» حوارات
نبيل رجب على طاولة جوليان أسانج: كنت أعرف نية السلطات باعتقالي... لكن تلك هي الضريبة!
2012-05-08 - 11:43 ص
مرآة البحرين: بين حوار مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج مع رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب معرفة الأخير المسبقة بنية السلطات البحرينية إلقاء القبض عليه، حال وصوله إلى مطار البحرين، قادماً من بيروت. وقال في الحوار الذي بثه مع قناة "روسيا اليوم": "عندما قلت في "تويتر" بأنني سأقابل جوليان أسانج، وأنني سأتحدث إليه ضمن برنامج تلفزيوني، كان منزلي بالأمس محاطا بقرابة المائة من عناصر الشرطة مسلحين باسلحة أوتوماتيكية... وبعدها تبين لهم أنني لست بالمنزل".
وأضاف بأن الشرطة "طلبوا من عائلتي أن تخبرني بأن علي القدوم إلى المدعي العام اليوم (يوم تسجيل الحوار مع أسانج) الساعة الرابعة، حسنا أنا هنا". لكنه رغم ذلك، أكد بأنه "سأعود. علي أن أواجه ذلك". وأضاف معللا ذلك "هذه ليست المرة الأولى، ولكن هذا هو الكفاح، هذه هي الحرية والديمقراطية التي نكافح من أجلها.. لها ثمن وعلينا دفع ذلك الثمن". فيما يلي نص محاورة حوليان أسانج مع نبيل رجب الذي اشترك فيه أيضاً الناشط المصري علاء عبدالفتاح.
جوليان أسانج: أريد ان اسألهم عن الثورات في الشرق الأوسط ... هل كانت ناجحة أم تم سحقها؟ هل إنها لا زالت ممسكة بزمام الأمور أم تمت مصادرتها؟ وما الذي يحفزهما على مواصلة وضع نفسيهما على خط النار؟ علاء ...
علاء عبدالفتاح: مرحبا ...
أسانج: أنت تشاهدني... ومعنا هنا نبيل من البحرين ...
علاء: كيفك ؟
نبيل رجب: كنا قلقين عليك ...
علاء: نعم ... حسن أن نراك ...
أسانج: نعم ... هو حر الآن، ولكن ليس لمدة طويلة .. و ..
نبيل: ليس هناك أحد منا سيكون حرا لمدة طويلة، همم؟
أسانج: ربما لا... إذاً ... ماذا حدث في الأسبوعين الماضيين؟ عندما اتصلنا بك لمحاولة جلبك الى هنا ...
نبيل: يعني، في المرة الماضية ...
أسانج: لقد كنت في السجن ...
نبيل: حسنا .. نعم .. لقد كنت .. لقد كنت معتقلا لمدة نصف يوم ... والشهر الفائت تعرضت للضرب في الشارع ... قبل بضعة شهور، تم اختطافي من منزلي من قبل عناصر أمن مقنعين واقتيادي إلى مكان مجهول، ومن ثم عصبت عيناي وقيدت يداي وتعرضت للتعذيب ... ثم رموني بعدها في منزلي ...
عندما قلت في "تويتر" بأنني سأقابل جوليان أسانج، وأنني سأتحدث إليه ضمن برنامج تلفزيوني، كان منزلي بالأمس محاطا بقرابة المائة من عناصر الشرطة مسلحين باسلحة أوتوماتيكية... وبعدها تبين لهم أنني لست بالمنزل... فطلبوا من عائلتي بأن يخبروني بأن علي القدوم إلى المدعي العام اليوم الساعة الرابعة... حسنا..أنا هنا ...
أسانج: إذاً كنت هناك اليوم الساعة الرابعة ...
نبيل: لقد كنت هناك ... ولقد تلقيت الخبر وأنا هنا الليلة الماضية... لكنني معتاد على ....
أسانج: وماذا ستفعل؟
أسانج: علاء... كيف هو وضعك القانوني؟ هل تمت تسويته الآن؟
علاء: لا... ممم ... أنا لا أزال في انتظار المحاكمة... القضية لا تزال قيد التحقيق... أنا متهم بالقتل، وبتخريب ممتلكات عامة، بالغالب مركبات عسكرية، وبسرقة أسلحة تابعة للجيش، والتحريض على تجمعات غير قانونية لغرض الإرهاب.. لذا، إذاً أنا بالأساس متهم بالاعتداء على أفراد عدة فصائل عسكرية وسرقة أسلحتهم ومن ثم قتل أحدهم .. جندي واحد ...
أسانج: إذاً أنت - كما يزعم – شاب شقي جدا؟
علاء: نعم... وسوبرمان أيضا (البقية تضحك)... أنا قادر على القيام بأشياء مستحيلة... مواجهة مدرعات لوحدي وغير ذلك ... وعندي شهود ... شهود الإدعاء... لقد شهدوا بأنني كنت في مكانين مختلفين في الوقت نفسه... ومع ذلك فلا أزال رهن التحقيق ... ربما لأنني قد أكون قادرا على أكثر من ذلك، أتعلم، قدرات خارقة كثيرة.. لكن ... هذا رائع للغاية .. أصبحت لي سمعة ومؤهلات فتى الشارع (ستريت كريد) في السجن.. أتعلم ... الناس يدخلون السجن لسرقة سيارات.. لكنني متهم بسرقة دبابات ...
أسانج: كيف تعتقد هل ستستمر في هذا؟
علاء: أعني، لا أعلم إذا كانوا بالأخص مهتمين بي أو فقط بفكرة أنهم يريدون استخدام المحاكم كأداة ضد النشطاء.. وكأداة شرعية أيضا، أتعلم ... لا يكفي أني قادر على ضربهم ضربا مبرحا، ولا يكفي أنني قادر على قتل الناس ... في الواقع، حتى عندما يقومون بالقتل المستهدف.. ونحن نعتقد أنهم يقومون بالقتل المستهدف... هم يستهدفون أناسا حاسمين على الأرض ولكنهم غير معروفين ... وعلى ذلك فهم يجدون أنفسهم عالقين مع ذلك ... مع معضلة أولئك النشطاء المشهورين... ماذا تفعل بشأنهم؟ وأعتقد أنهم يحاولون بناء شرعية استخدام المحاكم ضدنا وهي لا زالت تعطي نتائج عكسية... ولكنهم .. لكنهم يراهنون على الوقت.. أعني ... لهذا لا تزال القضية جارية... ولهذا لا أزال أنا متهما ... ربما سيتمكنون في النهاية من تشويه صورتي بشكل كاف... و هم يعملون على ذلك... فعلى سبيل المثال أنا متهم بحمل نظرة متعاطفة مع المثليين... و – مرة أخرى – ومؤهلات فتى الشارع (ستريت كريد) .. لكن نعم ....
أسانج: ما هو الوضع الحالي ... الحالة الراهنة في البحرين حاليا؟
نبيل: سأقول بأن هناك ثلاثة أوضاع مختلفة في البحرين.. في تونس.. ثورة مكتملة... اسقاط النظام اكتمل.. ومنظومة جديدة كليا ...
علاء: لا يا رجل... هي ليست مكتملة في تونس على الإطلاق ...
نبيل: ثم لديك في مصر، والتي هي في منتصف الطريق، ثورة ليست مكتملة... الجيش والمنظومة والنظام لا يزالون موجودين ... ولديك في البحرين ثورة لا تزال موجودة وفاعلة لكنها لم تحقق شيئا حتى الآن.. لكن الثورة لا تزال دائرة .. وهي لا تزال مستمرة بعد عام ... كثيرون قد قتلوا، قياسا بالنسبة هم أكثر بكثير من الخسائر البشرية في تونس ومصر.. للأسف، نحن في منطقة تحكمها العوائل، وديكتاتوريون، منذ ال.. (استدراك) .. منذ بضع مئات من السنين وقوتهم نابعة من الثروة، ومن الدعم الأمريكي، من الجيوش التي تحت إمرتهم، ومن دون شرعية من الناس... ليس إلا ... من دون شرعية من الناس ... لكن هذه هي الوقائع التي تحكمنا وليس بمقدورنا تغييرها لأن لا أحد يريد الخوض في الحديث عن ذلك...
أسانج: علاء ... ما هي الحالة الراهنة في مصر الآن؟
علاء: حسنا، في الأساس، كما تعلم، موضوع الثمانية عشر يوما كان مفاجئا إلى حد ما أن مبارك سيسقط بهذه السرعة ... الثمن كان عاليا لكننا كنا نعتقد أنه سيكون أعلى... ما يحدث في مصر هو كالتالي: ما توقعناه سوف يحدث.. ما أعنيه.. ما توقعناه جميعا هو أن الثورة ستكون أمرا سيمتد أكثر من عام ربما.. لذا فإن السنة التي لم نستغرقها مع مبارك سنستغرقها مع العسكر... والناس، بعد لحظة أولية من التفكير كما تعلم بأن العسكر قد قرروا استعادة وحدتهم ووضعهم بعدم الاشتباك أو حماية النظام... أما في الواقع، فإن العسكر هم جوهر النظام.. لذا فإن الثورة الآن هي ثورة ضد حكم العسكر ...
أسانج: هل ان المجموعات الثورية في البحرين والناس الداعمين للحركات المناهضة في البحرين، وصلوا إلى الختام؟ هل هم خائفون جدا من التحرك؟ ممم... هل تم تبعثروا؟ هل هم غير مبالين؟ من تخلى ومن لا يزال يندفع للأمام؟
نبيل: حسنا، لا يزال هناك الكثير من الناس.. أتعلم .. لن أكون متفاجئا.. أو لا يجب عليك أن تتفاجئ إن شاهدت نصف شعب البحرين يخرجون في مظاهرة واحدة .. هذا لا يزال يحدث .. وهو لم يحدث في أي من الثورات... ولا أي ثورة عبر تاريخ الخمسين سنة الماضية رأيت فيها خمسين بالمئة من الشعب يخرج للشارع في مظاهرة واحدة .. لكنك سترى ذلك في البحرين... للأسف، بسبب المعايير المزدوجة لدى عدد من الدول، وبسبب المعايير المزدوجة لدى عدد من القنوات كـ"الجزيرة" وك"العربية" وكقنوات أوروبية أخرى.. لهذا السبب لا يتم تغطية ذلك .. لكنه الواقع ...
أسانج: لماذا لا تغطي "الجزيرة" الاحداث في البحرين؟
نبيل: "الجزيرة" كانت إيجابية بخصوص مصر .. كانت إيجابية بخصوص تونس .. في الواقع كانت "الجزيرة" إحدى العلامات التي تحدد ما إذا كانت أي ثورة في العالم العربي ذات مصداقية.. إن غطتها الجزيرة كانت ذات مصداقية.. لكن عندما وصلت الأمور إلى البحرين.. "الجزيرة" كانت صامتة .. أنا أتحدث عن الجزيرة العربية وليس الإنجليزية.. "الجزيرة" الإنجليزية كانت مختلفة كليا ...
أسانج: "الجزيرة" الإنجليزية كانت جيدة أليس كذلك؟
نبيل: إلى حد معين كانت مقبولة ..في "الجزيرة" العربية كانوا في صمت تام .. في الواقع، في كثير من الحالات أيدوا الحكومة...
أسانج: لماذا؟
نبيل: لماذا ... لأنهم جميعهم من عائلات حاكمة متشابهة ومن المنطقة نفسها ... الديمقراطية في البحرين يعني أنه سيكون لها تأثير في قطر.. سيكون لها تأثير في السعودية والتي لديها هي الأخرى قناة "العربية"..
