حسين القصاب لست "المقرحي"... وبلادك ليست اسكتلندا

حسين القصاب لحظة اعتقاله
حسين القصاب لحظة اعتقاله

2015-08-05 - 3:12 م

مرآة البحرين (خاص): في سبتمبر/ أيلول 2009 أفرجت السلطات الاسكتلندية عن الليبي عبدالباسط المقرحي المتورط بتفجير طائرة أمريكية فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية رغم تورطه في مقتل 270 راكبا، وذلك لدواعي إنسانية كما برر القضاء الاسكتلندي الأمر في وجه موقف أمريكي رافض بشدة.

"طلب الشفقة"، كما هو معروف في القضاء، لا محل له في أروقة المحاكم البحرينية، لأنه ليس هناك من معتقل يستحق الشفقة، فبمجرد أن تكون معارضا للنظام فأنت تستحق أشد العقوبات، ولو أدى ذلك إلى موتك في السجن أو عجزك الكامل عن أي فعل.
حسين علي القصاب ( 36 عاما) واجه العجز التام عن الحركة بعد أن فقد الإحساس بكلتا رجليه ودب الضعف في يده اليمنى، هو الآن يعتمد على مساعدة الآخرين ويتم نقله على كرسي متحرك جراء التعذيب الذي تلقاه منذ لحظة اعتقاله بالقرب من منزله في (14 فبراير/ شباط 2015).

وجد المقرحي شفقة الاسكتلنديين قبل أن يجدها القصاب في بلاده. ورغم تورطه بقتل 270 شخصا كان بمقدور الليبي أن ينزل من سلم الطائرة الذي أقلته إلى العاصمة الليبية طرابلس، إلا أن القصاب تم نقله لمستشفى السلمانية عاجزا تماما عن الإحساس برجليه. وبعد أن تأكدت سلطات بلاده (27 يوليو/ تموز 2015) أنه انتهى ولن يكون بمقدوره أن ينضم لـ "خصومها"، أخيرا قررت الإفراج عنه.

5 أشهر في قبضة الأجهزة الأمنية كانت كفيلة بأن تجعل من شاب يافع عاجزا مقعدا، وكانت لحظات اعتقاله الأولى كفيلة بكل ذلك. كان خارجا من منزله في أبوصيبع في الذكرى الثالثة لانتفاضة 14 فبراير/ شباط، قبل أن تلقي عليه قوات الأمن قنبلة صوتية.

كانت أصوات استنجاده بأهله تُسمع، إلا أن القوات التي أحاطت به ركلا وضربا منعت أي أحد من الوصول إليه، كانت زوجته تسترق النظر من إحدى نوافذ المنزل "صار كالكرة تحن أقدامهم، وعبثا حاولت عمته الوصول إليه بعد أن أغمي عليه".

انقطع التواصل بينه وعائلته بعد اعتقال دام خمسة أيام، لتكتشف بعد إذ أن ابنها يرقد في مستشفى القلعة، وبعد السماح له بالاتصال بعائلته أخبرهم بأن حالته الصحية سيئة جدا. وتمكنت في (25 فبراير 2015) بعد مضي 12 يومًا على اعتقاله، من رؤيته "كان لا يزال بمستشفى القلعة، يشكو عدم قدرته على المشي، ومن آلام شديدة بمنطقة الحالب نتيجة ما تعرض له من ضرب وحشي".

حسين القصاب

ورغم طلب الطبيب إبقاءه في مستشفى القلعة لمتابعة العلاج إلا أن الداخلية أمرت بنقله في اليوم التالي إلى سجن الحبس الاحتياطي في الحوض الجاف، بعد أن رمته بدائها وانسلت: القصاب متهم بالإعتداء على عسكريين! وما تقوله الأجهزة الأمنية في البحرين لا يمكن الرد عليه.

بدأت الخطة الثانية لإنهاء الخصوم كما تعتبرهم السلطات، التعذيب ثم مرحلة الإهمال من العلاج، ولكن هذه المرة على مرأى ومسمع من النيابة العامة والقضاء. لم تأخذ "الشفقة" محلها من المؤسسة العدلية التي كان يلتمس منها القصاب توفير العلاج وحمايته من الموت.

في (10 مايو 2015) أجبر على المثول أمام القاضي رغم عجزه عن ذلك، لم يستطع القصاب صعود سلالم المحكمة الطويلة فسقط وتعرضت يداه لكدمات خطيرة، لم يكن بعدها ليتمكن من حضور جلسات المحاكمة الأخرى، لكن القاضي لم "يشفق" وترك القصاب يواجه قدره.

لقد أوشك على العجز، ونقل (9 يونيو 2015) إلى السلمانية بعد أن فقد الإحساس بساقه اليسرى تماما، وأصبح يستعين بيديه لتحريك ساقه اليمنى، ومكث هناك حتى قارب على "الشلل"، حينها فقط أعلنت الداخلية: "إخلاء سبيل"!

أخلت سبيله لكن هناك العشرات من المعتقلين الذين يواجهون مصير "القصاب" أو مصير الشهيد جعفر الدرازي الذي قضى بعد التعذيب وحرمانه من العلاج، وبكل بساطة أعلنت الداخلية (26 فبراير/ شباط 2014) أن الموقوف الدرازي توفي أثناء علاجه!

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus