عن بيان مؤجّل لم تصدره واشنطن
2016-02-21 - 2:51 ص
مرآة البحرين (خاص): على طريقة الدراما التلفزيونية، انتظرت الولايات المتحدة مغادرة طاقمها الصحافي الذي كان معتقلا في البحرين، لتطلق بيانها حول ذكرى الرابع عشر من فبراير.
صادفت الذكرى يوم الأحد، وهو يوم العطلة الأسبوعية في واشنطن، لكن الخارجية الأمريكية لم تصدر بيانها سوى يوم الأربعاء، بعد أن انقشع الغبار عن الحادثة التي هزّت دوائر الإعلام في واشنطن، وهي اعتقال 4 صحافيين أمريكيين في البحرين، وتوجيه التهمة لأحدهم بالمشاركة في أعمال عنف ضد قوات النظام.
هو بيان مؤجّل على ما يبدو، ولكن أن يأتي متأخّرا خير من أن لا يأتي على الإطلاق.
مشكلة البيان الأمريكي، الذي لا بد وأن يكون وزير الخارجية جون كيري قد اطّلع عليه بنفسه، هو أنّه يعاني من خلل، وفراغ واضح، في صيغته النهائية. يبدو البيان ناقصا!
ففي حين يبدأ بالإشارة إلى ذكرى 14 فبراير (قبل خمسة أعوام، في مثل هذا الأسبوع، خرج البحرينيون من جميع التوجهات للمطالبة بالإصلاح السياسي...) يقفز فجأة إلى إصلاح الأجهزة الأمنية! والقيود المفروضة على النشاط السياسي، وحرية التجمع، وحرية التعبير، والإفراج عن زعماء المعارضة، الشيخ علي سلمان وإبراهيم شريف!
ثمّة فجوة في البيان، جعلته متخلخلا.
لماذا لا تريد الإدارة الأمريكية التذكير بكل ما حدث في مثل هذه الأيام قبل 5 سنوات؟ لماذا لا تريد أن تروي القصّة كاملة، رغم أنّها كانت شاهدا بل طرفا فاعلا جدا فيها، وتعرف كل ما كان يجري أكثر من أي أحد؟
لماذا لا تقول الخارجية الأمريكية ماذا كان دورها في مبادرة ولي العهد ومفاوضاته مع الجمعيات السياسية؟ لماذا لا تعلن المسئول تحديدا عن فشل هذه المفاوضات، والذي أمر بسحق المتظاهرين والقضاء على الانتفاضة فورا؟
على أية حال... هناك من كان طرفا في هذه الأحداث في الخارجية الأمريكية، ورواها فعلا!
رواية هيلاري كلينتون لما جرى خلف الكواليس السياسية بين فبراير ومارس 2011
في 2014 نشرت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، والمرشحة الحالية للانتخابات الرئاسية 2016، هيلاري كلينتون، مذكّراتها في كتاب تحت عنوان «خيارات صعبة»، l واستعرضت في القسم الخامس من الكتاب أحداث دوار اللؤلؤة، وهجوم قوات النظام على المحتجّين فيه في 17 فبراير/شباط 2011، كاشفة عن اتّصال هاتفي أجرته مع نظيرها البحريني بعد الخميس الدامي، نتج عنه إيفاد مساعدها السياسي جيفري فيلتمان إلى البلاد.
كلينتون أكّدت أن فيلتمان قضى وقتا طويلا في المنامة بعد 17 فبراير وشجّع ولي العهد على تنظيم حوار وطني، وعمل في الكواليس للتوصل إلى تفاهم بين العائلة المالكة وقادة المعارضة الشيعية الأكثر اعتدالا، بحسب وصفها.
وأكّدت في كتابها إن الاتّفاق بين المعارضة وولي العهد كاد أن يحدث في منتصف مارس/آذار برعاية أمريكية، لولا دخول القوات السعودية وقضائها على كل شيء.
وقالت كلينتون إنها تحدثت إلى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل وألحت عليه لإيقاف استخدام القوة في إخلاء المحتجين، وطلبت منه مهلة ليوم واحد لإنجاح المفاوضات، لكنّ الفيصل، الذي وصفته بالعنيد، رفض بشدّة، واعتبر أن الموضوع يمس استقرار الخليج.
تصريحات كلينتون عن البحرين، كما تصف في مذكّراتها، كادت أن تتسبّب في انسحاب الإمارات، والمجموعة العربية، من التحالف العسكري الذي نظّمته واشنطن لضرب نظام معمّر القذّافي، الأمر الذي أدّى في النهاية إلى تغيير لهجتها كلّيا، واعتبار التدخّل العسكري في البحرين حقا مشروعا.
البيت الأبيض بعد 5 سنوات
مثل هذه الرواية هي ما خلت منه بيانات الإدارة الأمريكية عبر هذه السنين.
5 سنوات، ولا يزال البيت الأبيض يبحث عن طريقة لـ"إحداث تغيير سلمي" في البحرين، وتنفيذ إصلاحات، والحصول على حقوق، وحريات، واستقرار، وتقدّم، حسبما جاء في بيان الخارجية الأمريكية.
لماذا لا يقول البيت الأبيض صراحة إن ما حوّل مسار المطالبة بالديمقراطية والتغيير السياسي، إلى مسار المطالبة بوقف التعذيب والاضطّهاد، هو لا شيء سوى سكوت واشنطن وتراجعها أمام التشدد والهيمنة السعودية؟!
لماذا لا تقولون إن تضحيتكم بحق الشعب البحريني في الحرية وتغطية التدخل العسكري الإماراتي والسعودي، لم تعد بأي خير على ليبيا، ولا على سوريا، ولا على اليمن، ولا على العراق، ولا على لبنان، ولا على أي دولة عربية يتدخّل فيها حلف الشيوخ الخليجي؟
لماذا لا تعترفون بأن تخبّط مواقفكم السياسية، وتحالفكم العسكري مع أنظمة تزداد جنونا مثل السعودية والإمارات، هو ما قضى على كل أمل في التغيير، وهزّ كل أركان الاستقرار في الشرق الأوسط، وفي الأخير سمح لتنظيم مثل داعش بالظهور في التاريخ والجغرافيا؟
نص مذكّرات هيلاري كلينتون عن أحداث البحرين في 2011 على موقع المرآة