الداخلية إخوان.. استيراد وتصدير البلطجية والمرتزقة

عباس المرشد - 2012-04-15 - 10:47 ص


عباس المرشد*

خلافا لأعراف الدول تلجأ وزارة الداخلية البحرينية لتوظيف مرتزقة في الوظائف الأمنية والعسكرية، رغم وجود نص دستوري يحظر على الحكومة استخدام الأجانب في الوظائف العسكرية والأمنية إلا في الحالات الضرورية.

وزير الداخلية في لقاء حديث مع قناة العربية برر استخدامه للأجانب في القطاع الأمني بأن المجتمع البحريني منقسم طائفيا وهو أمر يصعب مهمة رجال الشرطة في التعامل مع أي حركة احتجاج حسب تصريح وزير الداخلية، وبدلا من أن يكون ذاك التصريح حجة دفاع أكد الوزير على أن وزارته تستخدم أفراد مرتزقة لقمع الاحتجاجات السياسية والشعبية.

وزارة الداخلية البحرينية منذ تأسيسها اعتبرت وزارة سيادية يجب أن يتولاها فرد من عائلة آل خليفة ومن غير السموح أن تعطى المناصب الإدارية العليا لأي فرد شيعي مع أن أول رئيس للشرطة في عشرينات القرن الماضي كان شيعيا ومن أصول إيرانية. من المهم هنا التذكير بأن رئيس الوزراء خليفة بن سلمان تولى وزارة الداخلية بعد أحداث 1956 وفي أول مهمة رسمية قام بها هي التعاقد مع قوات شرطة عراقية لمواجهة أي أحداث احتجاجية بعد أن كشف تقرير تقصى الحقائق آنذاك عن عدم قدرة أفراد الشرطة على مواجهة أي حركة احتجاجية لفقدانهم التدريب والقدرة على التعامل مع المواطنين لكون اغلبيتهم من الأجانب.

تصاعدت وتيرة جلب قوات مرتزقة بعد التعاقد مع رجل الاستخبارات إيان هندرسن في سنة 1965 وتم استقدام مرتزقة من بلوشستنان باعتبار أن فئة البلوش كانوا من القوات التي حاربت مع عائلة آل خليفة فترة الحروب الأهلية بين العائلة الخليفية. مع انتهاء فترة السبعينات وبداية مرحلة الثمانينات أدخلت وزارة الداخلية على عقيدتها الأمنية فكرة الطائفية على إثر تصاعد الغضب الشيعي تصدره ساحة المعارضة الأمر الذي استدعى أن تجلب وزارة الداخلية قوات مرتزقة عربية (الأردن، اليمن، سوريا) وتوظفهم في أجهزة الاستخبارات وفي مجال التعذيب المنهجي.

مثل هذه السيرة المختصرة في قيام وزارة الداخلية على استيراد وتصدير المرتزقة تكشف عن أن وزارة الداخلية البحرينية غير معنية بشئون مواطنيها. فهي عبارة عن شركة توظيف علاقات عامة تحمل علامة تجارية مسجلة مستمدة من كلمة وزير الداخلية الحالي في وصفه لقوات الشغب بأنهم إخوانه وأنهم حماة الوطن والمواطن.

 وطوال أكثر من أربعة عقود من عمر الدولة وأكثر من سبعة عقود من تشكيل أول فرقة شرطة لم يشعر أي مواطن بأن الشرطة في خدمة الشعب بقدر ما كان يعيش حالة فردية من نوعها حتى وإن تشابهت أدوات التعذيب والتحقيق مع الأجهزة الأمنية الشرسة. هذه الحالة هي الاغتراب الحقيقي عن الأمن وهي حالة استدعت وزير الخارجية البحريني أن يقدم اعتذارا لمواطن سعودي تمت إهانته على يد أفراد باكستانيين يعملون في منافذ الحدود.

