» رأي
عش الواقع يا جلالة الملك
أنور الرشيد - 2012-04-19 - 4:06 م
أنور الرشيد*
هذه هي الحقيقة التي يجب على الأسرة المالكة البحرينية أن تعيها و تعي أبعادها، فمملكة البحرين وشعبها يعيش مرحلة مخاض عسيرة، وأنا على ثقة تامة بأنَّ نهاية هذا المخاض سيكون لصالح الشعب.
صحيحٌ أنَّ الشعب البحريني دفع ولا زال يدفع ثمنًا باهظًا لكي تتم ولادة بحرين جديدة لتنتقل بعدها للعهد الثالث بعد العهد الأول الذي تمثل بمرحلة إقرار الدستور والبرلمان، ومن ثمّ الانقلاب عليه وإلغائه في عام 1975. ودخلت بعد ذلك البحرين في دوّامة من العنف و التشرّد و العيش بالمنافي، حتى غدت البحرين هي الوحيدة من المجتمعات الخليجية التي لديها جاليات مهجرة في مختلف دول العالم.
انتهت فترة العهد الأوّل بإقرار الميثاق و التحول من إمارة إلى مملكة، وسط ترحيبٍ شعبي عارم لم تشهد مثله البحرين، إلا في الإجماع الذي حصل أثناء الاستفتاء على حق تقرير المصير الذي قامت به الأمم المتحدة في عام 1971، عندما طالب شاه إيران بذلك الوقت - بعد استقلال البحرين عن بريطانيا -بملكية البحرين، و جاءت نتيجة الاستفتاء كاسحةً للشاهنشاهيّة من الضفة الغربية للخليج، ودخلت البحرين بعد ذلك في العهد الثاني أو كما يوصف ببعض الدول الجمهورية الأولى والثانية.
البحرين دخلت العهد الثاني وسط تفاؤل شعبي كاسح نتج عنه ارتفاع في كل المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بما فيها الرياضية التي حقّقت في تلك الفترة إنجازات تاريخية. أمّا اليوم فإن مملكة البحرين -وهي تجتاز هذه المرحلة للدخول في العهد الثالث الجديد- تتألّم بشكلٍ مستمر في مخاضٍ طال انتظاره، فهناك من يراهن على الوقت علّه يحل الإشكالية التي نشأت مع انطلاقة الربيع العربي، وهناك من يحاول أن يغطّي الشمس بمنخل بتبرئته المسؤولين عن كل تلك الانتهاكات الجسيمة التي تحصل، بدءًا بالملك حتى أصغر مسؤول عن ما يحدث من انتهاك لحقوق الإنسان.
ما يهمني في هذا الأمر أنّ البحرين اليوم تمر بهذا التحول الذي يجمع كافة المحلّلين والمراقبين، وحتى أبناء الخليج - الذين اجتمعوا في جدة خلال الأسبوع الماضي - بأنّ دول الخليج ليست بمنأىً عن التغيير ورياح الربيع العربي، لذلك فالمسؤولية التاريخية تقع على عاتق جلالة الملك بشكلٍ مباشر. أنا لا أقول ذلك تجنيًا أو تحاملًا على جلالته و إنما أقر واقعًا أصبح من الصعب تجاهله وغض الطرف عنه، أو تغطيته بمنخل كل ثقب به أكبر من الثقب الأسود الذي يبتلع كل من يتجاهل حركة التاريخ.
والأخطر في ما يتم من معالجات تتبناها الأسرة المالكة هو تصوير هذا الصراع الذي يدور في البحرين على أنّه صراع طائفي، وهذه السياسة لا تحرق أصابع من يتبناها ويحملها ويروج لها ويصور الصراع على أنه صراع بين طائفتين، وإنما ستحرق كل أطراف الثوب الخليجي، فالمس بمعتقدات الآخرين وتخوين وتجريح أقدس المقدسات لا يبني وطنًا، لا بل يهدم وطنًا. هذه هي الحقيقة التي يجب على الأسرة المالكة أن تعيها، فسياستكم ستحرقنا، لذا توَجّب علينا أن نقولها لكم بكل صراحة: عالجوا أزمتكم بواقعية ولا تنفصلوا عنها لأنّ الانفصال عن الواقع سيوقعكم بالمحظور الذي لا أتمناه.
zwayd2007@gmail.com
*الأمين العام للمنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني
**ينشر بالتزامن مع مرآة البحرين
اقرأ أيضا
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق