حوار مع الباحث نيل كويليام من "تشاتام هاوس": "واجهة ديمقراطية" في البحرين ومزاعم بالانفتاح السّياسي

هيئة التحرير - موقع وورلد بوليتيك ريفيو - 2019-03-09 - 9:58 م

ترجمة مرآة البحرين

أُطلق سراح لاعب كرة القدم البحريني حكيم العريبي من السجن في فبراير / شباط في تايلاند، بعد أن أسقطت السلطات البحرينية طلب تسليم بحقه، يتعلق بمشاركته في الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العام 2011. وقد عاد الآن إلى أستراليا، حيث يحظى بوضع لاجئ. لم يكن المعارضون ومنتقدو الحكومة داخل البحرين محظوظين، إذ أيّدت المحكمة العليا في البلاد مؤخرًا أحكامًا بالسجن المؤبد ضد ثلاثة من زعماء المعارضة بتهمة التجسس لصالح قطر. في مقابلة مع موقع World Politics Review، ناقش نيل كويليام، وهو باحث كبير في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، حملة القمع التي تمارسها سلطات البحرين ضد المعارضة، ومدى استبدادها منذ الربيع العربي.

 

هيئة التحرير: تشير بعض القضايا البارزة الأخيرة إلى أن البحرين أكثر جرأة من أي وقت مضى في ملاحقة المعارضين وقادة المعارضة، سواء في الداخل أو في الخارج. لماذا؟

نيل كويليام: تشعر الحكومة البحرينية بالجرأة في الأساس بسبب ثلاثة عوامل، لكل منها نفس الأهمية. أولًا، تخلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ما يبدو أي ادعاء بأن تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان مهمة للسياسة الخارجية الأمريكية. ويعني تركيزه على تأمين علاقات تجارية قوية مع الشركاء الخليجيين وتعزيز وظائف العمال الأميركيين أن قضايا حقوق الإنسان البارزة لم تعد بعد الآن في دائرة الضوء.

ثانياً، لقيادة البحرين ثقة كاملة بحلفائها الرئيسيين، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وبعلاقتهما الوثيقة مع إدارة ترامب. وطالما ظلّتا قريبتين من البيت الأبيض وواصلتا توقيع صفقات مربحة، ستواصل الولايات المتحدة النظر في الاتجاه الآخر في ما تعتقل المنامة شخصيات معارضة رفيعة المستوى وتسجنها بموجب تهم هشة وضعيفة.

ثالثًا، وَضَع حاكم البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ثقته في رؤية المنطقة التي يتشاركها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي الأمير محمد بن زايد، والتي تمثّل دول الخليج وما يُسَمى بـالقيادة "العلمانية" ضد التجمع الإسلامي الظاهر في قطر وإيران وتركيا. وتؤيد الأسرة الحاكمة في البحرين هذا الرأي، الذي يُعارض دومًا إيران والإسلام السياسي بشكل عام، جزئيا بسبب الخوف من أن تشجع طهران أغلبية سكان البلاد الشيعة على المشاركة في احتجاجات واسعة النطاق. كما يهدف تحالفها مع دول الخليج الأخرى إلى تأمين الدعم المالي السعودي في مواجهة الأزمة الاقتصادية في البحرين. تعتقد الحكومة البحرينية أنها سوف تسود في هذه الاستراتيجية، وبالتالي فهي تشعر بالحرية في صياغة أجندتها السياسية المحلية وفقًا لإرادتها.

هيئة التحرير: بالنظر إلى حملة قمع المعارضة السياسية التي كان محتملة نوعًا ما، ما مدى أهمية الانتخابات البرلمانية التي أُجرِيَت في أواخر العام الماضي؟ وما هو تأثيرها على المشهد السياسي في البحرين؟

