» رأي
دعاة الاستبداد وأصحاب الرؤس المستديرة
عباس المرشد - 2011-11-03 - 5:36 م
في مؤتمر تدشين وثيقة المنامة دعا امين عام جمعية الوفاق قوى الموالاة لإعلان موقفها من الديمقراطية وتحديد موقفها من الاستعباد، ورغم ما قد يقال عن محتوى وثيقة المنامة وهل تمثل حقيقة الصوت الشعبي ومطالبه أو أن الوثيقة تأتي في سياق أفضل الممكن والقابل لتأسيس أرضية مشتركة، بعيدا عن ذلك فإن الدعوة لاختيار المناطق السياسية تمثل تشخيصا دقيقا للوضعية الحرجة التي تعيشها البحرين.
لم يتأخر الرد كثيرا إذ استجابت قوى الموالاة لتلك الدعوة وأعلنت بكل وضوح أنها تحبذ الاستعباد وتقف ضد الديمقراطية، فهذه القوى مستعدة لأن ترى في الفساد والظلم والانتهاكات الدائمة لحقوق الإنسان والاستحواذ على مصادر القرار والقوة، ترى في كل ذلك وفوقه ديمقراطية مستنيرة تضاهي بها الديمقراطيات الراسخة والقوية. فوثيقة المنامة لا تدعو إلا إلى تداول للسلطة وتفعيل مبادئ الديمقراطية والدولة المدنية، وقوى الاستعباد تؤكد أن هذه المعايير والمطالب هي خيانة وعمالة تنبع من عقيدة فاسدة وطائفية متوحشة.
قبل عدة أيام كتب جهاد الخازن مقالا تحدث فيه عن التدخل الإيراني في أحداث البحرين مستدلا بما أسماه النمط الإيراني في الكتابة العربية، وأعتقد أن المحقق بسيوني سوف يأخذ بهذا الدليل الذي لم يسبقه إليه سلفه المحقق مليس، والآن يمكن توجيه سؤال آخر للاستاذ جهاد الخازن عن دلالة الخيانة والعمالة في المطالب الديمقراطية المتواضعة وهل هناك قاموس عربي لا نفهمه نحن البحرينيين. فعندما تتحدث قوى الموالاة عن الخيانة والعمالة وتجر إليها المطالب الديمقراطية نقف أمام حيرة غريبة هل نتحدث نحن بلسان عربي أم أن أولئك لا يفهمون العربية ؟
في خطابه الأخير حاول شيخ الطائفة السنية المحمود أن يكون سياسيا وأن يدلي بدلوه الفارغ في التنظير السياسي وبدلا من أن يدعو إلى ضرورة المعارضة في الجسد السياسي المتحد حول أفراد الطائفة السنية الكريمة، صار يدعوهم ليكونوا عناصر مخابراتية يعملون بالمجان ودعاهم لكتابة التقارير والوشاية بكل من يتعقدون أنه خالف القانون عبر الاتصال بالنيابة العامة، حسنا ليذهب المحمود بنفسه ويحمل هذا البلاغ حول جمعية الأطباء الجديدة وجمعية الزلاق وجمعية الرفاع ومركز مدينة عيسى وجمعية العلاقات العامة، فقد شاركوا بفعالية في ندوة سياسية ومؤتمرا صحفيا خلافا لقانون الجمعيات الأهلية الذي يحظر على مثل هذه التشكيلات العمل السياسي، وليذهب المحمود ويسلم نفسه للنائب العام لقيامه بالخطابة السياسية في المساجد التي تحظر وزارة العدل عليها التدخل في الأمور السياسية.
إذا كانت قوى الاستعباد ترى أن صلاح البلاد لا يستقيم إلا بحكم الطائفة السنية وأن السنة في البلاد هم الشرفاء، وهم أصحاب الامتياز وإليهم يرجع الفيئ وعليهم تقسم الغنائم، فما معنى الطائفية المتوحشة التي يدعون لمحاربتها والوقوف ضدها.إن الطائفة السنية لا تحكم البلاد وإنما هناك عائلة حاكمة تتعبد بالمذهب السني وبالتالي فإن قوى الاستعباد لا تريد التخلي عن حكم العائلة أو تقليصه إلا عندما تريد العائلة أن تزيح عن كاهلها ما يثقل حكمها.
السيد بسيوني أخيرا أعاد بوصلة عمله ورغم أن تقرير لجنته قد أعد نهاية سبتمبر، فإنه طلب تأجيل الإعلان عن نتائجه لنهاية نوفمبر على أمل أن يعيد صياغة بعض فقراته، ويعدل من ميزان الإدانة بعد نشر ما يعتقد أنه فضيحة فساد في إدارته للجنة التحقيق. منذ البداية قرأ العديد لجنة بسيوني على أنها تماثل لجنة المحقق (ميلس) المشهور في قضية اغتيال الحريري، إلا ان الفارق بينهما أن مليس كان يحظى بدعم دولي متكامل والسيد بسيوني لم يكن له إلا حكم الرياض والمنامة، وكان مفاجئا له استخفاف الاتحاد الاوربي بلجنته واستخفاف الإدارة الامريكية به، وربما فضل أن تكون نهايته أفضل من نهاية السيد بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة.
في توصيفه لوضعية أفراد الأجهزة الأمنية الأجانب قال وزير الداخلية إنهم غير مرتزقة، وقد برر استخدامهم، بسبب انقسام المجتمع وصغره. أين سعادة الوزير من نص دستور 1973 ودستور 2002 حيث لا يجوز استخدام الأجانب في الأجهزة الامنية إلا في حالات الضرورة القصوى، وهل الذي صاغ نصوص الدستورين ليس بحرينيا، لكي يكتشف الوزير صحة استخدام الأجانب في الأجهزة الأمنية. وبماذا يفسر الوزير بقاء عميد المرتزقة (اندرسون) لأكثر من ثلاثين عاما على قمة الهرم الأمني.
ماكينة الإعلام ظلت تردح لسنوات بأن الشيعة غير موثوق بهم في قوة دفاع البحرين وفي أجهزة الأمن الأخرى. محصلة المقابلة أن المرتزقة هم المرتزقة حتى وإن كانوا في البحرين.
*كاتب بحريني.