صفاء الخواجة: من أين جاءتنا ثقافة الصفع؟
2015-08-03 - 6:14 م
صفاء الخواجة: من أين جاء سلوك الصفع؟، ولماذا أصبح سلوكا متداولا خلال السنوات الماضية بشكل ملوحظ؟ من ورءاه؟ وما غاياته؟
الصفعة الشهيرة من رجل أمن لأب يحمل طفله في قرية عالي، والتي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، وأخذت صدىً إعلاميّا واسعاً، حتى جاءت واقعة الطفل أحمد العرب "17 عاما" المعتقل في سجن الحوض الجاف، فقد ذكرت والدة أحمد بأن ابنها المضرب عن الطعام تعرض للضرب المبرح والركلات على يد أحد الضباط (السبت 25 يوليو/ تموز 2015) بعد أن قام بتقييد يديه إلى الخلف وسحبه إلى حمام الضباط بعيدا عن كاميرات المراقبة، لرفضه نعته بالحمار من قبل الضباط عندما كان متوجها للاتصال الهاتفي بعائلته، وذكر بأنه حاول المقاومة والصراخ عندما كان الضابط يضربه حتى استطاع الخروج من الحمام والوقوف أمام كاميرا المراقبة والدماء تسيل على جسده صارخًا بأعلى صوته " شوفوا يضربوني خلف الكاميرا حتى لا يتم التوثيق".
بين الانتهاكين وقعت حوادث أخرى عديدة وإهانات وانتهاكات ظلّت بعيدة عن التوثيق! وتكرار هذه التصرفات في إهانة المواطنين والاعتداء عليهم وإهانة كرامتهم يجعل من ذلك منهجاً سائداً ومقبولاً لدى البعض، ما لم تتخذ مواقف علنية رافضة لهذا الأسلوب، ليس إعلامياً فقط وإنما على أرض الواقع، حيث يجب أن يواجه هؤلاء المنتهكون عقاباً رادعاً لجرأتهم في إراقة كرامة المواطن، وينشر علناً ما يتخذ بحقهم من إجراء.
لم تقتصر الانتهاكات على المواطنين فقط بل إنها شملت المقيمين أيضا في المملكة، وكان آخرها ما حدث في 1 أغسطس/آب 2015، عامل آسيوي يصفع من قبل متجنس من أصول سورية يعمل في قوة دفاع البحرين، كما هو متداول في وسائل التواصل الاجتماعي.
كرامة الإنسان إذاً هي قيمة إنسانية، كونه إنسانا بغض النظر عن أصله وجنسه وعمره وحالته، وتعد الكرامة الإنسانية من أهم الأسس التي تقوم عليها حقوق الإنسان، وتعد منبع القوانين العادلة في دولة القانون، وهي المبدأ الرئيس الذي تُفهم من خلاله مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة.
لهذا جاء العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، مؤكدا على مبدأ الكرامة الإنسانية والمساواة وعدم التمييز.كما راعى المشرع البحريني هذا الحق في المادة "20" من الدستور "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة..".
العمل مدان في الصفعتين، إلا أن اللافت هو "مسارعة" السلطات في التحقيق في حادثة صفعة المتجنس للآسيوي، وتراخيها في صفعة الشرطي للمواطن مع غياب المساءلة!!، للعلم ... الصافع في الأولى " الشرطي" تحصل على البراءة!!
هل هنالك فرق؟! فالكرامة هدرت في الصفعتين، فلماذا تغيب المساءلة ويغيب العقاب؟ سؤال آخر مهم يطرح نفسه، وهو من أين جاءت لنا مثل هذه السلوكيات؟
إن مثل هذه السلوكيات تزايدت مع اتساع وجود جماعات من ثقافات مختلفة في المجتمع البحريني عبر حركة التجنيس الواسعة في البلاد، والمتتبع لحالات الشجار والعنف الذى يتولد بفعل الثقافة المختلفة عن بيئة البحرينين، يكتشف مدى الأخطار التى تتهدد الكرامة الإنسانية، ليس لأن هؤلاء فاقدي الشعور بها، بقدر ما يلعب عامل اختلاف الثقافات والطبائع دورا مهما في انتشار سلوكيات عدوانية، ويُعرض كرامة الإنسان باختلاف انتماءاته سواء في العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، لصفعات.!
تبقى المسئولية تقع على كاهل السلطات في كل الحالات خصوصا تلك التى تضيع فيها المساءلة، أو تأخذ شكلا سياسيا، أو طائفيا وهو ما يجعل ضريبة الصفعة تتزايد في الألم وتتسع، وقد يحضر القانون لتبريرها والدفاع عنها .وهو ما يجعل الصفعة سلوكا مشاعا.
*ناشطة بحرينية حقوقية