أسانج: لماذا أرسل السعوديون القوات إلى البحرين؟
نبيل: هذا... أعني... هذا أمرا كان يجب على العالم بأسره أن يعلي صوته ضده ويدين ما حدث .. لكننا رأينا غزوا سعوديا لبلادي مقابل صمت تام ... الآن الحكومات ذاتها ترسل القوات إلى ليبيا لمحاربة النظام وهي الآن ضد الأسد.. وربما هذا ما يجب عليهم فعله ... لكن عندما يتعلق الأمر بالبحرين كانوا صامتين تماما تجاه السعوديين والقوات ... (تمت المقاطعة)
أسانج: هل كانوا يخشون من امتداد النشاط الشيعي إلى السعودية؟
نبيل: لا.. هو بسبب أن السعوديين يتمتعون بنفوذ جدا في الولايات المتحدة وفي أوروبا... لديهم (استدرك)..... لمصالح الولايات المتحدة، لمصالح كثير من البلدان الأوروبية، لمبيعات السلاح، لتدفق النفط، للمصالح المشتركة التي ترى كثير من الدول أن لها أولوية على الحقوق الإنسانية للبحرينيين. على سبيل المثال، الولايات المتحدة ذاتها التي تطلب من الروس أن لا يبيعوا السلاح لسورية، هي تبيع السلاح للبحرين. بالأمسن تصريح لممثل – ممثل الولايات المتحدة في مجلس حقوق الإنسانن يقول: نحن لن نتحدث عن البحرين في هذه الجلسة لأن البحرين تطور نفسها وهي بحال أفضل، بينما الناس تموت وأنا أتحدث إليك.. قبل ساعات قتل شخص بسبب الغازات المسيلة للدموع. لدينا أناس تموت يوميا ...
أسانج: هل .. هل إيران تغذي القوى الثورية في ... (تمت المقاطعة)؟
نبيل: هذا ما تقوله حكومتنا .. هذا ما يحاول الأمريكيون ربما السكوت عنه.. (جمل غير مكتملة)
أسانج: هل أنت ... ؟ (استدراك) أنا قرأت برقية في وقت كانت هناك مظاهرات في البحرين، منذ ثمانية أشهر تقريبا، وهذه البرقية الأمريكية والتي نشرناها تقول بإن ضباطا في الحكومة البحرينية قدموا إلى السفارة الأمريكية وقالوا: أنظروا ان ايران تقف خلف الدعوات حول حقوق الإنسان في البحرين. هي ترسل المال والسلاح للمقاومة البحرينية. وبعدها يكتب السفير الأمريكي لواشنطن بأنه لم ير أي دليل يؤكد صحة ذلك.. وأنهم يستمرون في إدعاء ذلك ... يستمرون في إدعاء ذلك منذ سنوات لكنهم لم يقدموا يوما من الأيام أي دليل.
نبيل: نعم نعم ... بالمثل .. على الأقل تلك البرقية المتعلقة بي.. والتي تفيد بأن أحد عملاء الحكومة يذهب للسفارة الأمريكية ليقول إن نبيل رجب يتسلم أموالا من الحكومة الإيرانية ومن بعدها يقول الأمريكيون لوزارة خارجيتهم بأن ذلك ليس صحيحا وأنهم لا يملكون دليلا يدعم ذلك الإدعاء ... لكن .... (تمت المقاطعة)
أسانج: هل تعتقد أن ترويج الخوف هذا بشأن إيران هو ... هو السبب الأول الذي يدفع الغرب الى أن لا يدعم .....؟
نبيل رجب: أنا متأكد بأنهم يريدون ان تكون البحرين مستقرة ما دامت توجد هناك قاعدة الأسطول الخامس في البحرين ... يريدون البحرين هادئة للغاية ومستقرة .. خسارة بن علي في تونس وخسارة مبارك في مصر أغضبت السعوديين كثيرا ... تعلم أنه كانت هناك مكالمة تليفونية حدثت خلالها مشادة بين الملك السعودي وأوباما؟ وعندما وصلت الأمور إلى البحرين كان ذلك آخر ما يرغب السعوديون بمشاهدته، ثورة في البحرين على بعد بضعة أميال من حدودهم، مما يعني أن لها تأثيرا سلبيا على السعودية. لهذا أرسلت السعودية القوات إلى البحرين لتشارك في الحملة.. قتل الناس، اعتقال الناس، وهم شاركوا في الحملة الدموية مقابل صمت تام من المجتمع الدولي .. نعم... السعودية لا تريد الديمقراطية.. قطر، التي تريد أن تعزز الديمقراطية في سورية وفي أماكن أخرى من العالم، لكنها لا تريد ديمقراطية في قطر .. لأنه يتوجب على ذلك أن تسال شعبك وأن تتقاسم السلطة وأن تتقاسم الثروة وتلك الحكومات لن تقبل بحدوث ذلك...
أسانج: علاء .. أنت ربما تتذكر .. كانت الثورة المصرية في ذروتها ... سليمان رئيس الاستخبارات الداخلية المصرية، تم الترويج له من قبل جوزيف بايدن، من قبل وزارة الخارجية الامريكية، من قبل هيلاري كلينتون بإعتباره الشخصية البديلة لمبارك.. شخصية حل وسط، ونحن قمنا بتسريب برقيات عدة عنه وعن موقعه في العلاقة مع إسرائيل وعلاقته مع الولايات المتحدة وكونه رئيس المعذبين – لكن سرعان ما تبين ان أن سليمان لن يكون الخلف، أنت رأيت كيف ان هيلاري كلينتون تراجعت وبدأت بمدح الثورة المصرية.. وتقول أن الثورتين المصرية والتونسية حدثتا بسبب عمل إثنتين من الشركات الأمريكية الكبرى هما.. تويتر وفيسبوك (الجميع يضحك) ... لا بد أنك استمعت لذك مرارا ...
عليك إدراك أن هناك... هناك معركة روايات حول الثورات... الثورات هي أفكار/ كما تعرف ، بقدر ما هي جثث في الشوارع ورصاص وغير ذلك... وأحد الجوانب المصيرية في معركة الروايات تلك هي محاولة حصر تلك الثورة في شباب الفيسبوك... هذا لا يعني أن شباب الفيسبوك لم يلعبوا دورا مهما في الثورة – بل هم فعلوا – ولكن الأمر يبدو على نحو كما لو حاولت رسم دائرة حول مكون من مكونات الثورة وأشرت إليه بأن هذه هي الثورة الحقيقية وأن المكونات الباقية ليست حقيقية .. وبعدها تبدأ باللعب على كل شيء .. على الطبقية .. تلعب على مدى قابلية الناس لاستخدام العنف دفاعا عن النفس ... على عزل القوى الثورية عن بعضها البعض ....
هم كانوا شبابا ميسوري الحال، من الطبقة الوسطى، على درجة عالية من التعليم، متواصلين مع الإنترنت ولعبوا دورا مهما في الثورة وكانوا، لأسباب تكتيكية بحتة، كانوا أيقونات الثورة لأننا احتجنا أن يقع كل العالم في حب الثورة المصرية ... وكانت لدينا أيضا حفلة على غرار حفلات وودستوك في ميدان التحرير .. من دون المخدرات ولا ممارسة الجنس .. كانت رائعة ... مدهشة وملهمة للغاية ... حقيقية للغاية .. ليس هناك جانب خيالي حيالها .. حفلة في ميدان التحرير ... لكن إن كنت تروي قصة ميدان التحرير الحقيقية بأنهم كانوا أولادا رائعين، حسني المظهر، لديهم علاقات جيدة، كانوا في التحرير .. فإنك تتجاهل العمال .. تتجاهل المعارك في الشارع ... تتجاهل حجم العنف الذي احتجنا لاستخدامه ... نحن لم نلتزم بالنص الذي يعتقد الناس البعيدون عن الثورة أننا إلتزمنا به ... لذا كانت هيلاري كلينتون تروج لرواية الشركات الأمريكية .. تروج لرواية مصممة لإيقاف الثورة ... للتأكد بأن الثورة لن تذهب أعمق من إزاحة مبارك...
