إميل نخلة: البحرين و"الإرهاب المدعوم من إيران"

إميل نخلة - لوبلوغ - 2017-01-20 - 5:43 م

ترجمة مرآة البحرين

في مقال حديث، سلط ماثيو ليفيت ومايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسة الشّرق الأدنى الضوء على الدّعم الإيراني "للإرهاب" في البحرين واقترحا مسارًا مستقبليًا للبلاد "يُوازن بين الأمن وحقوق الإنسان". وعلى الرّغم من أن الكاتبين أشارا بحق إلى أنّه يتوجب على البحرين القيام بالمزيد لمعالجة مشاكل حقوق الإنسان، إلا أن مقالهما يعاني فعليًا من ثلاثة افتراضات خاطئة. هما يعتقدان أن إيران تقود وتدعم  الجزء الأكبر من المعارضة ضد النّظام، وأن الإرهاب في صلب الاضطرابات الدّاخلية، وأن نظام آل خليفة بذلوا جهودًا جدية لتنفيذ توصية رئيسية للّجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، في حين إنّهم في الواقع تجاهلوا تقريبًا غالبية التّقرير المُدمر. علاوة على ذلك، رسم الكاتبان علاقة سببية مريبة بين انتشار التّشدد المُناهض للنّظام والاتفاق النّووي الإيراني مع  مجموعة الـ 5+1 ووبّخا فقط  باعتدال النّظام على خلفية "تعامله مع المحتجين والكادر الطبي كإرهابيين".

لا يهدف هذا الرد إلى تبرئة إيران من أنشطتها الشّائنة في الخليج، ولكن، بدلًا من ذلك، إلى الإشارة إلى أنّ عائلة آل خليفة الحاكمة قد قمعت الغالبية الشّيعية على مدى عقود، قبل فترة طويلة من الرّبيع العربي في العام 2011 وحتى قبل إنشاء الجمهورية الإسلامية في إيران في العام 1979. يبدو ليفيت ونايتس غافِلَين عن استراتيجية النّظام القائمة على التّلويح بشبح الإرهاب والخوف من إيران لتعزيز الدّعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب, ويبدو مقالهما خلاصة وافية "للوقائع" التي نشرتها وزارة الدّاخلية البحرينية ووكالة الأمن الوطني البحرينية كأمثلة على "توسع الشبكات الإيرانية" بهدف تبرير انتهاكاتهم المستمرة لحقوق الإنسان ودعم انتقادهم القوي لإيران.

في تقريرها العالمي الصادر حديثًا في العام 2017، حذرت هيومن رايتس ووتش من "القمع المُسرع" من قبل النّظام البحريني للنّشطاء السّلميين، والاعتقال والاضطهاد المستمرين للمحتجين من أجل حقوق الإنسان. ودعا التّقرير الحكومة البحرينية إلى "إعادة إحياء عملية الإصلاح السّياسي المتجمد" من خلال التّراجع عن حل الوفاق والإفراج عن المعتقلين السّياسيين البارزين، والكف عن مضايقة النّشطاء".

ويتجاهل مقال ليفيت ونايتس الشّروط المتعددة التي فرضها تقرير اللّجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق على الحكومة البحرينية في تعاملها مع المعارضين وفقًا للقانون. وسيكون من المحزن فعلًا في الواقع أن تسمح إدارة ترامب للنّظام البحريني بتحرير نفسه من هذه الشّروط. لقد سخرت حكومة آل خليفة من حكم القانون لسنوات وانتهكت حقوق الغالبية الشّيعية في البحرين باسم مكافحة الإرهاب. والآن تنفق هذه الحكومة نفسها مبالغ طائلة لإيصال رسالتها إلى إدارة ترامب من خلال جماعات الضّغط في واشنطن بمن في ذلك دبلوماسيين متقاعدين وكبار الضّباط ومراكز الأبحاث.

وبدلًا من التقصي بعمق عن الشّكاوى الشّيعية على مدى عقود ضد النّظام، فإنّ مقال معهد واشنطن لسياسة الشّرق الأدنى لا يُعَد أكثر من اعتذار للنّظام. ويبدو أنّه يهدف إلى إقناع الإدارة [الأمريكية] المُقبِلة باعتماد مقاربة مخففة تجاه استمرار قمع النّظام وكذلك توثيق العلاقات العسكرية الأمريكية بالبلاد.

وبحديثهما عن "الاستعداد المتواصل للبحرين لتكون بمثابة قاعدة مركزية للأسطول الأمريكي الخامس"، يبدو أن الكاتبين يتجاهلان  حقيقة أن وجود الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين يخدم مصالح النّظام ويمنحه بشكل غير مباشر  الحماية. بالإضافة إلى ذلك، يستطيع دافعو الضّرائب في الولايات المتحدة تمويل أجرته ونفقاته. عندما سألت المسؤولين البحرينيين مرة أخرى في أوائل السّبعينيات عن سبب توقيعهم على اتفاق استضافة البحرية الأمريكية في مرافئهم، قالوا لي بصراحة إن وجود الأسطول يعزز أمنهم. أقمت لمدة عام بين 1972 و1973 في المحيط ذاته، وشهدت بنفسي التّفاعل بين المسؤولين الكبار في الحكومة البحرينية وقيادة الأسطول الأمريكية. لقد أسف آل خليفة لرؤيتهم البريطانيين يغادرون الجزيرة في العام 1971 لكنهم فرحوا لأن الأمريكيين حلوا مكانهم.

مقال معهد واشنطن لسياسة الشّرق الأدنى يفشل في النّظر بجدية بأن معارضة الحكم الاستبدادي لآل خليفة هي بحرينية بشكل جوهري، وليست بالوكالة عن قوة أجنبية. حذر عدد من الأكاديميين في السّنوات الأخيرة من أنّه في حال فشل آل خليفة في التّجاوب مع المطالب المنطقية للمعارضة السّلمية، وواصلوا قمعهم الشّديد القسوة، ستصبح المعارضة أكثر تشددًا وتطرفًا. وقلت في عدد من مقالاتي في موقع لوبلوغ، إنّه في حال لم تُلَب الحكومة المطالب السّلمية للمعارضة، ومنها الانتخابات النزيهة والحرة، والعودة إلى دستور 1973، وإعادة الجمعية الوطنية المنحلة تحت مظلة النّظام الملكي، فإن المعارضة ستنتقل من المطالبة بالإصلاح السّياسي إلى الدّعوة إلى تغيير النّظام.

إعدام الزّعيم الشّيعي البارز نمر النّمر العام الماضي في السّعودية ساهم أيضًا في إثارة التّشدد في البحرين. الاضطهاد المستمر لنبيل رجب، وآخرين من قادة الوفاق، والنّشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان والمطالبين بالدّيمقراطية، يُكّذب بوضوح مزاعم النّظام [البحريني] بخصوص إيران. وفقًا لصحيفة النّيويورك تايمز، أعدمت البحرين في نهاية الأسبوع ثلاثة مواطنين شيعة على خلفية مزاعم بهجومهم على مركز للشّرطة في العام 2014. دانت هيومن رايتس ووتش عمليات الإعدام وقالت إنّها استندت إلى اعترافات انتُزِعت تحت التّعذيب.

الجماعات المتشددة في البحرين، كما في أي مكان آخر في المنطقة، تستطيع بسهولة الحصول على الأسلحة التي تحتاجها في منطقة الخليج، الفائضة التّسليح، لخدمة أهدافها. وحتى لو لم تكن إيران في المشهد، يستطيع المعارضون البحرينيون إيجاد طريقة لتسليح أنفسهم في وجه نظام قمعي ووحشي. وبرفضه الالتفات إلى وضع المعارضة البارز أمامه على مدى الأعوام، فإن النّظام البحريني يجني الآن ثمار الدّوامة. قد يبدو أن النّظام فاز ضد المعارضة على المدى القصير، لكن فوزه قد يثبت مع ذلك أنه باهظ الثمن.


النّص الأصلي
   


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus