» رأي
الملك يريح الدنيا من سميرة رجب
عباس بوصفوان - 2012-05-06 - 4:27 م
عباس بوصفوان*
يمكن أن نقول الكثير عن تعيين السيدة سميرة رجب وزيرة دولة لشئون الإعلام، لكن أول ما تبادر إلى ذهني هو أن هذا الإجراء الملكي يريح الدنيا من كذب هذه السيدة، ويؤكد غياب الحكمة في القصر الملكي.
كيف؟ سأحاول الإيضاح باختصار.
لقد احترفت رجب الكذب طوال عشر سنوات مضت من المشروع السياسي الدكتاتوري للملك حمد، وبلغت حدا ممقوتا من الكذب طوال أربعة عشر شهرا، هي عمر الحراك الشعبي البحريني غير المسبوق، الذي تفجر في 14 فبراير 2012.
وطوال الوقت، فإنها تتبجح وتقول: أنا مواطنة، شيعية، ليبرلية، لا أمثل الحكومة! فيما تردد الحكومة أن السيدة المذكورة كاتبة صحافية تمثل رأيها، لا رأي السلطة، وهي عضو في مجلس الشورى الذي يمثل الشعب! كما ينص دستور 2002، ولا تمثل رأي العائلة الحاكمة. (زوج رجب من عائلة آل خليفة) وكأن السلطة تتعامل بذلك على طريقة (سعد) أخو (حسينوه) الذي اقترح بناء خباز "مو لنا" قرب محل "الباجه" المفترض، في مسلسل درب الزلق.
وبالمناسبة هذه الطريقة التي تتبع الآن في البرامج التلفزيونية الكريهة على قناة صفا وغيرها، حين تدعي الحكومة أن الوقاحات التي تبث على الشاشات لا تعبر عن النهج الرسمي، كون القناة غير بحرينية!
قدمت رجب نفسها طوال الوقت على إنها ممثلة للتيار الشعبي العريض، الشيعي منه والسني، المصر على بقاء الحكم الدكتاتوري، كخيار أفضل من الانزلاق نحو ديمقراطية ولاية الفقيه، كما تدعي. ورغم أنها "ملكية أكثر من الملك"، لكنها ظلت تقدم نفسها على أنها رأي مستقل عن الحكومة، وقد أتاح لها وضعها غير الرسمي المدعى أن تذهب إلى ما لم يتوقع في تلفيقها الحقائق، وسرد روايات كذبها الواقع وكذّبتها تقارير حقوق الإنسان وتقرير بسيوني الشهير، مع ذلك ظلت رجب منافحة حتى أوهمت نفسها أنها تقول الصدق، فيما كل من حولها يعلم أنها كاذبة!
أما وقد جاء الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وعينها وزيرة بل وناطقة باسم حكومة جلالته، فإنه أخرس عمليا صوتها "المستقل" و"الشعبي"، ويصعب على رجب الادعاء الآن أنها لسان حال الأمة المغيبة.
والآن وقد باتت وزيرة، ومتحدثة باسم الحكومة، فإنها ستستمر تكذب بطبيعة الحال، لكن ربما يصعب أن تكذب كما كانت، وربما يصعب أن لا تكون لبقة، وتظهر بعصبيتها، وأن تصرخ كما كانت بكل صفاقة وبدون مكياج لغوي ودرابة وخطاب تقني.
صحيح أنه يصعب أن تكون صادقة، لكن الصحيح أيضا أنه يصعب إعادة تسويقها، وحتى لو حاولت فلن تنجح، ذلك أنه "يفوتك من الكذاب صدق كثير".إن ذلك يكفي كي يضحك معارضو الملك ضحكة صفراء، على هذا التعيين الذي يصعب فهم أسبابه بسهولة.
بيد أن الملك "طز" عينه مرات بهذا التعيين، وليس فقط مرة واحدة. ذلك أن السيدة رجب هي في نظر القطاع الإعلامي والنخبة التي تصيغ القرار الدولي سيدة "تكذب كما تتنفس"، كما وصفها الزميل فؤاد الهاشم، وقيام السلطة البحرينية بتعيين كاذب وزيرا للإعلام، فإنه إجراء يلطخ أكثر مصداقية سلطة ما "بقي أصلا في وجهها ماء"، كي تسكبه.
قد يقال إن ذلك تحصيل حاصل، لحكومة تصدر الانتقادات الدولية بحقها بمعدل عشر مرات في اليوم! بيد أن الإشكال هو أن الحكومة تحتاج إلى ما يثبت ادعاءاتها بالإصلاح، ويصعب تقديم السيدة رجب مصلحة، حتى لأعوان السلطة الذين صعقوا حين بلغهم خبر تعيينها وزيرا، وعلق أحدهم "ين بوسلمان= هل جنّ أبو سلمان".
سياسيا، وبكل موضوعية، فإن تعيين رجب وزيرة يعطي دلالات متزايدة على الطريقة التي تفتقد الحكمة للإدارة السياسية للأزمة، ويؤكد أن الملك حمد في غير وارد أن يدرك حجم الضرر الذي يلحقه بشخصه وعائلته.
*صحافي وكاتب بحريني