أوراق 2022: البحرين تودع "الدكتورة العالي" والمهجّر "صادق الحايكي" والمناصرة اللبنانية "سمر الحاج"

غادر المطارد صادق الحايكي (الصورة) هذه الدينا حاملاً غصة الغربة وبعده عن وطنه وأحبته
غادر المطارد صادق الحايكي (الصورة) هذه الدينا حاملاً غصة الغربة وبعده عن وطنه وأحبته

2022-12-31 - 10:30 م

مرآة البحرين (خاص): حمل العام 2022 في طيّاته أنباء حزينة عن رحيل شخصيات بارزة ومؤثرة مثل اللبنانية سمر الحاج التي لم تبخل يوماً بكلمة أو موقف لمناصرة شعب البحرين لأكثر من عشر سنوات، والدكتورة جليلة العالي، إحدى معتقلات الكادر الطبي، بالإضافة إلى الشاب المطارد صادق الحايكي الذي توفي في غربته بعيداً عن الوطن بسبب الملاحقات الأمنية من قبل السلطات.

سمر الحاج:

في يوم الخميس 13 يناير 2022 أعلن نشطاء لبنانيون عن رحيل المناضلة سمر الحاج، تلك المناضلة التي حولتها مأساتها الشخصية إلى شخصية مناضلة مدافعة عن المظلومين.

فبعد اعتقال زوجها مدير الأمن الداخلي اللبناني اللواء علي الحاج في العام 2005 إثر شهادة زور في قضية اغتيال رفيق الحريري، خرجت إلى وسائل الإعلام سمر الحاج مدافعة عنه وعن رفاقه في ما باتت تعرف بقضية "الضباط الأربعة"، مأساة شخصية حولتها إلى مناضل صادع بالحق في قضايا المظلومين داخل لبنانهم وخارجها.

نال الضباط الأربعة حريتهم في 2009 مصحوبة ببراءتهم من دم الحريري، لكن سمر الحاج ستستمر في الدفاع عن المظلومين وستكون من الأصوات الأولى المساندة لحراك الشعب البحريني، والمدافعة عنه في وجه آلة القمع القاسية، ولم تدر ظهرها لهم لأن أغلبيتهم من غير طائفتها كما فعل كثيرون.

بعد معاناة مريرة مع المرض، أغمضت سمر عينها على هذه الدنيا، تاركة خلفها الآلاف من البحرينيين والمظلومين الذين يذكرونها بخير.

الدكتورة جليلة العالي:

في يوم الخميس 10 فبراير 2022 توفيت الدكتورة جليلة العالي، عمر عمر ناهز 64 عاماً بعد صراع مرير مع مرض السرطان

وكانت السلطات اعتقلت الدكتورة العالي ضمن قضية "الكادر الطبي" في العام 2011، وقالت هي في شهادتها إنها بقيت معصوبة العينين واليدين في تحقيقات العدلية، وتعرضت للصفع عدة مرات خلال التحقيق دون اكتراث لعمرها الذي تجاوز الخمسين عاماً حينها.

ولفتت إلى أن أعضاء الكادر الطبي الذين تم تصوير اعترافاتهم تعرضوا للتعذيب النفسي "خلال جلسة التصوير كان يتم إجبار الأطباء على تقديم اعترافات مزيّفة تصل إلى الاعتراف بقتل أحد الجرحى عبر توسعة الجرح، في الوقت الذي قام فيه الطبيب بواجبه الإنساني بمحاولة إنقاذ المصاب الذي فارق الحياة".

وذكرت الراحلة أنها لم يكن لها علم على ماذا تعترف خصوصاً أن دورها كان يقتصر على الخيمة الطبية وكان هناك مرضى سكري يترددون على الخيمة، لكن المسئولين أجبروها على القول بأن الأدوية التي استخدمت في الدوّار تم استخدامها للشيعة فقط.

وتمكّنت العالي من رؤية الأطبّاء في غرفة التصوير، مقدّمة شهادة على "منظرهم المهين"  (وضعوا على الأرض ورؤوسهم إلى الأسفل، كل طبيب يحين دوره في التصوير كان يجر إلى إحدى الغرف). حين أفرج عنها نقلت لأهالي الأطباء أنّها رأتهم "يجلسون في قاعة واحدة حليقي الرأس وقد فقدوا الكثير من الوزن وكانوا معصوبي الأعين وموثقي الأيدي وفي حال مزرية".

وبعد خروجها من السجن اكتشفت العالي إصابتها بمرض السرطان، وغادرت للولايات المتحدة لتلقي العلاج على نفقتها الخاصة بعد أن رفضت وزارة الصحة ابتعاثها للعلاج رغم خدمتها في القطاع الطبي لحوالي 30 عاماً، وبقيت تعاني من المرض حتى وافتها المنية.

صادق الحايكي:

في 18 يوليو 2022 توفي الشاب صادق الحايكي عن عمر ناهز 28 عاماً في غربته القسرية، مطارداً من نظام لا يرحم وشاهداً على مآسي هذا الشعب.

فمن هو صادق؟

يحكي الشاب المطارد روايته بنفسه، حين اعتقل في العام 2008 ولم يكن يبلغ الـ 15 عاماً بعد، حينما وجهت له تهمة الانضمام لجماعة إرهابية في ما باتت تعرف بـ "قضية الحجيرة"، وكانت سبباً في خسارته عام دراسي كامل.

بعد الإفراج عنه حاول استكمال دراسته إلا أن قوات الأمن لم تمهله كثيرا وأعادت اعتقاله في العام 2010 في خلية إرهابية جديدة ضمت رجال دين ونشطاء، قبل أن يتم الإفراج عنهم في العام 2011 مع اندلاع ثورة 14 فبراير.

لكن الحرية التي بات ينعم بها صادق إثر ضغط الاحتجاجات لن تدوم طويلاً، وسيتعرض للاعتقال بعد دخول قوات درع الجزيرة "مرتين"، لكن نوبات السكلر التي لا تفارقه، ستكون سبباً رئيسياً في تمكنه من الهروب، أثناء تلقيه العلاج في المستشفى.

تعرض صادق لطلقات شوزن أصابت عينه. نصحه أصدقاؤه بالخروج من البحرين لتلقي العلاج، بعد استحالة علاجه في البحرين كونه مطارداً، وهكذا غادر البلاد مع مطاردين آخرين في العام 2013.

توجه صادق الحايكي لإيران، وبعد مراجعته للأطباء أبلغوه أنه الشبكية تضررت بالكامل ولا يمكن علاجها عبر زرع شبكية جديدة.

فقد صادق عينه وظل يعاني من نوبات السكلر الحادة، حاول في إحدى المرات العودة للبحرين عن نفس الطريق الذي جاء بها لإيران، لكن أصدقائه أقنعوه بالعدول عن قراره. بقي صادق يعاني من غصة الغربة وآلام السكلر بعين واحد بعد أن فقد الأخرى، حتى غادر هذه الدنيا شاهداً على معاناة أبناء وطنه مع نظام لا يعرف الرحمة.