هل يحبّ أهالي الصّالحيّة خليفة بن سلمان؟
2018-04-13 - 6:15 ص
مرآة البحرين (خاص): خلال حديث له إلى إذاعة البحرين مؤخراً امتدح رئيس الحكومة خليفة بن سلمان آل خليفة ما يعتقد أنه حب الشعب البحرينيّ له، مشيرا إلى أن كل ما قام به هو من قبيل ردّ الجميل لهذا الحبّ. "أنا ما قمت بشيء في الحقيقة إلا لأنّه انغرس حب هذا الشعب في قلبي وبادلني هذا الشعب المحبة". وفي الواقع، تحوّل مداخلة رئيس الحكومة على شخص إنكاريّ Denier غائب عن الواقع تماماً وعن الوعي أو لعلّه مُغيّب.
يعتقد رئيس الوزراء أنه "قام بشيء في الحقيقة" وأنّ "الشعب البحرينيّ قد بادله المحبّة" جزاءَ ذلك. لكنْ من قال له ذلك فعلاً فما من شك قد كذّب عليه. إنّ شخصيّته تجسّد عند كثير من البحرينيين مُطلق الشرّ، ويتم النظر له كشخص نهم قاسٍ سرق خيرات البلاد وثرواتها وتقاسمها مع أبنائه.
إن الأقاصيص الشعبيّة المتعلقة باستيلائه على الأراضي والممتلكات العامّة تمتدّ في طول البلاد وعرضها. وتحوّلت تعابير مثل "فيفتي فيفتي" و"بو دينار" و"نص نص" والّتي هي عبارة عن شيفرات رمزيّة تُستخدم للتنكيت على حجم فساده ونهبه ماليّة البلاد، إلى تعبيرات قارّة في الثقافة الشفاهيّة الشعبيّة. وهي بلا طائفة تقريباً. إذا كان هناك مُشتَرَك وطنيّ يوحّد ذاكرة البحرينيين الذين أسهمت سياساته التمييزيّة في تقسيمهم، فهي هذه التعابير المتعلّقة بقصص فساده. إنها أكثر التعابير وطنيّة رغم أنها ذات حمولة سلبيّة.
هناك قلّة نادرة تمحضه الولاء علانية؛ لكنّ ذلك ليس حبّاً فيه بل بسبب قوّته ومخافة نقمته. إن معظم هؤلاء يعملون في قطاعات التجارة والأعمال ويخشون تضرّر تجارتهم. غير أنهم كثيراً ما همسوا في وشوشاتهم وأحاديثهم الخاصّة بغصّتهم العميقة به. وهناك قلّة داخل القلّة تمنحه هوىً كاذباً بسبب أنها تتمتع تحت مظلّته ببعض الامتيازات والعطايا التافهة. وهؤلاء يميل ذات اليمين وذات الشمال، ميلة له وميلة أخرى لابن أخيه، ملك البلاد، بحسب آنيّة العطيّة ومسارها.
لطالما التقينا وجالسنا من يتحدّث بإسهاب عن جشعه وشرّيته. ولكنّ المفارقة هي أنه لطالما أيضاً رأينا هؤلاء أنفسهم يمتدحونه في العلَن! إنّ ذلك ليس أمراً بدَعاً. إنها واحدة من الحيَل الأثيرة لدى الجماعات البشريّة عندما يتعلق الأمر بالتّعامل مع طاغية مطلق. إنّ إشعارات الحب والهوى المُعلنة ليست سوى إشعارات كاذبة خدّاعة ستذهب إلى خلَفه حالما يحلّ في مكانه ويفقد السلطات التي يملكها حالياً. اسأل الخوف تعرف أهله! هل صدّق رئيس الوزراء أن أهالي الصّالحية التي سجن أبناءها وزارها مؤخراً يحبونه فعلاً؟ سيكون أحمقاً ما من شك.
خلال اللقاء الإذاعيّ المشار له خاطب رئيس الوزراء الشعب البحريني، قائلاً "أتمنى إن شاء الله أن أستمرّ في خدمتكم وخدمة هذا الوطن وهذا الشعب الوفيّ". مشكلة رئيس الوزراء هي أنه لا يعرف بأنّ البحرينيين يريدون منه على وجه الدقة بأن يتوقّف عن خدمتهم. أن يتقاعد أو يذهب إلى الجحيم. وهذه واحدة من أعراض العقدة الإنكاريّة المؤلمة وغير المريحة التي لا يودّ أن يصدّقها.
لقد وصل الدين العام في البلاد إلى 24 مليار دولار في ظلّ حكومته الممتدّة منذ ما يقارب الخمسة العقود. وانتُزعت العديد من المزايا والخدمات من المواطنين في السنة الماضية في واحدة من أسوأ حملات التقشّف في تاريخ البلاد. فلماذا قد يرغب أحد من البحرينيين بأن يستمرّ "في خدمته وخدمة هذا الشعب الوفيّ". وفي الحقيقة، يستطيع خليفة بن سلمان أن يواصل التسلّح بالإنكار حتى في ظل وجود الأدلة الدامغة. فلعلّ ذلك يقوم لديه مقام نبتة التّرياق التي استطاع بواسطتها على مدى عقود ترويض الحشود وشراء الولاءات ظاهرياً غير آبه بما يدور في السّرائر. لكن ماذا سيفعل مع أولئك الذين بدأوا يحيكون له الدّسائس في القصور ويكمنون له في السر؛ بل بدأ بعضهم مؤخراً يرسم تصوّرات عن من الذي سيحلّ محلّه؟ إنّ عليه هو أن يجيب بنفسه عن ذلك.