هكذا يقضي الغرباء: رحل صادق برصاصة شوزن في عينه وسكلر في دمه وغصة في روحه
2022-07-18 - 9:51 م
مرآة البحرين (خاص): صيف 2017، في مقهى فندق توس بمدينة مشهد المقدسة كان صادق الحايكي من بين مجموعة من المهجرين قسريا عن البحرين، يجلس بملامحه الوادعة وجسمه الذي أنهكه مرض فقر الدم المنجلي (السكلر).
أخذ مكانه في وسط الطاولة محاطا بأصدقاء الغربة، ولا تحتاج لكثير من الوقت حتى تعرف مدى الحب الذي يحملونه له والخوف عليه. أخذ دوره في الحديث عن ما تعرض له في بلاده البحرين.
«اعتقلوني أول مرة وكنت (حينها) في الإعدادية ضمن قضية الحجيرة، وخسرت تقديم الامتحانات النهائية واضطررت لإعادة السنة الدراسية».
حاول صادق جاهدا إكمال دراسته بعد الإفراج عنه، إلا أن قوات الأمن لم تمهله كثيرا حيث قامت باعتقاله مجددا بعد عامين وتحديدا في أكتوبر من العام 2010، ضمن حملة أمنية واسعة شملت اعتقال العديد من رجال الدين والنشطاء.
مع إندلاع ثورة 14 فبراير، أطلقت السلطات الأمنية سراح العشرات كان من بينهم صادق الحايكي وكان عمره حينها لا يتجاوز 17 عاما.
يقول الحايكي «اعتقلوني مرتين لكنني تمكنت من الهرب من المستشفى أثناء نقلي لتلقي العلاج من أعراض مرض السكلر، وبقيت بعدها مطاردا».
ويضيف «تمت إصابتي برصاص الشوزن في عيني في إحدى المرات، وبقيت بعد ذلك مختبئا في مكان ما لا أستطيع الذهاب للمستشفى لتلقي العلاج عن تلك الإصابة التي مزقت شبكية العين بالكامل».
نصحه مقربون بالهروب لتلقي العلاج بالخارج، لكنه رفض «لم أكن أؤيد فكرة الخروج من البحرين إطلاقا، لكنهم وعدوني بإرجاعي للبحرين فور تلقي العلاج اللازم من الإصابة برصاص الشوزن في عيني».
ويتابع الحايكي «هربت (2013) مثل العديد من المطلوبين، وذهبت لتلقي العلاج إلا أن الأطباء قالوا إن وقتا طويلا مضى على الإصابة ولا يمكن علاجها، لكن يمكن أن نحافظ على ما تبقى من نظرك».
سمع الحايكي نفس الكلام من أطباء في مدينة مشهد المقدسة، أن الشبكية تضررت بالكامل ولا يمكن معالجتها ولا يوجد زراعة لشبكية جديدة.
يضيف «هذا بالنسبة لعيني، أما العلاج من السكلر، فهو مكلف جدا، ففي كل زيارة للمستشفى أضطر لدفع ما يقارب 80 دينارا لتلقي العلاج، ولا يمكنني تحمل تلك النفقات، حتى اضطررت لمعالجتي نفسي في البيت».
هنا يتداخل أحد الأصدقاء «صرنا نقوم بوضع السيلان (المغذي الوريدي) بأنفسنا له (...) نغرزه غرزات واجد (عديدة) لا أحد فينا يعرف في التمريض أصلا».
ويضيف صديقه «هذا إذا كانت النوبة بسيطة، لكننا نضطر لنقله للمستشفى عندما تكون النوبة في الصدر لأن الكثير من المصابين بالسكلر يموتون عندما تصيبهم النوبة في صدرهم».
حاول صادق أن يعود للبحرين حيث انتقل لمدينة عبادان للبحث عمن يساعده في العودة للبحرين بحرا، إلا أن من يحيطون به في تلك الجلسة هم من أقنعوه بالعدول عن قراره.
لا شك أن الحزن يخيم عليهم الآن مع كتابة هذه الأسطر، فقد توفي صادق (28 عاما) اليوم (الاثنين 18 يوليو 2022)، شاهدا على حقبة مريرة من الظلم.