» رأي
مكافأة نبيل رجب
إيمان شمس الدين - 2012-05-15 - 8:28 ص
إيمان شمس الدين *
"وزارة الخارجية: أمريكا ستستأنف بعض مبيعات السلاح للبحرين". خبر كما أوردته وكالة الأنباء رويترز، يأتي هذا الاستئناف مباشرة بعد أيام قليلة من اعتقال الناشط الحقوقي نبيل رجب، الذي أبدت الأمم المتحدة قلقها إثر اعتقاله وطالبت الحكومة البحرينية بإطلاق سراحه، وحيث إن أمريكا عضو في الأمم المتحدة وسنويا تصدر وزارة خارجيتها تقريرا حول الحريات وحقوق الإنسان في العالم فلا أخالها بعيدة عما يحدث من انتهاكات صارخة من قبل الحكومة البحرينية بحق معارضة جل حراكها سلمي، وسقف مطلبها العالي التحول الديموقراطي لمملكة دستورية يكون للشعب فيها مرجعية السلطات كما هو قائم في أمريكا ذاتها والدول الغربية.
ولعل أمريكا تكافئ الحكومة البحرينية على هذا الاعتقال كون رجب سبب لهم الكثير من الإحراجات السياسية أمام مجتمعاتهم من خلال كل ما يوثقه ويقدمه لمنظمات حقوقية عالمية لها تأثير ميداني كمؤسسات مجتمع مدني تلعب دورا مهما في صناعة وعي الجماهير وخاصة النخب فيما يتعلق بمسألة الحريات والحقوق التي تعد نقطة حساسة في الذهنية الغربية كون قيام حضارتها بعد عصور الظلمات في القرون الوسطى كان لأجل هذه المطالب التي أيضا أريقت فيها دماء كثيرة.
لكن هل فعلا هي مكافأة؟
أعتقد أن المهلة المتاحة للأمير نايف من قبل أمريكا لإنهاء الحراك بالقبضة الأمنية انتهت، ووفق بعض المصادر قام الأمير نايف بالطلب من وكالة رويترز بتسريب خبر مفاده جلوسه (أي نايف) مع المعارضة للتحاور حول المطالب وخاصة الوفاق وكان الهدف من ذلك كما يبدو ضرب صفوف المعارضة ببعضها وبالجماهير، خاصة أعرض تيار جماهيري، لكسر الصلابة ومن ثم تمرير حلول سياسية لتهدئة الأوضاع وفق سقف ضعيف جدا، كي يعود الاستقرار للبحرين لما لذلك من أهمية تتعلق بالمصالح السياسية والاقتصادية لأمريكا.
إلا أن تطورات الأحداث في سوريا وفي الداخل السعودي خاصة في المنطقة الشرقية التي لا تهدأ سواء على مستوى دعم الحراك البحريني المطلبي أو على مستوى حراكها المطلبي الذي يواجه بالعنف والقتل إلا أنه مستمر، إضافة للمعوقات التي تواجه قيام كونفدرالية خليجية اضطرت الأمير نايف لإعلان اتحاد بين السعودية والبحرين قائم على أولوية الأمن بما يعني مواجهة الحراكات بالقبضة الأمنية لمنع تسرب التحولات الديمقراطية التي حصلت في المنطقة للمنطقة الخليجية وما تمثله من ثقل اقتصادي عالمي مهم كونها منطقة الذهب الأسود، خاصة بعد أن خسرت السعودية حليف لها مهم في المنطقة هو حسني مبارك.
هذا الإعلان من قبل وزارة الخارجية في إعادة استئناف بيع بعض الأسلحة للبحرين بالتوازي الزمني مع الاتحاد المطروح بين السعودية والبحرين إنما هو إعلان حرب جديدة على الحراك المطلبي للمعارضة البحرينية ودعم لما تقوم به الحكومة البحرينية من ممارسات تعسفية آخرها اعتقال ناشط حقوقي بمستوى نبيل رجب.
إضافة إلى بعده الاقتصادي الداعم للاقتصاد الأمريكي الشبه منهار، وتوفير فرص عمل لكثير من الامريكيين العاطلين عن العمل ولا قيمة لأولئك البحرينيين الذين تم فصلهم من أعمالهم فقط لأنهم طالبوا بحقهم المشروع دوليا.
وأيضا الاستئناف له دلالة أخرى هو الدفع باتجاه تمكين الاتحاد بين المملكتين وتوثيق قيامه على أساس الأمن كون الصفقة صفقة سلاح، إضافة لصراع النفوذ القائم بين السعودية وإيران والذي تسعى فيه الأولى لعمل توازن قوى للسنة في مواجهة ايران والعراق اللذين تصنفهمها السعودية كما يحلو لأمريكا بميزان قوى شيعي يهدف لضرب السنة في الخليج ولإلحاق الحراكات في البحرين والمنطقة الشرقية في السعودية بالخارج للانقضاض عليها، وهو ما يؤكد نية مبيته لمزيد من الانتهاكات بحق الشعب البحريني.
اليوم يجب أن تحاكم أمريكا أمام كل العالم وعلى المعارضة البحرينية أن تركز حراكها ضد الحكومة الامريكية بعد إعلانها هذا رغم كل ما وثقته المنظمات الحقوقية ولجنة بسيوني التي اعترف فيها بعدم وجود تدخل من إيران في الحراك البحريني بما يعني استقلالية الحراك وبحرينيته الخالصة ووضح الانتهاكات بحق المعارضين بل اعترفت الأردن وفق بعض المصادر بمأسسة ومنهجة عملية التعذيب في مملكة البحرين وبشكل ضمني جاء هذا الاعتراف خاصة بعد التفاف الامير نايف على دعوة الاردن للانضمام لمجلس التعاون وتحول أولويته لأمن الخليج.
إن استمرار الحراك وصلابته وتماسك قواه والتركيز على هدف تحقيق المطالب وإصرار الشعب على ذلك مهما أحكمت القبضة الأمنية، هو القوة الخفية التي ستحقق المطالب لأنها ستزيد من إحراج الحكومات الغربية أمام شعوبها وستفشل محاولات الحل الأمني وستجبر الآخرين للعودة إلى الطاولة المستديرة للمفاوضات التي ستدفع باتجاه تحقيق أكبر قدر من المطالب وتغيير منهجية القبضة الأمنية لمنهجية التنازل للشعوب لأجل مزيد من الاستقرار الامني المرتبط به الاستقرار الاقتصادي في منطقة الذهب الأسود.
إن استمرار الحراك والإصرار على تحقيق المطالب أيضا سينعكس إيجابا على تحرك الشعوب في باقي المنطقة بعد نفاذ كافة الوسائل الأمنية وفشل ناجعيتها في وقف الحراك وقمع الشعب.
وعلى الشعب البحريني أن يحذر مما هو قادم بعد صفقة السلاح الجديدة كونها لا تتم بهذا الشكل إلا وفق تدابير متعلقة بحراكهم.
*كاتبة كويتية.
اقرأ أيضا
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق