الإندبندنت: باتريك كوكبورن: السعودية الحصان الضعيف في الخليج لكن بريطانيا ما تزال تدعمها ردًا على بريكسيت

باتريك كوكبورن - صحيفة الإندبندنت - 2016-10-05 - 5:54 م

ترجمة مرآة البحرين

لماذا تخصص الحكومة البريطانية الكثير من الوقت والجهود لرعاية حكام البحرين، وهي جزيرة صغيرة مشهورة على خلفية تعذيبها لناقديها؟ إنها تفعل ذلك في حين ستقوم محكمة بحرينية بالحكم على نبيل رجب، المدافع البارز عن حقوق الإنسان في البلاد، الذي احتُجِز في السجن الانفرادي في زنزانة قذرة مليئة بالنّمل والصراصير، بمدة تقرب من السجن 15 عامًا على خلفية نشر تغريدات تنتقد التّعذيب في البحرين والقصف السّعودي على اليمن.

مع ذلك، تم الإعلان للتو أن الأمير تشارلز وكاميلا، دوقة كورنوال، سيقومان بزيارة رسمية إلى البحرين في نوفمبر/تشرين الثاني بهدف تحسين العلاقات مع بريطانيا.

ليس الأمر كما لو أن البحرين كانت بحاجة إلى زيارة مسؤولين بريطانيين بارزين، مع زيارة وزير التجارة البريطاني ليام فوكس البحرين في أوائل سبتمبر/أيلول للقاء بولي العهد، ورئيس الوزراء ووزير التّجارة. وكما لو أن ذلك لم يكن كافيًا، في الأيام القليلة الأخيرة، وجد وزير الدّولة البريطاني لشؤون أوروبا آلان دنكان أنّه من الضّروري زيارة البحرين حيث التقى بالملك حمد بن عيسى آل خليفة ووزير الدّاخلية الشيخ راشد آل خليفة، الذي تُتَهم وزارته بمسؤوليتها عن بعض أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان في الجزيرة منذ سحق احتجاجات الربيع العربي  هناك في العام 2011 بمساعدة القوات السعودية.

فعلًا، يبقى السبب الذي دفع السير آلان، الذي قد يُعتَقَد أنّه لديه ما يكفي للتّعامل معه ضمن نطاق مسؤوليته في أوروبا ومنطقة بريكسيت، ليجد أنه من الضروري زيارة البحرين، محاطًا بشيء من الغموض. سيد أحمد الوداعي، المدير التّنفيذي لمعهد البحرين للحقوق والديمقراطية، يسأل: "ما هو سبب وجود آلان دنكان في البحرين؟ ليس لديه أي عمل منطقي هناك كونه وزير الدّولة لشؤون أوروبا"، لكن السير آلان لديه سجل كبير من الصداقات مع الممالك الخليجية، إذ  صرح لصحافي في يوليو/تموز أن السعودية "ليست نظامًا دكتاتوريًا".

سلسلة الزّيارات الرّفيعة المستوى إلى البحرين تأتي في الوقت الذي ينتظر فيه نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، الحكم عليه الأسبوع المقبل على خلفية ثلاث تهم ناجمة عن استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي. وتتعلق [التهم] بالتّغريد وإعادة التّغريد عن التّعذيب في سجن جو في البحرين والأزمة الإنسانية التي تسبب بها القصف السعودي على اليمن. وبعد نشره مقالًا عنوانه "رسالة من سجن بحريني" في صحيفة النّيويورك تايمز منذ حوالي شهر مضى، اتُّهِم بنشر "أخبار وتصريحات وزائفة وإشاعات مغرضة تسيء إلى هيبة المملكة".

هذه "الهيبة" تم تحديها بشكل كبير منذ أن تم قمع المحتجين المطالبين بالدّيمقراطية، المنتمين على نطاق واسع إلى الغالبية الشيعية في الجزيرة، على يد قوات الأمن. ومنذ ذلك الحين، بذلت المملكة السنية كل جهودها لضمان نفوذها وتعزيزه، من دون أن تتردد في تأجيج التّوترات السّنية-الشّيعية من خلال سحب جنسية رجل الدين الأكثر شعبية في البلاد، الشّيخ عيسى قاسم، على أساس أنه كان يخدم مصالح قوة أجنبية.

وتصاعد القمع منذ مايو/أيار مع تعليق الجمعية المعارضة الأساسية، الوفاق، وزيادة حكم السجن الصادر بحق زعيمها، الشّيخ علي سلمان. أسرة آل خليفة تعتقد على الأرجح أن الاعتراضات الأمريكية والبريطانية على هذه الحملة هي فقط للسجل، ويمكن تجاوزها بأمان. وزير الخارجية البريطاني السّابق فيليب هاموند زعم  في وقت سابق من العام الحالي، من دون خجل، أن البحرين "كانت تسير في الاتجاه الصحيح" في ما يتعلق بحقوق الإنسان والإصلاح السياسي. من الواضح أنّه يتم الآن التّخلص من مهزلة القلق بشأن حقوق الغالبية في البحرين، كما يظهر من خلال العدد الكبير من الزيارات.

هناك أسباب ليس لها أي علاقة بحقوق الإنسان، تحفز الحكومة البريطانية، مثل الاتفاق الأخير على توسيع قاعدة بحرية بريطانية في الجزيرة [البحرين] مع تمويل الأمر من قبل البحرين. وفي الدّليل الذي قدمته للّجنة المختارة للشّؤون الخارجية، قالت الحكومة إن المرافق البحرية البريطانية على الجزيرة "تمكن الأسطول الملكي من العمل ليس فقط في الخليج بل أيضًا وراء البحر الأحمر وخليج عدن وشمال غرب المحيط الهندي". وادعى شاهد خبير آخر أنّه بالنّسبة لبريطانيا، "فإنّ المملكة هي بديل لحاملة طائرات متمركزة بشكل دائم في الخليج".

هذه الأحلام باستعادة القوة البحرية ليست  واقعية على الأرجح، على الرّغم من أن السّياسيين البريطانيين قد يكونوا عرضة لها على الأرجح في الوقت الحالي، متصورين أنّه بإمكان بريطانيا إعادة التّوازن سياسيًا واقتصاديًا بعد بريكسيت عن طريق توثيق العلاقات مع حلفائها القدامى، الشبه معتمدين عليها، مثل الممالك الخليجية. هؤلاء الحكام يعتمدون في نهاية المطاف على دعم الولايات المتحدة وبريطانيا للبقاء في السّلطة، على الرّغم من الأسلحة الكثيرة التي يشترونها. البحرين مهمة أكثر مما يبدو لأنها واقعة تحت التّأثير السّعودي القوي وما يرضي حكام آل خليفة يرضي آل سعود.

لكن بالخضوع بتذلل للسّعودية وللممالك الخليجية، قد تكون بريطانيا تراهن على الحصان الضّعيف في الوقت الخاطئ. بريطانيا وفرنسا و-مع تزايد الشكوك- الولايات المتحدة وافقوا، منذ العام 2011، على سياسة الدّولة الخليجية لتغيير النّظام في ليبيا وسوريا. السّعودية وقطر، بالاتفاق مع تركيا، قدّمتا دعمًا حاسمًا للمعارضة المُسَلحة ضد بشار الأسد. المبعوثون الأجانب السّاعون إلى إنهاء الحرب السّورية منذ العام 2011 اصطدموا بالالتزام البريطاني والفرنسي بالموقف السّعودي، حتى وإن عنى استمرار الحرب التي أدت إلى انعدام الاستقرار في المنطقة وإلى نزوح جماعي للاجئين باتجاه أوروبا الغربية.

ومهما اعتقد السّعوديون والممالك الخليجية أنهم يقومون به في سوريا، لم ينجح ذلك. لقد كانوا يقطعون الغصن الذي كانوا يجلسون عليه من خلال نشر الفوضى، ودعم انتشار تنظيمات على نموذج القاعدة، مثل داعش والنصرة، بشكل مباشر أو غير مباشر. وكذلك في تنافسهم مع إيران والقوى الشيعية، حيث إنّ الممالك السنية في وضع غير مؤات، لكونها شنت حربًا ضروسًا في اليمن، وهي تفشل في الفوز بها.

في الأسبوع الماضي، عانت السّعودية من نكستين جديتين كما أي من هاتين الأخريين: يوم الأربعاء، صوت الكونغرس الأمريكي بأغلبية ساحقة لتجاوز فيتو رئاسي، الأمر الذي يمكن عوائل ضحايا 11 سبتمبر/أيلول من مقاضاة السّعودية.

على مستوى الرّأي العام الأمريكي، فإن الحكام السّعوديين يدفعون في نهاية المطاف ثمنًا على خلفية دورهم في نشر التّطرف السّني وقصف اليمن.

الأسلوب السّعودي أصبح الآن سامًا للولايات المتحدة مع ردود السّياسيين الأمريكيين على الاعتقاد السّائد لدى النّاخبين بوجود تواطؤ سعودي في انتشار الحرب والإرهاب.

النّكسة السعودية الثّانية مختلفة، لكنّها تجعلها أيضًا أضعف. في مؤتمر منظمة أوبيك في الجزائر، أوقفت السّعودية سياستها الطويلة الأمد في ضخ ما يمكنها ضخه من النّفط، ووافقت على خفض الإنتاج من أجل رفع سعر النّفط الخام. ودافعها على الأرجح لفعل ذلك هو نقص المال. الاحتمالات للاتفاق الجديد مبهمة، لكن يبدو أن إيران حصلت على أغلب ما أرادته من العودة إلى مستوى إنتاجها قبل فرض العقوبات عليها. إنّه من المبكر أيضًا أن نرى السّعودية ونظراءها الخليجيين على طريق الانهيار الذي لا مفر منه، لكن قوتهم في تراجع.


النّص الأصلي
   


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus