من الخاسرون في مرسوم تعيين إدارة هيئة التأمينات؟

وزير المالية محمد بن أحمد رئيسا لمجلس إدارة التأمينات الاجتماعية
وزير المالية محمد بن أحمد رئيسا لمجلس إدارة التأمينات الاجتماعية

2018-08-19 - 10:55 م

مرآة البحرين (خاص): في مرسومه الأخير، قلّص الملك حصة ممثلي العمال في الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي من ثلاثة مقاعد إلى اثنين، جاء ذلك في المرسوم رقم 42 لعام 2018 الصادر في 16 أغسطس الجاري، والخاص بإعادة تشكيل مجلس إدارة الهيئة، ضمن خطوات أخيرة لمواجهة ما يقال أنه عجز متوقع تواجهه صناديق التقاعد.

المرسوم أعطى مقعداً يفترض أنه (مستقل) إلى (مشعل علي الحلو)، وهو مدير تقنية الحاسوب في  بنك أركابيتا، البنك الذي تم تمويل بناء مقره بمبلغ مئة مليون دينار من أموال التأمينات الاجتماعية بشكل غير قانوني، علماً أن الحلو ليس له أية صفة تمثيلية عن العمال في القطاع الخاص.

وقد أعطي حق تمثيل العمال لـ(أسامة سلمان حسن محمد) من الاتحاد الحر، وهو الاتحاد الأقل تمثيلا للعمال، بمعنى أن عدد الأعضاء من النقابات المنضوية تحت مظلة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين أكثر من المنضوية تحت مظلة الاتحاد الحر، ما يعني أن هذا التعيين يتعارض مع  قانون تشكيل هيئة التأمينات الصادر في العام 2008، والتعديل الذي جرى عليه في العام 2014 لأجل حذف النص الخاص بأن يقع اختيار ممثلي العمال على الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وهو الاتحاد المغضوب عليه من قبل السلطات بسبب استقلاليته، وتم استبدال ذلك النص بآخر يفيد أن ممثلي العمال يتكون من: الاتحادات العمالية دون النص على اتحاد معين، وتم تقليص عدد ممثلي العمال لاثنين فقط، ووضع عنصر ثالث باسم "عضو مستقل من القطاع الخاص".

هذا التعيين يخالف معايير منظمة العمل الدولية، التي تنص على أن العمال يمثلهم "الاتحاد الأكثر تمثيلا"، وقد أكدت الحكومة البحرينية عبر وزارة العمل التي أصدرت بياناً في 5 يونيو 2013، على أن الاتحاد العام هو الممثل الأصيل لعمال البحرين "الذي يناط به تمثيل عمال البحرين في المحافل الدولية وفي المفاوضات الجماعية مع أصحاب الأعمال ومنظماتهم على المستوى الوطني".

 

معروف  دور الاتحاد الحر الذي تأسس بعد أحداث 2011،  في تقسيم الحركة العمالية ومحاربة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، ومنع عودة العمال المفصولين، وقد تعرض هذا الاتحاد لانتاقدات دولية خصوصا من الاتحاد الدولي للنقابات.

ومن التصريح الأول لممثل الاتحاد الحر في التشكيل الجديد لهيئة التأمينات الاجتماعية أسامة سلمان حسن محمد، بعد تعيينه بدا واضحاً توجه هذا الاتحاد "اللاحر" بنظر المنظمات الدولية،   فقد حمّل في تصريحه الأول الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين مسؤولية تغييب ممثلي العمال عن إدارة التأمينات لمدة خمس سنوات، واتهم أسامة ممثلي الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، بأنهم استقالوا من مجلس إدارة التأمينات قبل خمس سنين لأسباب سياسية، بينما كانت السلطة هي من تتجاهل العمال عبر تعيينها مجالس إدارة دون ممثلي العمال في مخالفة صارخة للقانون.

أما الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين فقد كان غريباً أن يرفع ثلاثة أسماء تختار السلطة من بينها عضوا منه لإدارة التأمينات، خصوصا وأن نظامه الأساسي ينص  في المادة (15) على أن الأمين العام المساعد للحماية الاجتماعية "يكون حكماً أحد ممثلي الاتحاد في مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية".

وقد اختار الملك من بين الأسماء (سعاد محمد مبارك) التي تحوز منصب الأمين المساعد للمرأة والطفل، وهي لا تمتلك الخبرة في مجال التأمينات الاجتماعية.

إضافة لهذه الملاحظات فيما يخص الحصة العمالية التي باتت مهلهة ودون المستوى، فإن المجلس الجديد المتكون من 15 عضوًا، يضم أربعة وزراء هم وزراء المالية رئيساً،  وزير العدل، وزير العمل، ووزير شؤون مجلسي الشورى والنواب.

إضافة لثلاثة من المسؤولين الحكوميين الكبار بدرجة وزير هم: نواف بن ابراهيم آل خليفة من هيئة الكهرباء، وأحمد الزايد رئيس ديوان الخدمة المدنية، ومحمد القائد الرئيس التنفيذي لهيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية.

وخلافا للعمال فقد حافظت غرفة التجار على مكاسبها، بضم ثلاثة أعضاء منها إلى إدارة التأمينات، فيما عين الملك اثنين هما: محمد ابراهيم البستكي، ومال الله جعفر الحمادي عضوين باعتبارهما "من ذوي الاختصاص".

لقد كان العمال أقلية بثلاثة أعضاء، والآن أصبحوا أقلّ من أقلية في المجلس، عضو واحد من الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين (الاتحاد العمالي المستقل)، لكنه ممثل عبر شخصية غير الشخص المختصّ، وعضو من الاتحاد الحر سينضم دون نقاش للصوت الحكومي، وموظف في بنك تم بناؤه بأموال التأمينات ذاتها بشكل لا قانوني. لذا ستستمر الهيمنة الحكومية على قرارات إدارة التأمينات، ومن المتوقع أن تصدر قرارات خطيرة في المرحلة المقبلة تنتقص من حقوق العمال التقاعدية.

وفيما عدا جميل حميدان وزير العمل الذي هو عضو ممثل للحكومة، يمكن من جديد من ملاحظة تجنب الملك قدر ما استطاع تعيين أي شخصية تنتمي للطائفة الشيعية في هذا التشكيل، مما يؤشر لنهج التمييز الثابت الذي يسير عليه الملك في نهجه للحكم.