العائلة الحاكمة البحرينية: نحن نشتم شعبنا براحة
2015-04-25 - 2:27 ص
مرآة البحرين (خاص): يروي العارفون بوزير العدل والشئون الإسلاميّة البحريني خالد بن علي آل خليفة عنه بأنه قاريء جيد للكتب. إنها خصلة حسنة ما من شك لكنّ مشكلته هو أنه متغطرس وبذيء. على الأرجح فإنك لن تقرأ في الكتب المحترمة نعوتاً مثل "الخسيس" و"السفيه" و"الجرذ" لكنّ هذه تمثل أسلحته للتخاطب مع مواطني بلاده كما خصومه على السواء.
إذ يقول معلقاً على خطبة للشيخ عيسى قاسم الذي يعد واحداً من أبرز الزعامات الروحية للشيعة في البحرين "الخسة هي مستوى تفكير هذا الشخص ولدى تعبيره عن نفسه".
وخلال العام الماضي 2014 خاطب رئيس تحرير صحيفة "الوسط" منصور الجمري رداً على عمود رأي له قائلاً "من السفه أن تخرج لتدعي بوجود حرب أرقام (...) فالتبق في حربك الافتراضية وكف الناس من هذا السفه".
إنه وزير واضح يكتب ما في قلبه. وما في قلبه على لسانه.
لقد اختار وصف "الجرذ" للرد على أحد خطابات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخيرة بشأن الحرب على اليمن. قال "الجرذ لايكذب فقط في وعوده بل يزوّر في التاريخ أيضاً".
لكن ماذا عن ابن عمه وزير الخارجية و"عميد" الدبلوماسية البحرينية خالد بن أحمد آل خليفة؟ يجب ألا تتفاءلوا كثيراً. لقد اختار وصف "الكلب".
إذ يقول "الكلب ينبح والعاصفة تسير". وحين ارتأى التعقيب على تعليقات وجهها له عضو مجلس الأمة الكويتي عبدالحميد دشتي خاطبه قائلاً إنه "نكرة".
إنها عائلة تتقن الغرف من كتاب البذاءة جيداً، وهي ليست موضة مستجدّة. لقد سبق لوزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة أن وصف في قصيدة راجت بكثرة في خلال حقبة التسعينات المواطنين الشيعة في بلاده بأنهم "أهل الخنا".
أما شاعر العائلة الحاكمة الراحل أحمد بن محمد آل خليفة فقد اعتبر في قصيدة أخرى بأن نساء الشيعة "كن يحملن سفاحاً من البرتغاليين" وأن "عيونهن خضراء لهذا السبب".
ومنذ اندلاع انتفاضة 14 فبراير/ شباط 2011 أطلق العنان لمسئولي الحكم في استباحة المعارضين بما في ذلك السماح بشتمهم ونعتهم بألفاظ سوقية بالغة في الانحطاط. وقد قام مستشار الملك للشئون الإعلامية نبيل الحمر بنشر صور لواقيات ذكرية وملابس نسائية داخلية وأرفقها بهذا التعليق "من ليالي الأنس والمتعة في الدوّار" في إشارة إلى دوار اللؤلؤة.
وحين قرر مخاطبة زعيم الشيعة في البحرين قال "الدعيّ عيسى قاسم"، وهي شتيمة تستخدم لمن من يتم التشكيك فى نسبه أو يُنسب إلى غير أبيه.
تشير كلمة المتعة إلى حكم في فقه المسلمين الشيعة يُعرف بالزواج المؤقت أو زواج المتعة. لكنّ متطرفي الحكم يستخدمونها كسلاح للمناكفة المذهبية وللطعن في شرف المعارضين الذين يطالبون بالمساواة. وقد غدت عبارة مثل "أولاد المتعة" واحدة من عاديّات الخطاب السياسي والإعلامي المستخدم لمكافحة منتقدي السلطة.
بينما تتسابق المنتديات الإلكترونية الموالية للحكومة في الحديث عن "الخيمة رقم ستة"، حيث تزعم أنها كانت مقرّاً لإقامة النساء الشيعيّات اللائي كنّ يقدمن خدمات المتعة السريعة.
ويقول المتحدث باسم الجيش البحريني خالد البوعينين واصفاً المواطنين الشيعة "إن ربهم بشر ومعصومهم إله وعمائمهم تزني بهم وأطفالهم يجهلون نسبهم وطقوسهم شرك". وهذا بحسب رأيه "من النتائج السلبية للمتعة التي ابتدعها العمائم" على حد تعبيره.
لقد أقرّت لجنة تقصّي الحقائق التي ترأسها القاضي محمود شريف بسيوني للتحقيق في أحداث العام 2011 في تقريرها باستخدام التلفزيون الوطني والإذاعة الوطنية في كثير من موادهما "لغة مهينة وتحريضيّة للأحداث". كما أشارت إلى أن المحتجين "تعرضوا للتعذيب وهددوا بالاغتصاب وإهانة طائفتهم الشيعية".
أما رئيس تجمع الوحدة الوطنية الشيخ السني عبداللطيف المحمود فقد اعترف في حوار مع قناة "الجزيرة" بأن الشيعة يجري شتمهم بأوصاف مخجلة. وصرح "أنا لست مع هؤلاء الجالسين يتهمون الشيعة بأوصاف لا أريد أن أذكرها"، وفق تعبيره.
لقد كان من المنتظر أن يفضي إقرار الحكومة بما توصل له تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى اتباع سياسات جديدة. لكن ذلك لم يحصل. ليس فقط على مستوى وقف انتهاكات حقوق الإنسان - وتلك معضلة كبرى - لكن حتى على مستوى الخطاب.
وقد كرّر مسئولو الحكومة بأن "بعض توصيات التقرير تحتاج إلى وقت حتى يتم تنفيذها". ويبدو أنهم يحتاجون إلى وقت طويل أيضاً ليتمرّنوا على التوقف عن استخدام الكلمات البذيئة بحق مواطنيهم.
إن النسبة الأكبر من الشتائم التي تمت الإشارة لها هنا قد صدرت لناحية التوقيت في مرحلة تالية على تقرير لجنة تقصي الحقائق. وفيما تتفاخر السلطات بأنها أصدرت مدونة سلوك للشرطة معتبرة إياها علامة على استجابتها لتوصيات بسيوني ما يزال منتسبو أجهزة الأمن حتى اليوم ينعتون المحتجين علناً بـ"أولاد المتعة".
ويظهر فيديو التقط العام 2014 عربة عسكرية تابعة إلى وزارة الداخلية البحرينية أثناء مرورها بإحدى القرى المعارضة بينما راح صوت من مكبر الصوت التابع لها يهدر قائلاً "تعال يا ولد المتعة". كما يظهر فيديو آخر التقط في منطقة البلاد القديم العام 2013 مناداة ضابط شرطة لمحتجّين "جهزوا أنفسكم للشوزن يا عيال المتعة". وراح يكرّر ذلك في الوقت الذي كان يطوف في الأزقة بعربة مصفحة.
لقد أتقنوا المتح من قاموس الشتيمة بعد أن حفظوا درس كراهية الشيعة جيداً. وعلى أيّ حال فإنهم لن يكونوا أفضل حالاً من وزراء العائلة الحاكمة.