إميل نخلة: الاتفاق النووي: كيف تستطيع إيران تعزيز الاستقرار في المنطقة؟
2015-08-06 - 8:12 م
إميل نخلة، موقع لوبلوغ
ترجمة: مرآة البحرين
كُتِب الكثير عن اتفاق إيران النّووي والتّهديدات التي يمكن أن تمثلها إيران ما بعد العقوبات في المنطقة. هذا الخوف يقوده في المقام الأول هاجس السّعودية المَرَضي من احتمال تفوق إيران المنبعثة في المنطقة على المملكة العربية السّعودية وأعضاء آخرين من المشيخات الرّئيسية في مجلس التّعاون الخليجي.
في حال نفذت إيران شروط الاتفاق من دون الغش أو ممارسة أنشطة تخصيب اليورانيوم في الخفاء، وفي حال تمت إراحتها بشكل ملموس من العقوبات، وفي حال أعادت الدّول العربية فتح سفاراتها في طهران، قد تصبح قوة إيجابية لاستقرار المنطقة، لا محركًا للفوضى والحرب، كما تزعم كل من المملكة العربية السّعودية وإسرائيل.
يجب على إسرائيل والمملكة العربية السّعودية وحلفائها السّنة تقبل انفراجة محتملة بين إيران والغرب، لأنّهم، في حين يخف هوسهم الطّويل الأمد بشأن إيران، قد يحصلون على المزيد من الموارد لإنفاقها على الأمن القومي وغيره من الاحتياجات المحلية. دفعهم خلال المفاوضات للحصول على إيران لا تخصيب نووي لديها وذات عزلة دولية دائمة في ظل نظام عقوبات قاس كان غير واقعي وبالطّبع غير ناجح.
لم ترد كل من إدارة أوباما، التي آمنت بفعالية الدبلوماسية لتجنب الحرب، ولا حكومة روحاني ومؤيديها المحليين، أن تكون إيران مهمشة بشكل دائم. قبلت الإدارة تقييم علماء الطّاقة النّووية في الوزارة، بأنّه، على الرّغم من العقوبات، توسع نشاط إيران في التّخصيب -كميًا ونوعيًا وازداد عدد أجهزة الطّرد المركزي بشكل ملحوظ. بعبارة أخرى، لم تكبح العقوبات برنامج إيران النّووي.
من جهة أخرى، كان الرّئيس الإيراني حسن روحاني ملتزمًا بالاتفاق بسبب الاعتقاد بأن إنهاء العقوبات قد يبشر بفترة من النّمو الاقتصادي، وازدياد الاستثمارات الدّولية وربما انخفاض في البطالة. الشّباب الإيراني، المواكبون للتّطور الرّقمي، ولكن العاطلين عن العمل، يطمحون إلى التّواصل مع نظرائهم الغربيين. هم بالطّبع يمقتون الأيديولوجيات السّنية المتطرفة للدّولة الإسلامية (داعش) وغيرها من المجموعات المقاتلة والإرهابية الأخرى. يبدو أن أوباما وروحاني يريان في الاتفاق بشارة لعلاقات أفضل في المستقبل. حتى المرشد الأعلى السّيد علي الخامنئي لم يعارض الاتفاق النّووي على الرّغم من عدائه التّاريخي للولايات المتحدة.
تعاون محتمل
الانفراج المتوقع بين الولايات المتحدة وإيران ليس أمرًا غير مسبوق. لقد سادت علاقة مماثلة بين إيران والولايات المتحدة وأمريكا خلال حكم الشّاه قبل العام 1979، حين تم تأسيس الجمهورية الإسلامية. وحتى تحت حكم آيات الله، وخاصة منذ أحداث الحادي عشر من أيلول، تعاونت الولايات المتحدة وإيران في الحرب ضد الإرهاب والقاعدة. كما أقامت الدّولتان علاقات للعمل على توحيد العراق ومؤخرًا لقتال داعش في العراق وسوريا.
يمكن أن تعرض إيران تمامًا شعورها الجديد بالثّقة والفخر الوطني بالقدرات العقلية لعلمائها من خلال التّعاون الإقليمي والدّولي والالتزام الدبلوماسي والنّشاط الاقتصادي الحيوي والاستقرار الإقليمي واحتواء الإرهاب والإدارة السّلمية للنّزاعات اللقائمة على الطّائفية مع جيرانها. هذا النّوع من الالتزام قد يحقق فوائد لإيران والدّول المجاورة وقد يخدم أيضًا المصالح القومية للولايات المتحدة ودول غربية أخرى. يجب أن تعرف إيران أنّ محيطًا من الالتزام السّلمي مع الغرب ومع الدّول في المنطقة يتحقق فقط من خلال الالتزام، من دون أي مواربة، بالاتفاق النّووي.
وفي حين يدخل الاتفاق حيز التّنفيذ ويتم رفع العقوبات تدريجيًا، يمكن أن تبرز إيران كشريك راغب في البحث عن الاستقرار الإقليمي في عدة نزاعات خاصة، بما في ذلك اليمن وسوريا والعراق والبحرين وغير ذلك من القضايا.
إنهاء الحرب في اليمن
الحرب السّعودية على اليمن لم يكن يجب أن تحصل ويجب إنهاؤها. التّمرد الحوثي نتج عن الاتفاق المشين في أعقاب الرّبيع العربي بين السّعودية والولايات المتحدة، إثر انهيار نظام صالح. سُمِح للرّئيس المخلوع علي عبد الله صالح بالعودة كجزء من الاتفاق الذي أوصل نائبه عبد ربه منصور الهادي إلى الرّئاسة.
نكث صالح بوعده بعدم الانخراط في العمل السّياسي، ولكنّه بمجرد عودته إلى اليمن، بدأ بالتآمر مع الحوثيين وأقاربه وبقايا النّظام القديم ضد حكومة الهادي. أصبحت اليمن حربًا بالوكالة بين إيران والسّعودية على حساب البلاد.
التّقارب المُتَوقع بين إيران والسّعودية والولايات المتحدة قد يرسم مسارًا لليمن للتّخلص من بؤسها. جزء من صفقة اليمن قد يتمثل في تفكيك العناصر الأقوياء المؤيدين لصالح، وحرمانهم من الـنّفوذ والموارد السّياسية. ستتم "دعوة" صالح من قبل السّعودية لمكوث "موسع". وسيتم تأليف حكومة ائتلاف مكونة من السّنة الموالين للهادي والحوثيين، وسيؤيدها ويدعمها ماليًا كل من الولايات المتحدة والسّعودية وإيران. المهمة المباشرة المزدوجة للحكومة الجديدة ستتمثل في خلق فرص اقتصادية ومحاربة كل من القاعدة وداعش.
سوريا والعراق
لم يعد دعم إيران المستمر لبشار الأسد جديرًا بالتّكلفة. فمع إعادة اندماج إيران مع المجتمع الدّولي وبدئها بالسّعي لتحصيل استثمارات من الدّول الغربية، ومع خسارة نظام الأسد للمزيد من المناطق، الخيار الحازم لإيران سيكون إما بدعم نظام خاسر وغير مستقر- ومواجهة الاحتمال الحقيقي لسوريا متفككة- أو دعم الإطاحة بالأسد. يجب أن تعي إيران أن الضّباط الرّفيعي المستوى في الجيش السّوري بدأوا بالفعل بالفرار بهدوء إلى لبنان وحتى تركيا.
على الرّغم من أن السّعودية وإيران كانتا على طرفين متناقضين بشأن الانقسام السّوري، غير أن كلًا منهما دعم سوريا موحدة، والتي لم يعد الأسد قادرًا على الحفاظ عليها. موقع إيران يخولها لعب دور حاسم في إنهاء نظام الأسد، وفي الوقت ذاته تخفيض دعم حزب الله العسكري للأسد. في هذه النّقطة، تستطيع إيران حث حزب الله على تسريع عملية انتخاب رئيس في لبنان. برلمان البلاد لم يكن قادرًا على انتخاب رئيس منذ أكثر من عام. وكحزب سياسي مؤثر في الجسم السّياسي اللّبناني، يستطيع حزب الله دفع البرلمان لانتخاب رئيس وبعدها الدّعوة إلى انتخابات عامة. غير ذلك، سيستطيع داعش تسييس الجمود السّياسي اللّبناني لصالحه.
إيران والسّعودية تنظران إلى تهديد داعش من المنظور ذاته. داعش يعارض كل من المملكة الاستبدادية السّعودية السّنية وإيران الشّيعية. القيادة الإيرانية يمكن أن تبدأ قريبًا بالنّظر إلى الأسد كهدف سهل المنال. اتفاق إيراني-سعودي حول سوريا، ستدعمه كل من تركيا والأردن، يمكن أن يطالب بتنصيب قوة حفظ السّلام التّابعة للأمم المتحدة، لوقت محدد في سوريا لإحداث فترة انتقالية معقولة أقل فوضوية بعد الأسد. "الخلافة" التي نصبت نفسها في الرّقة ومناطق أخرى من سوريا ستشكل الخطر الأكبر على سوريا ما بعد الأسد، التي سيتوجب على الدّول الإقليمية، بما فيها إيران، أن تحاربها معًا.
