التعليق السياسي: التفاهة السياسية وغرفة التجارة
2018-03-19 - 1:16 م
مرآة البحرين (خاص): يقول آلان دينو في كتابه (التفاهة) المثير للجدل والصادر حديثا "لقد تبوّأت التفاهات موقع السلطة". تقدم البحرين نموذجاً لهذه التفاهات المتربعة في عرش السلطة. هناك عشرات الأمثلة على هذه التفاهة، لكن دعونا نتحدث عن تفاهة انتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين، ما الذي يجعل منها تافهة؟
إنه الملك، فقد أصدر مرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2012 لمؤسسة أهلية لها شخصيتها الاعتبارية، بموجب هذا المرسوم أعطى أفضلية لأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة وهم بطبيعة الحال عوائل تجارية لها مصالحها مع العائلة الحاكمة، وقد مكنتهم هذه الأفضلية من التحكم بالأصوات الانتخابية وطريقة تشكيل مجلس الإدارة. فمن يملك مثلا رأس مال بالدينار (20,000,100,00) له ثلاثة أصوات ومن يملك (1,000,000,001) له عشرة أصوات، الأمر الذي جعل شخصية الغرفة الاعتبارية شخصية تافهة وتحت تحكم الملك مباشرة. ولو نقارن الأمر مثلا بغرفة تجار الكويت، فنسجد أنهم من يضعون قوانين التصويت والانتخاب وكلما يتعلق بالغرفة وليس الأمير.
تفاهة السلطة السياسية، تمتد إلى ما هو أبعد من هذا التصرف الإجرائي الذي شاهدنا نتائجه في انتخابات الغرفة، إنه يمتد في جسد الدولة وتاريخها من رأسها ولحظة تأسيسها حتى ما بعد انتخابات الغرفة، وسنشاهده أكثر في انتخابات البرلمان الذي أصبح كتلة تفاهة لا تطاق.
لنتأمل في رأس تفاهات سلطتنا السياسية، ملك لا يملك أدنى مناقبيات القدوة والنزاهة ولا النموذج، وعائلة حاكمة لا تملك آدابا ملكية تجعل من سلوكها قدوة شعبية. من تابع مسلسل (التاج The Crown) الوثائقي، سيعرف أن سلوك الملكة البريطانية وسلوك عائلتها كان يوضع تحت المراقبة الشديدة، كي تبقى تمثل النموذج المرشد للشعب. كان التاج ضاغطا على كل ما يصدر من العائلة، بحكم أنه يمثل ما يتطلع إليه الناس وما يأملون فيه، وقوته الأخلاقية تعطيهم ثقة في نظامهم.
حاول البريطانيون مع فرض الإصلاحات على آل خليفة أن يُحسنوا سلوكهم الحضاري ليتصرفوا كعائلة حاكمة تقدم نموذجا لشعبها، كان بلجريف مثلا في أول موازنة وضعها يلفت الانتباه إلى أن "مخصصات آل خليفة تستهلك أكثر من نصف عائدات الدولة". ويشتكي لحكومته أنه لا يعرف كيف يقنع الحاكم بأهمية الانتباه لذلك، كذلك المعتمد السياسي في البحرين برايور قال للابن حمد حينها المعين بدل أبيه المعزول أن "الحكومة البريطانية تدفع مخصصات شهرية لستة أشخاص فقط من أقرباء الملك جورج، بينما تدفع الحكومة البحرينية مخصصات شهرية لمائة وثمانية أشخاص من آل خليفة".
إنها التفاهة تعشعش اليوم في السلطة السياسية في صور شتى، سرقات، قضاء غير نزيه، إفلاس اقتصادي، تمييز، تدخلات غير قانونية، اختراق للدستور، طبقة سياسية فاسدة، حروب نفوذ بين شخصيات العائلة عبر شخصيات الموالاة.