سجن جو «غوانتنامو» البحرين: التعذيب يُبعث من قديم 2-2
2015-04-09 - 4:36 ص
مرآة البحرين (خاص): في الحلقة السابقة تناولنا جانب من تفاصيل جديدة، عما تعرض له المعتقلون السياسيون في سجن جو المركزي «غوانتنامو» البحرين، وذلك خلال الأيام الثلاثة الأولى منذ اشتعال الأحداث بداخله في 10 مارس 2015.
كان العقاب الهستيري الذي واجهت به وزارة الداخلية ثورة السجناء، أكبر من انتقام، وأقل من محاولة قتل. الهدف، أن لا يتجرأ السجناء مرة أخرى ويعلنوا رفضهم أو احتجاجهم لما يمارس ضدهم من إذلال ومهانة. فالاحتجاج على سياسة الإذلال التي تتبعها إدارة هذا السجن، سيكون عقابه المزيد من الإذلال، والضرب والتعذيب والتنكيل، والحرمان من الاستحمام ودخول دورات المياه، والترك في العراء البارد لأيام (10 أيام)، والحرمان من الزيارات، ومنع الاتصال بالأهالي، وانقطاع أخبارهم عن العالم الخارجي، وأكثر من هذا.. في هذه الحلقة، نكمل مسلسل التعذيب المركزي التي لم تنته بعد.
-
16 مارس: ماء مثلج على الأجساد العارية
في 16 مارس/آذار أجبرت قوات الأمن المعتقلين على خلع ملابسهم بشكل كامل. أُبقي على الملابس الداخلية فقط. كان بين هؤلاء الشيخ جاسم الدمستاني، والشيخ علي المسترشد. أُمر الجميع بالتوجه نحو السياج (الشباك)، وهناك أجبروا على النوم على بطونهم، كان الجو بارداً. اصطكت أجساد المعتقلين العارية ببرودة الأرض. أخذتهم الرعشة، ظنوا الأمر يقف عند هذا الحد، لكنهم تفاجئوا بماء بارد كالثلج يُسكب على أجسادهم العارية وسط الطقس البارد. انتفضت الأجساد وتراقصت من الصدمة. بقت هكذا لوقت. شعر المعتقلون بإعياء شديد وهبوط في درجة الحرارة. كانت الأجساد بحاجة للماء للاستحمام بعد منعهم عنه وتركهم في العراء منذ 6 أيام، لكن ليس هذا هو الماء.
لم يكن ما فعلته قوات الأمن بالمعتقلين هنا جزء من حملة "تحدي دلو الثلج" التي انتشرت قبل عام بهدف نشر الوعي حول مرض التصلب العضلي الجانبي، بل استهدفت تصلّب قلوب المعتقلين والإضرار بها، فمثل هذا الفعل يؤكد الطب أنه قد يسبب جلطة قلبية لمن لديه ضيق في الشرايين أو قابلية للانقباض. بعد أن تجمدت أجسادهم، أُمر المعتقلين بارتداء ملابسهم والجلوس في الشمس، وكان عليهم أن يقوموا خلال ذلك بواجب مفروض عليهم انجازه: عدّ الفتحات الموجودة في السياج (الشباك) + عد التشققات الموجودة في الأرضية (الإسفلت).
استمر الوضع حتى الظهيرة. لكن نهاية انتقام ذلك اليوم لم تحن بعد، أُمر المعتقلين بالرقص وبعضهم بالغناء، المعتقل حسين عبدالغني كان عليه أن يقوم بعمل رياضة الجمباز لمدة نصف ساعة، آخر أُمر أن يتحرك كالثعبان. كانت متعة لا توصف بالنسبة للمرتزقة وهم يخرجون عقد نقصهم المرضية على المعتقلين. لم يكن هناك حد لأصناف الإهانات البشعة التي تأتي في مخيلة أحد منهم، حتى يأمر المعتقلين بالقيام بها.
-
بعد 10 أيام: خيم بلاستيكية
شكّلت الإثارة الإعلامية والحقوقية عن أحداث سجن "جو" ضغطاً على السلطات، لكن لم يكن الضغط كافياً ليُنهي الانتقام الأسود، وإعادة السجناء المعاقبين إلى زنازينهم. بعد 10 أيام من ترك السجناء يعيشون في العراء وسط تقلبات الطقس البارد ليلاً، أحضرت الداخلية خيمتين بلاستيكيتين وُضعتا في الساحة المجاورة لمبنى 4. الأولى تم حشرها بحوالي 318 معتقلاً، والثانية تم حشرها بحوالي 315 معتقلاً، أما بقية المعتقلين فقد تم نقلهم للساحة المجاورة لمبنى 2.
عندها فقط، سُمح للمعتقلين بالوصول إلى الماء والاستحمام وتبديل ملابسهم، شرط أن لا تتجاوز مدة الاستحمام 3 دقائق، وفي كل 12 ساعة مرة، كان ذلك بالنسبة للمساجين أشبه بالانتشال من مستنقع آسن. استمر الوضع هكذا لمدة خمسة أيام لاحقة.
-
بعد 15 يوما: اتصالات محدودة
بعد مرور 15 يوما، ووسط ضجيج الأهالي القلقين، والذين خرجوا في اعتصامات احتجاجية لمعرفة مصير أبنائهم المقطوعة أخبارهم. تم السماح لبعض المعتقلين بإجراء مكالمات تطمينية مع ذويهم، لم تتجاوز مدة المكالمة دقيقةً واحدة، ورغم كل ما عاناه وعاشه المعتقلون، إلا أن الفرحة لم يكن لها حد، حينما سُمح لهم بالاتصال بذويهم. المكالمات لا تتجاوز كلمات معدودة "أنا بخير"، ثم يُغلق الشرطي الخط ويعيد المعتقل إلى خيمته البلاستيكية، وهكذا مع بقية المعتقلين الذين سُمح لهم بإجراء اتصالات.
