التعليق السياسي: على من نغضب؟
2019-03-21 - 5:31 ص
مرآة البحرين (خاص): وسط أكوام من الهمّ والمصاعب التى يواجهها البحرينيون، وبين زحام الأخبار السيئة، سمع البحرينيون خبر موافقة مجلس النواب (19 مارس/ آذار 2019)، على استقطاع 230 مليون دينار من صندوق التعطّل لتمويل برنامج التقاعد الاختياري.
كل بحريني غاضب من هذا الأمر ويشعر بالسخط، ربما يمكن القول بذلك، ما عدا القلّة المستفيدة من القرارات الاقتصادية المؤلمة المتتالية التي اتخذتها السلطة وعاونها فيها البرلمان. لقد لخّص الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين حسن الحلواجي، مشاعر الكثيرين بقوله « مجلس النواب اليوم خذل عمال البحرين».
بعض هؤلاء النواب والنائبات، كان قبل الجلسة كما وصف الوزير الأندلسي أبو بكر بن عمار «كالهرِّ يحكي انتفاحاً صولة الأسد»، لكن «المُواء» سمعه الجميع. ثمة من كان يمنّي النفس بوجود أسد أو لبؤة في هذا البرلمان، لكن الحقيقة هي ما رآه المواطنون: صار أغلبيتهم قططًا تتقلب وتتمسّح بمنصة الوزراء.
في ظل هذا الغضب والإحباط، فإن السؤال الحقيقي والبسيط هو: على من نغضب؟. على العائلة الحاكمة التي تدير البلد بشكل منفرد أو قل منفلت، أم على حكومة العجائز أم على برلمان ديكوري.
فى الظروف الصعبة التى تتعلق بالشؤون الوطنية، يتمنى العقلاء أن يدير الجميع انفعالاتهم، أن يتأملوا بالعقل البارد، أن يفرزوا الانفعالات للتمييز فيما بينها، حتى يتم السيطرة عليها وتوجيهها نحو المؤثرين الحقيقيين. فمن هم هنا؟
منذ أن نفّذت السلطة قانون العزل السياسي على شريحة واسعة من المواطنين، تبيّن لأهل البحرين أنه لن يفوز في الانتخابات البرلمانية إلا من كانت السلطة راضية عنه، وهذا ما حدث. هناك «معازيب» فوق هؤلاء النواب، اتخذوهم كحائط صد، هذا ما تحتاجه السلطة منهم فقط، أن تتخذ هي القرارات كما تشاء بقسوة وظلم دون تردد، وترك المجلسين (الشورى والنواب) يبصمون عليها، وترك الغضب الشعبي كالأمواج يصدم بالجدار وينكسر في كل مرّة، دون أن يتبلل بشت أحدهم.
هناك شعار قديم كان يتردد في التظاهرات يقول «من يسرق قوت الفقراء؟»، وكان المتظاهرون يجيبون «من غيرُ رئيس الوزراء»، رئيس الوزراء أحدهم بل أشهرهم وأقدمهم، لكنه ليس الوحيد. يمكنكم مراقبة بذخ الملك الذي يتصرّف على أنه لا يقل وأبناؤه عن ملك السعودية ورئيس دولة الإمارات في الأبّهة والاهتمامات رغم أنه يشحذ منهم.
فعاليات يتابعها المواطنون بحسرة، من سباق الخيل، الصيد بالصقور، سباقات الكلاب، سباق الترايثلون، حلبات الملاكمة، سباق أقوى رجل، جلسات الشعر والغزل، معارض الرسم المتتالية، ناهيك عن توزيع الهِبَات على الوزراء والمقربين بلا حساب، والكثير مما يخفى.
يتهامس البحرينيون أن العصر الذين يتعرضون له، هو لتوفير السيولة والوفرة لكي يظل أصحاب الكراسي في مستواهم الباذخ. وأن ينعم أنجال الملك كلٌ بهوايته.
فعلى من نغضب؟، على نواب وشوريين قبلوا بلعب دور في مسرح الدُمى هذا، ممن يؤدون ديون إيصالهم لهذا المجلس، أم نغضب على من يتخذ القرارات فعلاً بحق أرزاق الفقراء، ممن بدأ أحفادهم يتنافسون في سباق الثروة نحو المليار الأول، بينما ينتظر الكهول من المواطنين دورهم في طابور خدمات الإسكان بِلحىً بيضاء، ووجوه رسم عليها الفقر خطوطه القاسية.
.. على من نغضب؟.