ملك البحرين… رسالتي إليك (ضياء عيّاد)
2019-03-10 - 9:25 ص
ضياء عياد*
ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة؛
لا أعرف ماذا أكتب؟ أحدّثك في الذكرى العشرين لجلوسك على كرسي الحكم في البلاد، وأنا في غاية التعجّب من خطابك عن الديمقراطية والحريّة والعدالة والتعايش، وما شابهها من مصطلحات ومفاهيم.
الدولة التي تقول إنها قائمة في البحرين اليوم، هي ذاتها التي تقول عنها المعارضة ومعها الأغلبية الشعبية أنها الدولة البوليسية القائمة على الإلغاء والتهميش.
أَيُّهَا الملك، تُشعِرنا وكأنّ المدينة الفاضلة التي بقيت حلماً يراود الفيلسوف اليوناني الشهير "أفلاطون" هي السائدة في ذلك الأرخبيل الصغير "البحرين".
ولكن مهلاً مهلاً، لا تحتاج أعوامك العشرون إلى الكثير من البحث، فالوقائع واضحة والأحداث تبدّد عناء الغوص في التفاصيل.
هل تعرف أَيُّهَا الملك أنّ أساس المدينة الفاضلة هو الإنسان؟ فلماذا يحتلّ المواطن البحريني المكان الأخير من سلّم الأولويات؟
أَيُّهَا الملك، هل تعرف أنّ في المدينة الفاضلة لا يجب أن يكون الحكم محصوراً بيد شخصٍ واحد؟ الجواب الذي تعرفه بالتأكيد هو أنّك تعرف وبشدّة، ولكن الاستئثار والتفرّد بالسلطة هو المنطق السائد منذ استقلال البحرين عام 1971 واستيلاء آل خليفة على الحكم بمساندة دول تدّعي الديموقراطيّة وتتشدّق بها.
سياساتك الحكيمة والرشيدة أَيُّهَا الملك الفاضل قيّدت حرّية التعبير والمعتقد من جميع الإتجاهات، اللهمّ إلا إذا كانت تمجّد وجودك وتثني على اجراءاتك.
سيسجّل التاريخ أنّ عهدك كان حافلاً بالإنجازات العظيمة، منذ توقيع ميثاق العمل الوطني عام 2002 الذي قالت المعارضة الوطنية إنّك انقلبت عليه، والذي يؤكّد عليه الإنفاق المخيف على التسلّح من أجل مواجهة أيّ انتفاضة محتملة على غرار نظيرتها التي اندلعت العام 2011. فعلى سبيل المثال صفقات الأسلحة التي اشترتها البحرين من الولايات المتّحدة الأميركية بين عامي 2017 و2018 فاقت قيمتها 6 مليارات دولار.
سيسجّل التاريخ الكثير المثير، سيسجّل أنّ عمليات الشراء الكبيرة للأسلحة تأتي على حساب التنمية الاقتصادية والطلبات الإسكانية التي يقف أصحابها على أبواب الانتظار سنين توازي مدّة حكمك العشرين.
سيسجّل أيضاً وأيضاً أيها الملك أن الدين العام تخطّى عتبة 34 مليار دولار بفضل إدارتك العظيمة، وأنّ السجون في عهدك تكدّست بالمعارضين لنهجك والمدافعين عن حقوق الإنسان (أكثر من 4 آلاف سجين)، وأنّ سياساتك فرّقت البحرينيين عن أهلهم ووطنهم، وجعلت الجزء الأكبر من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وفضّلت المجنّسين عليهم في العمل، ورفعت نسبة البطالة.
كثيرة هي إنجازاتك أَيُّهَا الملك، لا يمكن أن تختصرها صفحات معدودات. في عهدك الزاخر بالعطاءات وتحديداً في يونيو 2016 تمّ إسقاط الجنسية عندالمرجعيّة الدينية الكبرى للأغلبية الشيعيّة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، وتمّ إغلاق الجمعيات السياسية المعارضة وفِي مقدّمتها كبرى هذه الجمعيات "الوفاق الوطني الإسلاميّة" في العام 2017، وتمّ تقييد حريّة زعيم المعارضة وأمين عام "الوفاق" [الشيخ علي سلمان] بالسجن مدى الحياة العام 2019 بسبب مطالبته بالتحوّل نحو الديموقراطية.
وفِي إطار احترامك لحقوق الإنسان، مُنِعت في عهدك التظاهرات وحُرّمت مشاركة المعارضين لك في الانتخابات النيابية الصوريّة.
أَيُّهَا الملك الراشد، لا يسعنا إلا أن نذكر لك إنجازاً مهمّاً عام 2006 يتجلّى في «تقرير البندر» الشهير الذي حمل مخطّطاً طائفيّاً مقيتاً، كمشروع تغيير ديموغرافي يسعى إلى تجنيس عشرات آلاف المواطنين من بلدان مختلفة لتخفيض نسبة الأغلبيّة الشيعية في البحرين، في مقابل إسقاط الجنسية عن أكثر من 750 مواطناً من النساء والرجال.
أزمات عهدك أَيُّهَا الملك كثيرة ولكنها لا تصل إلى زخم الثورة التي ستبقى شعلة لن تنطفئ حتى تحقيق العدالة والمساواة والحريّة، وإقامة دولة المؤسسات عبر عقدٍ إجتماعي جديد بعيداً عن الديماغوجية والغوغائية.
ستستمرّ ثورة الورود في البحرين تواجه النار والحديد حتى يحكم الشعب ويتمّ تحكيم مبدأ المواطنة، فيرتاح الوطن والمواطن.
* كاتبة ومذيعة لبنانية