أسانج: علاء .. أنت كتبت: "الميدان هو الأسطورة التي ستنهار في حال لم يعد أهل الشهداء يؤمنون بها ... الحلم هو البديل للنظام ... إذا تخلينا عنه من أجل الجدل الواقعي والعقلاني والملتزم والذي يتبع الترتيب الصحيح للأولويات .. فإن الحلم سيموت .. أتركوا الخبراء وراءكم واستمعوا للشعراء .. لأننا في ثورة ... خذوا الحذر من أن تكونوا حذرين وتبنّوا المجهول ... لأننا في ثورة ... مجدوا الشهداء كأفكار، أيقونات، حكايات، مشاهدات، وأحلام ، لا شيء حقيقي إلا دمائهم ولا شيء مضمون سوى خلودهم" ... هذا الفصل من الثورة في مصر قد انتهى .. فصل الميدان .. لكن هل انتهى الحلم؟
علاء: ليس هناك صياغة تعبر عن ماهية هذا الحلم ... هو بالتأكيد ليس الديمقراطية التمثيلية المملة كما في الغرب والتي تذهب البلاد للحرب، كما في بريطانيا، دون تفويض شعبي ... أو حين ينتخب الرئيس الذي يوحي بالأمل بالطريقة ذاتها التي ينتخب فيها الرئيس الذي لا يوحي بالأمل كما في الولايات المتحدة ... أتعلم.. ممم ... الحلم هو أن نجعل ما تقوم به يا جوليان غير ضروري ... الحلم هو ديمقراطية لا ينبثق عنها "احتلوا وول ستريت" أو "احتلوا لندن" أو الشغب في اليونان وهكذا ... وهو موجود للغاية .. قوي ولا يزال حيا ... لكنه لم تتم بعد صياغته ... ليست لدينا نظرية ... ليست لدينا حتى الآن ... لذا .. الحلم كما ترى، هو في تلك اللحظات عندما يمكنك أن تكون شاعريا كما فعلت أنا في ذلك المقال .. الحلم تراه في الرسومات على الجدران ... ولهذا كان مرتبطا للغاية بالشهداء ... أعني أننا لا نراهم فقط كأناس فارقوا الحياة .. بل نراهم مخلدين ... وليس الأمر متعلق بتضحياتهم وحسب، بل بكيف ننظر إلى تلك التضحيات، وكيف نروي ونعيد التعبير عن تلك التضحيات، وكيف نحفظ ذكراهم حية، عندها نتلمس ما هو الحلم ... لكنني لا استطيع أن أخبرك ماهيته بالضبط ... وهو أيضا في لحظات المعارك في الواقع ، كنت تقريبا قادرا على تلمسه ... مثلما عندما كنا في معركة مع الشرطة ... هناك دائما تلك اللحظات التي يتوقف فيها إطلاق النار والتي لا تستمر لفترة طويلة ... أعتقد أنها عادة تلك اللحظات التي يعيد أفراد الشرطة تعبئة خزانات ذخيرتهم وما شابه ... وعندما تتوقف الشرطة عن إطلاق النار تنوقف نحن بشكل تلقائي .. لكن في تلك اللحظات، أتدري، ترى الناس وقد شكلت دوائر ... هناك حرائق في كل مكان لأن الناس كانت قد استخدمت الزجاجات الحارقة أو شيء من هذا القبيل ... تلك الحرائق تصبح بالواقع كالمواقد .. الناس متجمعين حولها .. ثم على حين غرة جاء تجار الشوارع فجأة .. كان الناس يحتسون الشاي ويغنون معا ... إنها مرحلة ما بعد الحداثة التي كنا نحاول الوصول إليها .. ولا نعلم حقيقة ما هي .. لذلك لدينا ثورة وليس مجرد إصلاحات منظمة .. ولهذا أيضا لا يهم ما تريد هذه الحكومة الأمريكية أو ما تقوم به "الجزيرة" وما شابه، لأن الأمر أعمق من ذلك بكثير ... لا يهم إن كنا سنحقق الحلم في الوقت الراهن .. لا يهم إن كنا سنحققه في حياتي ... يكفي أنني تقريبا كل أسبوع أتمكن من تلمسه ...
أسانج: نبيل؟
أسانج: في تلك اللحظات، عندما كنت في السجن أو كنت في وضع اختطاف وتتعرض للضرب .. عندما كنت .. كنت في عزلة تامة .. ليس لديك سيطرة حيزك، ليس لديك سيطرة على جسدك. شخص آخر يتحكم بجسدك .. وأنت لست حرا بكل ما تحمله تلك الكلمة من معنى .. بماذا كنت تفكر؟ وكيف كنت تحاول التحكم بمشاعرك لتتجاوز تلك اللحظة؟
نبيل: أعتقد إنه كان عندك هدف .. إن كنت مؤمنا بعدالة ذلك الهدف .. بكفاحك ستقوم بتجاوز تلك الصعاب ... وتعلم أن تكافح من أجل التغيير .. هذه أمور كانت موجودة منذ مئات السنين ليس أمرا سهلا تغييرها. لذا لتحقيق ذلك التغيير عليك القبول بدفع الثمن .. وقد يكون ذاك الثمن حياتك ... وأنا متأكد من ان أولئك الأشخاص الذين يتصدرون الحراك في العالم العربي هم من ذلك النوع المستعد لدفع حياته ثمنا للتغيير.
أسانج: علاء؟
علاء: السجن سيء ... هذه هي المرة الثانية التي أدخل فيها السجن ... وكان كفاحي هذه المرة أنني كنت أواجه المدعي العسكري وكنت أرفض الإقرار بشرعية النظام القضائي العسكري ... في النهاية نحن ربحنا تلك المعركة وتم تقديمي الى القاضي المدني ... لكنه ابقى علي في الحجز ... كانت هناك لحظة أصابني فيها الانهياركليا .. وكنت أريد فعلا أن أخرج وأحظر ولادة إبني البكر ... ولم أستطع بسبب ذلك... اصابني الانهيار وولد الإبن .. وبعد ثلاث ساعات تمكنت عائلتي من إرسال صورته لي .. بعدها لم يعد هناك ما يهم على الإطلاق .. ومن ثم ... أتدري ... هي دائما .. هي دائما تلك التجربة أن تكون محاطا بالحب على المستوى الشخصي .. ولكن حتى التضامن .. كنت حظيت بامتياز وحظ بأنني عندما دخلت السجن كان هناك تضامن ضخم .. تضامن ضخم في كل مكان في العالم .. وذلك عادة ما يكون بطريقة شخصية جدا ...
أسانج: هل كنت تعلم بالدعم الذي حظيت به في الخارج عندما كنت بالداخل؟
علاء: نعم، مم، غالبا عن طريق الزيارات العائلية ... لذا لم تكن عزلة .. ذاك أمر لن أكون قادرا على تحمله ... ولم يتم وضعي مع مجرمين خطرين في زنزانة مكتضة .. ذاك أيضا أمر لن أتحمله .. لكن لا أعلم كيف سأتحمل كل ذلك لو تم حرماني من الزيارات .. نعم ... لا تخبرهم بذلك! ...
أسانج: نبيل، أنت أب لإثنين..
نبيل: لدي طفلان، نعم.
أسانج: هل ستخبر طفليك بأن يكبرا ويصبحا من النشطاء مثلك، وربما سيتعرضان للاختطاف والسجن والضرب؟
نبيل: ليس علي أن أخبرهم ... هذا سيحدث بشكل تلقائي ..
أسانج: سيتعلمان من المثال؟
نبيل: نعم ... إبني وإبنتي الآن يتصدران المظاهرات ... لقد نقلتهما من مدرستهما لأنهما كانا يتعرضان هناك لمضايقات .. كانت مدرسة يحضرها عدد من أبناء العائلة الحاكمة .. وهما دفعا ثمنا باهضا ربما أكثر من الثمن الذي دفعته لأنني أعرف أنني أكافح لقضية وأتوقع ردة الفعل.. أما هما فكبرا وهما يتعرضان لردات فعل لأسباب لا يعرفانها .. لقد شاهدا منزلهما يتم اقتحامه في منتصف الليل .. رأياا والدهم يسحب من فراشه ويضرب أمام أعينهما ... منزلهما تعرض للقصف بالقنابل المسيلة للدموع عشرين مرة تقريبا السنة الماضية ... لقد شهدا أمورا لا يشهدها الأطفال العاديون في حياتهم ... لكنهما تعلما الكثير ... وهم أكثر نضجا من سنهما .. عندما كانا ....
