عن التسامح... لماذا لا يمكن للبابا أن يلتقي الزعيم الروحي للشيعة في البحرين؟

البابا في العام 2014  ملتقيا ملك البحرين الذي زار الفاتيكان (صورة أرشيفية)
البابا في العام 2014 ملتقيا ملك البحرين الذي زار الفاتيكان (صورة أرشيفية)

2022-10-15 - 8:03 م

مرآة البحرين (خاص): في مارس/ آذار من العام الماضي وخلال زيارته للعراق، التقى قداسة البابا بالزعماء الدينيين وبينهم المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، لكن هل سيفعل شيئا مشابها في البحرين؟

من المؤكد أنه لن تسنح الفرصة لقداسة البابا فرنسيس للقاء الزعيم الروحي للشيعة آية الله الشيخ عيسى قاسم، خلال زيارته إلى البحرين الشهر المقبل، لأن الأول، وباختصار، يعيش في المنفى منذ أكثر من  4 سنوات. 

ويقيم قاسم في المنفى قسراً منذ العام 2018، وذلك بعد أن تم إسقاط جنسيته ووضعه لأكثر من عام تحت الإقامة الجبرية، ضمن حملة أمنية طائفية شنتها الحكومة على الشيعة الذين تصدروا احتجاجات شهدتها البحرين قبل نحو عقد وطالبت بتحول البلاد لنظام حكم ديمقراطي. 

ويعتبر قاسم أحد المؤسسين للدولة بعد الاستقلال، حيث كان من بين أعضاء تم انتخابهم شعبيا لكتابة أول دستور للبلاد، إلا أن ذلك لم يشفع له من حملة تشهير واستهداف انتهت بعيشه في المنفى.

وأدت هجمات لتفريق مناصرين كان يعتصمون حول منزله في الدراز غرب العاصمة المنامة إلى استشهاد 5 شبان وإصابة العشرات، ولم يدعُ ذلك وزارة الداخلية حتى لمباشرة تحقيق في ظروف مقتلهم.

ويشكو الشيعية منذ أمد بعيد من الاضطهاد الطائفي على يد الأقلية العائلية، حيث تستحوذ عائلة آل خليفة الحاكمة على القرار والسلطة والثروة. 

وتحاول العائلة الحاكمة استخدام زيارة البابا لغسيل ما تمارسه من اضطهاد طائفي بحق الأغلبية الشيعية. وتعتقد العائلة أن زيارة البابا للبلاد يمكن لها أن تخفي سجلها القاتم في مجال الحريات الدينية.

ومن بين ما تراهن عليه أيضا، أنه يمكن للزيارة المرتقبة أن تُظهر الحكومة في صورة أكثر تسامحا مع الأديان المختلفة مثل المسيحية والبوذية وغيرها من الديانات التي يدين بها الكثير من العمال الوافدين.

وجاء الإعلان عن زيارة البابا في وقت أعلن فيه رجل الدين البارز آية الله الشيخ عبدالجليل المقداد عن تعرضه للاعتداء من قبل حراس في السجن، حيث يقضي المقداد حكما بالسجن المؤبد، شملت شتائم وجهت لمذهبه.  

ودائما ما تتعدى قوات الأمن البحرينية على الشيعة بما يشمل الازدراء بمعتقداتهم ورموزهم الدينية، بحسب تقرير لجنة تحقيق عينها الملك وتقارير الخارجية الأمريكية والمنظمات الحقوقية الدولية الخاصة بالحريات الدينية. 

الحوار مع من؟ 

بحسب الفاتيكان، فإنه من المفترض أن يشارك البابا في منتدى حواري تقيمه الحكومة حول التعايش، كما يقوم بزيارة العاصمة المنامة ومنطقة عوالي جنوب البحرين. 

وفي الوقت الذي تدعو فيه الحكومة البابا للمشاركة في «حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني» كما أسمته،  ترفض هي الانخراط في أي حوار يهدف لتسوية الأزمات التي تعاني منها البلاد.

ودائما ما تجدد قوى المعارضة بزعامة جمعية الوفاق الوطني الإسلامي المعارضة دعواتها لحوار سياسي ينهي النزاع الدائر في البلاد منذ أكثر من 10 أعوام، إلا أن الحكومة ترفض الاستجابة لطلباتها. 

زيارة المنامة

في الوقت الذي يزور فيه البابا العاصمة المنامة ليعقد صلاةً في كنيسة القلب المقدس، تتنكر السلطات البحرينية لأي وجود شيعي هناك. حيث تشهد العاصمة محاولات لضرب هويتها الديموغرافية التي يشكل الشيعة أحد ركائزها الأساسية. 

ومن أجل إظهار الحكومة بمظهر المتسامح مع الديانة اليهودية، مثلا، كشفت تقارير عن رغبتها في تهويد أحياء بأكملها في العاصمة من خلال طرد السكان الشيعة وإجبارهم من خلال المال على بيع أملاكهم فيها. 

كما قامت وزارة الثقافة بوضع خارطة بالمناطق الرئيسية في العاصمة المنامة لم تضع فيها أي معلم أو دار عبادة تخص الشيعة على الرغم من وجود أكثر من 100 مأتم في المنامة ومساجد أثرية للطائفة التي تمثل السكان الأصليين. 

لماذا عوالي؟

أما عن زيارة عوالي، فيقيم البابا هناك صلاة في كاتدرائية سيدة شبه الجزيرة العربية، وهي أكبر كنيسة كاثوليكية في الخليج، وقد افتتحتها الحكومة ديسمبر الماضي. 

ويأتي ذلك ضمن مساعٍ لتبييض صورتها بعد أن هدمت أكثر من 45 مسجدا ومأتما للشيعة ضمن حملتها الأخيرة على السكان الشيعة. 

وتعتبر سمة التعايش سمة أصيلة في المجتمع البحريني قبل تتويج الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالسلطة قبل نحو 20 عاما حيث عمل على إشعال صراع هويات وسط المجتمع الواحد بدلا من تعزيز حالة التعايش الإنساني. 

وعمد الملك لإشعال فتيل صراع سني-شيعي ضمن تكتيكاته لمواجهته الاحتجاجات السياسية التي شهدتها البلاد 2011، إلا أن زعماء المعارضة من الشيعة قطعوا الطريق على تلك المساعي. 

ولا زالت كنيسة القلب المقدس تتوسط، في شاهد آخر، المآتم الشيعية في العاصمة المنامة كأحد مظاهر التعايش الذي يمارسه السكان الأصليون يوميا وتفتقده العائلة الحاكمة.