وتبدو قصة وزارة الداخلية مع البلطجية قصة مشابهة تماما لقصتها مع المرتزقة. ففي تعريف وزارة الداخلية الرسمي لإنشاء الشرطة سنة 1923 يقول النص الرسمي أن ما يسمى بالفداوية كانوا نواة أول قوة شرطة والفدواية هم عبارة عن مجموعات عداونية شرسة عدائية كانت تعمل تحت رعاية أمراء آل خليفة وتحفل الذاكرة البحرينية بجرائم وانتهاكات عديدة كانوا يقومون بها قبل إلغاء وجودهم الرسمي في 1923.

 وفي الواقع كان ذلك رسميا فقط إذ ظلت هذه الفرق تعمل وتحت عناوين مختلفة وتم استخدامها في أحداث 1956 كما يشير التقرير الخاص بكشف الحقائق إذ تشير إحدى الوثائق إلى أن مجموعات عديدة كانت تأخذ أموالا من مسئولين لإثارة الفوضى وتكسير المحلات والاعتداء على المارة بل إن اساس حركة 1954 كان عبارة عن قيام مجموعات بلطجية تابعة للشيخ دعيج آل خليفة بالهجوم على موكب العزاء في المنامة لإحداث فتنة طائفية. ومن المدهش أن تكون عملية التجنيد نفسها قد حدثت منذ 15 فبراير 2011 واستمرت وفق أشكال عديدة وفي القيام بجرائم وانتهاكات أشهرها الهجموم الفظيع الذي قادته مجموعات البلطجية على جامعة البحرين في 12 مارس 2011 وتأسيس أول منبر جماهيري لهم في ساحة البسيتين في 22 فبراير و7 مارس 2011 وأخيرا ظهورهم في غزوات عنف ضد محلات تجارية تعود ملكيتها لتجار شيعة.

بالرجوع إلى بعض الأحداث الأمنية كانت وزارة الداخلية تعلن القبض على الفاعلين في أقل من 24 ساعة كما في حادثة صحيفة الوطن وحادثة منزل سميرة رجب وغيرها من الحوادث المفبركة لكنها تقف عاجزة عن كشف قاتل عباس الشاخوري رغم مرور أكثر من 4 سنوات على حدوثه وتعجز عن كشف عمليات القتل التي باشرتها عناصر المرتزقة منذ 14 فبراير 2011 وحتى الآن.

غزوات البلطجية في أغلبها كانت تتم تحت أعين إخوان وزير الداخلية وفي كل الأوقات لا تنشر وكالة أبناء البحرين أي خبر يتعلق بأعمال البلاطجة وعندما أضطرت لذلك لم يحمل بيان وزارة الداخلية أي وصف لهم سوى مجموعة مواطنين في أسوأ تمييز طائفي حتى في مستوى ما تعتبره وزارة الداخلية بانتهاك القانون. وبخصوص التمييز المشار إليه فمن المهم الإشارة هنا إلى سلوك التطهير الذي طال حتى عناصر المخابرات المنتمية للمذهب الشيعي بعد 17 مارس 2011 وكان هناك حسد وضغينة حتى في العمالة والخيانة.

الحقيقة التي تحاول الحكومة ومن أمامها وزارة الداخلية التهرب منها هي أن قوات المرتزقة ليسوا حماة الوطن ولا حماة المواطنين فسلوكهم كما وصفه رئيس لجنة تقصى الحقائق هو سلوك همجي ووحشي وإذا كان بسيوني أكد نصف الحقيقة هنا فهو أكد النصف الثاني عندما قال أن هناك أوامر عليا تصدر لهؤلاء لحثهم على ممارسة سلوكياتهم الوحشية تلك، مما يعني ضرورة إخضاع وزير الداخلية ومن يقف من خلفه لمحاكمة خاصة، هذا طبعا إذا كان رأس النظام وقادته الميدانيون صالحين لعقد مثل تلك المحاكمة. فوزارة الداخلية تحولت منذ زمن بعيد لشركة استيراد وتصدير لمرتزقة من شتى أصقاع الأرض.

* كاتب بحريني.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus