مارك أوين جونز: حلفاء البحرين يساعدونها في تصعيد القمع بعد 10 أعوام على الربيع العربي

مشاهد من انتفاضة الشعب البحريني في العام 2011 (أرشيف)
مشاهد من انتفاضة الشعب البحريني في العام 2011 (أرشيف)

مارك أوين جونز - موقع العربي - 2021-02-19 - 9:03 م

ترجمة مرآة البحرين

يُطلق على الربيع العربي في البحرين أحيانًا اسم الانتفاضة المنسية -إذ تمّ تجاهله من قبل وسائل الإعلام والعالم. ربما يكون من المنصف القول إن ما حدث في البحرين قد غُمِر وسط عدد من الأحداث المأساوية الأخرى التي شهدها الشرق الأوسط في تلك الفترة.

لكن قلة الاهتمام لا تلغي الوحشية أو المأساة في انتفاضة البحرين - أو حتى نطاقها. نزل مئات الآلاف من البحرينيين إلى دوار اللؤلؤة للمطالبة بالإصلاح السياسي في 14 فبراير / شباط 2011. كانت المشاركة نسبيًا أحد أعظم مظاهر "سلطة الشعب" في التاريخ الحديث، وقد قمعتها السّلطات البحرينية بوحشية.

وعلى الرغم من الوعود الجوفاء بالإصلاح السياسي، لم تُلَبّ غالبية مطالب المتظاهرين بإصلاح ديمقراطي أكبر بعد 10 سنوات. كلّ ما حصل هو أنّ ازداد القمع سوءًا. يخلق انتخاب جو بايدن بعض الأمل في حدوث انفراجة، بدلًا من تغيير جوهري، لكن البحرين لا تزال تحت رحمة حكومة عديمة الرحمة، يدعمها حلفاؤها المستعدون لغض الطرف عن انتهاكاتها.  

السياسة الخارجية تملي القمع

يرتبط القمع في البحرين ارتباطًا وثيقًا بالسياسة الخارجية. واعتمدت البحرين دائمًا على القوى الأجنبية للحماية، سواء كانت بريطانيا أو السعودية أو الولايات المتحدة. وقال الدبلوماسي البريطاني روجر تومكيس في العام 1982 إنّ "الثورة في البحرين لن تكون أبدًا ممكنة ما دامت المملكة السعودية على حالها".

كان هذا صحيحًا على عدة مستويات، ففي العام 2011، شكّل وصول قوات درع الجزيرة عبر الجسر ناقوس الموت لانتفاضة البحرين. قُتل عشرات البحرينيين تحت التعذيب أو العنف على يد الشرطة، وسُجن المئات إثر محاكمات عسكرية.

لكن المسألة لا تتعلق بالمملكة العربية السعودية وحدها. واصلت بريطانيا، الحاكم الإمبراطوري السابق المهيمن على البحرين، دعم القمع في الجزيرة بذريعة إصلاح شرطتها. ومؤخرًا، تعرضت جامعة هيدرسفيلد لانتقادات شديدة بعد أن اشتكى نشطاء المعارضة من تعرضهم للتعذيب في مقرها في البحرين، على يد الشرطة ذاتها التي تدربها المملكة المتحدة.

في غضون ذلك، تحدّد الإدارة الأمريكية من يعيش ومن يموت في البحرين. منذ العام 2011، أصدرت السلطات البحرينية عددًا من أحكام الإعدام في قضايا في المحاكم انتُقِدَت على نطاق واسع لانتهاكها الإجراءات القانونية الواجبة. في عهد أوباما، تظاهرت الحكومة البحرينية بتأييد الإصلاحات الحقوقية ولم تُنفذ حكم الإعدام الصادر بحق أي شخص خوفًا من إثارة غضب إدارة أوباما. لكن انتخاب ترامب غيّر كل شيء.

وكانت حملة الضغط الفائق التي شنّتها إدارتُه على إيران تعني أن حكومة البحرين حظِيَت بالضوء الأخضر للقيام بما ترغب به مع أي شخص تتهمه بالتواطؤ مع إيران - ما يعني أساسًا أي عضو في المعارضة.

 

أعدمت البحرين ثلاثة رجال في يناير / كانون الثاني 2017، في الشهر الذي نُصِّبَ فيه ترامب رئيسًا، وقُتل ثمانية بحرينيين آخرين بالرصاص قبل يونيو / حزيران 2017، وهو العام الأكثر دموية منذ 2011. وأُعدم ثلاثة آخرون في العام 2019.

وبالإضافة إلى القوة الوحشية، تلاعبت عائلة آل خليفة الحاكمة لفترة طويلة بالنسيج الاجتماعي للبحرين. ومن خلال تصعيد التوترات الطائفية في الخطابات وتدمير الهياكل الدينية الشيعية، حاولت تقسيم ائتلاف المعارضة، الذي يتمتع بقاعدة عريضة من خلال تأجيج نيران التوترات الدينية.

وكذلك، ضاقت السبل القانونية والسياسية للديمقراطية التشاركية في السنوات العشرة الماضية. حلّت الحكومة جمعية الوفاق، الجمعية السياسية الأكبر في البلاد، وأطبقت قبضتها على وسائل الإعلام المستقلة مثل صحيفة الوسط.

ويقبع المئات من السجناء السياسيين الذين تم اعتقالهم تحت ذريعة الأمن الوطني في السجن. حتى أن وزارة الداخلية أعلنت أن متابعة شخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر  مناهضًا للحكومة، وقد تؤدي إلى السجن.

أمل جديد؟

طلع العام الماضي بفجر كاذب. توفي خليفة بن سلمان، رئيس الوزراء صاحب أطول خدمة في العالم وأكثرها تشددًا، في نوفمبر / تشرين الثاني 2020، ما أثار الأمل في أن  يبدأ خليفته، ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، حقبة جديدة من الإصلاحات.

بعد كل شيء ، ليس غريبًا أن تحدث وفاة زعيم سياسي رئيس في البحرين التغيير. شهدت البلاد الأمر ذاته في العام 1999، عندما توفي الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة. نصّب ابنه حمد نفسه ملكًا، لكنه وعد أيضًا بفترة جديدة من التحرر السياسي في شكل الميثاق الوطني -في حين شكّل ذلك في الواقع انقلابًا دستوريًا.

وفي حين توقع الكثيرون برلمانًا منتخبًا أحادي الجانب، حظوا ببرلمان مُكَوّن من مجلسين، المجلس الأعلى منه يعينه الملك. وبقي آل خليفة في السلطة بحزم.

لم توقف الفترة القصيرة من التحرير السياسي التي سمحت بتشكيل الأحزاب السياسية لم الفساد المستمر، ومشاكل الإسكان، والمشاكل الاقتصادية. هذه المشاكل، التي ساهمت في انتفاضة 2011 ، لم تختفِ بعد.

حاليًا، فقد تم الوصول إلى حدود التحرر السياسي في البحرين. ففي حين قد يحد انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من التجاوزات الفظيعة في حملة القمع، فإن النظام، ليس هناك حافز لدى النّظام، الذي يواصل التعامل باحترام مع حلفائه الاستبداديين في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حافز يُذكر لإجراء تغيير من أعلى الهرم إلى أسفله.

* مارك أوين جونز أستاذ مساعد في دراسات الشرق الأوسط والعلوم الإنسانية الرقمية في جامعة حمد بن خليفة في الدوحة، وزميل أبحاث فخري في جامعة إكستر.

النص الأصلي