-
1ابريل/ نيسان: العاصفة الرملية
وفي يوم 1 ابريل/ نيسان 2015، الليلة التي شهدت البحرين فيها العاصفةً الرملية الشديدة، عانى المساجين من إطباق الرمل والغبار على خيمهم المنصوبة في ساحة مبنى 4. حتى تعرّض عدد من المعتقلين للاختناق. قرابة الساعة 11 ليلاً، نُقل معتقلو إحدى الخيمتين إلى الداخل، وتم رصّهم في غرفة التلفزيون، وأغلقت الغرفة عليهم بإحكام، أصيب البعض بضيق تنفّس جراء استنشاقهم كمية كبيرة من الغبار، سُجّلت حالتي إغماء، وعندما عرف المرتزقة عن حالتي الإغماء، فُتح الباب ودخل بعضهم للمصابَين وبدأوا بسكب الماء على أحدهم وضربه بقوة كي يسترجع وعيه. عملوا الأمر ذاته مع الآخر، فيما نُقل معتقلو الخيمة البلاستيكية الثانية إلى مبنى 5 بسبب تزايد حالات الاختناق، وعدم قدرتهم على الحركة.
-
2 ابريل/ نيسان: التعذيب مستمر
مساء الخميس 2 أبريل/نيسان 2015، أُرجع المعتقلون مجدداً إلى الخيم البلاستيكية، مع استمرار مسلسل التعذيب والتنكيل والضرب، والإهانات اللفظية أيضاً. وكان من أقسى ما شهده السجناء مما أثّر عليهم بدرجة كبيرة، هي إحضار المرتزقة لأحد المعتقلين من الخيمة الثالثة المجاورة لمبنى 3، كان في حالة رثّة من التعذيب. متعب ولا يستوعب ما يقول زملاؤه. يكتفي بترديد كلمات أنه هو المسؤول عن الاحتجاجات والمحرّض عليها، وأنه هو من قام بتكسير المبنى، كانت قوات المرتزقة تضربه بسيخ حديدي على بطنه فيما هو يقول ما عليه قوله أمام المعتقلين. بكى المعتقلون وهم ينظرون إليه يتعذّب أمامهم وهم عاجزون عن فعل شيء.
-
مبنى التعذيب الجديد في سجن جو
يتكوّن سجن جو المركزي من 6 مبانٍ إضافة إلى المبنى الذي يحمل الرقم "10" والذي تم إعداده للوافدين الأجانب الذين يلقى القبض عليهم وهم يقيمون في البلاد بطريقة غير مشروعة، وهم ما يُطلق عليهم "الفري فيزا". يقضون في هذا المبنى أياماً قبل أن يتم ترحيلهم.
المبنى تحوّل بعد 10 مارس/آذار لمكان خاص بتعذيب المعتقلين على خلفية سياسية، هنا صار يُضرب المعتقلون ويُعذّبون بكل الطرق الوحشية. من هذا المبنى تخرّج الأنات، تُسمع الصرخات، تدوّي الاستغاثات ويسمعها معتقلو المباني المجاورة، من هنا يُسمع صوت التعذيب بشكل واضح وفاقع لا يحتمل التأويل، في هذا المبنى ارتكبت جريمة، وما زالت ترتكب، وعلى المتورطين والمشرفين عليهم أن يُقدّموا للعدالة عاجلاً أم آجلاً.
عُذّب في هذا المبنى بعد أحداث 10 مارس/آذار 2015 كل من الحقوقي ناجي فتيل، والمعتقلين محمد سرحان، محمد سهوان، الناشط عبدعلي السنكيس، والمعتقل أحمد عباس هلال، وآخرين لم تخرج أسماؤهم حتى هذه اللحظة.
-
مجرمو غوانتنامو
استطاعت «مرآة البحرين» الحصول على عدد من أسماء المتورطين في تعذيب معتقلي سجن جو في الأحداث الأخيرة، سواء عن طريق التعذيب المباشر أو إصدار الأوامر. القائمة تطول، وهي ليست حصراً هنا:
1- اللواء إبراهيم حبيب الغيث
2_العميد الشيخ خليفة بن احمد
3_ مدير عام مركز " الإصلاح والتأهيل (سجن جو): العقيد ناصر بخيت
4_ ملازم أول حمد الجودر
5_ ملازم أول محمد الانصاري
6_ملازم أول عبدالله عيسى
7_ ملازم أول علي حسين
8_ ملازم أول محمد عبد الوهاب
9- وكيل القوة: محمد سلمان
10- النقيب جاسم الملا
11_ أحمد السنجار سوري الجنسية
12- جزاع "النملة"، سوري الجنسية
13- خليف، سوري الجنسية
14_ محمد عوض، سوري الجنسية
15- أبو غنام، سوري الجنسية
16- مشعان، سوري الجنسية
استخدم هؤلاء في تعذيبهم للمعتقلين أسياخاً حديدية، هراوات، كعب السلاح، لوح خشبي سميك "مربّعة"، وأحذية الشرطة. الحكاية لم تنته هنا أيضاً. ما تزال تكتمل فصولها داخل «غوانتنامو» البحرين.
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة
- 2024-10-29هذه النماذج التي صدّرتها عائلة آل خليفة للعالم العربي
- 2024-10-2320 عاما وجامع الحاج حسن العالي معطّل... التطرف لا تمسحه معابد وكنائس
- 2024-10-21عراقتشي في البحرين ليسمع كلمة وزير الداخلية «لا ناقة لنا ولا جمل»