مشهدان في عيد جلوس ملك البحرين.. مجنّس يتباهى بحب الملك، وبحريني: من يحبنا؟

صورة مركبة: من اليمين ملك البحرين يكرّم الفلسطيني محمد العرب واليسار  بحريني ظهر  في تسجيل مصور ينتقد فيها سياسة التجنيس
صورة مركبة: من اليمين ملك البحرين يكرّم الفلسطيني محمد العرب واليسار بحريني ظهر في تسجيل مصور ينتقد فيها سياسة التجنيس

2018-12-18 - 3:44 ص

مرآة البحرين (خاص): مشهدان في يوم عيد جلوس ملك البحرين السابع عشر، يختصران حال البلد وحال المواطن البحريني وحال الأيام التي وعد بها الملك هذا الشعب.

المشهد الأول: ملك البحرين يستقبل في ذكرى جلوسه 16 ديسمبر 2018، بحفاوة بالغة، المجنّس المرتزق العراقي من أصل فلسطيني محمد العرب، مانحاً إياه "وسام العمل الوطني". وتعليق الأخير متباهياً على صفحته تويتر: "عندما يسأل عليك قائدك ويتتبع شؤونك وشؤون أسرتك بحب وعطف، فتأكد أنك أمام حمد الوفاء عاهل البحرين المفدى وراعي المشروع الإصلاحي. كلماتك هي الوسام اشكرك سيدي وقائدي وملهمي وفخري"

المشهد الثاني: فيديو بثّه أحد المواطنين البحرينيين الأصليين، وعلى وجهه حفرت علامات القهر والضيم. يعلّق على السيل المتدفّق من أغاني حب الوطن التي يتم بثّها في الإذاعة والتلفزيون الرسمي هذه الأيام، يقول بنبرة المنكسر المهموم: "بتعلمونا حب الوطن؟ ما في أحد ما يحب الوطن ماله. حب الوطن مزروع فينا. إحنا نبي أحد يحبنا. من يحبنا؟ وين الحياة الكريمة اللي وعدونا فيها؟ إحنا عايشين في هم وغم، ما في ولا مواطن مو مظلوم، ما في ولا مواطن مو محروم". ويضيف بأنه حين يعرض على أبنائه الخروج لمشاهدة الاحتفالات بالعيد الوطني يجيبونه: "وين نروح؟ بشنو نحتفل؟ خل يحتفلون اللي يايبينهم وحاطينهم عندنا في المدارس (إشارة إلى المجنسين)"، ثم يكمل: "هؤلاء أطفال وهذا شعورهم. هذا الجيل مكسور خاطره. أطفال صغار يقولون: ما عندنا بيت ولا بيزات ولا شي، نحتفل بشنو؟"، ثم يتساءل محتاراً: "بماذا أجيبهم؟"

هذا المشهدان يختصران واقع الحال البحريني الذي رسّخه ملك البحرين. مجنّس مرتزق يتباهى بأن الملك "يتتبع شؤونه وشؤون أسرته بحب وعطف"، وبحريني أصيل يتساءل بيأس: "إحنا نبي أحد يحبنا. من يحبنا؟". يكفي أن تكون مرتزقاً لتعيش مرفهاً منعّماً بـ(حب الملك وعطفه)، ويكفي أن تكون بحرينياً شريفاً لتعيش الضيم والشعور بأنك في وطن لا يحبّك أحد فيه.

المرتزق محمد العرب يعيش في البحرين مرفّهاً، مُنح الجنسية البحرينية نظير مهماته القذرة في بثّ الفتن والأكاذيب التي ساهمت في انقسام الشارع البحريني وتأليبه ضد بعضه بعضا، عرف باستغلاله الكبير لأزمة البحرين 2011 في الظهور الإعلامي الفاقع، وأورد في تقاريره العديد من الإشاعات والأخبار الكاذبة عن الاحتجاجات وعمل على تشويهها. وكان يتلقّى أجراً سخياً من وزارة الداخلية نظير ما قام بتأديته من دور خفي في الإعلام الأمني الموجّه نحو تشويه الحراك الوطني وتجريمه. هذا المرتزق يلقى حفاوة الملك، ويسأل عنه (بحب وعطف)، ويكرّمه بأوسمته وهباته وعطاياه السخية. أما المواطن البحريني فلا ينتظره غير الضرب والضرائب والبطالة والانتظار المذل والمهين للوحدات السكنية وقطع الأرزاق والتهجير وإسقاط الجنسية.

هذا فيديو آخر لبحريني أصيل آخر مصاب بالسرطان وفي الهزيع الأخير من عمره، يبكي متمنياً الموت بعد منعه من مصدر رزقه الوحيد وهو صيد الأسماك، لعلّ زوجته تحصل على (راتب الأرامل) الذي تتمكّن به منه على أبنائهم.

وها هو المواطن محمد خاتم، ما زال يعتصم عند مبنى الحكومة مطالباً بإرجاعه إلى عمله الذي فصل منه تعسفياً، أو أي عمل آخر يمكّنه من الصرف على عائلته بعد أن ضاقت به وبهم الحياة، فيكون جواب الحكومة عليه في كل مرة السجن، ثم يخلى سبيله، ليعاود الاعتصام مناشداً، ليعاد سجنه، ولا من مجيب لحاجته التي أراقت ماء وجه الحكومة لا وجهه.

وها هي نماذج فلل المجنّسين في البحرين التي تمنحها الدولة لمرتزقتها الذين يعملون في أجهزتها الأمنية وغيرها، مقابل بيوت البحرينيين الذين لا يستحقون التفات الحكومة ولا رعايتها ولا كرامتها ولا حبّها ولا عطفها.

في عيد جلوس الملك السابع عشر، هذه هي البحرين: مواطن مقهور وبلد مهدور ومجنّس مكرّم.