القضايا التي يحملها الشيخ علي سلمان إلى رؤوس الحكم، والجواب: سنرى (3-3)
2015-06-19 - 4:05 ص
مرآة البحرين (خاص): كلما التقى الشيخ علي سلمان بالملك، أو ولي العهد، أو كبار رجال السلطة، وقدّم لهم طموحاته ورؤاه ومقترحاته حول قضايا الإصلاح، خرج من مجلسهم بعبارة من كلمتين: "سندرس الموضوع"، "سنرى الموضوع"، "سنتابع الموضوع".
الـ(سينات) المسوّفة
الـ(سـ) هنا ليست تفيد الاستقبال، بمعنى أن مرسلها لا ينوي القيام بالفعل في المستقبل القريب أو حتى البعيد، بل يستخدمها للتسويف، ولإنهاء نقاش غير مرغوب فيه، بمعنى أنه يريد بها الهروب والتسكيت.
كما كانت لسلمان لقاءاته مع كل من الملك وولي العهد، كذلك جمعته عدد من اللقاءات مع رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ووزير الديوان، لم يُنقص أي منهم حقه من المصارحة بشأن أهم القضايا الجوهرية التي تشكل عمق الأزمة السياسية في البحرين، وبدورهم، لم ينقصوه هم من (سيناتهم): سنرى الموضوع.. سنتابع الموضوع.. دون أية فعل يذكر.
(سين) رئيس الوزراء
في زيارة لكتلة الوفاق إلى مكتب رئيس الوزراء قبل 2011، أثار سلمان قضية التعيينات ذات التركيبة الطائفية في الوظائف العليا، وقال له: إن نسبة الشيعة في الوظائف العليا في الدولة لاتتعدى19.7%، وهذا أحد أسباب تدني الإنتاجية للموظفين، لأنها تقوم على أساس الطائفية والمحسوبية بدل الكفاءة والاستحقاق، فقال رئيس الوزراء الذي بدا مستنكراًَ: لا؟ من وين هالأرقام يا علي؟. أجاب سلمان: هذه أرقام نتيجة لدراسة هذه المواقع بالأسماء والأرقام، وليست تخمينات أو خطاب إعلامي. فأجابه رئيس الوزراء: سنرى هذه الارقام ونتكلم فيها، وأشار إلى بعض من معه بما يُفهم متابعة الموضوع. انتهى الاجتماع وانتهت معه (سين) المتابعة.
(سين) نائب رئيس الوزراء
الموضوع نفسه أثاره سلمان مع نائب رئيس الوزراء محمد بن مبارك في مكتبه بين العامين 2011-2001 الذي نفى وقال لسلمان: لا يا شيخ، الوضع ليس مثل ما تطرحه إنت. أجابه سلمان: إذا خلنا نحسب الآن عدد من شاهدتهم منذ دخولي قصر القضيبية حتى وصولي إلى مكتبك الآن، لنرى هل النسبة والكلام كما أقول أو غير ما أقول. وفي تهرّب من الموضوع أجاب الأخير: خلنا الآن من هالموضوع، دعنا نتحدث في الموضوع الذي جئنا من أجله. كان اللقاء منعقد من أجل التباحث في إيجاد حل للازمة السياسية التي تعصف بالبلاد. وهكذا أُغلق الموضوع.
(سينات) وزير الديوان
تعددت لقاءات سلمان وجمعيته مع وزير الديوان خالد بن أحمد. شملت الجلسات أحاديث مطولة عن: الملف الدستوري وضرورة التوافق على صيغة دستورية جامعة، ملف التمييز وضرورة المساواة بين المواطنين، ضرر التجنيس على البحرين، بالإضافة إلى ملفات عمل المجلس البلدي والنيابي وخدمات المواطنين وقضايا أخرى عديدة. كان (للسين) البطولة المطلقة في تحويل الكلام في الموضوعات المطروحة، والخروج من مأزق الرد على الحقائق والمعلومات والمآزق التي يعرضها سلمان.
التعيينات الطائفية
في أحد لقاءات سلمان مع وزير الديوان بين 2008 -2009 بعد صدور مرسوم ملكي بتعيينات ذات تركيبة طائفية، قال له سلمان: الناس تضج وتستنكر هذه التعيينات القائمة على الطائفية الواضحة والجلية وإنكم تسيئون أشد الإساءة إلى (المشروع الإصلاحي) الذي بشر المواطنين بالمساواة في الميثاق. فأجاب الوزير: "لا مو صحيح في زمن حمد بن عيسى يزداد التمييز، الملك للجميع". قال له سلمان: نعم الملك للجميع، لذلك أنت تتحمل المسئولية. فأجاب الوزير: "أنت كل شي تحطه في راسي؟"
فأجاب سلمان: نعم، لأنك أنت من يقدم الأسماء للتعيينات، ويشرف على هذه الأمور، وأنت من يعرف التفاصيل، ومن الطبيعي أن يوقع الملك على المراسيم التي تعدونها بالتعيينات، وليست له القدرة على معرفة الأشخاص وانتماءاتهم إلا في الشخصيات الرئيسية".
وأضاف سلمان: اعتدنا في السابق على تعيينات رئيس مجلس الوزراء وقراراته في أنه بين كل عشرة يعين واحد أو اثنين من الشيعة، أما الآن أصبحت المراسيم تصدر عشرة أسماء ليس بينهم واحد شيعي.
أجاب الوزير: لا تبالغ، كل المواطنين سواسية.
أردف سلمان: لنرجع إلى المراسيم والأسماء، وكلنا يعرف طائفة المعينين في المناصب المختلفة (عدا مجلس الشورى والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية )، لنرى هل المواطنين سواسية فعلاً؟
ينتهي الكلام هنا، ليعاد طرحه من جديد في لقاء آخر، وكأنه يطرح للمرة الأولى.
الدوائر الانتخابية
توزيع الدوائر الانتخابية هي واحدة من أهم القضايا التي ظلت تراوح مكانها، رغم كثرة تناولها من قبل سلمان عند التقائه برجال الدولة. استمر سلمان يتحدث بشكل متقطع حول الدوائر الانتخابية مع وزير الديوان، وأن الدوائر الانتخابية موزعة طائفياً وسياسياً، فللمعارضة 18 مقعداً، و22 للموالاة. فيكون جواب الوزير بأنها 18 مقابل 18 بينما 4 دوائر لا يعرف من يشكل فيها الأغلبية. يؤكد له سلمان أنها دوائر محسومة للموالاة، وهو ما أكدته الانتخابات النيابية في 2002 . يغمغم على الكلام وينتهي النقاش. يعود سلمان لطرح الموضوع بذات التفاصيل قبل انتخابات 2006، وينتهى النقاش بالمزيد من (السينات): "سوف ندرس". وجاءت الدوائر كما هي: 18 مقعداً للمعارضة و 22 للموالاة.
يعود سلمان لطرح الموضوع مع وزير الديوات بشكل متقطع بين العامين 2007 و 2010 قبل الانتخابات، وينتهي الحديث من قبل الوزير إلى أنه "هناك فرق في أعداد الناخبين بين محافظة وأخرى"، وتعود (السين) لتنهي الجدل والكلام الكثير: "سنرى الموضوع". ثم لا يلبث أن يعود توزيع الدوائر كما هو سابقاً.
بعد انتخابات 2010، يعاد طرح الموضوع ذاته مع الوزير ضمن موضوعات أخرى، وينتهي الكلام بأنه صحيح أن لا بد أن لا تكون دائرة واحدة في الشمالية (الأولى)، تساوي في عدد ناخبيها المحافظة الجنوبية بدوائرها الست، ويخلص الكلام إلى ضرورة إعادة رسم المحافظات والدوائر. فتكون النتيجة الأخيرة التي رأيناها: 16 - 19 دائرة للمعارضة، و21 -23 دائرة للموالاة.
يتفق سلمان مع وزير الديوان بعد جلسات ونقاشات عن الحاجة لإصلاح دستوري، وأن البحرين ليست بحاجة لتجنيس أكثر من 50 شخصا سنوياً، فيما يبقى مشروع التجنيس ماضياً بجنون محموم أكثر، يعاود سلمان الحديث عن الإصلاح الدستوري وعدم الحاجة للتجنيس من جديد، وكأنه يقوله للمرة الأولى. وفي آخر حديث بين الطرفين عن الإصلاح السياسي بين فبراير ومارس 2011، كان جواب الوزير: أننا نفكر أن نبدأ ونستفيد من التجربة المغربية.
السين المُنجَزة
في كل مرة يعود سلمان لنقاش القضايا التي طرحها سابقاً، عليه أن يعيد طرحها وكأنه يقولها للمرة الأولى، ويسمع الإجابات ذاتها وكأنها تقال للمرة الأولى، ويتلقى (السينات) ذاتها. السينات لا تتبعها إلا السينات.
على خلاف كل ما سبق من التسويف، كانت ثمة (سين) ناجزة وقوية وفاعلة: (سـ)يكون ثمن عدم مشاركتكم في انتخابات 2014 مكلفاً لكم. تلك العبارة وصلت إلى الوفاق بغير طريقة قبل اتخاذ الأخيرة قرارها النهائي بمقاطعة انتخابات 2014. إنها (سين) التهديد. تم العمل بها فوراً. لقد كانت الـ(سين) الوحيدة الماضية في التنفيذ، وكانت محاكمة سلمان أكبر إنجازاتها.