هل كان ولي العهد البحريني مصابا بكورونا؟
2021-06-16 - 6:20 ص
مرآة البحرين (خاص): بعد غياب شهر كامل عاد ولي العهد البحريني لرئاسة جلسة الحكومة اليوم الإثنين 14 يونيو/حزيران 2021.
هذا الغياب الطويل لم يكن فقط عن جلسات الحكومة، فقد اختفى الرجل تماما منذ 14 مايو/أيار 2021 ولم يظهر للعلن إلا في 10 يونيو/حزيران 2021.
كان "آخر ظهور" له في زيارة مفاجئة وغير معلنة إلى المملكة المتحدة، التقى فيها قائد البحرية الملكية البريطانية. لم تعلن مغادرته البلاد ولم نعرف متى عاد، وعن هذه الزيارة المفاجئة قال حسابه الإنجليزي إن اللقاء حضره سفير البحرين في لندن فواز بن محمد، بينما سقط ذلك من الخبر العربي، كما سقط أيضا مكان اللقاء (بورتسموث، إنجلترا)!
اختفى سلمان بن حمد بعدها 10 أيّام كلّيا حتى من الإعلام. توقّف الحساب الخاص بديوانه عن نشر أي شيء، ولم يكن أحد يعلم أين هو.
رجعت أخباره في 24 مايو/أيار ولكن لم يرجع هو. وفيما عدا رده "المكتوب" على بيان الملك الذي أشاد به في 26 مايو/أيار، لم يكن ظهوره سوى برقيات تهنئة وبرقيات تعزية!
وأخيرا في 10 يونيو/حزيران عاد إلى الظهور. شكل عودته وأجوائها كانت كافية بحد ذاتها لإثارة الكثير من الريبة والشكوك. لقاء أول بأبيه الملك، مرتديين الكمّامة (على غير العادة أبدا في لقاءاتهم الفردية)، وكذلك في الهواء الطلق! بالنسبة للملك فهذا هو اللقاء الوحيد الذي عقده خارج قاعات القصر منذ شهر مارس (حرارة الطقس تزيد عن 40 درجة مئوية). صور اللقاء التي أظهرت المروحة خلف الملك، لم تظهر وجه ولي العهد إلا من الجانب.
كأنّه كان لقاء عائليا ملكيا مصغّرا فيه ما فيه، لم يحضره سوى شقيق سلمان وابنه. هل غاب ولي العهد عن أبيه كل تلك الفترة؟ هل كانت هذه احتياطات مشدّدة أخيرة بعد إنهائه فترة "حجر صحي"؟ هل أصيب ولي العهد بفيروس كورونا؟
من المعلوم أن ولي العهد شارك في التجارب السريرية للقاح الصيني (ساينوفارم)، لكنّنا لم نسمع لحد الآن بأنّه تلقّى الجرعة التنشيطية (رغم أنّه مؤهّل لذلك بحكم العمر 51 سنة)!
من المعتاد أن تتكتّم العائلة المالكة في البحرين على الحالة الصحية لكبار أعضائها، ربما خوفا من الاضطرابات وربما خوفا من الشماتة. لكن الناس سيحزنها جدا فقدان ولي العهد أو عجزه صحيا عن ممارسة دوره، تماما كما يخيفها إزاحته عن خط الخلافة.
من نكّس صورة ولي العهد؟
أغرب ما حدث خلال غياب ولي العهد صدور قرار رسمي من الديوان الملكي بتنكيس صورته من جدران الوزارات والدوائر الرسمية والاكتفاء برفع صور الملك عليها (بخلاف البروتوكولات المعمول بها منذ عشرات السنين)! تمت إزالة صورة ولي العهد فعلا من مكاتب الوزراء والمسئولين. في جلسة الحكومة التي عقدت في 31 مايو/أيار 2021 برئاسة محمد بن مبارك ظهرت مكاتب الوزراء خالية من صورة ولي العهد! وحدها صورة الملك كانت معلقة على الحائط خلف كل واحد منهم.
كان قد مضى حينئذ أكثر من أسبوعين على غياب ولي العهد. غاب سلمان بن حمد عن الفترة الأكثر حرجا في عام هذه البلاد، الفترة التي وصلت فيها وفيات كورونا في اليوم الواحد إلى 28 وفاة وقفزت الإصابات إلى 3 آلاف! وظل غائبا.
يمكن سياسيا أن نعتبر أن البحرين عاشت فراغا حكوميا على مدى شهر كامل، في أقسى وقت يمر على البلاد والعباد. ثلاث اجتماعات للحكومة واللجنة التنسيقية والنتيجة صفر قرارات. صانع القرار غائب دون أي تفسير، وصوره (التي كانت للتو تظهر خلف كل منهم) نُكّست فجأة!
حتى قرار الإغلاق الخطير لم يُتّخذ إلا متأخّرا جدا، ولأوّل مرة يصدر القرار (الإداري والسياسي) عن الفريق (الطبي) وليس عن اللجنة التنسيقية أو الحكومة!
أما حزمة الدعم الاقتصادية فكان من المحال أن تصدر قبل رجوع ولي العهد، حتى لو تأخّرت شهرا كاملا ومهما كانت تداعياتها (إقالة موظفين بحرينيين...إغلاق محلات... إلخ)!
مانيفست العودة
لن يعود ولي العهد قبل إرجاع صورته على "حائط" الحكومة. لن ينظر في الشاشة إلى مكاتب الوزراء خالية من صورته بعد عشرين عاما من العناء للوصول إلى هذا المنصب! يرضخ الديوان الملكي فترجع الصورة. يعيد الوزراء تعليقها في مكاتبهم سريعا في آخر اجتماعاتهم (قبل الظهور). كم يبدو الأمر مضحكا!
هل كان ولي العهد غائبا بسبب الغضب (الزعل)، أم بسبب المرض، أم لكليهما؟
ستبدأ العودة تماما كما تبدأ عودة المسافرين أو المحجورين، بزيارة الوالد. ربّما تحمّد الله له بالسلامة، وربّما طمأنه على مكانه الخالي.
ما يظهر من وجه ولي العهد وجلسته لا توحي بأنه يبدو على ما يرام، لكنّه يحتاج للعودة إلى صك ثقة جديد من أبيه. غاب عن لقاء العودة وزير الديوان الملكي. أشاد الملك مجددا بقيادة نجله لملف كورونا بما فيها الإجراءات الأخيرة، رغم أنه لم يهبط فيها واديا ولم يعل جبلا!
مدعوما من الملك، سيعود ولي العهد. فيما يشبه الاجتماع الاستدراكي أو اجتماع الإحاطة سيلتقي نائبيه محمد بن مبارك، وخالد بن عبد الله، وزير الداخلية، وزير المالية، وناصر بن حمد. سيعقب ذلك اجتماع عن بُعد يشمل الفريق الطبي. وبطبيعة الحال سيعقبه بيان العودة.
"الغضب" كان صامتا في وجه ولي العهد. الرمزية التي ملأت الاجتماع (الاستدعاء) والبيان (الخطاب)، لم تكن سوى مانيفست العودة. من هناك وصولا إلى اجتماع الحكومة برئاسته مجددا سينظر في عيني كل وزير ليستل منها اعترافا به وبصورته، لا تلك التي نكست من الحائط فقط، بل تلك التي يملؤها الغضب الصامت: وريثا للعرش ورئيسا أوحد للحكومة، ليس رغما عن أنف الناس (فذلك تحصيل حاصل) بل رغما عن أنف وزير الديوان الملكي وأخيه المشير.
لماذا تحدّث ولي العهد عن المتحوّر الهندي؟
في خطاب ولي العهد الأول سنرى إشارة إلى تفصيل طبي وهو المتحوّر الهندي (دلتا) وحديث عن خطورته الشديدة (التي لم تمنع الدولة من أن تكون محجرا للمسافرين من الهند وبنجلاديش طوال أشهر)، ولكن لماذا؟ هل كان ما أصيب به ولي العهد سلالة دلتا؟
رجع ولي العهد متأخّرا جدا. تدهور ملف كورونا وفشلت الدولة في منع تحوّله إلى كارثة، وهو أول من يتحمّل المسئولية ذلك. غياب دون تفسير هو غياب غير مبرر، لكن لا أحد في البحرين يتمنى لولي العهد أن يصيبه مكروه، ليس فقط لأن الناس في البحرين معروفون بطيبتهم وضمائرهم النقية، ولكن لأنهم يؤمنون بأنه مهما فعل فهو حتى هذه اللحظة أكثر من يمكن أن ينعقد عليه الأمل السياسي من أفراد العائلة المالكة جميعا، بما فيهم أبوه.