في غضون ذلك، لا يمكن لإيران ربما أن تتجاهل الاستبعاد المنهجي للعراقيين السّنة واستياءهم والأسباب التي تدفعهم إلى دعم داعش. وفي حين تنضم إيران إلى السّعودية والأردن وتركيا في قتال داعش في العراق، يمكن لها أن تكون شريكًا إيجابيًا في العراق.
بسبب تأثيرها في بغداد ودعمها المستمر للميليشيات الشّيعية، يمكن لإيران أن تلعب دورًا محوريًا في "إقناع" الحكومة العراقية، برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي، بجعل الحكومة أكثر شمولية وفتح فرص التّوظيف أمام السّنة في قوات الدّفاع والصّناعة والمناصب الحكومية الرفيعة. ينبغي على إيران أن تشجع العبادي على الوصول إلى القبائل السّنية في محافظة الأنبار وتحفيزهم بشكل ملموس على محاربة داعش في شمالي العراق. لا يمكن المبالغة في تقدير الدّعم الإيراني لإعادة هيكلة النّظام السّياسي في العراق.
خليج جديد؟
استمرار الحرب الأهلية في البحرين، النّاجم عن سوء معاملة حكومة الأقلية السّنية للغالبية الشّيعية، لا يخدم مصالح كل من السّعودية أو إيران. خطران محتملان تواجههما أسرة آل خليفة الحاكمة: تنامي نفوذ داعش وحضورها بين شرائح من السّكان السّنة، والتّطرف المحتمل لبعض العناصر الشّابة داخل المجتمع الشّيعي.
يواصل النّظام سجن قادة المجتمع، من الطائفتين السّنية والشّيعية، الذين ينتقدون سجله المخزي في مجال حقوق الإنسان. حملة القمع الشّرسة أدّت إلى اعتقال وإدانة الشّيخ علي سلمان، وهو زعيم الجمعية السّياسية الشّيعية المعارضة الوفاق، وناشط مؤيد للحوار، وأيضًا ابراهيم شريف، وهو زعيم الجمعية السّنية وعد، الذي انتقد أيضًا القمع الدّموي.
وأثناء تأملها الأفق الاستراتيجي للخليج في أعقاب الاتفاق النّووي، على الحكومة السّعودية الجديدة، برئاسة محمد بن نايف ونائبه محمد بن سلمان، وبتوجيه الملك سلمان، أن تدرك أن العنف المستمر في البحرين يشكل تهديدًا لآل خليفة وللمنطقة. هنا، مجددًا، تستطيع إيران والسّعودية إيجاد أرضية مشتركة مستندة إلى أسس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص. وكما فعلت الطّائفة الشّيعية في السّابق، في حال تم إشراكها في العملية السّياسية مع حصولها على الفرص الاقتصادية وفرص العمل، فإنها ستكون على استعداد للعمل تحت مظلة آل خليفة.
وفي حال كان كل من الوكالة الدّولية للطّاقة الذّرية والعلماء النّوويين الأمريكيين راضين عن سلوك إيران، ولم ينهر الاتفاق النّووي، ستغزو الشّركات الغربية قريبًا الأسواق الإيرانية، ما يشكل أخبارًا سارة لتجار البازار الإيرانيين. عدد من الأمريكيين والغربيين سيتعلمون تقدير التّراث والتّاريخ الثّقافيين الإيرانيين الغنيين. سيتزاحم المزيد من الطّلاب الأمريكيين لدراسة اللغة الفارسية، وهي لغة هندو أوروبية مكتوبة بأحرف عربية. وسيحسن العالم العربي وإسرائيل صنعًا بالتّحرك في هذا الاتجاه.
22 يوليو/تموز 2015
النّص الأصلي
- 2024-11-13وسط انتقادات للزيارة .. ملك بريطانيا يستضيف ملك البحرين في وندسور
- 2024-08-19"تعذيب نفسي" للمعتقلين في سجن جو
- 2024-07-07علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ
- 2024-07-02الوداعي يحصل على الجنسية البريطانية بعد أن هدّد باتخاذ إجراءات قانونية
- 2024-06-21وزارة الخارجية تمنع الجنسية البريطانية عن ناشط بحريني بارز