مذكّرات 2018: حرب الأرزاق…. محمد خاتم وباعة سوق جدحفص وفلامرزي

2018-12-30 - 10:05 م

مرآة البحرين (خاص): شنّت أمانة العاصمة (الجهاز البلدي للعاصمة) حملة مباغتة ومنفعلة على باعة سوق جدحفص الشعبي في أغسطس/آب 2018، ذلك بعد يوم واحد من زيارة مديرة البلدية المعيّنة حديثا شوقية حميدان للسوق.

قرّرت البلدية فجأة إزالة فرشات الباعة بذريعة مخالفتها لقانون إشغال الطرق في السوق الوحيد الذي يشكل فيه البحرينيون أغلبية البائعين، رغم أن الفرشات موجودة منذ سنوات طويلة، وباتفاق ضمني مع البلدية.

تسبّب ذلك في موجة غضب هستيرية بين الباعة المتضررين. يظهر مقطع فيديو أحدهم وهو يصرخ في وجه مسؤولي البلدية: عاملونا مثل (فلامرزي).

كان ناصر بن حمد نجل ملك البحرين قد زار المواطن محمد فلامرزي الذي كان يشغل طريقا عاما في مدينة حمد مع أخيه، ليكسبا قوت يومهما من بيع الأسماك، حين قررت البلديات إزالة فرشته، فضجّ وتظلّم ضد قرارها على شبكات التواصل الاجتماعي. أكد نجل الملك مساندته لفلامرزي ومنحه قاربا جديدا للصيد.

أعين الباعة في جدحفص، كانت مليئة بالهضيمة. بدلا من أن يحصلوا على الدعم وبدلا من أن يروا تطوير السوق، يتم تحويلهم إلى عاطلين عن العمل، ويروا بأم أعينهم حتى الاستنجاد بالكبار من المسؤولين في الدولة تختلف نتائجه بين منطقة إلى أخرى ومن مواطن إلى آخر؟

زار فلامرزي، الذي تحوّل إلى أيقونة، سوق جدحفص، ودعا من هناك أن تجد صرخات الفقراء من الباعة في جدحفص آذانا صاغية. ومع الكثير من الضغط، تراجعت البلدية عن قرارها أخيرا، وقامت على عجل بتنفيذ ما قالت إنّه مشروع تطوير وصيانة وإعادة تنظيم للفرشات والسوق.

محمّد خاتم

صباح الأحد 15 يوليو/تموز 2018، خرج مواطن بحريني معدم ليعتصم عند مقر الحكومة تحت هجير الشمس، وهو يلبس ثوبا باليا، كتب عليه "أنا مواطن بحريني لا أملك قوت يومي ولا قوت زوجتي ولا عيالي، أين أذهب يا ملك البلاد؟"، وكان رد السلطات عليه، الاعتقال سريعا.

خاتم  سجين سابق، وأب لـ 4 أطفال، وهو مفصول عن العمل بوزارة البلديات منذ 5 سنوات. وقال خاتم إنه قصد كل مكان للبحث عن عمل فلم يجد وظيفة، وأشار إلى تردي وضعه المعيشي إلى مستوى سيء جدا، وإنه لم يعد يستطيع توفير مأكل ولا ملبس لأولاده.

وأكد أنه لم يعد لديه شيء يصرف منه، ولم يبق له سوى الخروج بهذه اللافتة في الشوارع، قائلا بأنه لن يرجع إلا بعد أن يجد له المسئولون حلا.

أطلقت السلطات الأمنية سراح خاتم بعد أسبوعين، ثم مرّ حوالي الشهر، وكأنّ شيئا لم يكن. لم يكن أحد من المسئولين يرى أو يسمع، فعاد خاتم إلى الاعتصام، هذه المرة عند مقر الحكومة السابق، في الحي التجاري بالعاصمة المنامة، ليعتقل للمرة الثانية. أمرت النيابة العامة بحبسه أسبوعا على ذمة التحقيق بعد أن وجهت له تهمة التحريض على كراهية النظام.

بعد حوالي أسبوع، اتّصل محمد خاتم بعائلته من طوارئ مستشفى السلمانية، التي دخلها بعد تدهور صحته بسبب إضرابه عن الطعام، وأبلغ عائلته بأن السلطات أمرت بإطلاق سراحه. بعد يوم، صرّح خاتم بأنه تلقّى أخيرا وعداً بحلّ قضيته في غضون شهر وقال إنه "متفائل خيراً".

مضى شهر ونصف من تلك الوعود الخاوية، قبل أن يخرج خاتم إلى الشارع من جديد. ذهب إلى مقر الحكومة، مطالبا بتنفيذ الوعد الذي تلقّاه من رئاسة مجلس الوزراء بحل مشكلته، وظهر خاتم في مقطع فيديو وهو يحمل لافتة كتب عليها "يا رئيس الوزراء أنا مواطن كلي أمل في مقابلتك لأشكو الحال".

لم يقابله رئيس الوزراء بالطبع، بل اعتقلته الشرطة للمرة الثالثة، ثم أفرجت عنه بعد 3 أيام.

كلما أعيته الحيلة، كانت العبارة التي يكرّرها محمد خاتم في كلّ فيديو "لقد تعبت". في 2 ديسمبر/كانون الأول 2018، عاود خاتم الاحتجاج عند مقر الحكومة.

اعتقل خاتم، وفور الإفراج عنه عاد مباشرة إلى مبنى الحكومة، وبات ليلته هناك في الشارع، وسط الجو البارد هذه المرة. في صباح اليوم التالي بث خاتم فيديو جديد قال فيه إنه يقف راجيا من الله الفرج، وأن يليّن قلوب أصحاب القرار في قضيّته، التي لم تجد حلّا.

مع الرد عليه بالاعتقال للمرة الخامسة، انقضى عام 2018، ولا زال كل ما يمتلكه خاتم هو حساب تويتر، وأسرة معدمة، ووطن مضيّع.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus