» رأي
أنا متفائل بالساحات
حسين يوسف - 2012-01-12 - 11:34 ص
أنا متفائل. وتفاؤلي قرأته عن الساحات. الساحات المفتوحة للحراك الشعبي من كل الأطراف الفاعلة والمُحاولة والراغبة، حتى تلك التي احتوتها السلطة أو تحاول احتوائها.
متفائل لأن هناك خطابا معارضا ينشئ في الرفاع وفي المحرق، يعود الفضل للثورة في نشوء هذا الخطاب وفي كسر حاجز الخوف. وفي المقابل لا أستغرب تعمّد السلطة شيطنة الأطراف الوطنية في نظر بعضها، فمخابراتها تعمل على تقسيم المعارضة وتأليب أطرافها على بعض.
لا يمكن تجاوز مخالفات السلطة منذ إنشاء حكومتها الأولى، ولكنها أيضا لم تمتنع عن الالتفات لمصالحها والعمل بمقتضى ذلك على تشويه مطالب المعارضة السياسية ومحاصرتها، وحالت بين تحولها من تهديد حقيقي إلى برنامج عمل طيلة سنوات خلت. واليوم تعمل على فصل المطالبين بحقوقهم الاقتصادية عن الحراك والضغط السياسي، لأنها عاجزة عن استيعابه فتحاول نقله إلى قناة حديث أخرى لا تلتقى بالمصب العام للحراك.
والواقع أن كل الواقفين أمام سياسة حكومة القمع وإلغاء صوت الشعب وخياراته يمكن أن يلتقوا تحت سقف معارضة شعبية متنوعة لتحقيق الديمقراطية. هناك من يعارض برامج السلطة لأسباب دينية وثقافية، وهناك من يعارضها لأسباب سياسية. حملة إيقاف تامر حسني -على سبيل المثال- نالت تأييدا في مجاميع سلفية وإخوانية عبرت عن ذلك وإن ليس بنفس الصوت العالي الذي رفعه نشطاء المعارضة، النتيجة كلا الخطابين يقفان بوجهه، وهو مصير كل خطاب قال لا للسلطة منطلقا من مختلف الخلفيات الدينية والآيدلوجية.
تعي السلطة خطورة أن يتكاثر الخطاب المعارض وأن يلتقي، وسعت ما استطاعت للحد من أي تجمع لا تملك فيه القدرة على إدارة الانفعال والتوجيه. واليوم ظهر خطاب في الرفاع يعلن أن آل خليفة يسرقون وينهبون الأراضي، جميل، سيتطور هذا الخطاب ويصل إلى نقطة ما، يمكن أن تلاقيه عندها أطياف أخرى في المعارضة التقليدية.
العناوين والواجهات الطائفية صنعتها السلطة، وسعت لتكريسها لأنها تعلم أنه الحاجز الذي مكنها القفز على جنبتيه. وهي عورة لا يمكن سترها طويلا أمام شعب ينبش في تراكم الفساد عن مصالحه التي انهارات بعيدا عن كل يافطات السلطة. وسيكتشف من لم يلتفت منهم أن خلاصه في خلاصة تحمل اسمه: الشعب مصدر السلطات.
أذكر بحديثنا للسلطة في مارس: "الحاجز الطائفي هش ومصير الشعب نيل حقه في تحقيق وإدارة دولته".و"القالب الطائفي الذي حاولت السلطة حشر المجتمع فيه سينقلب عليها وبالا".
وإذا صح أن نسمي ما نحن فيه ثورة، جاز أن نسمي ما يدأ ينهض في الرفاع والمحرق بالحراك، وكلاهما يسعان الجميع. والأكثر من ذلك، أرى أنهما في مسار طبيعته الالتقاء لو أتيحت له الفرص والأجواء، ولو بعد حين.
ألم ينجح ميدان اللؤلؤة واعتصام السلمانية في استقطاب الكوهجي والحويحي والجناحي وآخرون. نعم، لم ينضج الاندماج بسبب دخول السلطة على الخط، ولكن هذا لن يستمر، ليس إلى الأبد.
لست حالما، هذا مصير حتمي: أن تلتقي الأطراف الشعبية على مشتركات في مطالبها رغم الاختلافات القائمة، لا يحمل الجميع ذات النفس والروح ولكن الحراك يتطور ونتائج ذلك تكون جبهات معارضة جديدة واجبنا احتضانها ما استطعنا.
نحن بخطابنا وتجربتنا الثورية نخطئ وننضج. وكذلك سينضج خطاب الآخرين، ستنضجه التجربة والعمل. لا أشعر بالإحباط واليأس من علو أصوات الموالاة، فبين كل ذاك الصخب ظهر اعتصام الرفاع الذي أشار لآل خليفة بالسراق. وفاز خطاب النائب التميمي(1) بهتاف رضى جمهور لم يتعود هذه اللهجة والصراحة المستجدة.
الآن يعمل خطاب الثوار وفعلهم في بيئتهم، وبقية الخطابات في بيئتها تعمل، سيأتي زمن تتوفر فيه بيئة تلتقي فيها هذه الخطابات..أنا متفائل.
*كاتب بحريني