أسانج: كم هي أعمارهما؟
نبيل: إبنتي في التاسعة من عمرها وإبني بلغ للتو الرابعة عشر .. كان يشارك معي في كل فعالية وتظاهرة منذ أن كان في الخامسة ... كذلك إبنتي .. لم تكن تحب حقوق الإنسان أو السياسة أو ما شابه .. لكن منذ أن تم اختطافي وضربي أمام أعينها أصبحت متطرفة الآن وناشطة ... وحتى زوجتي أيضا ... هي إمرأة هادئة للغاية لكنها ناشطة أيضا ... أعضاؤنا يزيدون على الألف بقليل ... نحن نتكلم عن ....
أسانج: العشيرة كلها؟
نبيل: نعم .. العائلة ... وأعني أنني أعتقد أن أغلبهم اصبحوا نشطاء الآن .. بل البلاد كلها .. الثورة جعلت من الأمة كلها نشطاء .. تخيل أن الحكومة البحرينية منعت الصحفيين من الدخول للبلاد ومنعت منظمات حقوق الإنسان من الدخول إلى البلاد ... لكن أبناء الأمة كلها أصبحوا صحفيين، أصبحوا ناشطين في مجال حقوق الإنسان، أصبحوا مدونين، ...
أسانج: اصبحت هناك فرص عمل في السوق الآن ...
نبيل: الحمد لله .. والحكومة البحرينية التي خلقت حراكا يافعا كهذا .. والذي باعتقادي سيثمر وسيستفيد منه العالم العربي بأسره في ثوراته ...
أسانج: علاء ... إبنك سيكبر في مصر الجديدة.
علاء: لدي تلك الفكرة... بأن أربي إبني على كره كرة القدم لكي لا يقتل... لكن بعدها أتذكر أنني سميته تيمنا بخالد سعيد الذي كان ضحية لتعذيب الشرطة... مات ... شاب مات في الإسكندرية قبل عامين من الثورة ولكن وجهه كان رمزا للثورة .. وهو لم يرتكب أي شيء .. ليست هناك إمكانية لحمايته .. ليس هناك دافع لكي أقول... وأربي إبني ليتجنب أن يكون ناشطا أو مناصرا للنظام أو أي شيء من هذا القبيل .. لأن ذلك لا يهم .. عندما يكون هناك قمع ... العنف يكون عشوائيا للغاية بحيث يطالك على أي حال ... الظلم عشوائي للغاية بحيث يطالك على أي حال .. لا يمكنك أن تضمن حياة جيدة لإبنك إلا إذا ضمنتها لكل طفل آخر .. وهذا ليس في يدي ولا يمكنني القيام بشيء حياله.
اقرأ أيضا
- 2018-11-21الفائزة بجائزة منظمة التعليم الدولية جليلة السلمان: سياسات التربية منذ 2011 هي السبب الأكبر وراء تقاعد المعلمين!
- 2018-05-17الموسيقي البحريني محمد جواد يفكّ لغز "القيثارة الدلمونية" وينال براءة اختراعها
- 2017-10-03مترجمات «ما بعد الشيوخ» في حوار مع «مرآة البحرين»: كان الهدف أن نترجم ثقل الكتاب!
- 2017-10-03«مركز أوال للدراسات والتوثيق» في حوار مع «المرآة»: كتاب «ما بعد الشيوخ» طبع 6 مرات رغم تزوير الترجمة من جهات أخرى
- 2017-10-03فؤاد الخوري ليس كأيّ كتاب... مروة حيدر: رسالة "دعوة للضحك" وصلت… أنا مترجمة تبتسم!