الحكومية المؤثرة وصولا إلى بعض أعضاء من الكونغرس الذين يحاولون عرقلة صفقة بيع الأسلحة إلى البحرين.
في الوقت الراهن لا يمكن أن توقع الكثير من الولايات المتحدة، وسوف يكون من غير الواقعي أن نتوقع من أميركا معالجة كل ما يحدث في البحرين أو حتى عرقلة بيع الأسلحة حتى لا يغضب حلفاؤها المترقبون في المنطقة. من الصعب للولايات المتحدة أن تلعب دورا بين المعارضة والسلطة. إن كثيرين من الطائفة السنية وهم أقلية هنا ومن ضمنهم العائلة المالكة ينظرون إلى الولايات المتحدة كحامٍ لأكبر جماعات المعارضة وهي الوفاق والتي ذكرها أوباما بالاسم في خطابه أمام الأمم المتحدة. وهذا ما يفسر الحملة السخيفة من البرلمان ووسائل الإعلام البحرينية ضد "توم كرايسكي"** السفير المعين حديثا في البحرين. صوّت البرلمان لعدم الثقة في السفير "الذي لم يصل إلى البحرين بعد"، وبعد أن اجتمع مع المعارضة، قال عضو البرلمان علي أحمد "هذا الدبلوماسي لديه أجندة تهدد أمن البحرين، ونحن لا يمكن أن نقبل وجوده".
بعض اتهامات المعارضة تبسط الأمور، كاتهامها للولايات المتحدة أنها أعطت شيكأ مفتوحاً للسعودية للتدخل في البحرين أو التزامها الصمت بسبب المصلحة الاستراتيجية بينهما. توصيف أفضل هو أن واشنطن التي كانت تدعم الحوار الجريء والسري لولي عهد البحرين قد انكفأت بعد التدخل السعودي في مارس.
ومع ذلك التراجع، فإن الولايات المتحدة تحاول المساعدة حيث إنها ضغطت على الحكومة بأن لا تحل جمعية الوفاق في أبريل الماضي والتي هي ذات طابع مذهبي وتدار بواسطة مرجعية دينية، وهذا التوصيف ينطبق بشكل متساوٍ على عدد من الجماعات السنية.
هذا باعتراف المعارضة، حدثت أخطاء كبيرة خلال المحادثات السرية لذلك تعتبر "وثيقة المنامة" الآن امتدادا للمحادثات السابقة، وتحمل في مضمونها إشارات إلى شروط قدمها ولي العهد في مارس. فشلت المعارضة في احتواء المتطرفين في أحداث مفصلية على الرغم أن أكثرهم حافظ على سلميته، بعض المحتجين لجأ إلى العنف والتخويف. أفشلت محاولاتها للتواصل مع المجموعات السنية، كما أنها أساءت قراءة بعض المتغيرات الإقليمية.
لا تزال الوفاق ليس كحزب الله وليست بيدقاً بيد الإيرانيين. فهي تنأى بنفسها عن العنف والخطاب الطائفي، وعن حلم بعض فصائل المعارضة الهامشية أن تصبح البحرين جمهورية يسيطر عليها الشيعة.(فإن مثل هذه الدولة سوف تصبح معزولة سياسيا على الأرجح بين ممالك سنية أغنى وأقوى وسوف تكون غير قابلة للحياة اقتصاديا لأن معظم ميزانية الجزيرة تأتي من حقل نفطي حق إنتاجه للسعودية بموجب معاهدة دولية). تراهن الوفاق على أن المعتدلين في العائلة المالكة سوف يستطيعون الدخول في اللعبة السياسية ثانية بعد أن يخسروا مصداقيتهم وسط العديد من السنة بسبب قبولهم للتعامل مع المعارضة. ذلك أيضا، على المعارضة أن تنضج.
هناك فكرة واحدة للولايات المتحدة كي تضغط، وهي إغلاق القاعدة أي الاسطول الخامس لكن هذا الاجراء لن يفعل الشيء الكبير والمؤثر على المشكلة القائمة هناك. وسوف يضعف النفوذ الأميركي في المنطقة. لا توجد دلائل على أن سلامة القاعدة أو سلامة أفرادها عرضة للخطر، ولم يكن هناك أي هجوم على القاعدة أثناء انفجار القلاقل سابقاً.
لم يردد أي زعيم للمعارضة طلب إغلاق الأسطول الخامس بل هم يثقون به كضمانة للمراقبة الدولية. خلاف ذلك، فهم يخشون، أن تحظى ويلات البحرين باهتمام ضئيل. أما الناشطون البحرينيون فهم دائما يحلقون إلى واشنطن لشرح قضيتهم، وليس إلى إيران لتدريب المقاومين، ومن المؤكد أن قادة المعارضة بدأوا يتساءلون عن ما إذا كانت أميركا قادرة على تحقيق بعض الأمور الهامة. فلو تهيأ الأسطول الأمريكي وغادر فإن النفوذ السعودي المحافظ سيكون الحكم مع احتمال مزيد من القمع.
إزالة الأسطول الخامس يضعف الإصلاحيين الموالين لأميركا والذين يعتمدون على كلمات الولايات المتحدة وإجراء لقاءات مع المسؤولين الأميركيان. حيث إن دخول السعودية لتحل محل الأسطول بدعم مالي وسياسي لنظام الحكم سيجعل مستقبل البلاد بعيداً عن الانفتاح الذي يعتز به الشيعة بالشراكة مع الإصلاحيين في الحكم. أما المتشددون فلا يهمهم سمعة واقتصاد بلادهم. فلماذا لا يقبلون بالمزيد؟
وإغلاق القاعدة أيضا يعطي إشارات خاطئة للجميع في المنطقة، إيران التي كان دورها هامشيا في الانتفاضة سوف يجعلها تتفاخر وتتباهى بدورها هذا، وهذا يثير قلق دول الخليج من إيران والشك في التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة. مثل هذه الخطوة الجذرية تحدث كجزء من جهود الولايات المتحدة لخفض وجودها العسكري والترتيبات الإقليمية التي من شأنها تقييد إيران ومعاقبة البحرين وهو الأمر الذي من شأنه إضعاف دور الولايات المتحدة هناك.
في الوقت الراهن، الأمور غير مرضية كما يبدو، ما تستطيع الولايات المتحدة عمله هو ضمان بقاء الإصلاحيين والمعارضة المعتدلة على أمل أن يجدوا فترة مناسبة للحل. تستطيع واشنطن أن تقول للحكومة البحرينية باستبعاد وللأبد فكرة حظر الوفاق من خلال استحداث تشريعات جديدة، أما الوفاق فتستمد شرعيتها من اتصالاتها الدولية والدبلوماسية فضلا عن علاقاتها بمجموعات المعارضة العلمانية. ذلك يساعد في تفسير طريقة عملها في مكافحة التطرف بين أتباعها ولماذا تختار سبيل العمل السياسي السلمي بدل المواجهة.
أما بخصوص التحدث إلى دول الخليج لإقناعهم بمخاطر المسار الحالي، حيث إنهم يدعمون التدخل السعودي في البحرين رغم عدم ارتياحهم لهذه السابقة وعدة دول منهم تشعر بقلق من التجاوز السعودي. إن حشد هذه الدول بهدوء حول الإصلاحيين في البحرين ستكون مهمة شاقة وخصوصا مع تصاعد التوتر في الخليج خلال ذروة المؤامرة الإيرانية المزعومة ضد السفير السعودي في واشنطن. حالياً، تستطيع دول الخليج فقط وليست الولايات المتحدة، تقديم شرعية وغطاء سياسي وحوافز مالية لأجل مصالحة حقيقة وعملية إصلاح في البحرين، تلك التي تتضمن أيضاً الطائفة السنية القلقة والمهملة دوماً.
أخيرا، حقيقة غير مريحة في بعض الأحيان حول الدبلوماسية الأميركية في الخليج، هو أن البنتاغون يحظى باحترام ونفوذ أكبر بكثير هنا من وزارة الخارجية. وينبغي على جنرالات البنتاغون والمدنيين الضغط من أجل الإصلاح والحوار بقدر الدبلوماسيين. كما نعرف حين زار وزير الدفاع الأميركي بوب غيتس آنذاك عاهل البحرين في مارس حاملاً معه تلك الرسالة، وبعد يومين، دخلت القوات السعودية إلى المنامة. وهذا سبب وجيه لماذا لا يتخذ خلفه نفس الموقف وبشكل عاجل.
19/ 10/ 2011
*محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية إميل هوكايم
** السفير الجديد لم يجتمع مع المعارضة، إنما هو إدعاء البرلمان ووسائل الإعلام البحرينية
اقرأ أيضا
- 2024-11-13وسط انتقادات للزيارة .. ملك بريطانيا يستضيف ملك البحرين في وندسور
- 2024-08-19"تعذيب نفسي" للمعتقلين في سجن جو
- 2024-07-07علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ
- 2024-07-02الوداعي يحصل على الجنسية البريطانية بعد أن هدّد باتخاذ إجراءات قانونية
- 2024-06-21وزارة الخارجية تمنع الجنسية البريطانية عن ناشط بحريني بارز