محمد خالد: لماذا وشيْتَ بأبنائك؟
2018-04-14 - 5:18 م
مرآة البحرين (خاص): حتّى وقتٍ قريب؛ كانت وشاية الأخ على أخيه والأب على ابنه، والعكس، وصْمة للأنظمة الشموليّة. عُرف عهد البعث الصدّامي بانتشار هذا النّوع "الكلبيّ" من الأخلاق العائليّة.
ثمة العديد من الأقاصيص الّتي تتحدّث عن قيام أخٍ بإرسال أخيه إلى المشنقة بسبب همسة أو وشوشة. أو رفع تقارير شهريّة عن ولاءات أفراد العائلة. فهذا هو نمط الحياة في جمهوريّات الخوف. ويبدو أنّنا أصبحنا واحدة منها.
إذ يقول ثلاثة من أبناء الداعية الإخواني محمد خالد، القيادي في جمعية "المنبر الإسلامي" وعضو البرلمان السابق، إن والدهم قدّم بلاغاً ضدهم يتّهمهم بإدارة حساب في "تويتر" دأب على مهاجمة رئيس الوزراء البحرينيّ.
وعلى مدى أيّام كان عليهم أن يختبروا قسوة الأجهزة الأمنيّة، تهديداً وملاحقات. وقد تعرّض اثنان منهم إلى الضّرب كما قُبض على آخر.
لو حُذِفت الأسماء والمعرّفات لقيل تلك واحدة من الحكايا التي يجري التندر بها على أيّام البعث الصدّامي. لكنّ الأمر ليس كذلك حقاً؛ إنها وصْمة راهنة وطازجة تكشف المذاق البرّي لما آلت له الحياة تحت خيمة الحُكم "الخليفيّ". فها نحن أمام شيخ دين يتحدّر من تنظيم سياسي يقوم مقام النواة لمعظم تيارات الإسلام السياسيّ المعاصر، يتولّى الوشاية على أبنائه فيتركهم "عرايا" في متناول أيدي الأمن.
إنّها "الكلبيّة" في أعلى مراحل الحيوانيّة. هزَمَت عاطفةَ الأبوّة لصالح عبوديّة ديكتاتور آفل. وغيّبَتْ الرّحمة لصالح مكسبٍ دنيويّ عند الحاكم.
على أنه لا قاع للوشاية. لقد فُتحت كنوع من العرض التجريبي لملاحقة المحتجّين الشّيعة الذين رفعوا مطالبات سياسيّة في 2011. كانت تُوسَم صورهم بدوائر حمراء توطئةً لمن يهمّه أمر اعتقالهم. لكن ها هي تتمدّد وتصبح شيئاً فشيئاً "اسْتايل" الحياة في المملكة "الخليفيّة".
لقد صاغ الشيخ محمد خالد أحد أكثر الخطابات تطرفا ووضاعة للوشاية. لم يكن يكتفي مثلاً بحَثّ أتباعه على الإبلاغ عن "الخونة". كان يدعو علناً إلى دهسهم في الشوارع، هكذا بالحرف. وهناك من ديس فعلاً. وهناك من استُشهد!
ثم ها هو قد انتهى به المطاف واشٍ بأبنائه. فرث لحمه ودمه. مثله مثل حيوان لم يجد ما يأكله فأكل نفسه. يتحدّث ابناه أيمن وخالد عن كيف تمّت ملاحقتهما من واسطة أربع عشرة مركبة "لاندكروزر". وكيف تمّ الاعتداءُ على أحدهما بالضّرب الوحشيّ وترْك سحَجَات متفرّقة في نواحي جسمه.
وينتهي الحديث المصوّر بتبرؤ الإخوة الثلاثة من والدهم، من سلوكيّاته وتصرّفاته وما يكتبه في "تويتر". والحق أنه كان ينبغي للبحرين كلها، منذ زمن طويل، أن تتبرّأ منه. لولا أنّ لمحمد خالد "معزّب" يحميه!