كويليام: أفادت الحكومة البحرينية أن الانتخابات تمتعت بأعلى نسبة إقبال منذ العام 2002، وانتُخِبَت ست نساء في المجلس المؤلف من 40 عضوًا - أكثر من أي وقت مضى. مع ذلك، فإن الدراسة الدقيقة للظروف السائدة المؤدية إلى التصويت تكشف عن صورة قاتمة. منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العام 2014، اتّخذت الحكومة عددًا من التدابير التي تم تصميمها بشكل واضح لإحباط المعارضة ومنعها من حشد الدعم من خلال صندوق الاقتراع. وشملت هذه التدابير تعديلًا في العام 2016 لقانون الجمعيات السياسية الذي يحظر على رجال الدين الانتماء للجمعيات السياسية والمشاركة في الأنشطة السياسية، حتى على أساس تطوعي. تعمل هذه الجمعيات السياسية كبديل غير رسمي للأحزاب السياسية المحظورة رسميًا في البحرين. علاوة على ذلك، يُلزم القانون الجمعيات السياسية بتنسيق جميع الاتصالات مع البعثات الدبلوماسية أو القنصلية، أو المنظمات الحكومية الأجنبية، أو ممثلي الحكومات الأجنبية مع وزارة الخارجية، التي تمتلك سلطة إرسال ممثلين إلى الاجتماعات المماثلة.
التفسير الواسع النّطاق لهذه القواعد الوحشية هو أنها تهدف فقط إلى الحد من جاذبية الجمعيات السياسية التي قد تُشَكل تحديًا للحكومة. لكن الإجراءات القانونية اللّاحقة سعت إلى حظر الجمعيات السياسية بأكملها. في فبراير / شباط 2017، أيّدت أعلى محكمة في البلاد حكم محكمة الاستئناف السابقة بحل جمعية الوفاق، الجمعية السّياسية الأكبر في البحرين، ومصادرة أصولها. واستند القرار إلى الاتهامات بالتحريض على الإرهاب، لكن عددًا من المراقبين القانونيين يعتقدون أن أدلة الحكومة كانت ضعيفة. علاوة على ذلك، في مارس / آذار 2017، رفعت وزارة العدل دعوى قضائية لحل جمعية سياسية علمانية، هي جمعية العمل الوطني الديمقراطي، المعروفة باسم وعد. اتهمت وزارة الدفاع "وعد" بـ "دعم الإرهاب" ، بعد أن انتقدت قيادتها الحكومة لإعدامها ثلاثة مواطنين شيعة وصفتهم الجماعة علانيةً بالشهداء. في مايو / أيار 2018، وافق البرلمان البحريني على مشروع قانون يمنع أعضاء جماعات المعارضة المنحلة من الترشح بشكل مستقل في الانتخابات.

أخرجت هذه التدابير وغيرها الجمعيات المعارضة السياسية الرئيسية بشكل أساسي من المعادلة، إذ إنّها امتنعت عن التصويت أو  مُنِعت من التّرشح في الانتخابات. لذلك كانت استطلاعات العام الماضي مهمة، ليس لأنها تمثل عملية حرة ونزيهة، بل لأنها أشارت إلى نهاية تجربة ديمقراطية بدأها حمد في أوائل العقد الأول من القرن الحالي. آمن عدد من البحرينيين في البداية بتلك العملية الديمقراطية، لكن معاييرها حدّدت بشكل ضيق أن النتيجة غير مهمة إلى حد كبير. لدينا الآن ما يسميه المنظرون "واجهة ديمقراطية" تقليدية، وحتى الواجهة معرضة لخطر السقوط.

هيئة التحرير: ما مدى ارتباط حملة البحرين بالديناميات والتوترات في الخليج،  بما في ذلك الصّدع الإقليمي مع قطر؟

كويليام: تتماشى الحملة مع رد الحكومة البحرينية على انتفاضات الربيع العربي في العام 2011، التي شملت حملة قمع قاسية ضد احتجاجات المعارضة، والتي كان معظمها بقيادة الشيعة. تم قمع تلك الاحتجاجات بمساعدة القوات السعودية والإماراتية، ما يدل على أنه لا الرياض ولا أبو ظبي ستعارضان بشكل كبير. بالطبع ، كان المعنى الضمني لذلك بالنسبة للسعوديين، سواء كان ذلك صحيحًا أو لا، أن القلق من كون الاحتجاجات ستمكن إيران من الحصول على موطئ قدم في البحرين وتهدد قبضة حمد على السلطة. من ناحية ما، شجعت هذه الخطوة الحكومة البحرينية ومنحتها الثقة لتفادي أي إصلاحات سياسية ذات مغزى، والتي وقد استمر ذلك الآن. وعنى ذلك أيضًا أن السياسات المحلية والخارجية للبحرين ستصبح أكثر توافقاً مع جيرانها، الأمر الذي يقوض من دون شك استقلالها.

نتيجة لذلك، أصبحت حملة القمع البحرينية جزءًا من الحركة المضادة للثورة في جميع أنحاء المنطقة بقيادة السّعوديين والإماراتيين، وفي حالة البحرين ، أدى ذلك إلى عكس التّوجه نحو الانفتاح السياسي. تنظر حكومة حمد الآن إلى كل الجمعيات السياسية تقريبًا، وخاصة تلك التي يهيمن عليها الشيعة، على أنها تتلقى الدعم المباشر من طهران وتخدم أجندة خارجية. أدّت الأزمة الديبلوماسية بين ما يسمى [اللّجنة] الرّباعية العربية -السّعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين- وقطر، إلى تعزيز استبداد وتسلط المنامة، إذ تميل دول المجموعة الرباعية إلى تصوير المواطنين المُتَحَدّين للسّياسة الرّسمية تجاه قطر  على أنّهم خونة. وقد منح ذلك الحكومة البحرينية تفويضًا مطلقًا باحتجاز أي أصوات معارضة واعتقالها وإصدار أحكام قاسية عليها بحجة أنها تشكل تهديدًا للأمن القومي.

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus