«مرآة البحرين» تحاور خليل المرزوق: لا صلاح علي ولا «سوبرمان» قادر على تلميع صورة النظام والدبلوماسية ستفشل في جنيف

2012-09-17 - 5:14 م


مرآة البحرين (خاص): قال المعاون السياسي لأمين عام جمعية «الوفاق» الوطني الإسلامية خليل المرزوق إن جلسة جنيف ليست المرحلة الأخيرة في الصراع الحقوقي، لكنها محطة ستكشف للعالم المزيد من كذب هذه السلطة، مؤكدا أن "لا أحد قادر على أن يلمع صورة هذه السلطة، لا صلاح علي ولا سوبرمان وأن الحل الدبلوماسي سيفشل".

ورأى في حوار مع «مرآة البحرين» تناول تطورات الشأن المحلي، ومدى تأثير جلسة جنيف أن إرسال وزير الخارجية إلى مجلس حقوق الإنسان يعود إلى أن "الموقف الدولي غير المرتاح من التعاطي الرسمي مع حقوق الإنسان كبيرٌ جدًا، وسُمعة البحرين في المجتمع الدولي سيّئة جدًّا، لذا فالعائلة لا تثق في أحدٍ من الشعب يُدافع عنها ولذلك تُرسل فردًا منها". واعتبر أن "هذه رسالة تُسيء للحكومة أكثر من أن تحميها، هذا يبين بوضوح أنّ الوضع في البحرين بالنسبة للسلطة مسألة عائلة وليس مسألة مؤسّسة أو دولة، لذا يجب أن يكون هناك من يُمثّل العائلة ليتحدّث عنها". فيما يلي مقتطفات من الحوار معه:
 
مرآة البحرين: ما تعليقك على الحملة التي شنّها رئيس الوزراء، ومجموعة من المسئولين كوزير الخارجية، وزير العدل، رئيس الأمن العام، رئيس مجلس النواب وغيرهم، ضدَّ جميعة الوفاق، عشيّة جلسة جنيف؟

خليل المرزوق: هي مصداق من مصاديق أنّ القرار ليس قرار دولة، ولا قرار مؤسّسات، وإنّما قرار فردي يصدر من أي رمز من رموز الحكم، سواء كان خليفة بن سلمان أو خالد بن أحمد أو حمد بن عيسى. شخصيات النظام تتحدّث جمعيها بلسان واحد، وهذا هو الوضع الذي تُطالب المعارضة بتغييره، هذا النظام يتعاطى مع أي حدث بإرادة شخص واحد لا بإرادة المجتمع.

هي زوبعة أريدَ لها أن تُثار، بعد كل فشل في تحقيق أي تطوّر نوعي على المُستوى السياسي، والحقوقي، والاجتماعي، والاقتصادي، والفشل في إقناع الرأي العام العالمي بالتغيير، والفشل الأكبر في إسكات صوت الناس.

كل تعهدات النظام أمام المجتمع الدولي لتنفيذ التوصيات وإجراء حوار جاد وذي مغزى، لم تعد ذات جدوى لأنه لا يفي بأيٍّ منها، ولذلك يختلق هذه الزوبعات للحديث عن أنّ المُعطِّل للحوار هي الوفاق وليس السلطة.

السلطة كذلك، تتعمّد أن تخصَّ الوفاق بهذه الحملات، لكي تصوّر القضية أنها طائفية، رغم أنّ المنظّم للاحتجاجات والتجمّعات التي منعت السلطة الكثير منها، هي جمعيات المعارضة الخمس.

المرآة: هل تتوقعون أن يكون هناك إجراء ضدَّ الوفاق؟ وهل ستكون هذه التهديدات حاضرة في جنيف كجزء من حملة الحكومة الانتقامية ضدَّ مؤسّسات المُجتمع المدني؟

المرزوق:
الوفاق هي امتداد شعبي كبير جدًّا، وليست جدرانًا أو أُطُرًا مؤسسية بالية، وهي علاقات دولية مُحترمة وراسخة، ورؤىً استراتيجية وفكر متقدم، لذا فإن هذا التهويش لايضر ولا يُخيف إلا من يقوم به.

المرآة: لماذا نرى الحكومة مُتعالية في الكثير من المواقف وتتجرّأ على الوقوف ضدَّ المُجتمع الدولي والمُنظمات الدولية، كما فعلت في بيانها ضدَّ "بان كي مون" والمُفوّضة السامية وغيرها؟

المرزوق: نحن نتعامل مع سُلطة ليس لديها رؤية استراتيجية واضحة، وبنية دبلوماسية حصيفة، كأنّما مجموعة هواة إذا سخطوا على أحد يشتمونه، وإذا رضوا عنه يمدحونه. هم يعتقدون أن الهجوم على المجتمع الدولي هو أسهل وسيلة للدفاع عن أنفسهم. الوضع في البحرين فيه مأساة حقوقية ومشاكل عميقة، الحل ليس في الهجوم على كل العالم، الحل هو الإصلاح، والحكومة القائمة تدمّر البلد اقتصاديًا واجتماعيًا وحقوقيًا، وحتّى على مستوى العلاقات الدبلوماسية.

هناك سوء فهم تجاه الوضع المُتأزّم إقليميًا وسيناريوهاته، فالنظام يرى الكفّة تميل إلى صالحه، وهناك رسائل مرحلية قد تكون نُقلت إليه من قبل بعض الدول تؤكّد فيها دعم الحكم القائم في البحرين، ما فهمته السلطة على أنه لها مُطلق اليد فيما تفعل.

هذه الترجمة الخاطئة هي سبب هذا التعاطي السيء والمُعاند مع المنظّمات والمجتمع الدولي، وهذا تفسير خاطئ وخطير لأنّه بعد تسوية الوضع الإقليمي، سواءً بالمواجهة أو بالدبلوماسية، ستجد السلطة نفسها في استحقاقات مُختلفة جدًا.

المرآة: فيما قبل تقرير جنيف، ماذا تنتظر المعارضة من مجلس حقوق الإنسان، وماذا أعدّت لهذا الملف؟

المرزوق:
المرحلة القادمة هي تقييم مدى التزام البحرين بالتوصيات التي تدّعي أنّها ستنفّذها، هل ستلتزم؟ أم ستقول إنها نفّذت؟ بعد ذلك سنرى مدى إصرار الدول على إلزام البحرين بتنفيذها وماذا ستفعل من أجل ذلك.

هي ليست المرحلة الأخيرة في الصراع الحقوقي، هي محطة ستكشف للعالم المزيد من كذب هذه السلطة والتفافها على تعهّداتها، مهما قالت السلطة وادّعت، فإن ما لدينا من وثائق ومُعطيات يُثبت أنّ الوضع الحقوقي سيء للغاية ويحتاج مُتابعة أُممية.

إذا لم تقتنع الدول في هذه الجلسة أو الجلسات القادمة، وقدّمت السلطة المزيد من الكذب على المُجتمع الدولي، فستجد البحرين نفسَها في "مجلس حقوق الإنسان" ولعلَّ ذلك لا يكون بعيدًا.

المرآة: في رأيك لماذا بعثت الحكومة وزير الخارجية ليرأس الوفد في جنيف هذه المرّة؟

المرزوق: أوّل رسالة لذلك، هي أنّ الموقف الدولي غير المرتاح من التعاطي الرسمي مع حقوق الإنسان كبيرٌ جدًا، وسُمعة البحرين في المجتمع الدولي سيّئة جدًّا، لذا فالعائلة لا تثق في أحدٍ من الشعب يُدافع عنها ولذلك تُرسل فردًا منها!

هذه رسالة تُسيء لها أكثر من أن تحميها، هذا يبين بوضوح أنّ الوضع في البحرين بالنسبة للسلطة مسألة عائلة وليس مسألة مؤسّسة أو دولة، لذا يجب أن يكون هناك من يُمثّل العائلة ليتحدّث عنها.

وصل الوضع من السوء إلى الحاجة بأن تُفعّل الدبلوماسية بدلا من إثبات الالتزام بالتوصيات فنّيًا وإجرائيًا، هذا يعني أنّ السُلطة ستُحاول أن تُلمّع صورتها الدبلوماسية، لا أن تُقدّم مُعطياتٍ وإثباتات على أنّها فعلت شيئًا لإنهاء مُعاناة البحرينين.

لا يستطيع أيُّ إنسان سواءً كان "صلاح علي" أو "سوبرمان" أن يُلمّع صورة هذه السلطة في تجاوزاتها لحقوق الإنسان أو عدم جدّيتها في تنفيذ التزاماتها التي تتعهد بها للمجتمع الدولي، واللجوء للدبلوماسية هو الحل في نظر السلطة القاصر، وهو بالتأكيد حل فاشل.
 
المرآة: بعد تكرار التصريحات الدولية عن نبيل رجب وأحكام الرموز، وإدانة انتهاكات حقوق الإنسان المستمرّة، دون أن يحدث أي تغيير، كيف تنظرون إلى الدور المُفترض للمُجتمع الدولي في قضية البحرين؟ وهل لا زلتم تطالبون بحماية دولية؟

المرزوق: مطلبنا واضح في أن يكون هناك مكتبٌ دائم للمفوّضية السامية لحقوق الإنسان في البحرين، بحيث يكون له تكليفٌ شامل، وهو الرقابة والحماية والمُساعدة الفنّية، هذا سيوفّر نوعًا من الوجود الأممي المُحايد، وسيوفّر وصلة للأمم المتحدة تحيطها بأي تجاوزات من السلطة أو من آخرين.

نحن والمنظمات الحقوقية نضغط من أجل تعيين مُقرّر خاص للبحرين من المفوّضية السامية لحقوق الإنسان، وإلزام السلطة بالسماح للمُقرّرين الخاصين بالتعذيب، واستقلال القضاء، وحرّية التعبير والتجمّع، والتمييز، والحرّيات الدينية، بزيارة البحرين.

كما لا زلنا نُطالب بأن يُفتح الباب أمام الإعلام العالمي والمُنظّمات الدولية للدخول إلى البحرين دون أي قيود.

إذا كانت السُطلة تدّعي أنها لا ترتكب أيَّ تجاوزات وتحترم حقوق الإنسان وتتّهم المُعارضة بارتكاب التجاوزات، فلتدع المجتمع الدولي يحكم، لماذا الخوف؟ ولماذا تصر المُعارضة على وجود المكتب إذا كانت هي المُنتهِكة، هذا المكتب موجود في اليمن، وتونس وغيرها، فلماذا ترفضه السلطة في البحرين؟
 
المرآة: تحتج الحكومة بعدالة القضاء واستقلاله، كيف تُعلّقون؟

المرزوق:
هذا الكلام لم يعد يُمكن أن يمر على أحدٍ في العالم، إذ حتّى جماهير "الموالاة" تعتصم أمام المحاكم للإفراج عن المُعتقلين، وتعتقد أنّ القضاء يخضع للضغوط الدولية كما حدث مع الأطباء. لا أحد في الداخل والخارج من أفراد ومُنظّمات وقانونيين ينظر إلى أنّ القضاء مُستقل.

وزيرة الدولة لشئون الإعلام قالت إنّ هُناك مراقبين حضروا المُحاكمات من السفارات الفرنسية والأمريكية والبريطانية، وتستدل بذلك على استقلالية القضاء ونزاهته! كيف وهذه الدول نفسها أصدرت بيانات تُعبّر عن خيبة أملها وقلقها من هذه الأحكام في ذات الليلة؟!
 
المرآة: هل لا زلتم تتعرضون لمضايقات، كناشطين ومعارضين؟

المرزوق:
كانت ولا زالت وستستمر، نحن لا نتوقّع أن تنتهي هذه المُضايقات. فبخلاف الحملة الإعلامية والتهديدات الرسمية، لا زالت هُناك مُلاحقات، ولا أستبعد أن يُكرّر ما حدث لسماحة الشيخ علي سلمان من محاولة اغتيال، أو لأيِّ واحدٍ منّا سواءً في مسيرةٍ احتجاجية أو في حادثٍ مُنفرد.

هناك سوء فهم لدى القائمين على السلطة بأن الانتقام ومُلاحقة النُشطاء هو ما سيُنهي هذه المطالب ويُرجع الناس لبيوتها، هذه الأفعال تزيد من حماس الناس، ولا حلَّ في البحرين إلا بتحقيق المطالب الوطنيّة واحترام حقوق الإنسان.



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus