التعليق السياسي: سترة ومتفجرات "سُفرة" أم السادة
2015-07-29 - 4:26 م
مرآة البحرين (خاص): هناك في سترة إلى جانب المأساة التي تعيشها بيوتات الستاروه، لا يكف الستراويون عن ابتكار طرائفهم، وطرفة (أم السادة) مع سفرة (الخضر) والمتفجرات واحدة من الفكاهات التي تتداولها النسوة هناك، فقد أعدت ذات ليلة أم السادة سفرة (الخضر) على نية الفرج لأبنائها المطاردين، ويقتضي طقس السفرة أن تترك ليلة كاملة بدون أن يدخل عليها أحد، جهزت (أم السادة) السفرة بكل مكوناتها من الأكلات المنوعة والخضار والفواكه وأغلقت باب الغرفة وكتبت على بابها ممنوع الدخول، وذهبت مطمئنة القلب في نومها العميق على أمل أن تستفتح غدها بسفرتها خبراً، ليطمئن قلبها الوجل على أبنائها، لكن طُرّاق الليل أيقظوا سفرتها في الساعة الثالثة فجراً، وقف خفافيش الظلام على باب سفرتها وطلبوا منها أن تفتح الباب، فقالت لهم بلهجتها الستراوية المحببة: نااايبة، ناوين عليّ بنية!! ما مبطلة الباب، الغرفة متروسة متفجرات، والي ما تبغيه إمه يفتحها. خاف الملثمون وظلوا ما يقرب الساعة و(البرقيات تُعطي) حسب ما كانت تسرد أم السادة. سألوها (ليش هذه المتفجرات) قالت لهم بعفوية واثقة: ليجم، أبغي أفجركم. في النهاية أحضروا عمالاً آسيويين وطلبوا منهم يفتحون الباب، فتفاجأ الجميع بالسفرة الأنيقة، وقالوا لها أين المتفجرات؟ لم يعدم حس أم السادة الفكاهي الحيلة، فقالت لهم كل شيء على السفرة مشحون متفجرات، خصوصا (الخيار) وما يخصني إذا انفجرت، وحسب رواية أم السادة، ما هدأ خوفهم إلا ابتسامة الآسيوي، حين قال لهم: بابا هادي سفرة الخضر، ما فيه خوف.
حديث وزير الداخلية ومستشار الملك ورئيس تحرير جريدة أخبار الخليج عن الإرهاب في سترة، هو حديث يتطابق تماماً مع حديث أم السادة عن متفجرات سفرة (الخضر) إلا أنه يخلو من الطرافة والفكاهة.
سلطة تريد من شعبها أن يتهم نفسه ويقول بجدية ما قالته أم السادة عن نفسها بسخرية، هذه هي خلاصة قصة شعب البحرين مع سلطته.
قبل عام حين هاجمت السلطة (سترة) عبر إحدى صحفها، ووسمتها بالإرهاب، كتبت مرآة البحرين (سترة حالتنا) فهي الجزيرة التي تحمل كل ما في جزيرتنا (البحرين) من علامات وإيلامات.
الإرهاب ليس على مائدة سترة، هو هناك في الحضن الذي خرّج تركي البنعلي المنظر الشرعي لمفجري داعش، هناك حيث منابر الجمعة التكفيرية التي تحظى بمباركة السلطة وحمايتها وتشجيعها.المنابر التي تشتم في طائفة أهل سترة وتكفرهم وتعتبرهم خونة وتخريبيين وعملاء.
واليوم السلطة تدير إعلامها بما يؤكد كل ذلك، وكأنها تبصم بهذا الإعلام على ما تقوله حواضن الإرهاب. لذلك فسترة حالتنا، حالة جميع القرى والمناطق في البحرين في وجهة نظر السلطة وتقديرها، فائض المعنى والتحريض الذي يوجهه خطاب الإعلام الرسمي وأجهزته يغطي حالة سترة وحالات المناطق التي تشابهها.
ما كتبه مراسل نيويورك تايمز في الشرق الأوسط أنطوني شديد (Anthony Shadid) عن سترة التي زارها في أكتوبر/تشرين الأول 2011 قبل وفاته في سوريا في 16 فبراير/شباط 2012، يؤكد قراءته العميقة لهذه الجزيرة التي وجدها تمثل حالة البحرين وكأن ما يجري في مناطق البحرين يقول (حالتنا سترة).
يقول أنطوني "كانت سترة قرية ريفية يروج فيها صيد السمك والزراعة ثم تحولت إلى لوحة ترسم ملامح المدينة التي تعاني من المِحن والحرمان والألم. هذه المدينة الشيعية المكونة من 80 ألف نسمة، شديدة الاضطراب، ما جعل حتى زعماء المعارضة يبدون تعجبهم مما تقدمه من تحد".
أرادت السلطة اليوم أن تحول فشلها في إدارة شؤون 80 ألف نسمة من مواطنيها إلى تهمة لهم، ينتظر كل هؤلاء الشبان الذين سيخرجون من وسط أهلهم كأكباش فداء، يقدمون على مذبح السلطة لتشفي غضبها وتداري فشلها.هكذا تحول كل حدث إلى انتقام بدل أن تجد فيه فرصة لبناء الثقة مع مواطنيها، هكذا لن يتوقف هذا المريض عن ممارسة عنفه وتضييع فرص شفائه.
تنقل لنا أم السادة طرفة أخرى عن حالة سترة، تعبر عن الاتهام والاستهداف الممنهج لأهالي سترة، فقد قامت قوات الأمن (الشغب) بتكسير نوافذ سيارات مجموعة من النسوة، وحين ذهبن لتقديم شكاوى في المركز، كان السؤال: هل تتهمين النظام بتكسير سيارتك، من تجيب بنعم، تصادر سيارتها. فطنت إحدى سيدات سترة اللعبة وقالت، لا أتهم أحداً، يبدو أن السماء قذفتها بحجر، فأفرج عن سيارتها. هكذا تريد السلطة أن يتهم أهل سترة أنفسهم لا أن يبحثوا عن مسبب الأسباب.
حالة سترة معروفة بالإيمان بالسلمية التي هي حالة البحرين كلها، لن تكون سترة حالة إرهاب كما تريد أن تقول الحكومة للعالم، ولن تتهم سترة أبناءها الذين تعمل السلطة على تحويلهم إلى وجوه تنبئ بمستقبل قاتم، كما يقول أنطوني شديد في عنوان مقالته " في سترة المليئة بالأنقاض: وجوه الشباب تنبئ بمستقبل قاتم للبحرين".