الشيخ حسن عيسى وفوتوشوب السلطة: التكافل الاجتماعي بوصفه إرهاباً
2015-09-01 - 12:07 ص
مرآة البحرين (خاص): "استمرار سلمية شعب البحرين ليست مرهونة بردّة فعل الطرف الآخر، فهي مبنية على استراتيجية تنطلق من أخلاقية هذا الشعب وطبيعة تكوينه وخلفيته الدينية وانتمائه الإسلامي العريق".
هكذا يرى الشيخ حسن عيسى إلى السلمية: تكوين أخلاقي وديني أصيل في الشعب البحريني. العنف ليس خياراً مرغوباً عند هذا الشعب ولا يناسب أخلاقه العامة. بهذا الوضوح يحسم الشيخ حسن موقفه من العنف.
النائب الوفاقي المستقيل الشيخ حسن عيسى (مواليد 1970 سترة- واديان)، هو ذاته المتهم حالياً من قبل الداخلية "بجمع أموال من الداخل والخارج وتمويل الجماعات الإرهابية" وفق ما قالت الداخلية. زعمت في بيانها المنشور اعترافه بالتهم المنسوبة إليه، الأمر الذي نفاه الشيخ جملة وتفصيلاً أثناء زيارة عائلته الأخيرة له في 30 أغسطس 2015.
حصد الشيخ حسن أعلى عدد من الأصوات في انتخابات 2010 النيابية ممثلا للوفاق في جزيرة سترة. هذه الأصوات لم يحصل عليها من فراغ الناخبين، بل من امتلاء قلوب أهالي جزيرة سترة به.
وبقدر صعوبة هذه المنطقة واختلاف تنوعاتها السياسية المعارضة واختلاف سقوفها ومواقفها المتباينة من المشاركة في الانتخابات، فقد اجتمع خيارها على الشيخ حسن بنسبة 92%. يقول النائب الوفاقي المستقيل مطر مطر: "لقد كان خياراً ناجحاً لمنطقة صعبة. لم يكن أهل سترة متحمسين للمشاركة في الانتخابات لكن بسبب شعبية الشيخ حسن صارت نسبة المشاركة عالية".
عُرف الشيخ حسن ببشاشته ومرحه وحيويته، فضلاً عن دوره الديني والسياسي والاجتماعي. الشعبية العريضة تكونت عبر تاريخ عريض من النضال الوطني، ودور وعظي وديني، وتفانيه في تحسس آلام الناس واحتياجاتهم وتقديم الخدمات الإنسانية لهم، "كان يقوم بدور إنساني كبير في مساعدة المعوزين والمحتاجين والمحرومين وأي مساعدة مالية تنطلق من هذا الأفق الإنساني والشرعي، وهذا هو دوره منذ عقود من السنين، وهناك فقراء ومحتاجون يعتمدون على الشيخ في المساعدة الاجتماعية لتوفير لقمة العيش لهم" يقول رئيس شورى الوفاق النائب السابق السيد جميل كاظم.
إصلاح ذات البين كانت مهمّة أخرى وضعها الشيخ حسن على عاتقه، ما جعله ملجئاً للكثيرين، حتى حين يتعلّق الأمر ببعض المشاكل الخاصة في المنطقة "كان رجل دين يتحسس آلام الناس وحاجاتهم المختلفة ويعمل على حلها كإصلاح ذات البين أو أية مشاكل في المنطقة" يقول عضو شورى الوفاق حامد خلف.
عرف الشيخ حسن بهذه الأخلاق قبل أن يكون نائباً برلمانياً، بل حتى قبل أن يصير معمماً، كان قبلها رادوداً معروفاً في سترة، وكان مجلسه كما قلبه مفتوحاً للناس واحتياجاتهم ومشاكلهم، يصفه الرادود الحسيني عبدالجبار العصفور "حتى قبل أن يكون معمماً، كان الشيخ حسن يحب الناس، يتقرب إليهم، يساعد المحتاجين، ينخرط في المجتمع، يحاول أن يكون خادما للناس قريبا منهم، لم ينزعج يوما من مساعدة أحد، تشعر معه بالأنس"، ويضيف "مجلسه مفتوح دائماً للناس حتى من تعرف عليهم حديثا، يتقرب للبعيدين قبل أن يتقربوا إليه، يتعرف على صغار السن وكبار السن، يتعرف على الناس في الصلاة والمسجد وفي الطرقات".
بعد أن أصبح نائباً برلمانياً، بقي الشيخ حسن على صلته بالناس، لم يُبعده العمل النيابي ومشقته عن التواجد بين الناس، بل عزّز وجوده أكثر، صار يحمل مسؤوليات الناس بشكل رسمي "في كثير من الدوائر كان طموح الناس بمزيد من التواصل مع ممثل الدائرة مع الناس. في سترة لم تكن هذي المشكلة موجودة بسبب شعبية الشيخ" يقول مطر مطر.
بالإضافة إلى الحضور الاجتماعي والإنساني الذي عرف به الشيخ حسن، فهو صوت سياسي متمكن وكاسر، لا يقبل الارتخاء ولا المماججة. طالما أكد أن شعب البحرين ليس مسلوب الإرادة كما تحاول السلطات أن تروج عنه، وأن الشعب سيستمر في حراكه الثوري من أجل استرداد حقوقه المشروعة. لكنه في كل مرة يؤكد على الحراك السلمي ولا يتعداه باعتباره إحدى ثوابت هذا الشعب، كان يقول: "نحن مع كل فعالية سلمية تطالب بحق ضاع في جيوب المتنفذين وغرف السياسة المغلقة، ومساندة كل مظلوم ومحروم".
يرى الشيخ حسن أن سلمية الشعب البحريني هي مسألة أخلاقية، ترتبط بأصل هذا الشعب وطبيعة تكوينه وخلفيته الدينية. لهذا كان من السخف أن توجه له تهمة تمويل الإرهاب أو دعمه، وهو المستنكِر له، بل إنه طالما استنكر أن لا تحرج هذه السلمية هذا النظام: "السلمية من الممكن أن تحرج أي نظام يحمل بعض القيم الأخلاقية، ولكنها للأسف قوبلت بعنف منقطع النظير واستمرار في القتل والتعذيب من قبل النظام البحريني، وهو ما يؤكد سقوط الجانب الأخلاقي عنده بشكل مستغرب، على الرغم من أنه نظام مسلم حسب الظاهر" يقول.
لقد رأت السلطة أن تكيل للشيخ حسن بمكيال إرهابها، وهو الذي اعتاد أن يواجهها بعنفها الرسمي ضد الحراك السلمي، ويفضح أساليبها الإعلامية القذرة في تحريف وجه الحراك البحريني السلمي، إلى وجه آخر لا يشبهها، هو وجه العنف والإرهاب والتبعية لدول خارجية، كان يقول للسلطة: "سلمية شعب البحرين منذ انطلاق حراكه وحتى اليوم عرّت في المقابل عنف السلطة، فكانت المعادلة شعب سلمي يُقابل بعنف رسمي، وهي المعادلة التي حاول النظام تغييرها بحملات العلاقات العامة، فيما لجأ إلى أساليب قذرة لتغيير مظاهر الحراك الشعبي من خلال العبث بالشعارات التي تكتب على اليافطات ببرنامج الفوتوشوب من أجل وصم هذا الحراك بالعنف والتخلف والانتماء للخارج".
إنه الفوتوشوب الذي استخدمته السلطة منذ اعتصام دوار اللؤلؤة في 2011 لتحريف وجه الثورة ووصمها بالعنف والتبعية لإيران، عبر تزييف الكتابات التي كان يرفعها المحتجون، هو الفوتوشوب ذاته الذي تستخدمه اليوم لتحيل كل شكل من أشكال الاحتجاج السلمي، إلى صورة من صور الإرهاب والتبعية لإيران، الفوتوشوب الذي حرّف وجه المساعدات الإنسانية التي يقدمها الشيخ لعوائل المحتاجين والمتضررين، من كونها فضيلة من فضائل التكافل الاجتماعي التي تحث عليها الأديان والأخلاق فوالأعراف الانسانية، إلى دعمٍ وتمويل للإرهاب.