حصاد البحرين 2023: سجن جو يشهد أكبر إضراب على الإطلاق مع تفاقم أوضاع السجون

من مسيرات التضامن مع السجناء المضربين عن الطعام
من مسيرات التضامن مع السجناء المضربين عن الطعام

2023-12-31 - 10:53 م

مرآة البحرين (أوراق 2023): في 7 أغسطس/آب 2023، أعلن مئات السجناء في سجن جو إضرابهم عن الطعام احتجاجًا على ظروف السجن القاسية. بحلول نهاية أغسطس 2023، ارتفع عدد المشاركين في الإضراب إلى ما لا يقل عن 800 سجين، ما يزيد التحديات في أهم مراكز الاحتجاز الرئيسي للمعارضين السياسيين في البحرين.
استمر إضراب "لنا حق" لمدة 36 يوما، وكانت أبرز مطالبه الأساس: إنهاء العزل الأمني للسجناء، وإخراج السجناء المُعاقبين في العزل منذ نحو عام ، وتوفير الرعاية الصحية والتعليم المناسبين، وإصلاح القيود الصارمة المفروضة على الزيارات العائلية، وإنهاء الاحتجاز لمدة 23 ساعة في الزنازين، والسماح للسجناء بقضاء المزيد من الوقت في الخارج، والسماح بوصول السجناء إلى مسجد السجن لأداء صلاة الجماعة.
في البعد السياسي فإن هذا الإضراب الكبير كان مؤشرًا على حقيقة وجود أزمة سياسية لم يتم حلها بسبب رفض الحكومة الحوار مع المعارضة وتفضيلها الاستمرار في خيار القمع والانتهاكات، وهناك أكثر من ألف و300 سجين رأي في البحرين، يموت بين كل فترة بعضهم بسبب الأمراض وبسبب الإهمال الطبي الجسيم.
كما أنّ البرامج التي أعلنتها الحكومة مثل العقوبات البديلة والسجون المفتوحة والعدالة الإصلاحية للأطفال، قد فشلت الحكومة نفسها في الالتزام بها، واستثنت منها السجناء السياسيين حتى الصغار الذين تم اعتقالهم وهم أطفال، لذا فقد ازدادت الأوضاع سوءا وزاد تشدد وزارة الداخلية في التعامل مع السجناء.
في بداية الإضراب، تحركت السلطات عبر أمانة التظلمات (وهي الهيئة الرسمية للرقابة في وزارة الداخلية)، وقدمت هذه الأمانة ردًا مضللًا في 12 أغسطس، زعمت فيه أنّ مطالب السجناء تنتهك القانون البحريني. وقد دحض معهد البحرين للحقوق والديمقراطية "بيرد" ومقره لندن، هذه المزاعم بشكل منهجي، واعتبر أنّ رد أمانة التظلمات يُساهِم في تشريع السياسات المخزية داخل سجن جو، في الوقت نفسه تفشل فيه في التعامل مع أي من المطالب الحقيقية التي أعرب عنها السجناء المضربون عن الطعام.
تلا ذلك زيارة وفد من النيابة العامة زار المعتقلين المضربين عن الطعام وسجّل مطالبهم، فيما بدا أنّها محاولة معتادة للالتفاف على المطالبات وكسب الوقت في مواجهة هذا الإضراب الواسع.
واستطاع المعتقلون المضربون عن الطعام تحريك الرأي العام داخل البحرين بطريقة لافتة، فقد بدأوا في إرسال رسائل صوتية تم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أعلنوا فيها أسباب إضرابهم عن الطعام، ورغبتهم في الحصول على حقوق إنسانية مشروعة تحرمهم منها السلطات.
وفي خطوة ناجحة أخرى، دخلت عوائل المعتقلين على الخط لمناصرة أبنائهم، وكانت البداية مع والدة المعتقل محمد الدقاق وهي امرأة كبيرة في السن، وقد أعنت بدءها إضرابًا عن الطعام تضامنًا مع ابنها وباقي المعتقلين، وقالت: لا نستطيع العيش بشكل طبيعي ونحن نرى أبناءنا جائعين ويعانون.
صادف استمرار الإضراب وشدته مع اقتراب موعد زيارة هامة لولي العهد للولايات المتحدة الأمريكية من أجل توقيع اتفاقية أمنية جديدة تم تسميتها "اتفاقية التكامل والازدهار"، وكانت الصحف العالمية وكذلك المنظمات الحقوقية العالمية أشارت في تقاريرها إلى إضراب السجناء، فاضطرت الحكومة لأول مرة إلى أن تفاوض السجناء عبر مسؤولين من وزارة الداخلية.
الاجتماع التفاوضي الذي جمع مسؤولين المباني ومسؤولين السجن ووعود من قبل من حضر مع مسؤولين المباني وهم سجناء تم ترشيحهم من قبل باقي السجناء لتمثيلهم، وهم: السجين السياسي سيد رضي من مبنى 7، السجين السياسي أحمد عباس، والسجين السياسي علي هارون من مبنى 8، السجين السياسي السيد سجاد ابراهيم العصفور من مبنى 9، السجين السياسي جاسم الملچاوي، والسجين السياسي من مبنى 10، بحضور مدير السجن، نائب المدير، وممثل من وزارة الداخلية".
بعد الاجتماع أعلنت اللجنة المنسقة لإضراب "لنا حق" في سجن جوّ بشكل رسمي عن تعليق الإضراب المفتوح عن الطعام حتى إشعارٍ آخر، وذلك في انتظار تطبيق الخطة والمسار المتّفق عليه مع إدارة السجن.
وقد نجح السجناء بشكل كبير في تحقيق أغلب مطالبهم، وكان أبرزهم نجاحهم في تخليص عدد مهم من سجناء العزل الذين تمت إعادتهم للسجن العادي، فيما بقي عدد آخر منهم في العزل بسبب تشدد وزارة الداخلية بشأنهم، وتحققت أغلب المطالب الأخرى، فيما بقي الحذر والقلق من تراجع وزارة الداخلية عن الاستمرار في تنفيذ المطالب، أو إعادة المس بمكتسبات السجناء.