مذكرات 2017: 5 شهداء ضحايا فضّ اعتصام الدراز و300 معتقل فداء آية الله

2017-12-31 - 3:00 م

مرآة البحرين (خاص): بدأت السلطات البحرينية أولى محاولاتها لفض اعتصام الدراز القائم منذ 20 يونيو/ حزيران 2016 حول منزل آية الله الشيخ عيسى قاسم إثر قرار إسقاط جنسيته، بدأت مع نهاية العام 2016، حين شنت قوات الأمن هجوما مباغتا (21 ديسمبر/ كانون الأول 2016)، لتنطلق في إثر ذلك مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن في محيط المنزل، انتهت إلى انسحاب القوات إلى خارج البلدة. لاحقا ادعت الداخلية إنها كانت تفتش عن مطلوبين للقبض عليهم.

لكن السلطات لم تكتف بتلك المحاولة الفاشلة، بل كررت الأمر بعد شهر تقريبا (26 يناير/ كانون الثاني 2017) حين داهم مدنيون البلدة، وهم مدججون بالسلاح والرصاص الحي.

باغت منتسبو الداخلية المتظاهرين، وأطلقوا عليهم الرصاص الحي، واعتقلوا عددا منهم، فيما أدى ذلك الهجوم إلى إصابة الشاب مصطفى حمدان (18 عاما) برصاص حي استقر في جمجمته.

حاول المتواجدون هناك إسعاف حمدان، نقلوه للمستشفى الدولي الذي رفض علاجه، فاضطروا لنقله لمستشفى السلمانية ووضع في العناية القصوى، ولم تنجح محاولات الأطباء بإفاقته من غيبوبته، كما لم يتمكنوا من استئصال الرصاصة التي استقرت في جمجمته، ليستشهد بعد شهرين من دخوله المستشفى، وليكون الفدائي الأول الذي سقط دفاعا عن آية الله قاسم.

تنصلت السلطات الأمنية من ذلك الهجوم، بل حاولت صحيفة محلية مقربة من النظام التلميح إلى أن قوات الأمن الذين داهموا الدراز بأسلحتهم هم "مسلحون مجهولون"، إلا أن من تم اعتقالهم على أيدي هؤلاء المدنيين، اتصلوا لاحقا بأهاليهم وأخبروهم بتواجدهم في إدارة التحقيقات الجنائية.

 

محاكمة آية الله قاسم تنتهي بالسجن سنة مع وقف التنفيذ

استمرت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة برئاسة القاضي علي الظهراني، في عقد جلسات محاكمة الزعيم الروحي للأغلبية الشيعية آية الله الشيخ عيسى قاسم، ومدير مكتبه الشيخ حسين المحروس وميرزا الدرازي (أحد العاملين في مكتب آية الله قاسم).

لم يعترف آية الله قاسم بالمحكمة، رفض التهم الموجهة له بناء على ممارسته شعيرة الخمس الخاصة بالمذهب الشيعي، رفض توكيل محام عنه وهكذا فعل ميرزا الدرازي، فيما تم إحضار الشيخ حسين المحروس بالقوة للمحاكمة بعد اعتقاله، وتم توكيل محام عنه بأمر من المحكمة، لكن المحروس سجل في جلسة محاكمته رفضه توكيل محام عنه.

لم تتمكن السلطات من ندب محام شيعي لتلك القضية الحساسة، رفض المحامون الشيعة أن يتم ندبهم للدفاع عن معتقداتهم، ولم يتبق للسلطات إلا المحامي عبدالله الخشرم، محامي المهمات القذرة للحكومة، ليقوم بالترافع عن الشيخ حسين المحروس الذي ما إن أفرج عنه، حتى غاب هو الآخر عن حضور جلسات المحاكمة.

من جانبها تقدمت النيابة العامة بمرافعة ختامية، كانت مرافعة بخاطب داعشي (نشرت مرآة البحرين نصها)، مليئة بالبذاءة والابتذال، والسوقية والانحطاط، والحقد والكراهية والعداء للشيعة وزعيمهم الديني في البحرين.

وانتهت تلك المحاكمة التي استهدفت المذهب الشيعي بالإدانة، لكن الحكم كان السجن سنة لآية الله قاسم والشيخ حسين المحروس وميرزا الدرازي مع وقف التنفيذ، مع مصادرة مبالغ شرعية فاقت 3 ملايين دينار، ومصادرة عقارين أيضاً مسجلين للشيخ عيسى قاسم، كما غرمتهم مبلغ ألف دينار لكل منهم عن تهمة جمع أموال دون ترخيص.

 

اقتحام الدراز ينتهي باستشهاد 5 واعتقال حوالي 300 مواطن

بعد الحكم على آية الله قاسم، وهو حكم أول درجة (تبقى الاستئناف والتمييز)، أشاع النظام أن الخطر قد زال عن آية الله قاسم، وأن لا داعي لاستمرار اعتصام الدراز، وبعث إلى رؤساء المآتم في الدراز يطلب منهم الضغط على المعتصمين لفض الاعتصام.

بعد يومين من محاولة فض الاعتصام عن طريق الضغط، وبعد يوم واحد من لقاء ملك البحرين بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض، والذي قال إن العلاقات مع البحرين "لن تشهد توترا بعد الآن"، قرر النظام وضع حد لهذا التجمع، ودخل بقواته المدججة بالسلاح للبلدة المحاصرة، فيما استنفر المعتصمون لحماية آية الله قاسم بأجسادهم العارية، وكان لهم ما أرادوا، فكانت المجزرة.

مساء المجرزة عقدت الداخلية (23 مايو/أيار 2017) مؤتمرا صحفيا أعلنت خلاله عن 4 شهداء وخامس مجهول، وذكرت الأسماء على لسان رئيس الأمن العام طارق الحسن كالتالي "محمد علي إبراهيم أحمد [الساري] (28 عاما)، محمد كاظم محسن  علي ناصر [زين الدين] (44 عاما)، أحمد جميل أحمد محمد العصفور (34 عاما) ومحمد  أحمد حسن محمد حمدان (22 عاما) شقيق الشهيد مصطفى حمدان"، إضافة إلى آخر مجهول تتحقق السلطات من هويته.

وبعد 3 أيام (26 مايو/أيار 2017)، أكدت عائلة الشاب محمد عبدالكريم العكري نبأ استشهاد ابنها، أثناء هجوم قوات الأمن على المعتصمين عند منزل آية الله قاسم، مشيرة إلى أنها "تعرفت على جثمان ابنها في المستشفى العسكري".

وكان شهداء الشبان الأربعة أيضا ذكروا أنهم تعرفوا على جثامين أبنائهم أثناء معاينتها في المستشفى العسكري أيضاً.

لاحقا دفنت السلطات جثامين الشهداء دون حضور أهاليهم، مخالفة القوانين والأعراف المتبعة، بعد أن رفضت العوائل الرضوخ لمطالب السلطات.

وأكدت لاحقا معلومات أن السلطات دفنت مساء الجمعة 26 مايو/أيار 2017 الشهداء "محمد الساري، محمد زين الدين ومحمد العكري" في مقبرة المحرق، فيما تم دفن الشهيدين "أحمد العصفور ومحمد حمدان" في مقبرة الماحوز.

 

بداية الإقامة الجبرية لآية الله قاسم

لم يكتف النظام بإنهاء اعتصام الدراز بالقوة، فقد عمد منذ يوم المجزرة إلى فرض الإقامة الجبرية على الزعيم الروحي للأغلبية الشيعية آية الله الشيخ عيسى قاسم، ولكي يعلن عن انتصاره على الشعب الأعزل، داهم النظام منزل قاسم، وظهرت صور رجال أمن وهم يقفون على سطح المنزل متباهين بسيطرتهم على الأمر، فيما تم نشر المدرعات وإنشاء نقطة تفتيش عند منزل آية الله قاسم تمنع الناس من الاقتراب من المنزل، كما استولت الداخلية على منزل يقع بالقرب من منزل آية الله قاسم، بعد أن أخلته من السكان.

قالت الواشنطن بوست إن تطمينات ترامب أدت إلى شن البحرين حملة «هي الأشد دموية على المعارضة منذ سنوات»، طالب الأمين العام للأمم المتحدة بالتحقيق في مجزرة الدراز، ودعا المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد بالتحقيق في مقتل 5 متظاهرين في العملية الأمنية، واكتفت واشنطن بالتعبير عن قلقها مما حصل، فيما اعتبر خبراء في الأمم المتحدة أن حملة القمع أخذت منعطفا جديدة منذ إسقاط جنسية آية الله قاسم، فيما اعتبرت 4 منظمات حقوقية بحرينية أن ما حدث كان "جريمة خارج التغطية".

 

7 أشهر من الحبس الاحتياطي لمعتقلي عملية فض الاعتصام

أعلنت السلطات أنها اعتقلت 286 شخصا مع اقتحامها بلدة الدراز، إضافة إلى سقوط 5 شهداء عند منزل آية الله قاسم، قررت النيابة لاحقا توقيف معظمهم 6 أشهر على ذمة التحقيق، بعد أن اتهمتهم بالتجمهر ومهاجمة الشرطة، ونقلتهم للحوض الجاف.

بعد انتهاء فترة الـ 6 أشهر، أقدمت النيابة على تجديد حبسهم جميعا شهرا على ذمة التحقيق، فيما قال محامون مطلعون على القضية إن النيابة تنوي إحالتهم جميعا للمحاكمة في قضية واحدة، ويتوقع أن يتم الشروع بها في مطلع العام 2018.

 

زيادة الحواجز الاسمنتية ونقاط التفتيش

بعد فض الاعتصام، لم تشهد بلدة الدراز التي يقطنها حوالي 30 ألف نسمة، تخفيفا لنقاط التفتيش، بل وردت تقارير عديدة عن زيادتها عند مختلف المناطق، وهذا ما حدث مع المدخل الرئيسي الذي نشرت فيه مزيدا من الحواجز، ليتحول لاحقا إلى منطقة محظورة، ونشرت وسائل إعلام معارضة لاحقا صورا عن زيادة القوات الأمنية للحواجز الاسمنتية عند مداخل أخرى من البلدة المحاصرة.

 

التشويش على الانترنت

من ضمن ما عاناه أهالي بلدة الدراز إضافة إلى الحصار الذي كان يمنع أصحاب الشاحنات من إدخال المواد الغذائية للبلدة، أقدم النظام منذ بدء الاعتصام في الدراز منتصف العام 2016 إلى التشويش على الانترنت لقاطني البلدة.

أثناء اقتحام الدراز، أقدم النظام على قطع خدمة الانترنت نهائيا ، وقالت صحيفة الوسط المحلية إن التشويش على الانترنت تضاعف منذ المجزرة، وقالت منظمة بحرين ووتش إن الخسائر جراء التشويش وقطع خدمة الانترنت عن الدراز فاقت 300 ألف دينار.

 

تدهور صحة آية الله قاسم

بعد مرور 80 يوما على وضع آية الله الشيخ عيسى قاسم تحت الإقامة الجبرية، بدأ نشطاء وجماعات حقوقية بالتعبير عن قلقهم من تردي صحة قاسم وتدهورها، فيما أكد بعد شهرين (27 نوفمبر/تشرين الثاني 2017) معهد البحرين للحقوق والحريات أن آية الله قاسم يعاني من نزيف ويحتاج لرعاية طبية عاجلة.أبدت وكالات ووسائل إعلام دولية اهتمامها بتدهور صحة آية الله قاسم، وأدى ذلك إلى اعتراف هو الأول من نوعه من قبل السلطات البحرينية بوضع قاسم تحت الإقامة الجبرية، في تصريح صحفي لسفارة البحرين في واشنطن التي قالت إن عائلة قاسم رفضت عرضا بنقله إلى المستشفى عبر سيارة إسعاف.

كشف الشيخ ميثم السلمان أن آية الله قاسم لم يتمكن من رؤية طبيب منذ 500 يوم بسبب الإقامة الجبرية، وأنه يعاني من نزيف مستمر، ولم يعد وزنه يتجاوز الـ 40 كيلوجراما، ما يعني أن حياته باتت معرضة للخطر.

أصرت عائلة آية الله قاسم أن لا يتم نقله عبر سيارة إسعاف حكومية، وبواسطة رجال شرطة مدججين بالسلاح، وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 2017 تم نقل قاسم للمستشفى الدولي، ونقل لاحقا (9 ديسمبر/كانون الأول 2017) لمستشفى ابن النفيس حيث خضع لعملية جراحية عاجلة، وفي اليوم التالي (10 ديسمبر/كانون الأول 2017) أخرج قاسم من المستشفى وعاد إلى منزله، ليقبع مجددا تحت الإقامة الجبرية.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus