يوسف مكي: قراءة مختلفة في اعتقال الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق البحرينية
يوسف مكي - 2014-12-31 - 3:37 م
يوسف مكي*
بمجرد اعتقال الشيخ علي سلمان يوم الأحد 28/12/ 2014، وجهت إليه مجموعة من التهم تصل إلى حوالي عشر تهم من بينها: التحريض على كراهية نظام الحكم، والدعوة إلى إسقاط نظام الحكم بالقوة، بالإضافة إلى تهم أخرى. وهذه التهم مجتمعة أشبه بـ(زجزاغ) لا يمكن الخروج منه بأي شكل من الأشكال، أو إذا خرج من انعطافة لا يمكنه أن يخرج من الانعطافات (الزجزاغية) الأخرى.
لكن السؤال المهم كما نعتقد هو: لماذا اعتقال الشيخ علي سلمان أهم شخصية سياسية معارضة في البحرين؟
لنعد إلى التهمتين الأوليان: التحريض على كرهية نظام الحكم، والدعوة إلى إسقاط نظام الحكم بالقوة. وإذا كانت التهمة الأولى فضفاضة بما فيه الكفاية وأن الحكم لا يحتاج إلى من يحرض ضده فهو يحرض ضد نفسه، فإن التهمة الثانية، أعني تهمة الإسقاط، هي الأخرى تهمة بعيدة عن الواقع بل وبعيدة تمامًا عن الشيخ علي سلمان وجمعيته وأدبياته. إذن لا يوجد من سبب قانوني أو مسلكي للاعتقال، مما يؤدي إلى الاستنتاج بأن السبب في الاعتقال سياسي ليس إلا. ولكنه سبب يعود إلى النظام وليس إلى الشيخ علي سلمان، وما التهم الموجهة إلى الشيخ إلا مجرد غطاء قانوني مكشوف للاعتقال.
أما الأسباب السياسية التي دعت النظام إلى اعتقال أمين عام الوفاق فهي كثيرة، لكن أهمها كما نعتقد هي:
- التعامل مع شخصية الشيخ علي سلمان على غرار التعامل مع شخصية إبراهيم شريف، بحيث يتم إنهاء الشيخ علي سلمان سياسيًا ويتم تكرار السيناريو الذي تم مع جمعية وعد، ولكن هذه المرة مع الوفاق، ويصبح مصير الشيخ مماثلًا لمصير إبراهيم شريف.
- إحساس النظام بالضيق الشديد من جراء المقاطعة الشعبية لقوى المعارضة للانتخابات النيابية الأخيرة، مما يعني استبعاد قسم لا يستهان به من الشعب في التمثيل البرلماني.
- حصول النظام لضوء أخضر أمريكي ومن بعض حلفائه الأوربيين بالتعامل مع الوفاق وقياداتها من الآن فصاعدًا بالتشدد والاعتقال ابتداءً بالشيخ وتاليًا بالبقية، ثم إشعار قيادة الوفاق بأن العلاقة مع الأمريكان والتعويل عليهم قد انتهت، وإذا ما وجد من حب فهو من طرف واحد، من طرف الوفاق فقط، أما الأمريكان فحبيبهم في البداية والنهاية هو النظام وليس الوفاق ومصالحهم مع آل خليفة وليست الوفاق.
- اتفاق العائلة الحاكمة (صقور وحمائم) على منع أي إصلاح سياسي حقيقي وعودة الشيخ خليفة بن سلمان رئيس الوزراء بقوة، مما يعني تغليب منطق القبضة الأمنية وشطب أي بادرة حوار وإطلاق آلة القمع.
- الاستخفاف المركب للنظام، من باب إظهار القوة، بالقيادات السياسية للمعارضة وعلى رأسها الوفاق، التي من المفترض أن يحاورها أو تكون شريكًا في أي حوار سياسي جاد (كيف أحاورك وفي نفس الوقت أعتقلك؟ كيف تكون شريكًا في أي عملية وأنا أملي عليك شروطي؟) من جهة والتقليل من جمهور يمثل حوالي أكثر من 60% من الكتلة الانتخابية من جهة أخرى.
- دفع الوفاق، وخاصة جناح الصقور، إلى موقف القيادات السياسية المسجونة وائتلاف 14 فبراير الداعي إلى الإسقاط، ليكون ذلك مبررًا للنظام للإجهاز على الوفاق بحجة الإسقاط الموجهة إلى الشيخ علي سلمان الآن، ومن ثم تبرير سياسته القمعية والتعامل مع كل القوى السياسية في سلة واحدة.
- اعتقاد النظام - وهو خاطىء - بأنه بتشديد القبضة الأمنية وبتوجيه التهم من كل لون وصنف إلى أهم شخصية من شخصيات المعارضة بأنه سينهي الأزمة السياسية المستحكمة. بعد ذلك سيقوم بتقديم بعض الفتات السياسي، أو المبادرات التي يريدها هو وليس المعارضة، ويقول هذا هو الإصلاح السياسي المنشود.
وماذا بعد ؟ يؤكد ما جرى للشيخ على سلمان، وربما لغيره في قادم الأيام، أن النظام لا يقبل بالشراكة السياسية الحقيقية حتى من قبل القائلين بالإصلاح والمنددين بالإسقاط والتسقيط. وإذا كان لا بد من الشراكة فإن النظام يفضل شركاء صغار وأشباح يأتمرون بأمره، أما أن يكونوا شركاء أنداد وحقيقيين فهذا من رابع المستحيلات، الأمر الذي يؤكد أن النظام ليس في وارد الإصلاح مطلقًا، مما يعزز وجهة نظر القائلين بالإسقاط ويؤكدها.
كما يؤكد هذا الاعتقال أن الأزمة البحرينية ذاهبة إلى منعطف أكثر خطورة من السابق، خاصة أن النظام باعتقاله الشيخ على سلمان (وهو رمز الاعتدال) قد قطع على نفسه خيارات التفاهم حتى على الحدود الدنيا من التوافق السياسي مع من يفترض أن يكونوا شركاء حقيقيين مع النظام.
* سوسيولوجي بحريني.