السعودية تعلن مبادرة للسلام لكنها ليست سوى خطوة أولى للخروج من المستنقع اليمني

وزير الخارجية السعودي
وزير الخارجية السعودي

2021-03-23 - 5:08 ص

مرآة البحرين: جاءت المبادرة السعودية للسلام في اليمن لتمثل محاولة من الرياض للخروج من المستنقع اليمني، ولكنها أيضاً تشكل مسعى لإبراء الذمة أمام الغرب الذي بات يلومها على الحرب التي تبدو بلا نهاية.
وأعلن الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية السعودي، خلال مؤتمر صحفي يوم 22 مارس/آذار 2021، أن المبادرة السعودية للسلام في اليمن تشمل وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.
وتعطي المبادرة بعض المكاسب لحركة أنصار الله (الحوثيين) وحلفاؤها ، منها وقف إطلاق النار، وفتح مطار صنعاء لبعض الوجهات الدولية والإقليمية، والسماح باستيراد الغذاء والوقود.
وقال الوزير السعودي إن المبادرة سوف تنفذ فور قبول كل الأطراف لها، إلا أنه أكد بشكل خاص، حق الرياض في الدفاع عن أراضيها ضد هجمات الميليشيات الحوثية.


الرد الحوثي
واعتبرت جماعة "أنصار الله" أن المبادرة السعودية للسلام في اليمن "لا تتضمن أي شيء جديد".
وفي أول رد من الجماعة على المبادرة، قال كبير المفاوضين الحوثيين، محمد عبدالسلام، في حديث لوكالة "رويترز": إن هذه الخطة "لا تتضمن شيئاً جديداً"، إن المملكة "جزء من الحرب ويجب أن تنهي الحصار الجوي والبحري على اليمن فوراً".
ولكن عبدالسلام استدرك قائلاً: "ستتواصل المحادثات مع السعودية وسلطنة عمان والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام".
وشدد عبدالسلام، الذي يمثل في المفاوضات حكومة الحوثيين المتمركزة في صنعاء، على أن "فتح المطارات والموانئ حق إنساني ويجب ألا يستخدم كأداة ضغط".
وقبل أسبوعين، أفادت وكالة رويترز للأنباء، نقلاً عن مصدرَين وصفتهما بـ"المُطلعين"، بأن مسؤولين أمريكيين كباراً عقدوا أول اجتماع مباشر مع مسؤولين من حركة "أنصار الله" اليمنية بسلطنة عمان، وذلك في إطار مساعي الإدارة الأمريكية الجديدة لوضع نهاية للحرب اليمنية المستمرة منذ ست سنوات.
كما يتفاوض السعوديون و"أنصار الله" بشكل مباشر وتحت رعاية الأمم المتحدة، منذ أكثر من عام، بهدف التوصل إلى هدنة.
وتسعى السعودية، في محادثات وقف إطلاق النار، إلى "الحصول على ضمانات بشأن أمن الحدود وكبح نفوذ إيران"، وقال المصدران إن مستوى التمثيل السعودي في المحادثات الافتراضية ارتفع بالآونة الأخيرة.
وتريد الرياض إقامة منطقة عازلة داخل اليمن على طول الحدود. ويريد الحوثيون إنهاء الحصار على ميناء الحديدة اليمني ومطار صنعاء.
وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق، فستتم إحالته إلى مبعوث الأمم المتحدة غريفيث؛ للتجهيز لمحادثات سلام أوسع نطاقاً، تشمل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي تدعمها السعودية، والمتمركزة حالياً في عدن، وفق ما أكده مصدر مطلع في حديثه مع الوكالة.

فتح ميناء الحديدة.. إغراء كبير
تحاول المبادرة السعودية للسلام في اليمن التلويح لحركة "أنصار الله" بالمساعدات الإنسانية وعملية الإعمار، حيث قال السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر في المؤتمر الصحفي الخاص بالإعلان عن المبادرة، إن بلاده تدعم اليمن منذ عقود بمليارات الدولارات، وإنها مستمرة في دعم الحكومة اليمنية ومعرفة احتياجاتها الاقتصادية.
ولكنه شدد على أن الرياض ستنسق في هذا الأمر مع الحكومة الشرعية، في محاولة لتعزيز موقف هذه الحكومة باعتبار أن إحدى أوراق قوتها في المفاوضات مع "أنصار الله" أنها ممر للمساعدات السعودية الضرورية لليمن.
المبادرة تتضمن فتح ميناء الحديدة، مع إيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة.
اللافت أن السفير السعودي في اليمن أقر بنفسه خلال المؤتمر الصحفي بأنه سبق تطبيق مبادرة مماثلة تحت إشراف الأمم المتحدة، وتجمعت إيرادات ميناء الحديدة لمدة شهرين بقيمة 35 مليار يمني في هذا الحساب، آلت في النهاية إلى "أنصار الله".

الأهداف الحقيقية وراء المبادرة السعودية للسلام في اليمن
ربما يشير عرض السعوديين تكرار مبادرة فتح ميناء الحديدة، رغبة سعودية جدية لحل الأزمة اليمنية وإنهاء الحرب التي لا تبدو أن نتيجتها قريبة من الحسم.
ولكن المبادرة السعودية للسلام في اليمن رغم المرونة الكبيرة لا تحمل الكثير من الجديد عن مبادرات سابقة رفضها "أنصار الله" أو استثمروها لصالحهم.
ورغم أن السعوديين يعلمون من خلال تجاربهم السابقة أن "أنصار الله" سيرفضون هذه المبادرة أو سوف يستثمرونها لصالحهم ، فإن أحد أبرز أهدافهم من هذه المبادرة تبرئة الرياض أمام العالم، بعد مجيء الرئيس الأمريكي جو بايدن، محملاً بإرث انتقادي كبير تجاه حرب اليمن.
ولهذا كان من أوائل القرارات التي اتخذها بايدن بعد دخوله البيت الأبيض، إخراج الحوثيين من القائمة الأمريكية للجماعات الإرهابية، ومراجعة الدعم العسكري الأمريكي للجهد الحربي السعودي في اليمن.
ومن هنا فإن المبادرة السعودية للسلام في اليمن تبدو موجهة لبايدن والرأي العام الدولي أكثر منها للحوثيين.
وكما قال الخبير الاستراتيجي اليمني عبدالملك اليوسفي في مداخلة مع قناة العربية فإن المبادرة السعودية للسلام في اليمن هدفها إقامة الحجة على الحوثيين.
كما أن المبادرة قد تمثل فرصة للسعودية، للخروج من اليمن، وترك عبء المعارك، لحكومة عبد ربه هاي خاصة أنه قبيل المبادرة بساعات أفادت معلومات بانسحاب القوات السودانية المشاركة ضمن دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية من مدينة عدن بجنوب اليمن، حسبما ذكر مصدر يمني عسكري لموقع "روسيا اليوم".

ماذا يريد "أنصار الله"؟
تجدر الإشارة إلى أن عضو المجلس السياسي لحركة "أنصار الله"، محمد البخيتي، أعلن قبل المبادرة السعودية بيوم عن استعداد الحركة لوقف عملياتها العسكرية في العمق السعودي مقابل وقف الحرب ورفع الحصار عن اليمن.
وفي تغريدة له عبر "تويتر"، كتب البخيتي: "نحن على استعداد لوقف كل عملياتنا العسكرية بما في ذلك وقف هجمات الجيش اليمني في العمق السعودي ووقف تقدمه نحو مأرب، في مقابل أن تعلن دول العدوان بقيادة أمريكا وقف عدوانها على اليمن، ورفع حصارها والكرة في ملعبها".
ويجدر الانتباه هنا إلى أن هذا العرض الذي خرج قبل المبادرة السعودية للسلام في اليمن، يتحدث عن وقف استهداف السعودية بالصواريخ وتهدئة معركة مأرب، وليس إنهاء الصراع مع قوات حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، التي تعتبرها حركة "أنصار الله" حكومة غير شرعية.

هل تحاول السعودية الخروج من اليمن حتى لو لم يقبل الحوثيون المبادرة؟
تجدر الإشارة إلى أنه في 9 إبريل/نيسان 2020، أعلن المتحدث باسم التحالف العربي تركي المالكي، وقفاً شاملاً لإطلاق النار في اليمن لمدة أسبوعين، لمواجهة تداعيات تفشي فيروس كورونا آنذاك.
ورغم تمديد وقف إطلاق النار عدة مرات، إلا أن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، اتهم حركة "أنصار الله" عدة مرات، بـ"عدم الالتزام بالهدنة المعلنة".