التعليق السياسي: النظام البحريني.. وقاحة تجريم الفريضة
2017-05-22 - 12:14 ص
مرآة البحرين (خاص): إنه تجريم للمذهب الشيعي، تجريم لفرائضه وتشريعاته وأحكامه الدينية الخاصة، تجريم لممارساته العقائدية، تجريم لحق تصرّفه المشروع في أمواله، ولكل أشكال التكافل الاجتماعي التي تأسس عليها دينياً وعرفياً وانسانياً. هذا التجريم يستهدف شيئاً واحداً وواضحاً: شلّ الوجود الشيعي/المعارض في البحرين بشكل كامل؛ محاصرته وسجنه وتعذيبه وإفقاره وتجويعه وكسر عنقه والتضييق عليه بكل الطرق.
ماذا يعني إدانة فريضة الخمس الشرعية؟ ماذا يعني وضع السلطة يدها على الحقوق الشرعية للناس ومصادرتها والتصرف فيها؟ ماذا يعني (نهب) أكثر من 3 ملايين دينار بحريني وعقارات أصلها أموال أودعتها الناس، بملء إرادتها، عند من تثق في ورعه وحسن تصرّفه فيها؟ بأي حق تستولي السلطة على هذه المبالغ؟
آلاف العوائل الفقيرة والمتضررة وذات الحاجة، كانت تستفيد من هذه الحقوق وترتكز عليها بشكل أساسي في تدبير أمور حياتها، انقطع عنها مصدر رزقها الذي ربما كان وحيداً. توقف دعمها منذ عام كامل، بعد أن افتعلت السلطة هذه القضية، وأطبقت يدها على الحقوق الشرعية، بحجة الجمع غير المرخّص للأموال وغيرها من التهم الوقحة.
ليس هذا فقط، بل أن الصناديق الخيرية في عدد من المناطق المعارضة، لم يُسمح لها بتجديد تصاريح جمع التبرعات والأموال، رغم ما قدّمته من سجلات موثقة تثبت التزامها بتقديم مساعدات شهرية ثابتة لأعداد كبيرة من العوائل تتجاوز عند بعض الصناديق 100 عائلة. الآن حُرمت العوائل من هذه المساعدات التي كان تعينها في تجاوز حالة الكفاف التي تعيشها. الأمر ذاته متعلّق بمنع جمع أموال التبرعات في المساجد والمآتم الشيعية، صار كل من يجمع تبرعاً لمحتاج/ مريض/ صاحب عوز ما، يعرّض نفسه للمساءلة القانونية.
يدّعي النظام البحريني أن هذه الأموال (الحقوق الشرعية وما تجمعه الصناديق الخيرية وما يجمع في المساجد والمآتم) تستخدم في دعم ما تسميه (الإرهابيين)؛ والمقصود بها عوائل المحكومين على خلفية قضايا سياسية، وكأن على العوائل أن تدفع ثمن مواقف أبنائها أو آبائها، وأن ُتعاقب معهم، وأكثر منهم، بالتجويع والإفقار.
في المقابل، تستمر الجمعيات الدينية الإخوانية والسلفية الموالية للعائلة الحاكمة، وكذلك الصناديق التابعة لها في جمع الأموال والصدقات دون أن يوقفها أحد أو يُعطّل لها تصريحاً. إحدى الجمعيات الدينية تقوم بشراء بنايات وعقارات وتسجيلها باسم أعضائها حتى لا يكشف حجم ما لديها من أموال وأملاك، فيما جمعية دينية أخرى أصبح لديها 10 (أبراج) في جميع مناطق البحرين، لكن أي من هذه الجمعيات لا تُمس.
وعندما قامت هذه الجمعيات بجمع الأموال بشكل علني لحملة "تجهيز غازي"، عبر حملات يوميّة تتخللها مزادات لجمع التبرّعات لتجهيز 5000 مقاتل في سوريا منذ 2012 وعلى مدى عامين كاملين، لم يوقفها النظام البحريني بتهمة جمع الأموال للخارج ودعمها للإرهابيين والجماعات المسلّحة. بل فُتحت لذلك الجوامع البحرينية والمساجد: «جامع شيخان الفارسي» في الرفاع، و«جامع أبو حنيفة» في البسيتين، و«مسجد نادي الساحل» بمنطقة الحد، و«جامع الشيخ عيسى بن علي» في المحرق، و«مسجد العصمة» في مدينة حمد، و«مسجد قلالي الغربي» بمنطقة قلالي، إضافة إلى جوامع في مدينة عيسى والمنامة، كان ذلك كلّه مرحّبٌ به عند السلطة. ولم يتوان نواب بحرينيون من الذهاب إلى سوريا لتسليم السلاح والعتاد إلى الجماعات المسلحة مباشرة. لم يتهم أي من هؤلاء بدعم الإرهاب ولم تجر محاكمتهم حتى اليوم رغم صورهم المنشورة وتغريداتهم المشهورة.
لم يسبق للنظام الحاكم في البحرين أن وصل إلى هذا المستوى من الوقاحة والخسّة. على الأقل، لم يتجرأ بالتدخل المباشر في فريضة دينية، فضلاً عن أن يحاكمها ويجرّمها. اليوم وصل إلى هذا الحد، لكنه لن يصل يوماً إلى حد يتمكن فيه من كسر عنق البحرينيين، مهما ظنّ نفسه قادراً على محاصرتهم أو تجويعهم أو إفقارهم حد الموت. هيهات له ذلك.