أحمد رضي: الانتهاكات بحق الإعلاميين مستمرة ... البحرين تُحاول إخماد الأصوات المُعارضة منذ 2011
2015-03-11 - 7:43 م
أحمد رضي*
ثورة 14 فبراير في البحرين، ثورة غضب شعبية عارمة اشتعلت شرارتها في 2011، وكان أسمى أهدافها هي الخلاص والتحرر من كافة أوجه العبودية والاستبداد الواقع على شعب البحرين منذ 240 سنة، هذه الثورة تميزت عن باقي الحركات المطلبية والانتفاضات بالمشاركة الشعبية المتنوعة التي شملت جميع الطوائف والأحزاب والفئات العمرية وكل الكفاءات المهنية والعلمية والرياضية وغيرها من الأصوات التي ساندت ثورة الغضب.
وعمد الجهاز الأمني التابع لوزارة الداخلية إلى قمع هذه الثورة بعد شهر من انطلاقها، وقام بحصر ورصد جميع أطياف الشعب وفصائله وغيرهم المشاركة في دعم مظلومية الشعب الثائر، والذي اختار من "دوار اللؤلؤة" في العاصمة المنامة مقرا للتجمع الدائم على مدار الساعة طيلة فترة الاعتصام.
وقام النظام بشن حملة أمنية واسعة شعواء لاحقت كافة المشاركين في الاعتصام وكل من علا منصة التجمع بدوار اللؤلؤه، حيث طالت هذه الحملة الأمنية "السياسيين والثوريين والعمال والرياضيين والصحفيين والإعلاميين والحقوقيين والجميع دون إستثناء"، وكل من نشرت له صورة على صفحات الموالين للسلطة في مواقع التواصل الاجتماعي.
هذه الحملة التي شاركت فيها قوات درع الجزيرة وقوة دفاع البحرين والحرس الوطني ووزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني، كانت تستهدف بشكل علني وواضح مكون أساسي لا يستهان به في البلد، ألا وهو المذهب الشيعي الذي شرع وأمعن النظام في محاربة معتقداته من حيث هدم أضرحة الأولياء الصالحين وقمع مواكب العزاء والشعائر الحسينية، حتى بات ذلك مكشوفا بالتضييق على الحريات الدينية على حد وصف السيد شريف بسيوني الذي ترأس لجنة تقصي الحقائق المكلفة من ملك البحرين برصد التجاوزات والإنتهاكات.
وحتى هذه اللحظة لا يزال هناك العديد من الإعلاميين المعتقلين في سجون النظام، سواء كانوا من المخرجين أو المراسلين أو الفنيين أو الإداريين، لم يتم استثناء أحد من الحملة الأمنية بل كانوا جميعاً هدفاً لمطاردات الجهاز الأمني الذي استنفر كافة قواته وجنوده بهدف إسكات صوت الإعلاميين ووقف نشاطهم في كشف الحقائق ومخاطبة الرأي العام، فقام باعتقال العشرات من الإعلاميين وتعذيبهم ومحاكمتهم صورياً في قضايا كيدية، ومنهم من حوكم بأحكام قاسية عقاباً لتأييدهم للحراك الشعبي ودورهم الإعلامي في كشفه للإنتهاكات الحقوقية، ولذلك تم استهدافهم، لإخماد صوتهم في حملة أمنية تنم عن حقد وكراهية ونظرة طائفية وانتقاماً من الكفاءات الوطنية الشابة.
ومن بين الإعلاميين المعتقلين في سجون النظام:
المخرج والممثل صادق جعفر الشعباني - البلاد القديم
المونتير والمخرج علي منصور المعلم - سترة
المخرج والكاتب حسين خليل المولاني - الديه
المخرج والمصور قاسم زين الدين - الدراز
السيد رضا البحراني الموسوي (وكيل قناة الإمام الحسين)- سند
وفي تقرير لمنظمة مراسلون بلاد حدود ولجنة حماية الصحافيين للعام 2014، بما يتعلق بحرية الصحافة والمعلومات في البحرين بعنوان مملكة التظليل، تمت الإشارة إلى حاجة البحرين لقانون صحافة عصري وديمقراطي وضرورة مساندة السلطة التشريعية الحريات اﻹعلامية لا تقيدها، وكذلك بيّن أن "تردد القوى الغربية واكتفاءها بالترحيب بالوعود الواهية والإصلاحات السطحية التي يطلقها حكام البحرين غير كافية".
منظمات حقوقية عديدة وثقت تعرض العديد من الإعلاميين وسجناء الرأي للاعتقال التعسفي والفصل من العمل وتلفيق التهم ضدهم، ولا زال هناك العديد منهم يقبع خلف القضبان بدون محاكمة عادلة بسبب التعبير عن آرائهم بشكل سلمي، مما يمثل انتهاكاً مباشراً للمواثيق الدولية كالمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص على أن "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية".
وتطالب المنظمات الحقوقية بشكل مستمر بإطلاق سراح المعتقلين الإعلاميين والتوقف عن ملاحقتهم قضائياً بسبب تعبيرهم عن رأيهم، والإفراج عن جميع سجناء الرأي في البحرين؛ ووضع حد لكافة أنواع المضايقات والقيود التي تهدد حرية التعبير عن الرأي، بالإضافة إلى ضمان إحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في كل الظروف وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والصكوك الدولية التي صادقت عليها البحرين.
وتزداد المخاطر ضد الإعلاميين يوماً بعد يوم في ظل تصاعد موجة الانتهاكات بسبب لجوء السلطات لاستخدام القوة المفرطة في مواجهة المتظاهرين السلميين، ومحاولة فرض حالة تعتيم إعلامي مع غياب أية بوادر تلوح بالأفق لتسوية الأوضاع السياسية والحقوقية في البحرين.
*صحافي بحريني.