» رأي
وحدة المعارضة بين ميثاق الثورة ووثيقة الجمعيات
عباس المرشد - 2011-11-23 - 9:34 ص
عباس المرشد*
هذا الأسبوع من وجهة نظر العديد من أقطاب المعارضة والمراقبين يعتبر مفصلا في تاريخ ثورة 14 فبراير، إذ في كل الاتجاهات التي سوف يسلكها التقرير، ستكون هناك متغيرات جديدة وذات تأثير على مجريات الاحداث وتطورها صعودا أو هبوطا. قوى المعارضة الرسمية ممثلة في الجمعيات السياسية استبقت المرحلة عبر طرحها وثيقة المنامة التي تشكل مطالبها الحد الأدنى والقدر المشترك بين أطياف المعارضة جمعيا وبعض الجهات السياسية التي لا ترغب في تتويج نفسها كمعارضة سياسية.
النظام بدوره يبدو أنه أيضا مهد أرضية ما للتعامل مع نتائج لجنة التحقيق بحكم إطلاعه المسبق على سقف التقرير وجزء كبير من محتواه. وفي الوقت الذي تتسابق فيه قوى المعارضة والنظام على ملاحقة نتائج الأسبوع تبقى قوى الموالاة خائرة وخائبة لا تصدر سوى الضجيج وإبداء التلهف لجني المزيد من المكانة السياسية، ولا يبدو أن هذه القوى قادرة على التعامل مع استحقاقاتها إلا عبر قانون الحظوة والارتماء في كنف طرف رسمي يسبغ عليهم نعما وأموالا ومناصب.
في المقابل فإن القوى الداعية لثورة 14 فبراير تمتلك وجهة نظر مختلفة عن ما سبق، فهي لا تطمع في الحد الأدني من المطالب بالقدر الذي ترفض فيه المكافآت السياسية، إذ ترى هذه القوى أن الثمن الذي يجب التفاوض من أجله هو إقرار حق تقرير المصير كصيغة مقترحة للوصول لأرضية مجمع عليها وطنيا، وهي الآن بصدد وضع وثيقة سياسية توضح آليات تحقيق هذا المطلب الذي تعتبره مطلبا شعبيا بامتياز.
للوهلة الأولى يبدو أن الاطراف الرسمية لديها من قناعة بأن بعضا من نتائج التقرير لن تكون مرضية بأي حال من الاحوال، فالمعارضة ترى أن حجم الانتهاكات ونوعها من المهم أن يطال روؤس عليا وهي المنطقة التي لن يقوى السيد بسيوني على الافصاح عنها، ولمواجهة ذلك عملت المعارضة على إعداد تقرير حقوقي يوضح مجريات الأحداث بالتاريخ والشخصيات، والانتهاك وهي عازمة على الإعلان عنه بالتزامن مع إعلان تقرير السيد بسيوني.
أمام هذا المشهد يجمع المراقبون على أن زمجرة النظام وقوته هي قوة من ورق، إذ لا يملك النظام أي نقطة قوة على المستوى الاقتصادي أو السياسي إلا من خلال الدعم الخليجي اللامحدود للنظام والدعم الأمريكي والأوربي. فالحكومة تواجه ضغطا اقتصاديا هو الأقوى من نوعه وقد كشفت غرفة التجارة البحرينية عن معالم هذا الضعف في توسلها بإنهاء الأزمة السياسية وعدم قدرة المؤسسات والشركات الخاصة على إرجاع المفصولين بحجة تدني أو انعدام القدرة المالية على الاستمرار. كما إن الهبات الكبيرة والصرف غير المسؤل على قوى الموالاة كأشخاص دفعها للمطالبة بتحسين أوضاع قاعدتها الشعبية اقتصاديا حتى ولوكان من خزينة الحسابات الشخصية للعائلة المالكة كما قال أحمد المحمود في إحدى خطبه.
الخطر الأكبر الذي يتهدد الاقتصاد البحريني هو الفجوة المتسعة بين الديون المستحقة وحجم الفائدة المتضاعف، بسبب انخفاض التصنيف الائتماني للاقتصاد البحريني. من اليسير رؤية المشهد السياسي مترنحا أمام استمرار حالة الاضطراب السياسي وتصاعدها على أكثر من صعيد يضاف إليه التصريحات الدولية التي تطالب النظام بضرورة تقديم تنازلات أكبر من التنازلات التي عرضت قبل شهرين ولم تكن تتعد الجوانب الحقوقية. وتأتي هذه الضغوط من قبل الإدارة الامريكية لتأمين مصالحها في منطقة الخليج بعد فشل الإدارة الامريكية في البقاء على أرض العراق.
ما يشار إليه هنا أن الادارة الامريكية لا تريد طابعا استبداديا بالمطلق لكنها لا ترغب في تحقيق ديمقراطية كاملة خصوصا في البحرين التي ترى أن القوى السياسية فيها غير مضمونة في توجهاتها ناحية التحالف مع إيران، لذا فهي تؤكد وجود مظالم تخص الطائفة الشيعية وترى أن خلطة الديمقراطية القشرية لم تجد كثيرا في تخفييف التوتر السياسي وتخفيف انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، وهي قضايا تحرج الإدارة الامريكية أمام الرأي العام. خصوصا مع تصاعد الضغط المفروض على النظام السوري والتوجه نحو إسقاطه سياسيا وعسكريا. كل ذلك يؤدي للقول إن قوة النظام حاليا ما هي إلا رديف للقوة الخارجية وأن موقعه التفاوضي، هو الأضعف نسبيا مقارنة مع المواقع التي تحتلها المعارضة.
السؤال الملح هو كيف تستطيع المعارضة الرسمية أن تنجح في تحقيق رؤيتها السياسية دون تقديم تنازلات فيها وهل يمكنها أن تجد خيطا يربطها مع المعارضة غير الرسمية، تتجاوز به السقف الادنى للمطالب السياسية والسؤال نفسه تواجهه قوى المعارضة غير الرسمية وما إذا كان ميثاق ثورة اللؤلؤ يستطيع أن يبعد شبح الاختلاف عن القاعدة الشعبية؟ بالطبع فإن الإجابة تبدو عسيرة حاليا إلا أن مسألة وحدة المعارضة وتحصين خنادقها تبقى أولوية على رأس الاولويات التي سيكون تقرير لجنة بسيوني أول تحد حقيقي لها.
*كاتب بحريني.